الرئيسية

ورزازات.. هوليود أفريقيا التي فقدت بريقها وهاشتاج ينتشر لإعادة الروح

انتشر بحر الأسبوع الماضي هاشتاج #هذه_هي_هوليوود_افريقيا #ورزازات، ينتقد الوضع "الكارثي" الذي تعيشه بوابة الصحراء والعاصمة السياحية والسينمائية بالمغرب. وأجمع شباب المنطقة، في مواقع التواصل الإجتماعي وبعض المجموعات الفيسبوكية الخاصة بالمدينة، على تهالك البنيات التحتية وتراجع بريق هوليود إفريقيا في غياب أية استراتيجية للنهوض بالتنمية المحلية من قبل رئيس المجلس البلدي.

مروان المودن

عرفت منصات التواصل الإجتماعي على مدى الأسبوعين الماضيين حراكا إلكترونيا يدعو إلى إنهاء سياسة الإهمال التي تعيشها مدينة ورزازات وضواحيها، ”بسبب التهميش والإقصاء في غياب بنيات تحتية ترقى للمستوى المطلوب”، يقول بيان نشره أبناء المدينة على موقع فايسبوك، ويضيف أن ”المدينة تعيش زمن الانتظار والإنعاش في انتظار أفق اقتصادي واجتماعي ظل مستحيلا بسبب التسيير المعيب لشأنها المحلي”.

وانتقد رواد مواقع التواصل الإجتماعي المسؤولين القائمين على تسيير الشأن المحلي، معتبرين في بيانهم ”أن  الظروف والاستحقاقات ساقت أشخاصا غير مؤهلين إلى كرسي المسؤولية”، غير قادرين على تأهيل البنية التحتية، بعد إنتشار “حفر عميقة تثير أعصاب السائقين، وتشققات بالشوارع، وروائح كريهة تنبعث من كل مكان”.  وتساءل نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي باستغراب “عن الغياب التام لمن أوكلت لهم مسؤولية تدبير الشأن المحلي بالمجلس الجماعي لورزازات”. ويضيف البيان “أن أبناء المدينة قرروا إطلاق  هاشتاج #هذه_هي_هوليود_افريقيا للتعبير عن رفضهم القاطع لسياسة التجاهل والصمت أمام ما تعرفه المدينة من ضعف البنية التحتية والخدمات المقدمة من طرف المجلس وانتهاج الترقيع في تجاوبه مع مشاكل الساكنة المحلية”.

ويجمع نشطاء من المدينة أن وضع البنية التحتية متهالك ولا يرقى لتطلعات الساكنة، ويعتبرون أن المدينة خالية من المساحات الخضراء، ومساحات الترفيه، إضافة إلى تهالك ملاعب القرب، وعدم تحمل المسؤولية في حماية المنتزهات التي تعرضت للإتلاف، خاصة الأخير الذي فتح منذ ثلاث أشهر، وأصبح متهالكا  بسبب مشاكل في التدبير. 

عبد العالي نعيم عضو المجلس الجماعي لورزازات عن تحالف فيدرالية اليسار، قال في تصريح لمنصة ”هوامش”، إننا نتفق أن هناك مجهودا على مستوى تبليط بعض الأحياء، وصرف بعض الميزانيات للتهيئة التي قامت بها مجالس سابقة، غير أن التحالف الحالي الذي يقود بلدية ورزازات، قدم وعودا لا يستطيع تنفيذها، بحكم “أن التصورات التي أتى بها حزب الأحرار لا تتميز بالواقعية”، ووصف نعيم سياسة المسؤولين عن تدبير الشأن المحلي ”بغياب استراتيجية للنهوض بالمنطقة اقتصاديا وسينمائيا وسياحيا”، معتبرا أن ”المدينة تعيش كارثة بيئية”، وذلك بعد عملية قطع الأشجار، يوم 26 ماي الماضي، وعملية رمي فراخ حية في النفايات، وأضاف عضو المجلس الجماعي “أن المدينة تغرق في الأزبال والفوضى”،  وتساءل نعيم “ماذا سننتظر من مسؤولين لا يتحلّون بأدنى قيم الإنسانية”. 

هذا ويعاني ما يفوق  200  دوارا تابعا لبلدية ورزازات من العجز على مستوى التزوّد بالماء. 

ثروات في مهب الريح 

اعتقدت الساكنة أن افتتاح مشروع نور 1 عام 2016، أحد أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم قد ينذر بمستقبل مشرق. غير أن عاصمة الطاقة الشمسية بالمغرب، ورزازات،  ظلت تعيش على وقع الإهمال الشديد منذ عدة سنوات. وبعد أن كانت قبلة الفنانين العالمين لم يعد بمقدور مدينة “بدون ضجيج” وهي ترجمة “ورزازات” بالأمازيغية، استقطاب أشهر مخرجي الأفلام السينمائية بالعالم.  فالمدينة التي ظلت تتربع على عرش تصوير الأفلام السينمائية الكبرى منذ 1897 لتتحول بعد قرن من الزمن إلى مدينة شاحبة يعصف بها برد مارس القارس، وشمس غشت الحارقة. وأصبحت الأمكنة التي احتضنت تصوير فيلم “غلادياتور”  سنة 1998 للمخرج الأمريكي ريدلي سكوت و”بابل” عام 2006 الذي جمع براد بيت وكايت بلانشيت، وكذلك الجزء الأخير من “بريزن بريك” مجرد بنايات  وصحارى قاحلة،  لتزيد أزمة كوفيد 19 من عزلتها القاتلة. 

وتعرف المنطقة بإنتاجها المهول للمعادن، ومن بينها الفضة، إذ تتربع على عرش المنتجين في أفريقيا، بإنتاج سنوي يفوق 240 طنا. بالإضافة إلى تموقع أكبر مركب للطاقة الشمسية في العالم في ضواحي المدينة، وصل إنتاجه الإجمالي إلى 582 ميغاوات. ناهيك عن الموارد الطبيعية خاصة زراعة وانتاج ” الورود”. 

وقالت البرلمانية ايمان لماوي مسائلة وزير الصناعة والتجارة رياض مزور  في البرلمان بداية الأسبوع الجاري،  عن نصيب جهة درعة تافيلات من مبادرة 1000 مشروع صناعي الذي يهدف إلى تغيير الواردات بالمنتجات المحلية، مذكرة خلال مداخلتها بأن ورزازات تزخر بعدة موارد طبيعية، خاصة المعادن والزيتون واللوز والنباتات العطرية.  هذه الموارد، أكدت البرلمانية، أنها يمكن أن تستغل في نطاق الصناعة الغذائية وإنتاج الزيوت التي أصبحت منتجا نادرا في السوق العالمية في ظروف الحرب على أوكرانيا. 

وأضافت لماوي أن هذه المشاريع تُهرّب إلى مناطق أخرى وتبقى الجهة مهمشة بشكل غير مفهوم، وطالبت البرلمانية بإنصاف المنطقة وتحقيق العدالة المجالية. 

ويبدو أن المجلس الحالي بمدينة ورزازات عاجز عن تنزيل مجموعة من الاعتمادات المالية المخصصة لعدة مشاريع تركها المجلس السابق ومتباطئ في إطلاق مشاريع جديدة. 

غضب غير مسبوق 

نشر الناشط جمقري خالد عدة أشرطة فيديو من قلب المدينة توثق لما وصفه بسياسة الترقيع، حيث تظهر ”صورُ أشجار ميتة ومناطق مهترئة وطرق محفورة” ويقول إن “الأشجار ماتت أمام المركب الثقافي بسبب الإهمال”،  كما طالبت إبنة ورزازات لمياء بلقيس من المسؤولين فتح دور السينما المغلقة منذ ما يقرب 25 سنة وتشجيع الثقافة. 

بعد انتشار الهاشتاج، انطلقت بعض الأشغال في بعض شوارع المدينة، غير أنها “حلول ترقيعية”، كما يرى عضو  المجلس الجماعي عبد العالي نعيم، وقال ”إنه بعد 8 أشهر من صعود حزب الأحرار على رأس المجلس الجماعي، يلاحظ أن بوادر التنمية منعدمة”، وأضاف “إن ممثلي فيدرالية اليسار يتبنون الهاشتاج الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، نظرا لأن وضع المدينة يسير من سيء لأسوأ”.

وانتقد رواد مواقع التواصل الاجتماعي طريقة التواصل الضعيفة التي يتبناها المجلس البلدي اتجاه انتشار الهاشتاج، معتبرين أن المسؤولين عن الوضع “يتبنون الصمت” تجاه المشاكل   التي تعصف بالمدينة وجماليتها. 

ويقول رشيد الحاجي أحد أبناء المنطقة، “كلنا نعلم أن جهة درعة تافيلالت وبشكل خاص إقليم ورزازات يتوفر على موارد معدنية باهظة الثمن، وموارد سياحية لا تعد ولا تحصى، إضافة إلى عدة موارد مالية من مختلف القطاعات، غير أن كل ذلك لم ينعكس على الإقليم بالايجاب سواء على مستوى البنية التحتية أو على مستوى التشغيل”. 

واعتبر المدون إدريس أسلافتو أن مدينة ورزازات التي سطرت اسمها بأحرف من ذهب فى سِجل التاريخ أصبحت اليوم، كما هو حال غالبية مدن الجنوب الشرقي؛ مدينةَ الظلام، ومدينة الأشباح، خاوية على عروشها في معزل عن ركب المدن السائرة فى طريق النماء والتقدم، مضيفا أن “الغالبية العظمى من سكان المدينة تعيش تحت خط الفقر المدقع؛ فى ظل غياب تام للخدمات العمومية للتخفيف من وطأة الحال؛ والبرامج التنموية” مسترسلا “هي المدينة التي تُوصَف لك في وسط العاصمة الرباط بأنها : مدينة النور أو هوليوود أفريقيا؛ لكنك عندما تدخلها ليلا تكاد تتيه؛ فَتَحْسَبُ نفسكَ فى عمق صحراء”. 

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram