الرئيسية

زلزال الحوز| شبهات فساد وعقبات قانونية تحرم السكان من الدعم المخصص لإعادة الإعمار 

ثوان معدودة كانت كافية ليتحول خلالها حلم منتصر أحولي إلى أنقاض، منزل أحلامه الذي ادخر على مدى سنوات من الكد ليبنيه في قريته المعزولة، بعد أن تمكن من تشييد طابقين والشروع في الثالث انهار تماما بسبب زلزال الحوز، وبعد صدور قرارات بتعويض الضحايا من أجل إعادة الإعمار استبشر خيرا وزاد اطمئنانه بعد أن زارت إحدى اللجن المختلطة منزله ووقفت على واقعه، ظل ينتظر نتائج الزيارة، وبعد تأخرها توجه إلى عمالة إقليم الحوز ليفاجأ أن اسمه لم يدرج في لائحة المعنيين بالتعويض، بحجة أنه "غير مقيم بصفة دائمة"، تواصلنا مع منتصر وقررنا السفر إلى داور تنصغارت لننقل هذه الواقعة.

محمد تغروت

الصعود إلى تنصغارت

ركبنا سيارة أجرة من مراكش على الساعة الثامنة والنصف من صباح يوم الثلاثاء، متجهين صوب المناطق التي ضربها زلزال ال8 من شتنبر الماضي لنرصد ما صار إليه حال أهل المنطقة، بعد انطفاء كاميرات الإعلام الوطني والدولي، وانقطاع قوافل الدعم والمساعدات الإنسانية، بعد مرور ما يفوق 100 يوم عن الفاجعة.

بعد بضعة كيلومترات استقبلنا إقليم الحوز، بيافطة إسمنتية بيضاء، كتب عليها بالأسود “إقليم الحوز، جماعة أغواطيم”، بعدها وصلنا إلى تحناوت التي تحتضن مقر عمالة الحوز، الأمور هادئة هذا الصباح في البلدة، هدوء لا يكسره سوى ضجيج سيارات تعبر الطريق الذي يخترقها متجها إلى تارودانت، كما تشير يافطات عديدة صادفناها في الطريق، وفور تجاوزها ببضعة كيلومترات، تلوح الطريق وهي تضيق بمنعرجاتها التي تزداد حدة وصعودا، مرحبا بكم عند أقدام جبال الأطلس الكبير.

الساعة التاسعة والنصف صباحا، وصلنا إلى مركز جماعة أسني، التي اشتهرت في الأيام الأولى للفاجعة ببناء مستشفى عسكري، الشمس هنا تشرق على الساعة الثامنة والنصف، درجة الحرارة على الساعة العاشرة صباحا لا تتجاوز 7 درجات، ما يشير إلى أنها كانت أكثر انخفاضا أثناء الليل.

على مشارف البلدة تنتصب يافطة إسمنتية أخرى تستقبل الزوار، لعلها سمة الإقليم؛ نقرأ عليها باللون الاسود دائما،  “إقليم الحوز، جماعة أسني”، سواد هذه المرة محاط بخط أحمر كأنه يخلد ذكرى دماء ضحايا فاجعة الثامن من شتنبر الأسود.

بيوت منهارة وعقبات قانونية أمام السكان لتلقي الدعم

بينما كنا ننتظر خالد أجداع (أحد أبناء المنطقة) شربنا قهوة على مشارف خيام المتضررين في مركز الجماعة، والذين لازالوا ينتظرون كثيرا مما وعدت به الدولة، تقدم أمامنا بدراجته النارية، ولحقناه بسيارة أجرة إلى دوار تنصغارت، التابع إداريا وجغرافيا لجماعة أسني، والذي يطل عليها من عل.

تنصغارت، هنا ولد وترعرع منتصر أحولي، وبنى بيته بجوار بيت العائلة حيث يقيم والداه، قبل أن تهده هزات الزلزال المدمر، وتحوله إلى أنقاض، ليضيع معها مجهوده وكدّ سنوات عديدة لتوفير مستلزمات البناء، يقول منتصر “صحيح أنني أعمل بمدينة الرباط، إلا أنني لا أملك إلا هذا المنزل الذي ضحيت على مدى سنوات من العمل في سبيل تشييده وبنائه في قريتي، والذي لم تنته فيه الأشغال بعد، قبل أن تأتي الكارثة الطبيعية يوم 08 شتنبر المنصرم وتحوله إلى ركام. وبعد أن استبشرنا خيراً بالتعليمات والقرارات الرسمية المعلن عنها لفائدة المتضررين من الزلزال، وجدنا أنفسنا أنا وأسرتي باعتباري معيلا وحيدا لها، نواجه مصيراً مجهولاً مشردين داخل قريتنا نبحث عن مأوى يقينا من البرد والظروف المناخية الصعبة، ومعه نشعر بخيبة أمل كبيرة”.

أنقاض منزل منتصر أحولي

والدة منتصر التي استقبلتنا على أطلال منزله المنهار إثر الزلزال، عبرت عن استغرابها اعتباره غير مقيم، مؤكدة أنه هو المعيل الوحيد لها ولوالده المسن واثنتين من أخواته وأخيه، مضيفة أن ابنها البكر اضطرته الظروف وضرورة رعاية الأسرة إلى الالتحاق بالعاصمة قصد العمل، غير أنه بنى بيته هنا في البلدة على أمل الاستقرار فيه مستقبلا وتكوين أسرته.

نفس الأمر أكده جاره خالد أجداع، الذي صرح لنا أن “منتصر ابن البلدة، ولد ودرس فيها ولم تنقطع يوما صلته بها، بل طالما ازداد ارتباطه بها”، مؤكدا على تواجده المستمر وخصوصا بعد فاجعة الزلزال، ومساهمته المتميزة إلى جانب أبناء البلدة في الإشراف على توزيع المساعدات على ساكنة الدوار.

أثناء تواجدنا بدوار تنصغارت عاينت -هوامش- الانهيار الكامل لمنزل منتصر أحولي، ووقفت على ما يشير إلى أن المنزل كان لا يزال قيد البناء أثناء انهياره، كما تشير إلى ذلك الصور المرافقة لهذا المقال.

أنقاض منزل منتصر أحولي

وأكد منتصر أن الأمور كان تسير بشكل جيد مع اللجنة الأولى التي عاينت الأضرار التي أصابت منزله، وهو ما جعله ينتظر نتائج الزيارة على غرار غيره من ساكنة الدوار، غير أنه “بعد أن طال الانتظار، توجه إلى عمالة إقليم الحوز لتتبع مآل ملفه، ليفاجأ باستثنائه من الاستفادة من الدعم المخصص لضحايا الزلزال في كل أصنافه، مرجحا أن يكون ذلك راجعا إلى “تصفية حسابات شخصية معه”.

وأوضح منتصر أنه بعد أن تأكد له استثناؤه من الاستفادة من الدعم راسل الديوان الملكي، ورئيس الحكومة، ووسيط المملكة، ووالي جهة مراكش أسفي وعامل عمالة الحوز، وأيضا قائد قيادة أسني، مشيرا أنه لم يتلق أي جواب على كل هذه المراسلات.

وختم منتصر حديثه معنا بالقول أنه “ومع ما نعيشه من ظروف مُناخية قاسية في سلسلة جبال الأطلس الكبير، ونحن نَقطن وسط خيام تنعدم فيها أبسط شروط العيش الكريم، وضداً على كل ما جاء في التعليمات الرسمية، وعكس ما عبر عنه الشعب المغربي من تضامن وتلاحم أبهر العالم، وجدنا أنفسنا أنا وأسرتي أمام رحمة الإقصاء والحرمان وبالتالي فتح أبواب المصير المجهول.” مضيفا أنه بعد كل المراسلات والإجراءات التي قام بها، إن لم يتم إصلاح الأوضاع سيلجأ إلى القضاء ليدفع الملف إلى أبعد مدى ممكن.

خيمة بلاستيكية فيها منتصر أحولي مع عائلته

شبهات فساد ومصالح في توزيع المساعدات المالية 

في ذات السياق توصلت هوامش بشكاية ضد عون سلطة، موقعة من قبل العديد من ساكنة دوار تنصغارت، موجهة إلى قائد قيادة أسني، يتهمونه بالشطط واتباع أجندة شخصية، حيث قام بـ “ارتكاب مجموعة من الأخطاء في تعامله مع معالجة ملفاتنا إبان مرافقته للجان الإحصاء، إذ تعامل مع الأمر من منظور العلاقات والانتماءات وإقصاء كل من يختلف معه في أمور قد تكون شخصية لا علاقة لها بالضرورة بطبيعة عمله”، حسب نص الشكاية.

وأضاف موقعو الشكاية “وجدنا أنفسنا خارج المستفيدين من المساعدة المالية الاستعجالية ‏المحددة في 2500 درهم، وبالتالي بشكل مٌباشر من الدعم المُخصص لإعادة الإعمار والإسكان، نتيجة شطط عون السلطة وأهوائه وأجندته الشخصية حتى وأننا فقدنا منازلنا بشكل كامل أو جزئي أو نتيجة لشقق متدهورة وغير قابلة للسكن، في المقابل هناك أسر قريبة منه هو شخصيا وعائلته استفادت بالرغم من أن منازل بعضها بها شقوق عادية. وكذلك منازل استفادت فيها أكثر من أسرة واحدة.” 

عريضة سكان تنصغارت

والتمس الموقعون من قائد قيادة أسني إيقاف عون السلطة المعني ومحاسبته على أفعاله وعزله بصفة نهائية من دوار تنصغارت، مع العمل على رد الاعتبار للضحايا الذين ذهبوا ضحية الزلزال وأهواء عون السلطة المذكور.

وأكد متحدثون لهوامش أن دوار تنصغارت الذي يضم 150 أسرة، لم تستفد من الدعم الموجه لضحايا الزلزال فيه سوى 35 منها.

جدير بالذكر أن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، كان قد قام، يوم السبت 23 شتنبر الماضي، بزيارة تفقدية وصل فيها إلى دوار تنصغارت التقى خلالها بسكان الدوار وتفقد عددا من المنازل التي انهارت بشكل كامل جراء زلزال 8 شتنبر، ووعد السكان الذين انهارت منازلهم بتلقي التعويضات المباشرة كما جاء في بلاغ الديوان الملكي. 

وشدد أخنوش على أن الحكومة ستعمل على تسريع الإجراءات المتعلقة بتدبير هذه الأزمة، مضيفا أن أن الحكومة ستعمل على تنفيذ التوجيهات والتعليمات الملكية، وتنزيل برنامج إعادة البناء والتأهيل الشامل للمناطق المتضررة، في أقرب الآجال، ووفقا لما وقفت عليه “هوامش” بعد أزيد من 100 يوم عن الفاجعة لازال الانتظار سيد الموقف.

نماذج لاستمارات ملتمس الاستفادة من المساعدة الاستعجالية للأسر المتضررة من زلزال الحوز

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram