الرئيسية

معطيات حصرية: التفاصيل الكاملة لتوقيف 24 شخصا في ملف عقارات كيكو

معطيات حصرية حصلت عليها هوامش بشأن ما وصف بزلزال الاعتقالات في ملف العقار بجماعة كيكو، ما حقيقة "مافيا العقار"؟ وما هي تفاصيل الملف الذي انتهى بتوقيف العشرات بينهم رجال سلطة؟

محمد تغروت

هوامش دقت الجرس

انفجرت بجماعة كيكو-إقليم بولمان في الأيام الأخيرة ما يشبه قنبلة مرتبطة بمجالي العقار والتعمير، وذلك إثر توقيف 24 شخصا، لتنزل بعد ذلك عناوين مثيرة، من قبيل “زلزال”، “مافيا العقار”، “الترامي على مئات الهكتارات من الأراضي”، “جناية الارتشاء”، و”الغدر”، و”استغلال النفوذ والنصب”، و”اختلاس وتبديد أموال عمومية”، و”أخذ فائدة بصفة غير مشروعة”، وكلها عناوين واتهامات لا وجود لها  في صك المتابعة.

وكانت هوامش قد وقفت في ملف سابق على عدد من الإشكالات الناجمة عن توقف أشغال البناء في الجماعة الترابية لكيكو إقليم بولمان، نتيجة التعقيدات المرتبطة بالوعاء العقاري، وذلك عقب الاحتجاجات التي قام بها عدد من العاملين في المهن المرتبطة بالبناء.

متابعون بفصول “ثقيلة”

يتوزع الموقوفون في الملف الأخير بين مسؤولين جماعيين، ورجال وأعوان سلطة، وتقنيين في الجماعة الترابية لكيكو واللجنة الإقليمية للتعمير، بالإضافة إلى الهيئة النيابية المكلفة من قبل أعضاء الجماعة السلالية، وعدلين وأحد ذوي الحقوق السلالية، وذلك بعد أن عرضوا يوم 14 يوليوز 2022 على أنظار الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بفاس، والذي أحال بدوره الملف عدد 25/2022 على أنظار قاضي التحقيق المكلف بالجرائم المالية التي يشتبه الموقوفون في ارتكابها.

وارتباطا بالملف الرائج أمام قاضي التحقيق، يتابع عدلان بشبهة ارتكاب جناية التزوير في محررات رسمية واستغلال النفوذ، فيما يتابع باقي المشتبه بهم بشبهة التزوير في محررات رسمية، واستغلال النفوذ، وتسليم رخص لشخص يعلم أنه لا يحق له فيها والمشاركة في إحداث مجموعة سكنية فوق الأراضي التابعة للجماعة السلالية من غير الحصول على إذن، وإعداد وثائق تتعلق بالتفويت أو التنازل عن عقار أو بالانتفاع بعقار مملوك لجماعة سلالية، ومخالفة ضوابط البناء وتبديد مستندات بسوء نية.

ويتابع الموقوفون وفقا للأفعال المنصوص عليها في الفصول 351 و353 و250 من قانون المسطرة الجنائية، والفصول 67 و68 من القانون 25. 90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، والفصول 71 و76 من قانون 14.90  بمثابة ظهير التحفيظ العقاري.

شكاية عامل الإقليم تفتح “نار المتابعة” على العشرات

بلدة كيكو

بدأت المتابعة إثر وضع عامل إقليم بولمان شكاية إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس، بتاريخ 24 مارس 2021، وذلك بخصوص “مهمة البحث حول وضعية العقار السلالي المسمى “بلعسري” بجماعة كيكو”، بناء على تقرير لجنة تفتيش تابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية، والتي قامت بمهمة تفتيشية بخصوص “البحث والتحري حول الترامي والبناء والقيام بتقسيم عقار سلالي محفظ بطريقة غير قانونية، تابع للجماعة السلالية أيت يوسي كيكو بالجماعة الترابية بكيكو”، من طرف (ع.ش). ويتعلق الأمر حسب ذات الشكاية بعقار سلالي تفوق مساحته 28000 هكتار محفظ باسم الجماعة السلالية.

شكاية عامل إقليم بولمان، بناء على تقرير لجنة التفتيش قامت بتحديد مسؤوليات الأطراف المعنية بالملف كل على حدة، في منح رخص أو توقيع شواهد إدارية أو عقود شراء.

في البدء كان عقد شراء 

بداية المشكلة كما تحددها المراسلة المشار إليها هو عقد شراء اعتبرته غير قانوني، أنجز سنة 2008، من طرف العدلين المتابعين في القضية، وهو عبارة عن عقد موقع بين (ع.ش) وجدّه، بخصوص عقار سلالي محفظ باسم الجماعة السلالية بكيكو، وانطلاقا من هذا المعطى اعتبر التقرير أن أي إجراء إداري أو عدلي أو قانوني ما دام قد بني على هذا العقد يعتبر غير قانوني.

اعتبار العقد غير قانوني يجعل كل رخص البناء التي أصدرها رئيسا الجماعة السابقان، المتابعان في القضية غير قانونية، وبالتبعية كل الإجراءات التي قام بها تقنيو الجماعة الثلاثة المتابعون. وكذلك الشواهد الإدارية الممنوحة من طرف القائدين المتابعين في القضية، وبالتبعية كذلك كل المعاينات التي قام بها أعوان السلطة المتابعين في نفس الملف، باعتبار أن الشواهد الإدارية المشار إليها، لا سند قانونيا لها، وهي مبنية أساسا على المعاينات التي قام بها أعوان السلطة والقرارات النيابية للهيئة النيابية، المشكلة من 6 نواب، مكلفين من قبل أعضاء الجماعة السلالية الذين يبلغ عددهم 21. وجدير بالذكر أن الهيئة النيابية التي يتابع أعضاؤها الـ 6 في حالة اعتقال، تتصرف بناء على الأعراف المتداولة داخل الجماعة السلالية “أيت يوسي كيكو”.

تقرير لجنة التفتيش.. صك اتهام

ثلثا المباني في كيكو أقيمت على أرض سلالية

خلصت شكاية عامل إقليم بولمان، بناء على الأبحاث المنجزة من طرف اللجنة التابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية إلى قيام مسؤولية  (ع.ش) بخصوص “تقسيم غير قانوني لعقار سلالي محفظ باسم جماعة سلالية وإقامة بنايات فوقه”، وكذلك الأمر بالنسبة لمسؤولية الهيئة النيابية بخصوص “إصدار قرار غير قانوني لإثبات أحقية المعني بالأمر في استغلال العقار المذكور”، يضاف إلى ذلك “مسؤولية نائب فخذة أيت فريكو (ل.ش) المتواجد به العقار السلالي المعني، بخصوص “عدم القيام بالإجراءات اللازمة للحفاظ عليه”.

كما خلص تقرير اللجنة إلى قيام مسؤولية رجلي السلطة بخصوص “إصدار شواهد إدارية أدت إلى تقسيم غير قانوني لعقار سلالي محفظ والبناء فوقه”، وكذا قيام “مسؤولية 3 نواب الجماعة السلالية (أحدهم متوفي)، وكذا 6 أعوان سلطة (أحدهم متوفي وآخر في وضعية مرضية وعاجز عن الحركة) “قائمة من خلال إصدار شهادات أدت إلى تقسيم غير قانوني لعقار سلالي محفظ”.

وأضاف ذات التقرير أن “مسؤولية اللجنة الإقليمية للتعمير قائمة بخصوص الموافقة على طلبات الحصول على رخص بناء فوق عقارات سلالية محفظة، ومسؤولية الرئيسين السابقين لمجلس الجماعة قائمة بخصوص رخص بناء فوق عقارات سلالية والمساهمة في تقسيمها”.

وبناء على ذلك طالب عامل إقليم بولمان من الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بفاس بفتح تحقيق قضائي “بخصوص الترامي على عقار سلالي محفظ وتقسيمه وتشييد بنايات غير قانونية فوقه دون أي أساس قانوني”.

أثر الفراشة.. نزاع عائلي

العقار موضوع البحث (يسار الصورة) يوجد مقابل مقر الجماعة الترابية ومقر القيادة

يرجع متتبعون في البلدة أسباب انفجار هذا الملف إلى نزاع عائلي بين المشتبه به الأول وعمه المتواجد بمدينة الرباط، مرجحين أن يكون لهذا الأخير علاقات جعلته يتمكن من الحصول على تدخل من جهات عليا في وزارة الداخلية،  لتسريع فتح الملف بهذه الشاكلة. 

وقد سبق للعم أن توجّه بشكاية إلى رئيس المحكمة الابتدائية بميسور، توصل بها مكتب الضبط بذات المحكمة بتاريخ 09 فبراير 2021، ضد ابن أخيه، المشتبه به الأول المشار إليه (ع.ش)، ملتمسا الحكم ببطلان رسمي شراء بين هذا الأخير وجده، بخصوص عقار جماعي غير قابل للتفويت وفق ما ينص عليه الفصل 4 من ظهير 27 أبريل 1919 سابقا، والمادة 15 من قانون 62.17 المتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها. 

وطالب العم المشتكي بالحكم على ابن أخيه “بإفراغ القطعتين المرتبطتين برسمي الشراء المشار إليهما، من شخصه وأمتعته وكل مقيم باسمه وتسليمهما فارغتين إلى ورثة جدّه، تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 200 درهم عن كل يوم تأخير من تاريخ الامتناع إلى يوم التنفيذ، كما التمس المدعي تحميل الصائر للمدعى عليه وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وتحديد الإجبار في الأقصى بخصوص الصائر والغرامة التهديدية”.

وفي ذات السياق كان المدعي (م.ش) قد تقدم بشكاية يطالب فيها بنصيبه في العقار السلالي موضوع النزاع، مقرا عدم اعترافه بالتنازل الذي قام به والده قيد حياته، لحفيده المشتكى به (ع.ش)، غير أن الجماعة النيابية في ردها على الشكاية والطعن في التنازل المشار إليه، أقرت أن التنازل الذي قام به الجدّ (م.ش.أ) لفائدة حفيده “هو تنازل صحيح تقره الهيئة  النيابية بالإجماع، طبقا للأعراف المتداولة داخل الجماعة السلالية لأيت يوسي، وتؤكد أحقيته في استغلاله”.

وأضافت الهيئة النيابية في قرارها أن المشتكي (م.ش) “ليس له حق الانتفاع في الأرض التي يستغلها السيد (ع.ش) (المشتكى به)، لكون والده تنازل قيد حياته عن الأرض الجماعية موضوع النزاع، لفائدة حفيده (ع.ش)” وبررت الهيئة النيابية قرارها بأن المشتكي “لم يسبق له أن استغلها استغلالا فعليا تشهد له القبيلة بذلك سواء قيد حياة والده أو بعد وفاته”.

تعقيدات الملف.. ثلثا البنايات بما فيها الرسمية “خارج القانون”

مقر قبادة كيكو ومقر الجماعة الترابية مشيدان على أرض سلالية

ملف العقار والتعمير بالجماعة الترابية بكيكو يعاني من تعقيدات عدة منذ عقود، وجرى تدبيره بنفس الطريقة التي اعتبرها تقرير لجنة المفتشية العامة للإدارة الترابية غير قانوني، إذ أن أزيد من ثلثي البنايات القائمة بالبلدة، بما فيها بنايات الدولة (الجماعة الترابية، القيادة، مقر الخليفة، مقر الدرك الملكي، المستشفى، الثانوية التأهيلية، الثانوية الإعدادية، المدرسة الابتدائية، دار الطالب، دار الفتاة، دار الشباب) مبينة على أرض سلالية.

وكان اجتماع انعقد، يوم الخميس 10 مارس، خلص إلى الاتفاق بين ممثلي الجماعة الترابية، والسلطات المحلية والإقليمية وممثل عن الوكالة الحضرية لفاس، وممثلين عن الجماعة السلالية، بحضور ممثلين عن مهنيي البناء الذين احتجوا في ذات اليوم على مبدأ اقتناء الجماعة الترابية للأراضي السلالية المحفظة، التي تقدر مساحتها بـ 165 هكتار، بما يسمح للساكنة بتحفيظ منازلها، ولكي تتمكن من البناء بشكل قانوني، على أن يتم توقيع محضر نهائي بهذا الصدد في غضون الأسبوع الموالي لذات الاجتماع أي بتاريخ 17 مارس من السنة الجارية.

غير أنه وإلى حدود اليوم لم يتم تفعيل بنود هذا الاتفاق، وكان النائب البرلماني عن دائرة بولمان محمد شوكي قد راسل في هذا الإطار وزير الداخلية، بتاريخ 30 مارس 2022، مسائلا إياه عن الإجراءات والتدابير التي تعتزم الوزارة القيام بها من أجل تسريع مسطرة تفويت الأراضي السلالية المعنية، بنص السؤال بجماعة كيكو؟ 

وزير الداخلية ردّ على سؤال البرلماني، بتاريخ 1 يونيو  2022 الماضي، بالقول أنه قد تمت دعوة المجلس الجماعي لكيكو لإعداد ملف الإقتناء سالف الذكر، “غير أن السلطات الإقليمية المختصة لم تتوصل بعد بملف الاقتناء من طرف الجهة المعنية بهذه العملية”، مضيفا أنه “بمجرد توصلها به ستعمل على عرضه على أنظار اللجنة الإقليمية المشرفة على عملية تفويت العقارات المملوكة للجماعات السلالية في أفق توجيهه للمصالح المركزية لوزارة الداخلية، لدراسته والمصادقة عليه من لدن مجلس الوصاية المركزي.  

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram