روبورتير ـ سيليا إزوار – ترجمة أحمد بن الصديق (بتصرف)
يعتبر منجم بوازار للكوبالت، الواقع في الجنوب الشرقي للمغرب، مصدر المادة الضرورية لإنتاج بطاريات السيارات “بي إم دوبلفي”، ومن المقرر أن يصبح مزودا لشركة رونو (Renault) الفرنسية بهذه المادة، اعتبارا من عام 2025، وهو يشكل في نفس الوقت مصدرا للتسمم بالنسبة للعمال ويضر بالبيئة.
بعد تحقيقاتنا حول هذه الفضيحة، فتح المكتب الفيدرالي الألماني للرقابة الاقتصادية والصادرات (Bafa) تحقيقا حول شركة تصنيع السيارات “بي إم دوبلفي”. وأكدت الحكومة هذه المعلومات بعد سؤال كتابي من المجموعة البرلمانية اليسارية دي لينكه Die Linke بتاريخ 25 نونبر، وفقا ليومية دير شبيغل Spiegel Der الألمانية. (لقراءة التحقيق انقر هنا)
ومن المحتمل أن تقوم سلطة الإشراف بفرض عقوبات على “بي إم دوبلفي” لانتهاكها قانون الاحتياط الواجب على الشركات، حيث أن “BMW”، ومنذ عام 2020، تروج لـ “تزودها المسؤول” من المغرب دون إجراء تدقيق في منجم الكوبالت والزرنيخ هذا، كما كشف تحقيقنا الذي أجرته هوامش مع كل من روبورتير الفرنسي ويومية زود دويتشه تسايتونج Süddeutsche Zeitung ومحطتي الإذاعة والتلفزيون الألمانيتين NDR وWDR.
يشتغل عمال المناجم، المحرومون من حقوقهم النقابية، في ظروف غير قانونية وخطيرة؛ فقد تسببت نفايات التعدين في تلويث واحات جنوب مدينة ورزازات بشدة، حيث تحتوي التربة ومياه الآبار على نسب تركيز من مادة الزرنيخ أعلى أكثر من أربعين مرة من العتبات المقبولة.
ويهدف قانون الاحتياط الواجب الألماني، الذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2023، إلى تحسين احترام حقوق الإنسان والبيئة في سلاسل التوريد العالمية. وكما هو الحال في القانون الفرنسي، فإن الشركات الكبيرة ملزمة بمنع الانتهاكات المحتملة أو تخفيفها أو وضع حد لها.
لكن وسائل التحكم التي تمتلكها الحكومة الفيدرالية غير كافية لفرض هذا القانون، وفقا لكورنيليا مورينغ Cornelia Möhring، عضوة البرلمان والمتحدثة باسم حزب Die Linke اليساري في البوندستاغ ، في مقابلة مع “روبورتير” إذ قالت إن حالة “بي إم دوبلفي”، التي تتباهى بممارسة مسؤوليتها البيئية والاجتماعية حتى خارج مصانعها والتي فضلت تجاهل حقيقة هذه الانتهاكات؟ هو أكبر دليل على هذه الحقيقة. إنه يظهر أن الموقف الطوعي والمراقبة الذاتية لا معنى لهما في منطق العالم الرأسمالي. في مواجهة فضيحة الكوبالت. يجب على الحكومة الفيدرالية الآن إثبات مصداقيتها من خلال عدم السماح لنفسها بأن تخضع لرغبة واحدة من أكبر الشركات الألمانية”.
وقالت موهرينغ إن مالك شركة “بي إم دبليو” (BMW) ستيفان كاندت Stefan Qandt،هو رابع أغنى رجل في ألمانيا. وفي حالة ثبوت خرق واجب الاحتياط، فإن العقوبات القصوى المنصوص عليها من طرف سلطة الوصاية الألمانية هي الاستبعاد من الصفقات العامة لمدة ثلاث سنوات أو غرامة تصل إلى 2٪ من رقم المعاملات السنوي للمجموعة ( بلغ هـذا الرقم عند “بي إم دوبلفي” 146 مليار يورو في عام 2022)، وقالت الشركة المصنعة إنها مستعدة “للمطالبة باتخاذ تدابير تصحيحية فورية من جانب موردها” لتحسين الوضع في منجم بوازار. وتعتقد النائبة كورنيليا مورينغ أن ” متابعة شركة “بي إم دوبلفي” أمام القضاء بسبب ترويجها لبعض الإعلانات المضللة سيكون خطوة جيدة”.
وتُطرح الأسئلة أيضاً بخصوص شركة “رونو” Renault الفرنسية، التي وقعت اتفاقية في عام 2022 مع شركة “مناجم” لتوريد الكوبالت اعتبارا من عام 2025 لتزويد سياراتها الكهربائية بالبطاريات، وروجت بدورها لهذا “الكوبالت المسؤول”. ردا على سؤال من قبل مجلة “روبورتير” أكدت الشركة أن «التدقيق الأولي في الموقع الذي يجريه طرف ثالث مستقل» سيتم إجراؤه «قريبا جدا»، وأنه «في حالة عدم الامتثال لمعايير والتزامات ESG [البيئية والاجتماعية والحوكمة] للمجموعة، سيتم اتخاذ تدابير تصحيحية للامتثال للمعايير». يبقى أن نرى ما هي “المعايير” التي يمكن أن تحمي العمال والبيئة في منجم يشتمل على رواسب الزرنيخ الذي تنبعث منه حتما كميات كبيرة من النفايات السامة.
