الرئيسية

وفاة غامضة لـ “مُوسى كامارا” بسجن سلوان بالناظور 

وفاة مفاجئة وغامضة، أنهت الشهر الماضي فصول قصة مؤلمة، للمهاجر موسى كامارا، المنحدر من دولة غينيا كوناكري؛ والذي أدين بالسجن لمدة 10 سنوات. والذي عانى وحيدًا ومنسيًا في سجن سلوان بالناظور لأكثر من عامين. وكان فرع الـ AMDH  قد استنكر محاكمته التي مرت بسرعة وبدون ترجمة، وطالبت مؤخرا بفتح تحقيق "في وفاته الغامضة"

الناظور/ “هوامش”: 

وفاة مفاجئة وغامضة، أنهت الشهر الماضي فصول قصة مؤلمة، للمهاجر موسى كامارا، المنحدر من دولة غينيا كوناكري؛ والذي أدين بالسجن لمدة 10 سنوات. والذي عانى وحيدًا ومنسيًا في سجن سلوان بالناظور لأكثر من عامين. وكان فرع الـ AMDH  قد استنكر محاكمته التي مرت بسرعة وبدون ترجمة، وطالبت مؤخرا بفتح تحقيق “في وفاته الغامضة”.  

وتوفي المهاجر الغيني (كوناكري) موسى كامارا، الاثنين 30 أكتوبر الماضي، بغرفة الإنعاش بالمستشفى “الحسني” في مدينة الناظور، شمال شرق المغرب، والذي كان يقضي عقوبة لمدة عشر سنوات بسجن “سلوان” بذات المدينة، بعدما تم نقله في حالة  حرجة من السجن إلى قسم المستعجلات في المستشفى “الحسني” يوم الجمعة 27 أكتوبر.

وطالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في بيان توصلت “هوامش” بنسخة منه، من النيابة العامة بفتح “تحقيق معمق حول الأسباب الحقيقية التي أدت إلى وفاة مهاجر غيني، كان معتقلا تحت المسؤولية القانونية للإدارة السجنية وداخل مرفق عمومي وبين أيدي موظفين عموميين”.

موسى كامارا: القصة المؤلمة لمهاجر نسي في  سجن سلوان

عندما غادر غينيا، كانت أحلام موسى كامارا تتلخص في الوصول إلى السواحل الأوروبية عبر المغرب، لكن حلمه تحول إلى كابوس؛ إذ أدين بجريمة “تهريب المهاجرين”، بينما يؤكد أقاربه أنه “كان ضحية”. 

 وبدأت المأساة عندما اعترضت السلطات المغربية على سواحل الناظور؛ مركب يحمل 53 مهاجرا بينهم موسى كامارا، الذي أوقفته الشرطة المغربية، برفقة موريتانيين كانوا هم معظم السواد الأعظم من المهاجرين على متن القارب.

وبفضل تدخل سلطات بلادهم وخاصة سفارتهم، تم إطلاق سراح جميع رفاق موسى كامارا الذي لم يحظ بنفس الحقوق، وبقيت صرخاته تتعالى دون جدوى، وحوكم بعشر سنوات سجنًا نافذًا، ولم تتدخل الدولة الغينية لصالحه، ما جعله يقضي عقوبة السجن في سلوان بالناظور، وشابت المحاكمة خروقات كثيرة، حسب الفرع الملحي بالناظور لـ”الجمعية المغربية لحقوق الإنسان”، التي أكدت أنها “تمت بدون حضور مترجم”، فظل الفتى يناشد بإطلاق سراحه، على الرغم من أنه كان مجرد مهاجر على متن ذلك القارب.  

وذكرت عائلته أنها اتخذت جميع الإجراءات لدى السلطات الغينية لإيجاد حل لقضيته، ولكن دون جدوى، ليظل الشاب محبوسا، “بجرم لم يرتكبه”، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة يوم الاثنين 30 أكتوبر الماضي في ظروف غامضة.

وبعد وفاته قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في بيان، إنه على إدارة السجن المحلي بسلوان، التي التزمت الصمت فيما يتعلق بهذه الوفاة، “إجراء بحث داخلي لتحديد المسؤوليات والعمل على توفير الرعاية الصحية للسجناء، واحترام وتعزيز وحماية الحقوق الأساسية وأنسنة ظروف الاعتقال وفق مبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا وخاصة القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء وقواعد نلسون مانديلا”.

ولاحظت جمعية “كاديم” المعنية بالدفاع عن حقوق المهاجرين، في تقرير نشرته على موقعها “انتهاكات خطيرة في إجراءات محاكمة موسى؛ خلال اعتقاله، إذ تم إعداد تقارير الشرطة باللغة العربية دون ترجمة، وعندما كان أمام القاضي، كان المترجم موجودًا فقط عند إعلان الحكم”.

ويوضح  تقرير صحفي نشره موقع ‘أفريكا غينيا’ أنه “تم اعتقال موريتانيين آخرين بتهم مماثلة. وبفضل دفاع السفارة الموريتانية في الرباط، تمت تبرئتهم”.

 وأورد التقرير أن عائلة موسى حين كان على قيد الحياة ظلت “تنتظر تدخل السلطات الغينية لفحص هذه القضية وطلبت محاكمة جديدة للإفراج عنه. إنه متهم ومحكوم بجريمة تهريب المهاجرين، على الرغم من أنه تم القبض عليه في قافلة بالبحر مع 53 راكبًا. علما أن تجار الهجرة لا يسافرون مع الركاب”.

وطالب حقوقيون بوجوب “ترحيل موسى المعتقل كمهاجر إلى بلاده أو طرده، ولكن، مع ذلك، تمت إدانته بتهمة التهريب برغم عدم وجود دليل على ذلك”.

وأوضح عمر ناجي، نائب رئيس “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” – فرع الناظور- في تصريح سابق، لموقع Africaguinee.com، أن المغرب هو “البلد الوحيد في شمال إفريقيا الذي حكم بالسجن لمدة 10 سنوات على مهاجرين بسيطين “.

واعتبر أنه” حكم ثقيل، فهو وسيلة لإظهار جدية المغرب للأوروبيين في مكافحة الهجرة غير النظامية للحصول على تمويل إضافي”.

رحلة موسى من موريتانيا إلى السجن ثم إلى صندوق الموتى 

في تقرير أوردته “أفريكاغينيا” على موقعها، قالت الصحيفة إن “موسى كامارا كان قد قضى وقتًا في موريتانيا مع أخته المتزوجة من موريتاني، قبل أن يشرع في التحرك إلى أوروبا عبر البحر عن طريق المغرب، وفي النهاية، تم اعتقاله وحكم عليه كمهرب بينما كان مجرد مرشح للهجرة”.

ويحكي صهره محمد سخونة، أن موسى  “ظل في موريتانيا بجوار أخته، حتى أنه عمل لبعض الوقت لتوفير المال، ومن ثم حاول الهجرة مع بعض من إخوة سخونة وأبناء عمومته الذين حصلوا على تأشيرة للمغرب، ولكون موسى مهاجر غيني، كان من السهل عليه  الحصول  على إذن للسفر معهم بالطائرة دون تأشيرة”.

ويضيف المتحدث أن “الوضع ظل هكذا حتى تلقت عائلة كامارا خبر اعتقالهم جميعا من قبل الشرطة. لقد كان هناك 8 موريتانيين وغيني واحد هو موسى كامارا وبعض الجنسيات الأخرى (..) وفجأة تم إبلاغنا بأن الموريتانيين احتجزوا في السجن”، يقول محمد “اتصلنا بالسفارة الموريتانية في المغرب التي ذهبت فورا لتحرير إخوتي وإعادتهم مباشرة إلى موريتانيا”. 

“لكن موسى كامارا بقي في السجن حتى حكم عليه بتهم لم يرتكبها”، يؤكد صهره، الذي طار إلى المغرب بعدما حصل على تأشيرة من السفارة المغربية، للوقوف على وضع موسى، “أعلم أنه بريء ويمكنني الشهادة بذلك في أي مكان. ومن المؤسف أن السفارة الغينية لا تعنى برعاية مواطنيها”. 

لكن كان على محمد أن يتنقل بين الرباط والدار البيضاء، من أجل إيجاد طريقة للوصول إلى كامارا، غير أن الأمر كان مستحيلا، فهو لا يحمل نفس الإسم العائلي، ولديه جنسية مختلفة. وحاول أن يخبر السفارة الغينية بالمغرب لكنها لم تكترث بوضع موسى. 

مريم كامارا، شقيقة موسى كامارا، تؤكد، بعد أن أغلقت الأبواب في وجهها، أنها “قامت باتخاذ جميع الإجراءات للقاء وزير الخارجية الغيني دون جدوى”. 

وتوضح أنها، آنذاك، “ذهبت عدة مرات إلى وزارة الخارجية في غينيا كوناكري، وكلما قابلت مسؤولا يخبرني بضرورة تقديم طلب للقاء الوزير، وبعد ذلك سيجيب. قدمت طلبين دون جدوى. غادرت موريتانيا للقيام بالإجراءات لمدة عام دون الحصول على رد إيجابي في كوناكري. كل مرة أسافر لأرى الأمر، حتى قيل لي أن أترك رقم هاتفي وسيتم الاتصال بي، ولكن حتى الآن لا شيء” تؤكد الأخت لموقع “أفريكا غينيا”.

 وفي أكتوبر الماضي سافرت عائلة كامارا مرة أخرى إلى المغرب، لكن هذه المرة لاستكمال إجراءات الدفن، والوداع الأخير لشاب حلم بالهجرة فانتهى به المطاف في إغفاءة الأبدية على أرض المغرب.

مطالب بفتح تحقيق في وفاة غامضة 

تقول “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان”، فرع الناظور، في بيان توصلت “هوامش” بنسخة منه، إن “عائلة الفقيد حضرت للناظور من أجل الاطلاع على حيثيات وفاة ابنها وإتمام إجراءات الدفن”.

وأكدت العائلة وفق بيان المنظمة الحقوقية غير الحكومية، أن “الفقيد كان في حالة صحية عادية عندما تم اعتقاله سنة 2019، ولم يشك من أوجاع على مستوى البطن إلا في السنتين الأخيرتين، حيث أن إدارة السجن المحلي بسلوان لم تكلف نفسها، طيلة هذه المدة، عناء نقله إلى المستشفى من أجل إخضاعه للفحوصات والعناية الصحية اللازمتين”.

واستنكر بيان الجمعية، ما وصفه بـ”استمرار منع فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من ولوج سجن سلوان للتعرف على أحوال السجناء ومتابعة الخروقات المرتكبة ضدهم”.

وذكر البيان “مطالبته المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتحمل مسؤولياته في الكشف عن الأسباب الحقيقة لهذه الوفاة، وزيارة سجن سلوان للاطلاع على وضعية السجناء، والعمل على احترام جميع حقوقهم وخاصة الحق في الرعاية الصحية”.

وأكد البيان على مطالبته “السلطات القضائية والإدارة السجنية بتسليم العائلة نسخة من تقرير التشريح الطبي ومن ملفه الصحي بالسجن، وتسهيل مسطرة تسلم الجثة من قبل الأسرة من أجل دفنها بالناظور”.

وحسب المعطيات التي استقتها “هوامش”، فقد “اعتقل موسى كامارا، في يناير 2019، في قارب للهجرة، وحكم عليه بعشر سنوات سجنًا نافذًا، بتهم أنه كان سائق القارب، الذي توفي على متنه مهاجرون في عرض البحر”.

الوفيات داخل السجون المغربية: بين المرض والإنتحار 

تأتي وفاة المهاجر كامارا، في ظل نقاش حول واقع السجون بالمغرب، والذي تنتقده أصوات حقوقية مستقلة وأخرى رسمية، ففي تقريره السنوي، كشف “المجلس الوطني لحقوق الإنسان”، شهر ماي الماضي، أن “عدد الوفيات بالسجون المغربية، خلال سنة 2022، بلغ 186 وفاة”، مؤكدًا أن أسباب هاته الوفيات “تتوزّع بين الأمراض والانتحار”.

وأوصى المجلس في ذات التقرير، “بضرورة فتح النيابة العامة لتحقيقات بشأن كافة حالات الوفيات التي تقع داخل أماكن الحرمان من الحرية ونشر نتائجها، وإشعار ذوي حقوق المتوفى أو دفاعه بنتائج الفحص أو التشريح الطبي”.

وفي شهر غشت الماضي، أصدر “المرصد المغربي للسجون”، بيانًا أكد فيه أن “واقع السجون مؤلم، وتحدّ مجتمعي فوق كل المزايدات”.

وأبرز المرصد وهو منظمة غير حكومية، أن “السجن مرفق عمومي، والنزلاء هم مواطنات ومواطنون، وأطر المؤسسات هم موظفون عموميون، وكل خصاص بشري أو إنساني أو معنوي أو مادي قد يواجهه، إلا وكانت له نتائج وخيمة، يتحملها ويسأل عنها كل المتدخلين من أطراف السلطات العمومية ومن بينها السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية، فليس لأي منهم مفر ولا مخرج  دون مساءلة”.

ونبه “مرصد السجون”، آنذاك، من أن “الاكتظاظ ولد مع الاعتقال الاحتياطي فأرهق السجون، والعائلات، والقضاء، والمجتمع والميزانيات، فأصبح ظاهرة تميز واقع السجون،  أثارت نقاشا قويا بالبرلمان، و بالمؤسسات الوطنية الحقوقية، وبالمندوبية العامة للسجون، وبالهيئات الحقوقية، ولدى المؤسسات الدولية ولدى المرصد المغربي للسجون بالأولوية، لأنها الظاهرة التي ترمز لضعف الحكامة القضائية ولأزمة التعاطي مع الحرية”.

من جهتها، تؤكد الأرقام الرسمية الصادرة عن “المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج”، أن عدد السجناء بالمؤسسات السجنية قد بلغ، بتاريخ 7 غشت 2023، “ما مجموعه 100 ألف وأربعة سجناء، وهو رقم قياسي، علما أن الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية حاليا لا تتجاوز 64 ألف و600 سرير”.

وكشفت المندوبية أن عدد السجناء بالسجن المحلي عين السبع بالدار البيضاء يصل “ما مجموعه 10 آلاف و877 سجينا، علما أن الطاقة الاستيعابية لهذا السجن لا تتعدى 3 آلاف و800 سرير”.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram