الرئيسية

ورزازات: فنانون وحرفيون بمجال السياحة غيروا مِهَنَهم خلال الحجر وبعده

رغم قرار إعادة فتح المؤسسات الفندقية، منذ 20 يونيو الماضي، فإن الوضع لم يتغير بشكل كبير بجهة درعة تافيلالت، وذلك لعدم وجود سياح أجانب، ففي ورزازات مثلا فئة قليلة فقط قررت فتح أبوابها، وبحسب إحصائيات للمجلس الجهوي للسياحة، فإن 5 فنادق مسجلة فقط مفتوحة في ورزازات، من أصل 150 مؤسسة إقامة سياحية.

ياسين، فنان تشكيلي أصبح فلاحا

إذا كان هذا حال الجانب المهيكل من القطاع السياحي، فكيف سيكون واقع الالاف من المواطنين الذين يشتغلون في المجالات المرتبطة بالسياحة مثل التنشيط الفني والغنائي والصناعة التقليدية والإرشاد السياحي، كالمرشدين السياحيين والمنشطين والفرق الفنية والصناع التقليديين والفنانين التشكيليين والمؤسسات السياحية غير المصنفة كدور الضيافة والإيواء.

هوامش التقت ياسين بن عبد الوحد، وهو أحد الفنانين التشكيليين الشباب الذين داوموا على عرض منتوجاتهم ولوحاتهم للسياح بفضاء قصبة تاوريرت بمدينة ورزازات، وقال لنا خلال اللقاء إنه لسوء الحظ وبعد أن اشتغل على عدد هام من اللوحات الفنية استعدادا للموسم السياحي، وبمجرد أن بدأ في العرض بداية شهر مارس الماضي، حتى فرض الحجر الصحي، فتعرض لخسار مالية كبيرة بعد أن تراكمت منتوجاته وضاعت الأموال التي استثمرها في اقتناء الأصباغ والمواد الأولية التي اشتغل بها.

“الرسامون والحرفيين والصناع التقليديين والمنشطين هم الأكثر تضررا” يقول ياسين، فهم، حسبه، لم يستفيدوا من أي دعم. بعض المهنيين استفادوا على الأقل من بعض الدعم لتوفرهم على وثائق مهنية.

ويضيف ياسين، في تصريح لـ”هوامش”، “رغم رفع الحجر، لا زالت السياحة بشكل عام تعاني ضعف إقبال السياح، وإغلاق مجموعة الفضاءات التنشيطية مثل قصبة تاوريرت واستوديو ألأطلس، وصعوبة التنشيط والتنقل بفعل الاحترازات الصحية، رغم رفع الحجر، “لا توجد سياحة، أغلب الحرفيين والمهنيين بحثوا عن العمل في مجالات أخرى، للبحث عن لقمة العيش، أنا اتجهت إلى الفلاحة لعل وعسى تكفينا للحاجيات اليومية الضرورية”.

من مرشد سياحي إلى بائع سجائر

الأمر أكثر مأساوية بالنسبة لشاب أخر بإقليم تنغير، كان يعمل مرشدا سياحيا، لكنه بسبب الجائحة أمسى يتجول بين المقاهي يبيع السجائر بالتقسيط، في السياق ذاته، يقول خالد (اسم مستعار)، 32 سنة، شاب مجاز من مدينة ورزازات، “أنه كان يشتغل في إحدى المؤسسات السياحية قبيل الحجر الصحي، مدة خمسة أشهر تقريبا، لهذا لم يستفد من الدعم المخصص لقطاع السياحة من صندوق كورونا، لأن صاحب المقاولة لم يصرح به من قبل، وكان يعتبره عاملا في فترة التدريب”، ويضيف خالد الذي رفض الإفصاح عن هويته، “هناك أيضا مجالات مرتبطة بالسياحة لكنها مهمشة، مثل الصناعة التقليدية وأصحاب البازارات، كلها مجالات يرتبط مدخولها بالسياحة، وهي الأكثر تضررا، المشكل يتمتل في عدم استفادة حرفيين لهم تجربة هامة في الميدان وساهموا في التعريف بالمنطقة كثيرا، واستفادة أشخاص ليس لهم تجربة فقط لأنهم حصلوا على بطاقة مهنية”، يضيف المتحدث.

يعتبر القطاع السياحي أحد أهم المجالات التي يراهن عليها الإقتصاد المغربي بشكل كبير، إذ يشغل أكتر من  550 ألف منصب شغل مباشر، دون احتساب القطاعات المرتبطة بالقطاع والمجال غير المهيكل، السياحة التي تلقت ضربة موجعة من طرف فيروس كورونا، ولعل أبرز الخبراء يعتبرونه اخر قطاع سيتعافى من تبعات هذه الجائحة، بفعل تضرر القدرة الشرائية للسائح الأجنبي والمغربي على السواء وتباطؤ السماح بالرحلات السياحية بين الدول حتى بعد رفع قوانين الطوارئ الصحية.

خسائر مادية

حسب االزبير بوحوت، خبير في مجال السياحة بمنطقة الجنوب الشرقي، سيشهد القطاع تراجعا عاما يقدر بـ 10.5 مليون سائح، ففي السنة الماضية، استقطب المغرب 13 مليون سائح، أي أنه فقد حوالي 19.8 مليون من ليالي المبيت خلال الجائحة، وهذا يرشح القطاع لتسجيل خسائر تقدر بأكثر من  75 مليار درهم، من ضمنها 14.7 مليار درهم للنقل الجوي و55.6 مليار درهم  كمداخيل للعملة الصعبة.

وفي تصريحه للموقع، أكد بوحوت، أن مناطق مثل الجنوب الشرقي التي تضم مدن ورزازات، زاكورة، تنغير، الراشيدية، وميدلت، ذات الطبيعة الصحراوية والجبلية، ستكون الأكثر تضررا، لأن الجائحة بدأت في عز شهر مارس، خلال ذروة السياحة الجبلية والصحراوية والثقافية، ورفعت الإجراءات الاحترازية نسبيا خلال فترة السياحة الشاطئية.

ضبابية وغياب الوضوح، الذي لا يشجع المغاربة على السفر

وقال الزوبير بوحوت، أنه تم اعتماد حملة ترويجية وإعلامية من قبل المكتب الوطني المغربي للسياحة، وخصص في هذا الصدد لجهة درعة تافيلالت غلافا ماليا بنحو 1.2 مليون درهم، مضيفا أن المهنيين وأصحاب المؤسسات السياحية سيقدمون عروضا جذابة مع باقات تمنح تخفيضات تصل إلى 65 في المائة من الأسعار المطبقة. لكن، حسب المتحدث، لا يمكن الرهان كثيرا على السياحة الداخلية بسبب إجراءات ضبابية وغياب الوضوح، الذي لا يشجع المغاربة على السفر؛ متوقعا خسائر كارثية، ورغم رفع الحجر تزايدت مخاوف مهنيي قطاع السياحة في ظل تفاقم الخسائر المالية التي يتكبدها بشكل يومي بسبب تراجع نسب تشغيل الفنادق والمنتجعات السياحية، “فلا معنى لفتح المؤسسات الفندقية في غياب الزبناء، الرؤية ما تزال ضبابية، حيث لا تتوقف على إعادة فتح المطارات، وعودة حركة الطيران فحسب، بل على عودة الثقة للسياح، والرغبة في السفر، وسط أوضاع اقتصادية شديدة الصعوبة، بل حتى مع اكتشاف اللقاح، يحتاج الأمر إلى فترة، ولازالت عملية التلقيح غير معممة في جميع الدول، وتوفير اللقاحات لا يعني العودة إلى الحياة الطبيعية بشكل أوتوماتيكي”.

”نحن مثلا لا نعرف هل نحن محسوبون على السياحة أم الثقافة أم الصناعة التقليدية، كل جهة تتنصل من مسؤوليتها، نتمنى أن يلتفت إلى هذه الفئات التي تساهم بشكل كبير في الحفاظ على التراث المحلي التي تعتبر الركيزة التي تجذب السائح للمجيء”.
الفنان ياسين

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram