الرئيسية

طلبة المغرب بأوكرانيا: الهروب من  الحرب الروسية إلى الحرب على  المقاعد في كليّات المغرب 

بعد جدل الرفض الذي أبداه طلبة الطب بالمغرب لعملية التحاق أقرانهم من القادمين من أوكرانيا بكليات الطب بالمغرب، يرتقب أن يمر ملف "الطلبة العائدين" صوب مرحلة التداول الرسمي على طاولة الحوار، وذلك بملاقاة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وعمداء كليات الطب وباللجنة الوطنية لطلاب الطب والصيدلة وطب الأسنان. فلماذا يختار الطلبة المغاربة أوكرانيا للدراسة في الأصل؟ وما هي قصصهم بين الحرب والدراسة؟ لماذا يرفض طلبة الطب إدماجهم الكليات المغربية ؟
Kyiv, Ukraine

 

حسناء عتيب

كانت أوكرانيا لوقت طويل الوجهة المفضلة للطلاب الأجانب. يمكن رصد ذلك منذ العهد السوفيتي حين كان هناك استثمار كبير في التعليم العالي ومحاولات متعمدة من أجل استقطاب الطلاب من الدول الأفريقية حديثة الاستقلال. ونظرا لإتاحة الحصول على درجات علمية كبيرة بعد الدراسة باللغة الإنجليزية، وكون الرسوم الدراسية معقولة مقارنة بالجامعات الخاصة والأهلية، والسماح بالعمل أثناء الدراسة، كان الإتحاد السوفيتي وجهة إستقطاب علمية بامتياز. كما تتيح جامعات أوروبا الشرقية فرصة الدراسة لمدة فصلٍ دراسي أو عام دراسي كامل، من دون أن تفوت الطالب أي دروس في جامعته المحلية، غير أن شهادات كثير من تلك الجامعات لا يتم الاعتراف بها في المغرب ومعظم دول العالم.

ومن مميزات الدراسة هناك أيضاً، سهولة الحصول على تأشيرة (فيزا) الدراسة بدون تكاليف ضخمة ودون اشتراط مستوى عالي في اختبارات اللغة مع معدلات قبول عالية بالجامعات وحصول أوكرانيا على المركز الـ 88 حسب مستوى التعليم طبقاً للأمم المتحدة. وتدر دراسة الأجانب بأوكرانيا حوالي نصف مليار دولار سنوياً.

وجع الحرب ووجع الدراسة

حسب  بعض  الأخبار المتداولة و المعلومات الخاصة  التي حصلت عليها “منصة هوامش” من مصادر في مكتب شؤون الطلبة المغاربة في أوكرانيا، فإن جميع الجامعات الأوكرانية وبدون استثناء أعلنت عن عطلة استثنائية بسبب الحرب،  ويعتبر جميع الطلبة  وفقا لذلك في وضع عطلة، معظمهم لا يعرف متى تنتهي. 

 وفي حالة رغب الطلاب في مغادرة الجامعات الأوكرانية، تقول المصادر نفسها، عليهم التضحية بسنوات دراستهم، بالرغم من  اقتراب بعضهم  من الحصول على شهادته نهاية الدراسة، ولا يفصلهم على ذلك سوى بضعة أشهر.

المصادر نفسها قالت إن هذا الإعلان سيعقّد من وضعية الطلبة المغاربة وغيرهم من العرب في الجامعات الأوكرانية، إذ أنهم لن يستطيعوا إتمام دراستهم في أي مكان إلا إذا سلمتهم جامعتهم الأصلية المستندات الأساسية.

أما بخصوص الجامعات البديلة، فأمام الطلبة حلّان، الأول الرجوع لإتمام الدراسة في بلدهم، أو اختيار دول أوروبا الغربية، وهو خيار صعب كون الدراسة في هذه الدول مكلفة جداً. الخيار الأولى يواجه رفضا من زملائهم المغاربة. 

وجهة تعليمية مفضلة 

تعتبر أوكرانيا وجهة دراسية مفضلة بالنسبة للطلاب العرب لدراسة الطب والصيدلة والهندسة المعمارية وغيرها.

 ويبلغ عدد الطلاب الأجانب في أوكرانيا حوالي 75 ألفا من مختلف الجنسيات، بينهم 8233 طالبا مغربيا حسب إحصائيات عام 2021. والتي نشرتها مجلة collegenews، وبذلك يحتلون المركز الثاني في ترتيب الجنسيات الأجنبية الوافدة على البلاد للدراسة بعد الهنود.

وتعد أوكرانيا من أهم الوجهات التعليمية للطلاب المغاربة  بشكل عام لعدة أسباب، أهمها رخص تكاليف الدراسة حيث تبلغ مصروفات السنة الواحدة في الجامعات الأوكرانية  بين 1100 دولار و2400 دولار  ( بين 11  ألف درهم و23 ألف درهم) وهو رقم منخفض لا يقارن بتكلفة الدراسة في جامعات أوروبا. وبالإضافة لتكلفة الدراسة المنخفضة أيضاً  تعد تكاليف المعيشة للطالب موضوع جذب، إذ تتراوح بين 500 و600 دولار للفرد في الشهر.

ويلخص طلاب تحدثوا إلى منصة هوامش الأسباب في: التكاليف الزهيدة، وسهولة إجراءات القبول مقارنة بالاشتراطات الصعبة لأقسام التخصصات المناظرة في بلدانهم.

وتقول شيماء لمراني (24 عامًا)، وهي طالبة مغربية بجامعة “زابروجيا” الطبية الحكومية في أوكرانيا، إنها التحقت بالجامعة، منذ ثلاثة أعوام، بعد رسوبها في امتحان التأهيل الجامعي بأكثر من جامعة مغربية، ومدفوعًة برغبة أسرتها في أن تصير طبيبًة.

شروط الدراسة في أوكرانيا

تشير “لمراني” إلى أن كل “الشروط السهلة” التي ذكرناها سابقا هي التي شجعتها على الدراسة في أوكرانيا، حيث يكفي المتقدم للالتحاق بكلية الطب أن يكون دارسًا للمواد العلمية الثلاث: الأحياء، والفيزياء، والكيمياء، فقط، بالمرحلة الثانوية، دون إلزام بدرجات محددة في هذه المواد، أو اشتراط اجتياز امتحان القبول كما هو الحال في الجامعات المغربية.

وتضيف في تصريحها لـ”منصة هوامش” أن خيار الدراسة في أوكرانيا كان “اضطراريًا”، مقابل ما تصفه بـ”لواقع الصعب” بجامعات المغرب. 

وتسدد “لمراني” نحو 5 آلاف دولار سنويًا، لأحد المكاتب التي ساعدتها على القبول في الجامعة الأوكرانية، والتي تتولى تمثيلها أمام الجامعة في الوفاء بالالتزامات المادية، ومتابعة عملية التحصيل الدراسي مع أساتذتها، بالإضافة إلى تجديد أوراق إقامتها القانونية.

يذكر أنه ليس كل العرب المقيمين في أوكرانيا هم من الطلبة، فهناك العرب المقيمين منذ سنوات طويلة والذين قدموا إلى أوكرانيا غالبا للدراسة، سواء في العهد السوفييتي أو حتى بعد تفككه، وهؤلاء استقروا هناك وكونوا عائلات، وحصلوا إما على الإقامة الدائمة أو الجنسية.

رفض من ذوي القربى 

 بعد أن “أعلنت وزارة التعليم العالي المغربية قبل أيام، أنها أحدثت منصة إلكترونية لتمكين الوزارة من جرد قائمة الطلبة المغاربة بأوكرانيا ورصد تخصصاتهم ومستوياتهم الجامعية”، وبعد أن أعلنت أنها “ستعمل على دراسة ملفات الطلبة العائدين لتسهيل استكمال دراستهم في جميع الجامعات المغربية بجميع التخصصات”، رفضت اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، إدماج الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا في الكليات المتخصصة بمختلف الجهات. وكشفت اللجنة أن الوضعية الحالية صعبة داخل الكليات العمومية والمستشفيات الجامعية، وما يعيشه الطالب من صعوبات في التكوين، تتطلب البحث عن حلول أخرى لا تؤثر سلبا على جودة التكوين. وعلل بيان اللجنة ذلك بأن التداريب الاستشفائية تشهد اكتظاظا منقطع النظير، وهي خطوط حمراء لا ينبغي المساس بها تحت أي ذريعة كانت، مبرزة أن الزيادة من أعداد الوافدين الجدد للكليات، يتطلب ضخ الميزانيات اللازمة، خاصة وأن ذلك يعني مزيدا من الاكتظاظ في المصالح الاستشفائية. 

“إن الوضعية التي يعيشها التكوين الطبي والصيدلي صعبة، خاصة في الشق التطبيقي والتداريب الاستشفائية، إلى جانب إشكالات صرف المنح والتعويضات عن المهام، و تأخر افتتاح المستشفيات الجامعية” توضح اللجنة الوطنية لطلبة الطب.ودعت اللجنة الطلبة إلى ارتداء شارات سوداء لمدة أسبوع ابتداء من يوم الثلاثاء 22 مارس، في جميع أراضي التداريب الاستشفائية العمومية، مهددة باتخاذ خطوات نضالية في حال عدم وفاء الوزارة بالتزاماتها.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram