الرئيسية

فضيحة الـ”كوبي كولي”:  وزارة الوظيفة العمومية تنفي و”هوامش” تنشر حصريّا أدلة السرقة 

بعد نشرنا في منصة "هوامش" لخبر ورود جملة "مريبة" في تقرير أعدته وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية بشراكة مع وزارة الخارجية الفرنسية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، سنة 2018، تحت عنوان "مكانة المرأة الموظفة بمناصب المسؤولية في الإدارة العمومية بالمغرب". نفت الوزارة في تواصلها مع "هوامش" السرقة الأدبية. في هذا التقرير نكشف بالدليل تورط وكذب الوزارة وننشر بشكل حصري مصدر الفقرة المسروقة. 

هاجر الريسوني

بدأت قصة “الفضيحة” أثناء اشتغالنا على مقال “مشقة الوصول لمناصب المسؤولية.. المغربيات عالقات بين النمطية والتمييز “. وخلال الاستعانة بخلاصات تقرير أعدته وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، وجدنا عبارة “مجتمعنا اللبناني والعربي” ضمن ثنايا التقرير الرسمي ، وهي العبارة التي “احتملنا” في البداية أنها قد تكون قصت ولصقت من تقرير لبناني على ما يبدو. لكن الأمر كان أبعد من ذلك.  وهي “فضيحة” أخرى تطرح السؤال أمام جدية الدراسات التي تنشرها الوزارات الرسمية للبلاد وكم تصرف على إعداد تقريرها

تبرير أكبر من سرقة

بعد يوم واحد من نشر “الفضيحة” وصلنا رد من وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، تقول فيه إن “الأمر يتعلق بدراسة أنجزت بشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة في المغرب، بالموازاة مع  ثلاثة دول أخرى من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، مضيفة أن “صياغة التقرير اعتمدت على دراسة مقارنة في العديد من الدول العربية من بينها لبنان”.

وأشارت الوزارة في ردها إلى أن “النسخة الأصلية من التقرير تم إعدادها باللغة الفرنسية”، مضمنة رابط التقرير الفرنسي ضم جوابها لنا، مردفة أنه “سيتم تصحيح النسخة المترجمة للغة العربية في أقرب الآجال”.

بعد توصلنا بردها الرسمي، رافقنا الشكوك بأن تبرير الوزارة لهذه “الفضيحة” كان غير “منطقي” ولا يجيب على السؤال المطروح في الخبر حول قص العبارة من تقرير لبناني واعتمادها كما هي في تقرير وزاري رسمي.

 إن حديث الوزارة عن تصحيح النسخة المترجمة للغة العربية، يحيل القارئ إلى أن ما وقع مجرد خطأ في الرقن أو الصياغة، وليس سرقة أدبية لفقرات من تقرير لبلد آخر، وتضمينها في تقرير رسمي يعتبر مرجعا للمؤسسات العمومية الأخرى وللباحثين وللمنظمات الدولية التي تعمل على موضوع النشاط الاقتصادي للنساء في المغرب.

ثلاث أكاذيب في رد الوزارة 

قررنا أن نعمق البحث بشأن التوضيحات التي تلقيناها من الوزارة، واكتشفنا، بالإضافة إلى السرقة، ثلاث أكاذيب في رد الوزارة. انطلق بحثنا بالاطلاع على النسخة الفرنسية التي قالت الوزارة إنها المرجع الأول للتقرير العربي، غير أننا لم نجد أثرا للفقرة المذكورة في النسخة الفرنسية، مما يفسر أن من أعد النسخة العربية لم يترجم حرفيا التقرير في صيغته الفرنسية، وأن هناك اختلافا في الصياغة بين النسختين. وهو ما ما اعتبرناه الكذبة الأولى التي نهجتها الوزارة لإخفاء معالم “السرقة”. 

بعد التأكد من عدم وجود الفقرة المعنية في النسخة الفرنسية، بحثنا عن الدراسة المقارنة التي أنجزت بشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة في المغرب، بالموازاة مع ثلاث دول أخرى وفقا لرد الوزارة، فإذا بنا نتفاجأ بأن الدول التي شملتهم الدراسة هم “المغرب، مصر، الأردن وتونس” ولم تشمل لبنان كما ادعت هذه الأخيرة، وهي الكذبة الثانية التي تضمنها رد الوزارة. 

تأكدت  شكوكنا إذن في تورط من أعد التقرير في “سرقة أدبية” لتقرير لبناني وتضمين فقرات منه في التقرير الوزارة. غير أن هذه الشكوك لم تكن دقيقة، لأن ما وقع أخطر من ذلك.

لمزيد من التوضيح راسلنا الوزارة من خلال حسابها على موقع “تويتر” الذي توصلنا عبره بردّها في رسالة خاصة، وطلبنا أن توافينا بالتقرير اللبناني الذي اعتمدته في الدراسة المقارنة غير أننا لم نتوصل برد منها لحدود كتابة هذه السطور، غير أنها لن ترد لأن هذه هي الكذبة الثالثة التي سنكشفها. 

إن النتائج التي توصلنا إليها خلال بحثنا قادتنا للتنقيب عن مصدر الفقرة التي تضمنها التقرير، وببحث بسيط على موقع غوغل وجدنا أن الفقرة  منسوخة من مقال لبناني منشور على موقع “الجمهورية” في 4 مارس من سنة 2015، تحت عنوان “هكذا تعوض الأم العاملة غيابها عن العائلة” لكاتبه د. أنطوان الشرتوني.

بعد قراءتنا للمقال ومقارنته مع ما جاء في التقرير اكتشفنا أنه لم يتم فقط  نسخ السطر الذي يتضمن عبارة “مجتمعنا اللبناني”، لكن معد التقرير نسخ الفقرة كاملة كما تضمنها مقال موقع الجمهورية ونسخه معد تقرير وزارة الوظيفة العمومية الذي جاء فيه “أصبح عمل المرأة مهمّاً جداً في مجتمعنا اللبناني والعربي على حدٍّ سواء. ولكن رغم إيجابيات عمل المرأة خارج منزلها ولعبها دور «الميزان» في المجتمعات الذكورية، واكتسابها الخبرات المهنية المهمّة التي تزيدها نضوجاً لناحية التفكير والتدبير واستغلال الوقت والتنظيم، إلّا أنّه لا يمكننا نكران سلبيات غيابها عن منزلها خصوصاً عندما يكون أطفالها صغاراً”.

تقديم معطيات غير صحيحة للرأي العام

الوصول إلى مصدر الفقرة إياها، والتأكد من أن الدراسة لم تشمل لبنان كما ادعت الوزارة في ردها، يبين بالملموس أن هذه الأخيرة حاولت التغطية على فضيحة “كوبي كولي” اعتقادا منها أن هذه التقارير لا يراجعها ولا يقرأها أحد، وأكدت أن الاتهامات بـ”السرقة” التي وجهت لها من طرف المغاربة بعد نشرنا للخبر صحيحة، خصوصا وأن الوزارة تعي جيدا أن الفقرة المعنية لا علاقة لها بدراسة مقارنة خاصة بلبنان، وعوض الاعتذار والتعهد بعدم تكرار هذا الفعل في التقارير القادمة اختارت الهروب إلى الأمام وتقديم معطيات غير صحيحة للرأي العام.

وبينما يعاقب القانون المغربي على جريمة الادلاء ببيانات كاذبة، تطرح هذه الواقعة السؤال حول جدية التقارير والدراسات التي تشرف عليه الوزارات ومؤسسات الدولة، وحول صحة المعطيات التي تتضمنها، والميزانية التي تصرف على هذه التقارير التي يبدو أنها لا تتم مراجعتها وتدقيق المعلومات التي تنشر فيها.

وفي هذا الشأن حاولنا البحث عن ميزانية التقرير من خلال الاطلاع على حصيلة الوزارة لسنة 2017 و 2018، لكن لم تتضمن هذه التقارير ميزانية المشروع، كما حاولنا الاتصال بمكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في المغرب للاستفسار عن الميزانية وعن الجهة التي أسندت إليها مهمة إعداد التقرير، غير أن الهاتف ظل يرن دون مجيب.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram