الرئيسية

شتاء تحناوت .. منكوبو الزلزال وهاجس البقاء بلا مأوى تحت رحمة السماء

بعد مرور 45 يوما على زلزال الحوز، هطلت الأمطار للمرة الأولى على دواوير المنطقة، بعد تأخرها عن موعدها المعتاد، فجأة تحولت المخيمات التي أقامها المنكوبون وسط الساحات وعند سفوح الجبال إلى ما يشبه البرك، يقول عبد الحي: "المعاناة الحقيقية ستبدأ الآن".

تحناوت – أزرو / هوامش| خاص:

الوادي أمامكم والجبل وراءكم والشتاء يهددكم

وسط قطعة أرضية بجانب مقطع من وادي غيغاية، كان يستغلها شباب وأطفال دوار أزرو للعب كرة القدم، نصب المنكوبون مخيما تطل عليه من الأعلى ركام وأطلال المنازل التي تهدمت بفعل الهزة الأرضية التي ضربت مساء الثامن من شهر شتنبر الماضي.

يقع دوار أزرو على بعد نحو كيلومتر واحد عن مركز عمالة تحناوت، وتعني كلمة أزرو في اللغة الأمازيغية “الصخرة أو “الحجر”، ولعل هذه التسمية جاءت من كون الدوار قائما على جبل. وتسببت شدة الزلزال في تساقط أسقف وجدران المنازل كما تهاوت صخور الجبل فوق أخرى، مخلفة قتلى ومصابين في صفوف أهل الدوار، إلى جانب تصدع اخترق الجبل وقسم الدوار إلى شطرين.

عبد الحي بويموشة، طالب جامعي وأحد أبناء دوار أزرو المنكوبين، يلخص الوضع في حديث لـ “هوامش” قائلا ”في ثوان معدودة تنقلب حياتك، نحن كما يقال بين المطرقة والسندان، الوادي أمامنا والجبل ورائنا”، ويضيف “سنعيش المعاناة بكل ما تحمل الكلمة من معنى لأن قسوة الشتاء شديدة في هذه المنطقة، كون الدوار مقابلا للجبال التي تعرف تساقطات ثلجية كثيفة، ونتخوف من السيول التي يحملها الوادي”.

ومن جهته يوضح، إبراهيم بلعباس، فاعل جمعوي وأحد منكوبي دوار أزرو “الحمد لله أن التساقطات المطرية كانت قليلة والجو دافئ، ولكن مع مرور الوقت سيصبح البرد قارسا هنا، المنطقة تعرف في هذا الفصل تشكل الجليد، كيف سيمكن حينها العيش في خيمة؟”.

ويضيف محدثنا، “الخطر الأكبر هو التهديد الذي يشكله لنا الجبل المطل على المخيم، حيث يمكن أن ينهار في أية لحظة بفعل التساقطات المطرية القادمة، حيث أن الهزة الأرضية تسببت في تصدع الجبل، مما يجعل البناء عليه خطرا حقيقيا”.

الشتاء قادم .. أزمة السكن تعمق معاناة المنكوبين

بالقرب من مدخل الساحة حيث حاول الأهالي تحصين أنفسهم من المطر بأغطية بلاستيكية و”براكات” من القصب، جلست النسوة يحضرن غذاء جماعيا وإحسانيا فيما يطلق عليه محليا اسم “المعروف”، فيما تحيط بالمكان حبال علقت عليها الأغطية المبللة بفعل الأمطار.

يقول إبراهيم، “بدأت التساقطات ليلة الخميس في حدود الساعة الثالثة، وقبلها حوالي الساعة الثانية والنصف، هبت رياح قوية عصفت بالخيام، ثم بعدها بدأ هطول المطر، لم نستطع النوم ليلتها، جل الخيام تضررت بسبب تسرب المياه والوحل”.

ويضيف عبد الحي، ”الخيام و ‘البراكات’، مجرد حل مؤقت ولكنها لن تقينا من البرد والأمطار والطقس العاصف، ففي فصل الشتاء قبل الزلزال كان أهل المنطقة يعانون من شدة البرد داخل المنازل فما بالك بالوضع داخل الخيام”. 

ويسترسل محدثنا قائلا “في وقت الأزمات يجب أن يكون الناس للناس، وعلى العكس من ذلك وجدنا مشاكل بعد ارتفاع الطلب على السكن، حيث توصلنا بالدعم المالي ولكن بعد الشروع في البحث عن منزل للسكن وجد سومة الكراء ارتفعت لتصل حدود 2500 درهم أو أكثر، الأمر صراحة محزن”.

يوضح، الفاعل الجمعوي، إبراهيم بلعباس، “ظهرت أزمة في السكن، وذلك بعد أن شغلت معظم المنازل في تحناوت إثر نزوح العائلات المنكوبة من المناطق الأخرى القريبة، مثل إجوكاك و تلات نيعقوب، والذين استفادوا في المرحلة الأولى من عملية صرف الدعم المالي”.

ويضيف محدثنا متسائلا “أين سأقوم بالبناء عند الحصول على تعويض إعادة الإعمار، هل سأشتري بمبلغ التعويض بقعة أرضية أم أشيد بها بيتا؟ إنه مشكل كبير”.

وحسب عبد الحي بويموشة، يجب أن يأتي المسؤولون للإطلاع على حالة الجبل والتصدعات والحالة الحقيقية للدوار، لا نتحدث فقط عن المنازل فقد تم بالفعل إحصاؤها وهو عمل جيد، ولكن الواجب أيضا معاينة الأضرار التي شهدها الدوار ككل، من طرقات وبيئة محيطة من أجل دراسة الوضع وتقرير إن كان يمكن إعادة إعمار الدوار هنا أم لا. ويضيف “إن لم يحدث ذلك فإن الحل ما يزال بعيدا”.

الحوز .. ترقب من قساوة الشتاء

“تحت رحمة السماء”، بهذه العبارة يجمل عبد الحي، الطالب الجامعي المجاز في شعبة القانون،  الوضع الذي يعيشه منكوبو الزلزال بعد مرور أزيد من شهر ونصف عن الليلة التي ارتجت فيها جبال الأطلس في الحوز.

يقول إبراهيم، “توصلنا بالمساعدات من المحسنين، مثل الأغطية والألبسة والمأكل والمشرب، ولكن ليس هذا هو المشكل، السكن هو المشكل، نحن غير مرتاحين بجانب الوادي، ولا يمكننا العودة إلى منازلنا لأن السيول تهددنا، ولا مفر لنا”، وأضاف “في حالة أردت الفرار تحتاج التوجه إلى خلاء بدون ماء أو كهرباء كيف يمكن العيش هنا؟ لن يرغب أحد في الإبتعاد عن أساسيات العيش، سنعود للعصر الحجري على هذا النحو”.

شكل هطول أول التساقطات إعلانا رسميا من السماء عن نهاية العد التنازلي للدخول الفعلي لفصل الشتاء، حيث تعرف مرتفعات الأطلس تساقطات ثلجية تسبب في أغلب الأحيان في انقطاع الطرقات وعزلة السكان، بينما تعيش المناطق على السفوح انخفاضا شديدا في درجات الحرارة وعواصف رعدية، وهو أشد ما يرهب المنكوبين الذين يحتمون بالخيام.

ويقول إبراهيم بلعباس “معاناتنا ظاهرة للعيان، نحن صابرون لأن هذا قدر الله ولكن هناك متطلبات بسيطة يمكننا الاستفادة منها”.

نفس الأمر يؤكده عبد الحي الذي قال في تصريحه لمنصة “هوامش” إنه “من المتوقع أن يصارع المنكوبون هذه السنة قساوة الشتاء”، مؤكدا أنه رغم مرور ثلاثة أيام على أولى الزخات المطرية لم يأت أي مسؤول للإطلاع على حالهم والإنصات إلى احتياجاتهم.

وفي سياق متصل انطلقت احتجاجات في مدينة أمزميز التي تبعد عن تحناوت بمسافة 45 كيلومترا، بعد ما وصفته تنسيقية ضحايا الزلزال بأمزميز في بيان لها، باستمرار “تجاهل المسؤولين الإقليميين والجهويين وإهمال أحوال المنكوبين، واستمرار الضبابية في تنزيل ما جاء في بلاغات الديوان الملكي، وإضافة إلى تعقيد المساطر المعلن عنها لدعم الضحايا”.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram