الرئيسية

مولاي إبراهيم وأمزميز.. حين لا تترك الكارثة وقتا للحزن

في قرية مولاي إبراهيم، بينما يصلي الكبار على موتاهم ويتبادلون التعازي، يؤدي الأطفال دورهم الأساسي في إعادة ملء القنينات بالمياه ليشرب آخرون.  يوم الأحد، اليوم الموالي ليوم الزلزال، دفن من نجا من سكان القرية امرأتين مع أطفالهما، يبدو من الحركة الجنائزية الحثيثة أن هذه القرية لم تجد بعد وقتا للحزن أو إظهار الألم.

مولاي إبراهيم- أمزميز: “هوامش”/ خاص: 

في قرية مولاي إبراهيم، بينما يصلي الكبار على موتاهم ويتبادلون التعازي، يؤدي الأطفال دورهم الأساسي في إعادة ملء القنينات بالمياه ليشرب آخرون.  يوم الأحد، اليوم الموالي ليوم الزلزال، دفن من نجا من سكان القرية امرأتين مع أطفالهما، يبدو من الحركة الجنائزية الحثيثة أن هذه القرية لم تجد بعد وقتا للحزن أو إظهار الألم.

لا وقت للحزن.. أياد تنبش بحثا عن أحياء

الشمس قرص حارق في الأفق، في منتصف يوم الإثنين، لا تزال هناك 28 ضحية لأقوى زلزال يسجل في المغرب قيد الدفن، وما زال  ثلاثة أشخاص تحت الأنقاض يسابق الناس الزمن لإنقاذهم. 

“ظللنا نخرج الناس بأيدينا لمدة يومين، أحياء وأمواتا”، يوضح حمزة لـ”هوامش”، مضيفا ” بالأمس، انتشلنا أمًا مع طفلها ميتين”.

عندما سمع الشاب البالغ من العمر 26 عامًا، عن الزلزال الذي ضرب البلاد، كان حينها في مدينة الدار البيضاء، حيث يعيش، فعاد فورا إلى مسقط رأسه للمساعدة.

“عندما وصلت وجدت شيئًا لم أكن أتخيله، إنه الجحيم بعينه، الأمر كان يبدو كما لو أننا لن نستطيع إنقاذ أحد أبدًا، كان هناك ثلاثة أشخاص عالقين، لم يعد بإمكاننا إنقاذهم لأننا بحاجة إلى آليات ثقيلة ليست في متناولنا، كنا بحاجة إلى مساعدة عاجلة”.

مولاي إبراهيم، سلسلة من المداشر والقرى يبلغ عدد سكانها 8 ألاف نسمة، وتقع على بعد ساعة ونصف من مراكش، تحيط بها الصحراء والجبال.

 مئات الأشخاص في مولاي براهيم أصبحوا بلا مأوى؛ لقد انهارت القرية على رؤوسهم، وفهي كانت عبارة عن مبانٍ من الطوب والطين، شيدت بأيدي سكانها. وحين اهتزت الأرض، انهارت على من يقطنها.  صرخات النساء هنا تكسر، مع كل عملية دفن جديدة، صمت المكان، بينما يعبر الرجال بهدوء عن غضبهم من تخلي الدولة عنهم.

“القليل مما تم توزيعه تطوع بثمنه مواطنون مغاربة لإنقاذ إخوانهم، بينما تستمر الحكومة في عدم القيام بأي شيء، أملنا الوحيد هو المساعدة الدولية”، يوضح عبد الحميد، الذي ظل يزيح الأنقاض ويحمل الضحايا لمدة يومين.

لم يصل شيء.. من سيأتي؟

“لم يصل شيء إلى هنا، لم نتمكن من شراء الطعام لأن المتاجر مغلقة منذ يومين”، توضح فهدة، الابنة الكبرى لعائلة مكونة من عشرين فردًا، تسعة منهم قاصرون، ويعيشون معًا على بعد حوالي عشرين دقيقة من مولاي إبراهيم.

يصر زوج فهدة على إظهار الشرخ الصخري الذي يشق الجبل الذي يعيشون فيه، فيما لا يزال الحطام  باديا على بعض الأفرشة التي هجروا النوم عليها، خوفا من الهزات الارتدادية، أما جدران المطبخ وغرفة النوم فقد تشققت كما انهار سقف الإسطبل.

خالد المصلوحي، الذي كان يعمل في فندق غير بعيد عن المكان صرح أنه لا يعتزم  فتحه مرة أخرى للزوار، “لم يبق لنا شيء هنا، وعلينا أن نغادر إلى مكان آخر لكسب لقمة العيش”، “هنا دمار شامل، من سيأتي إلى هنا؟”، هكذا يلخص الوضع.

 أما خالد فهو يعيش تحت خيمة مع زوجته وأطفاله الثلاثة، أحدهم يعاني من إعاقة تستلزم استخدام كرسي متحرك، ولهذا السبب لم يتمكنوا من الفرار.  فارق النوم أعين الأطفال الثلاثة منذ أربعة أيام خوفًا من هزات ارتدادية جديدة. فهم لا يغادرون الساحة، التي كانت حتى مساء الجمعة الماضي، ملعبا لكرة القدم، في الوقت الذي تستمر فيه عملية بناء الخيام الجديدة بالعصي والأقمشة.

أمزميز.. فوارق في وصول المساعدة 

على بعد ساعة واحدة فقط من المكان، وعلى نفس المسافة من مراكش، تقع أمزميز، وهي بلدة يبلغ عدد سكانها 60 ألف نسمة وتقع في مركز الزلزال. 

رصدت “هوامش” انتشار المساعدات الرسمية بشكل واضح في عين المكان. ويتشكل المشهد من دراجات رباعية، وشاحنات عسكرية، إضافة إلى شاحنات مدنية محملة بالأفرشة والبطانيات والمواد الغذائية والحفاظات والمياه. المنقذون مشغولون بالبحث تحت الأنقاض، فيما يستعد الذين فقدوا منازلهم لقضاء الليلة الثالثة في العراء، بجانبهم تظهر  بعض المباني الحديثة سليمة ولم تتعرض لأي أضرار تذكر.

 يقول غالبية السكان، إن ما يضرهم أكثر من الزلزال هي ظهروف العزلة والتهميش وعدم تحمل الحكومة مسؤوليتها”، والمقارنة بين أسباب و نتائج زلزال مولاي إبراهيم وأمزميز دليل على ذلك.

“عندما يبدو أننا سنتمكن أخيرًا من النوم مرة أخرى، يقتلنا الخوف من أن يهتز كل شيء مرة أخرى”، تقول سكينة غندور من ساكنة المنطقة.

“تراودنا كوابيس تهتز فيها الأرض وينهار كل شيء من جديد على رؤوسنا”، تضيف السيدة وهي تجلس بجوار أطفالها الثلاثة، الذين يكتفون بالإيماء وهم يستمعون إليها، قبل أن تردف قائلةً “الأطفال يكررون أنهم سيموتون، ولكن هنا، في الهواء الطلق، على الأقل نشعر بالأمان.” 

وفي شبه خيمة مجاورة، تظل امرأة ذات وجه مصاب بكدمات؛ صامتةً معظم الوقت، فيخبرنا من هم برفقتها أنها فقدت ابنتها البالغة من العمر عامين، فتخرج من صمتها عند سماع ذلك، قائلةً “لقد وجدوها بفضل الكلاب”.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram