هوامش
يتواصل الخروج الجماعي للفكيكيين إلى الشارع بلا هوادة، حيث دخل السكان، بتأطير من التنسيقية المحلية للترافع عن قضايا فكيك، في برنامج احتجاجي تصعيدي، منذ إقدام السلطات المحلية، بتاريخ 24 أبريل الماضي، بطلب من المجلس الجماعي بدعوى احتلال الملك العمومي، على فض المعتصم الذي كانت تقيمه الساكنة داخل مقر الجماعة، منذ شهر فبراير الماضي، تاريخ اعتقال محمد ابراهمي، الشهير بلقب “موفو”، أحد أبرز رموز الحركة الاحتجاجية.
أشكال احتجاجية متنوعة
لم تتوقف الساكنة عن التصعيد والدخول في أشكال احتجاجية، أبرزها “جمعة التصعيد” يوم 26 أبريل و”جمعة الغضب” يوم 3 ماي، علاوة على الوقفات المركزية، التي تشهدها الساحة المقابلة لمقر الجماعة والباشوية، والتي تنظم يومي الثلاثاء والجمعة، كما نظم الفكيكيون احتجاجات بالقرع على الأواني والطبول، ومسيرات بأضواء الهواتف النقالة، واعتصامات بارتداء الكمامات. بينما ردت التنسيقية المحلية على فض المعتصم السلمي، بتنظيم معتصمات متنقلة مكانيا، ونقل المظاهرات، منذ 3 ماي، بين مختلف قصور الواحة.
وفي مقابل استمرار رفض الساكنة لمشروع الشركة الجهوية، لم تفتح السلطات أي حوار جديد مع الساكنة منذ اللقاء الذي عقدته وزارة الداخلية بتاريخ 21 مارس الماضي ببوعرفة، و الذي لم يكن مقنعا للفكيكيين الذين قرروا المضي قدما في المواجهة السلمية للمشروع.
في سياق متصل، كانت المحكمة الإدارية بوجدة، قد رفضت الشهر الماضي الطعون التي تقدم بها فريق المعارضة بالمجلس الجماعي لفݣيݣ، الرامية إلى إلغاء مقرر انضمام الجماعة إلى مجموعة “الشرق للتوزيع”.
ومن بين المخاوف الرئيسية التي تقض مضجع السكان، وفق تقرير سابق صادر عن التنسيقية المحلية لحراك فجيج ومجموعة المتابعة بالرباط، إشكالية تنزيل هذا الشكل التدبيري المقترح في منطقة واحية ذات طبيعة خاصة وفريدة، وكذلك في منطق الربح الذي سيتقدم على مبدأ الخدمة العامة، علاوة على الاعتبارات السوسيو-بيئية والخصوصيات الثقافية والتاريخية لفجيج.
وكان الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، وهو تجمع يضم هيئات ومنظمات حقوقية من توجهات مختلفة، قد وجه الشهر المنصرم رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، يطلب منه فيها التدخل بشكل عاجل لدى المصالح والمؤسسات المعنية من أجل الاستجابة لمطالب الساكنة.
ولفتت المراسلة، التي وقعتها عشرون جمعية، الانتباه إلى ما وصفته بـ “الوضع المقلق” و “حالة الاحتقان” التي تعيشها الواحة، داعية إلى الإسراع بمراجعة قرار مجلس الجماعة، والانسحاب الفوري من التعاقد مع الشركة، لأنه قرار اتخذ -على حد تعبير الهيئات الموقعة- “دون استشارة الساكنة، وإعمال مبادئ الديمقراطية التشاركية، وسياسة الانفتاح، والحكامة المحلية، كما ينص على ذلك دستور 2011، وقوانين البلاد ذات الصلة بمجال تدبير الماء الصالح للشرب”.
سنة قابلة للتجديد
ينص نموذج عقد التدبير، المنشور في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، أن العقد يبرم بين رئيس المجلس، الذي يعتبر “صاحب المرفق”، وشركة مساهمة مقيدة بالسجل التجاري ، ممثلة بمديرها العام.
ويشير نموذج العقد إلى أنه من بين الأهداف الرئيسية تطبيق أدنى التعريفات الممكنة للماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل، وترشيد استهلاك الماء والكهرباء، وتحسين الأداء التقني والمالي للمرفق، والرفع من مستوى جودة الخدمات.
وجرى تحديد مدة عقد التدبير في سنة قابلة للتجديد بمقتضى تعديلي، ولا يكون قابلا للتنفيذ إلا بعد مداولة الجهاز التداولي لصاحب المرفق، وتأشير السلطة الحكومية المكلفة.
وينص العقد أيضا على أن أموال الرجوع (العقارات والمنقولات اللازمة لتدبير المرفق)، لا يمكن أن تكون موضوع تفويت أو بيع أو كراء أو حجز، أو ضمان كيفما كان نوعه من قبل الشركة.
وسيكون للشركة الجهوية المتعددة الاختصاصات حق التدبير الحصري. وفي حالة ما إذا تم المساس بحق حصرية التدبير، من أطراف أو جهات أخرى غير صاحب المرفق، فإنه “يتعين على الشركة إقامة كل دعوى، وممارسة كل طعن لحماية حقها في التدبير الحصري للمرفق، ولإلزام الأغيار باحترام هذه الحصرية”، بحسب المادة 14 من نموذج العقد.
ويتعين على الشركة احترام مبادئ المرفق العام، وأبرزها : ضمان سير المرفق بصفة دائمة ومستمرة ومنتظمة، وضمان المساواة بين المرتفقين في الحصول على الخدمة والمعاملة، وتقديم خدمة ذات جودة للمرتفقين بأقل تكلفة.
مراجعة التعريفات واردة
إضافة إلى الصلاحيات التي يخولها القانون 83.21، يحق للشركة بموجب هذا العقد ممارسة جميع الصلاحيات والاختصاصات المتعلقة بتدبير المرفق، خصوصا إنجاز الأشغال واستغلال أموال المرفق.
ويمكن للشركة الجهوية إبرام عقود مع فاعلين من القطاع الخاص، تعهد بموجبها إليهم ببعض المهام من غير المهام الرئيسية، وتمثل هذه الجزئية إحدى أبرز مخاوف ساكنة فكيك المحتجة.
وبمجرد دخول العقد حيز التنفيذ، تحل الشركات الجهوية متعددة الخدمات، محل المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، والوكالات المستقلة.
أما فيما يخص الموارد المالية للتدبير، فإنها تشمل الموارد الخاصة بالشركة، أو تلك التي يتم تحصلها في إطار تدبير المرفق، وهي مكونة من الحصص المقدمة على شكل رساميل ذاتية، والقروض التي تحصل عليها الشركة، والتمويل الذاتي الناتج عن بيع الماء والكهرباء، والمنح والإتاوات الثابتة والغرامات والمساهمات والزيادات ، إضافة إلى الدعم المالي المخصص للمرفق من لدن الجهات المختصة.
ويشير نموذج العقد كذلك إلى التزام الشركة بتقديم مخطط توقعي، للسنوات الخمس القادمة، قبل تاريخ 31 أكتوبر من كل سنة مالية.
وتسمح المادة 33 من هذا التعاقد بين المجلس والشركة بمراجعة أو تغيير التعريفات، وقت المراجعة الدورية لعقد التدبير، أي بعد انقضاء 5 سنوات، أو في حالة حصول تغيير في تعريفة اقتناء الشركة للطاقة الكهربائية أو الماء الصالح للشرب من منتجيها، ولا يحصل التعديل إلا بعد موافقة الجهات المختصة. كما يمكن تعديل التعريفات سنويا، من أجل الأخذ بعين الاعتبار التغييرات الطارئة على “تكلفة اليد العاملة، والمواد الأولية الناتجة عن التضخم”، شريطة أن لا يتجاوز التعديل نسبة ارتفاع متوسط البيع ب 1.5 بالمئة، مقارنة مع متوسط ثمن البيع خلال السنة الماضية.
الاحتجاجات قد تؤدي لفسخ العقد
يمنح العقد للمجلس البلدي، الحق في مراقبة سير عملية التدبير، إذ يتوفر على سلطة عامة للمراقبة الاقتصادية والمالية والتقنية، وتلتزم الشركة بتسهيل ممارسته لذلك في ظروف عادية، وعدم عرقلة عمليات المراقبة بأي شكل من الأشكال، كما يتم تعيين مصلحة دائمة لمراقبة تدبير الشركة بمجرد دخول العقد حيز التنفيذ.
وتتحمل الشركة خلال فترة تدبيرها لقطاع الماء أو الكهرباء الأضرار أو الخسائر الملحقة بالغير، خصوصا في حالة الانقطاعات العامة أو الجزئية غير المبررة، أو في حالة توزيع مياه لا تستجيب جودتها للمعايير الوطنية وغيرها من الحالات؛ وقد تُلزم الشركة الجهوية المتعددة الاختصاصات بأداء غرامة للمجلس الجماعي، وإذا ما همت الانقطاعات قطاع الماء الصالح للشرب، يتم احتساب هذه الغرامة بضرب عدد الأمتار المكعبة في الثمن المتوسط الجاري به العمل في الفترة التي ارتكبت فيها المخالفة.
ويحق للمجلس الجماعي في حالة التقصير المتكرر أو الفادح، أو الخطأ الجسيم في تنفيذ الالتزامات، بعد توجيه إنذار مكتوب لها، اتخاذ تدابير من بينها وضع المرفق كليا أو جزئيا تحت تدبيره على نفقة الشركة، أو إحلال مقاولة محلها، ويتم إيقاف العمل بعقد التدبير كليا أو جزئيا إلى حين تدارك الإخلال أو الخطأ.
ويمكن للمجلس الجماعي كذلك المبادرة إلى فسخ العقد، على نفقة ومسؤولية الشركة، في حالات محددة من بينها رفض الشركة دون أسباب معللة تقديم مشاريع التنفيذ، أو رفض إنهاء أو تشغيل المشاريع المسجلة في برنامج الاستثمار، أو وجود تهديد لجودة المياه أو الصحة والسلامة العموميتين لفترة طويلة لأسباب منسوبة مباشرة إلى الشركة، أو تعذر ممارسة مراقبة تنفيذ عقد التدبير من طرف المجلس بعرقلة من الشركة.
ويترتب عن فسخ العقد إجبار الشركة على تعويض صاحب المرفق عن جميع الأضرار اللاحقة به أو بالمرفق، وتحملها لنفقات الإجراءات اللازمة لضمان استمرارية المرفق بعد ذلك.
وفي المقابل، يحق للشركة طلب فسخ العقد إذا لم يتخذ المجلس الجماعي التدابير اللازمة في نطاق اختصاصاته، مؤديا بذلك إلى عدم قدرة الشركة على احترام تعاقداتها، أو إذا لم يتم تطبيق التعريفات المترتبة عن الأسعار المتوسطة، أو المعاد تقويمها، حسب شروط العقد، وأخيرا إذا أدّى قرار انفرادي من صاحب المرفق إلى المساس بشكل فادح بسير تدبير المرفق.
ويؤدي المجلس في هذه النازلة للشركة، مقابل الممتلكات التي مولتها، مبلغا يعادل القيمة الصافية التعاقدية عند تاريخ فسخ العقد، للأصول الثابتة المنجزة أو التي لا تزال في طور الإنجاز، وأن يدفع لها مبلغا يساوي المتوسط الحسابي للنتائج الصافية للسنوات الخمس الأخيرة مضروبا في خمس عدد السنوات المتبقية.
ويمكن في بعض الحالات أن يتفق الطرفان على فسخ العقد بالتراضي، إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، أو إذا تبين أن هذا العقد لم يعد ملائما لتدبير المرفق، فضلا عن حالة “القوة القاهرة” التي يمكن أن تجبرهما على فسخ العقد مثل الحروب، والزلازل، والعواصف والفيضانات، والحركات الاحتجاجية.