خرج مراد لمخنتر كعادته من البيت على الساعة التاسعة صباحا متوجها إلى العاصمة الرباط حيث تتواجد الكلية التي يتابع فيها الدكتوراه. بعد أربع ساعات إتصلت أسرته للاستفسار عن ما إذا كان سيعود إلى البيت زوالا كما في الكثير من المرات، فإذا بصوت المجيب الآلي يعوض صوت مراد. كان الهاتف مقفلا أو خارج التغطية. انتظرت الأسرة بفارغ الصبر عودة مراد إلى البيت نهاية الزوال، غير أن هاتفه ظل مقفلا طوال النهار، فبدأت الشكوك تحوم حول إمكانية تواجده مع أحد أصدقائه أو في فصول الدرس بكلية الآداب. لم يعد مراد تلك الليلة إلى البيت، فهو في العادة يخبر الأسرة بقضاء ليلة هنا أو يومين هناك.. غير أنه لم يفعل هذه المرة. ازدادت شكوك الأهل. في اليوم الموالي انطلق البحث عن مختفي، الذي لم يكن سوى مراد ناشط حركة 20 فبراير بالرباط.
تحت شمس شتنبر انطلقت رحلة البحث في المستشفيات ومراكز الشرطة في مدينة سلا والرباط والقنيطرة، لا جدوى، ما زال مراد مختفيا ولا أثر له. بتاريخ 21 شتنبر 2018 أبلغت الأسرة دائرة الأمن رقم 12 بسلا ولم تتوصل إلى حدود اليوم بأية معطيات بخصوص اختفائه، كما قاموا بطلب تحديد موقع هاتفه (0644188486) لدى نفس الدائرة بتاريخ 26 شتنبر 2018، ولم يتوصلوا إلى حدود اليوم بأية معطيات بخصوصه.
بموافقة من عائلة مراد، قام بعض أصدقائه بطبع مجموعة من الملصقات وقاموا بتعليقها قرب الأسواق والمحلات التجارية والأماكن العامة، دون أن يتلقوا أي خبر عن ذلك. يجوبون الشوارع والأزقة والمقاهي، لا وجود لأي أثر عنه.
عبد القادر المخنتر أب المختفي مراد راسل رئيس النيابة العامة بعد شهر من الإختفاء من أجل طلب التدخل السريع بخصوص القضية التي تبقى حيثياتها غامضة والتمس عبد القادر التدخل من أجل تكثيف البحث بخصوص حالة اختفاء، “إننا بحثنا عنه بمختلف مستشفيات الرباط، سلا، القنيطرة، الدار البيضاء، المحمدية، طنجة، القصر الصغير… دون أي جدوى” يقول الأب في رسالة اطلعت منصة هوامش على نسخة منها”. وأضاف “أحيطكم علما، سيدي الرئيس، أن أبني طالب باحث بسلك الدكتوراه بالكلية ويبلغ من العمر 32 سنة، صدر له كتابين: الأول تحت عنوان ” أساطير التأسيس في التاريخ الإسلامي” والثاني تحت عنوان “لا دينيون مغاربة: دراسة في الإلحاد من خلفية إسلامية”.
فتحت مصالح الأمن تحقيقا منذ 16 شتنبر 2018 والذي لم يفضي إلى أي نتيجة إلى حدود اليوم.
مراد المخنتر شاب مغربي من منطقة زعير. كاتب وباحث في سلك الدكتوراه، التحق بحركة 20 فبراير بالرباط سنة 2011، وكان يحضر لجموعاتها العامة في مقر الاتحاد المغربي للشغل، كان يعرفه أصدقائه بكونه يحب النقاشات المتعلقة بالحريات الفردية والدينية.
كانت اخر إصدارات مراد كتاب تحت عنوان”لادينيون مغاربة” يعتقد فيه أن اللادينية في العالم الإسلامي من المواضيع اللامفكر فيها، رغم أنه موضوع يرتقي الى مستوى الظاهرة الاجتماعية بامتياز، فلم تشهد المنطقة الإسلامية حسبه صعودا لللاينين في الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي مثل ما نشهده في السنوات الأخيرة،
يقول مراد لمخنتر إن السبب في عدم تناول هذا الموضوع بالدراسة يعود إلى كونه موضوعا محرما يصعب على الباحث تناوله دون إقلاق حراس المعبد، رغم أن هذا الموضوع لم يكن هكذا محرما في التاريخ الإسلامي، بل نجد أن هامش الكتابة فيه كان كبيرا بالمقارنة مع العصر الحديث، بل إن أغلب أفكار الزنادقة و الملحدين في التاريخ الإسلامي نجدها في كتب الردود التي كتبها المسلمين أنفسهم.
باشرت مصالح الأمن بمدينة سلا البحث في قضية مراد، وقامت باستدعاء بعض أصدقائه العم الماضي. كانوا معه في اتصال قبل الاختفاء. لم يسفر البحث عن أي نتائج، وأغلبهم من نشطاء حركة 20 فبراير. قبل ذلك سافر بعض أفراد الأسرة إلى مدينة طنجة للبحث عن مراد لمخنتر، وذلك لاحتمال تواجده بها لركوب قوارب الموت، رغم أنهم استبعدوا هذه الفرضية في البداية، بكون مراد كان باحث دكتوراه في السوسيولوجيا ولم يكن يفكر في الهجرة قبلا، لكن انغلاق أفق البحث أجبر الأسرة على وضع هذا الإحتمال فوق الطاولة.
هناك من أصدقائه في الأحاديث الجانبية من يعتقد بأن مراد اختفى طواعية للإبتعاد والاختفاء عن الجميع وأنه موجود في مكان خارج المغرب. لكن هناك من يعتقد أنه توفي أو تم تصفيته. في انتظار إجابة قطعية عن جميع الأسئلة مراد ما يزال مختفيا في إحدى أكبر القضايا المعقدة.
