الرئيسية

مولاي إبراهيم  .. عندما يتحول حلم منكوبي الزلزال بالتعويض إلى سراب

آثار الدمار لم تبرح المكان، الركام يملأ معظم الشوارع والأزقة، بنايات مصدعة ومهجورة، وأخرى أضحت مجرد أطلال، جل المقاهي والفنادق في هذه البلدة السياحية مغلقة، فقد توقفت عجلة النشاط الاقتصادي الرئيسي في المنطقة، منذ الساعة الحادية عشرة وبضع دقائق ليلة الثامن من شهر شتنبر الماضي. في ساحة خلف سور مقبرة البلدة بجانب سقاية مياه، أقام أهل البلدة مخيما يأويهم.

سامي صبير- مولاي ابراهيم/ مراكش

على غير عادتها تبدو بلدة مولاي ابراهيم الواقعة عند سفوح جبال الأطلس، جنوب شرق مراكش، شبه خالية من السكان، فالهزة الأرضية التي ضربت المنطقة، قبل شهر ونيف، في قرية إغيل المحاذية لإقليم تارودانت، امتدت أضرارها على مساحة شاسعة تجاوزت حدود الحوز.

مولاي إبراهيم .. من “النشاط” إلى شبه قرية أشباح

صمت غريب يخيم على الأجواء، وما أن تتوغل قليلا في أزقة المدينة حتى تلاحظ وجود بيوت معلمة بحرف (X) بصباغة حمراء، إشارة لمرور لجنة الإحصاء وقرار إفراغ المنزل من سكانه، باعتباره بناية آيلة للسقوط في أية لحظة.

آثار الدمار لم تبرح المكان، الركام يملأ معظم الشوارع والأزقة، بنايات مصدعة ومهجورة، وأخرى أضحت مجرد أطلال، جل المقاهي والفنادق في هذه البلدة السياحية مغلقة، فقد توقفت عجلة النشاط الاقتصادي الرئيسي في المنطقة، منذ الساعة الحادية عشرة وبضع دقائق ليلة الثامن من شهر شتنبر الماضي. في ساحة خلف سور مقبرة البلدة بجانب سقاية ماء، أقام أهل البلدة مخيما يأويهم.

يقول الحسين، وهو شيخ في عقده السابع و أحد منكوبي الزلزال، “البلدة تعيش حاليا ركودا اقتصاديا، لأنها تنتعش أساسا بالاعتماد على الحركة السياحية، كل شيء توقف. سواء سيارات الأجرة أو التجارة أو الفنادق والمنازل المعدة للكراء”.

في العادة تشهد بلدة مولاي إبراهيم حركة سياحية مهمة توفر لأهل المنطقة مدخولا يسمح لهم بمواصلة العيش، فالبنسبة للسياح الأجانب هي ملاذ طبيعي من حرارة الجو في المدينة الحمراء، فيما ترتبط عند البعض الآخر، من سياح الداخل، ببركة الأولياء والصالحين.

ويضيف الحسين، “الأطفال يتابعون دراستهم في الخيام وبعضهم تم نقلهم إلى مدينة مراكش، أما الدعم الخاص بالمنكوبين فهناك من توصل برسالة نصية عبر الهاتف تعلمه بموعد تسلم المبلغ المالي، وآخرون كما في حالتي لم يتوصلوا بشيء، سننتظر إلى غاية السادس عشر من الشهر من أجل التقدم بشكاية في حالة لم نتوصل نهائيا بالرسالة”.

مخاوف من تحول حلم المنكوبين إلى سراب 

أعلنت اللجنة البين وزارية المكلفة ببرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، في وقت سابق، الشروع ابتداء من السادس من شهر أكتوبر الجاري، في صرف مساعدات مالية قيمتها 2500 درهم للأسر شهريا لمدة سنة، مع إعادة الإعمار.

وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه محمد، وهو أب لثلاثة أطفال، توصله برسالة نصية على هاتفه من أجل تمكنه من سحب المبلغ المالي المخصص لإعانة أسرته، تفاجأت العائلة بعد إخبارها أنه لن يستفيد من الدعم لأن الإحصاء لم يعتمد الحالة المدنية لجرد عدد الأسر، بل تم اعتماد المنازل المتضررة، وفي هذه الحالة تعود ملكية المنزل الذي يقطن فيه لوالده.

تقول عائشة شقيقة محمد، “شقيقي وأبناؤه الثلاثة يسكنون في نصف المنزل بينما باقي العائلة تسكن في النصف الآخر، لكنه لن يستفيد من الدعم”.

أما عزيزة  بهلول، وهي إمرأة أربعينية تقطن بنفس الحي الذي تقطنه عائلة محمد، فقد وجدت هي الأخرى نفسها حائرة في أمر مصير منزلها، بعد مرور لجنة الإحصاء واستثنائه من عملية الهدم التي ستباشرها السلطات في الحي.

تقول عزيزة في تصريح لـ “هوامش”، بنبرة استغراب، “كيف يمكن إصلاح المنزل عوض هدمه بينما تقرر هدم المنازل المحيطة به، علما أننا نشترك الجدران ولا يفصل بين المنازل شيء”، وتضيف “بمجرد الشروع في هدم المنازل الملاصقة لمنزلي سينهار البيت، أيضا ستنهار السقيفة التي تتوسط الزقاق المؤدي إليه”.

ذكرى الزلزال .. ليلة يصعب نسيانها

خلفت ليلة الرعب التي عاشتها ساكنة بلدة مولاي ابراهيم، جراء الزلزال، صورا سوداوية في الذاكرة يصعب التخلص منها، يقول الشيخ السبعيني، الحسين، ”لا يمكن لأي إنسان نسيان تلك الليلة، لقد شاهدنا خلالها المنازل تتمايل مثل الأشجار التي تهزها رياح قوية، وتابعنا عمليات استخراج المصابين والجثث من تحت الأنقاض”.

ويضيف وهو يغالب دموعه، “تلك الليلة كنت شاهدا على كل ما حدث، استغرق الأمر نحو ستة عشر ثانية فقط، رأيت الغرفة حيث أنام تتمايل في كل الإتجاهات. عدنا إلى الحياة بعد أن كتب لنا عمر جديد، تجمع الناجون في الساحات ولم يزرنا أي مسؤول حينها، وانقطعت الطرقات بسبب الانهيارات، في تلك اللحظة كان يفترض أن تحضر الآليات وفرق الإنقاذ، لم نجد وسيلة لإسعاف الجرحى والمعطوبين، ظل الأمر على حاله إلى اليوم الموالي، حينها بدأت سيارات الإسعاف تصل إلى البلدة”.

وأضاف محدثنا “تمكن المتطوعون من أبناء البلدة من إخراج بعض الأشخاص من تحت الركام أحياء، إلا أنهم فارقوا الحياة بعدما لم نتمكن من إسعافهم”.

إلى جانب ترقب الأسر المنكوبة توصلها بالدعم الحكومي قبل السادس عشر من الشهر الجاري، وإيجاد حل للأسر التي لن تتوصل به، يخيم على الأحاديث رعب مما سيحمله لهم فصل الشتاء إن ظلوا في هذه المخيمات.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram