الرئيسية

’’غربان الأطلس‘‘.. شباب يحلّقون فوق هوامش بولمان

بدأ باستخدام أدوات ومواد بسيطة، من قبل القماش الذي يستعمل غطاء للسيارات و بقايا المظلات المحطمة وغيرها، من أجل صنع مظلة يطير بها في سماء إقليم بولمان. زهير العز الذي بدأ وحيدا وأصبح محاطا بفريق رغم التهميش أدخل 5 مواقع من الإقليم إلى لائحة المواقع المخصصة للطيران الشراعي وأصبح أول ناد للطيران الشراعي بإقليم بولمان وجهة فاس مكناس. هذه هي قصة غربان الأطلس.

محمد تغروت

الصعود إلى “تاجدا”

الساعة الثالثة بعد زوال يوم الأحد 18 شتنبر، يقود زهير العز السيارة التي انطلقت من مدينة بولمان، على المقاعد الخلفية يجلس 3 من أعضاء فريقه،  السيارة “تئنّ” من فرط الثقل، فقد حمّلت بعدد غير قليل من الأكياس، بعد حوالي نصف ساعة تصل إلى كيكو، لتبدأ رحلة الصعود إلى جبل تاجدا، حيث يتواجد موقع الطيران الشراعي، الذي لازال قيد الإعداد من قبل جمعية “جرف الأطلس- تيشوكت بولمان – الرياضية”.

للوصول إلى الموقع، يتوجب على زهير وفريقه المرور بطريق متربة، ومليئة بالحجارة، تطلب إعداد ما يناهز ال80 في المائة منها، مجهودا شخصيا لأعضاء الجمعية، وسنتان من العمل الشاق بإمكانات متواضعة، لتحقيق حلم رافق زهير منذ 2019، ولازال الطريق في بدايته. لاحقا قام المجلس الإقليمي لبولمان بتسخير آلياته لإتمام ال20 في المئة المتبقية.

كل هذه الجهود لم تسهّل بعد مهمة، فريق “غربان الأطلس”، إذ عاينّا الصعوبة البالغة التي عانتها سيارة الفريق لبلوغ موقع “تاجدا”، خصوصا في الشق الذي أنجزه المجلس الإقليمي، مما جعل الشباب، يضطرون أكثر من مرة للنزول من السيارة ومحاولة دفعها.

بداية الحلم: من عشق الطبيعة إلى معانقة الرياح

كانت البداية سنة 2017، عندما راود الشاب زهير العز، الطالب آنذاك من شعبة الجغرافيا بجامعة محمد بن عبد الله بفاس –سايس-، والبالغ عمره حينها 20 سنة، حلم الطيران، وهو الحلم الذي رافقه منذ نعومة أظافره وطارده وسعى إلى تحقيقه، ارتبط ذلك في البدء بعشقه للطبيعة وتسلق الجبال، ليتنقل إلى الرغبة في النزول من الجبل طيرانا، عوض النزول على الأقدام.

من هنا جاءت محاولاته الأولى لصنع مظلة شراعية، فبدأ البحث على الإنترنت عن قواعد أولية للطيران، واستعان بوسائل ومواد بسيطة من قبل قطع القماش الذي يستعمل غطاء للسيارات وبقايا المظلات المحطمة في ساحة الجامعة، وشكل ذلك لزهير حافزا للمزيد من التشبث بحلمه.

المحاولات الأولى لزهير كللت بنجاح نسبي، وأثارت انتباه ممارسين أجانب لهذه الرياضة، “فمدوا لي يد المساعدة، في وقت لم يكن فيه أحد يعترف بي” يقول زهير في تصريح لمنصة هوامش، الأصدقاء الأجانب فتحوا لزهير المجال على مصراعيه لملاحقة حلمه، فتمكن من الحصول على معدات، واستفاد من تكوينات، ليتجاوز بذلك صعوبات البداية.

صيف 2019 من حلم فردي إلى مشروع جماعي

النجاحات الأولى التي حققها زهير العز، على بساطتها، مع حماسه وشغفه برياضة الطيران بالمظلات الشراعية أتاحوا له إمكانية الاستفادة من تكوينات عالية المستوى، وحفزت شبابا آخرين لممارستها، وبذلك تأسست جمعية “جرف الأطلس تيشوكت-بولمان”، لفتح الأبواب للشباب المتحمسين بالمنطقة لمعانقة الرياح.

حساسية النشاط التي تمارسه هذه الجمعية، فرض على المؤسسين بذل مجهودات جبارة من أجل الحصول على التراخيص اللازمة لممارستها، حيث حصلوا على تراخيص مواقع للطيران الشراعي في الإقليم لأول مرة، وأبرزها موقع “تاجدا” بجماعة كيكو وموقع تيشوكت ببولمان. كما حصلت الجمعية على وثيقة الاعتماد من وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة لتكون بذلك أول ناد للطيران الشراعي بإقليم بولمان وجهة فاس مكناس.

صعوبات البداية، لم تمنع شباب المنطقة من تحقيق إنجازات لافتة، إذ تمكن أربعة طيارين متعلمين من بولمان، وبعد سنة كاملة من العمل و التداريب المكثفة، من اجتياز الامتحانين النظري والتطبيقي والحصول على رخص الطيران التي تسلم من طرف جمعية الطيارين والمدربين بالمظلات APPI والتي يتواجد مقرها بسويسرا، ويتعلق الأمر بكل من : اليوسفي أنس – بوستة عز الدين – الروادي يوسف و الساحي ميمون.

طموح لفتح أعين العالم على المنطقة

عبد الله السغروشني، 26 سنة، صديق زهير وزميله في الدراسة، التحق بالفريق في غشت 2020، وبعد أن حقق حلمه في الطيران الفردي، يسعى إلى تحقيق الطيران الثنائي، بما يتيح له تدريب شباب آخرين، ومساعدتهم على عيش هذا الشغف.

ويطمح الفريق إلى تنظيم بطولات وطنية ودولية في هذه الرياضة، مستفيدا من الإمكانات التي تتيحها المواقع التي أنيط بالجمعية تسييرها وأبرزها “تاجدا بجماعة ألميس كيكو  و”تيشوكت” ببولمان، وميزاتهما التي تسمح بممارسة هذه الرياضة.

 لا يكفي طموح الشباب، رغم أهميته وقوة الطاقة التي تحركه، مع ضعف المسالك المؤدية إلى الموقعين وحاجتهما إلى المزيد من التهيئة، وهذا ما عاينّاه في هذه الرحلة، وهو ما يستدعي تدخلا للجهات المختصة لمد يد المساعدة لهؤلاء الشباب لبلوغ ما يطمحون إليه.

دعم رياضة الطيران الشراعي طريق لدعم السياحة بالمنطقة

تبقى المؤهلات الكبيرة لموقع “تاجدا”، بألميس كيكو، رهينة بجعله فضاء لاستقطاب هواة ممارسة هذه الرياضة، وبالتالي فتح فرص كبيرة لتطوير السياحة في منطقة لازالت الفلاحة وتربية الماشية هي النشاط الاقتصادي السائد فيها، مع ينتج عن ذلك من ارتهان الساكنة المحلية للتساقطات المطرية فقط.

إذ تجمع رياضة الطيران الشراعي بين متعتي السياحة والرياضة، حيث أنها هواية تنطوي على روح المغامرة لعشاق التميز ومن يمتلكون جرأة تحليق حر يعتمد ببساطة على الرياح في سكونها وتقلبها.

جدول بأسماء المواقع المرخصة للطيران الشراعي بإقليم بولمان

في آخر تحديث للائحة المواقع المرخصة لممارسة رياضة الطيران الشراعي، أضافت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، بتاريخ 11 مارس 2021، خمسة مواقع بدائرة بولمان، وذلك إثر تحديث المعطيات بالموقع الرسمي للمديرية العامة للطيران المدني بالرباط. 

وتضمنت اللائحة المحينة جبل تاجدا بألميس كيكو وموقع المو وجبل ايت كرموس وسلسلة جبال تيشوكت إضافة إلى جبل تغردين، وفوضت الوزارة تسيير هذه المواقع الخمسة لجمعية جرف تيشوكت ببولمان.

يوسف العياشي عضو المجلس الإقليمي لبولمان، إثر زيارة قام بها إلى موقع تاجدا، نشر تدوينة على حسابه على منصة فيسبوك، عبر فيها عن تشجيعه ومساندته لزهير العز وفريقه، وقال “الأيادي ستظل ممدودة لك وعبرك لجميع شباب الإقليم وخارجه كذلك، من أجل ممارسة هذه الرياضة والتعريف أكثر بها قدر الإمكان”، مؤكدا على ضرورة “الإستفادة من الموقع الجغرافي لجماعة كيكو الذي يجعلها أفضل مجال والوحيد داخل إقليم بولمان الذي يتميز بمناخ مناسب لممارسة مثل هذه الرياضة.”

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram