كلما حل موسم الأمطار يعاني تلاميذ وأطر مدرسة أيت الميس والثانوية، من تجمع مياه الأمطار على طول واجهتها، فيما يشبه بحيرة أو بالأحرى ضاية، تطول مدة تجمع المياه فيها لفترة كافية لكي تتحول إلى مستنقع، تنبعث منه رائحة كريهة، وتنتعش فيه الضفادع والبعوض.
تعتبر الجماعة الترابية لـݣيݣو بمثابة بوابة لإقليم بولمان من جهة إقليمي صفرو وإيفران، ويبلغ عدد سكانها حسب إحصاء 2014، حوالي 21 607 نسمة، 10 129 منها في مركز ݣيݣو لوحده.
المعاناة الناجمة عن “المستنقع” يتقاسمها مع التلاميذ والأطر والعابرين في المكان، سكان وأرباب المحلات التجارية المجاورة ل”النقطة السوداء”، التي اصطلح عليها أبناء البلدة، “تهكما” “مدرستي الحلوة”.
وكأن الأمر لا يكفي، انضاف إلى هذا المستنقع توجيه قناة لتصريف المياه المستعملة من المنازل المجاورة على امتداد حوالي 300 مترا مصبها في ملتقى طرق مدخل كيكو (البراشما).
ادريس بنشوي مدير مدرسة أيت الميس صرح لهوامش أن البِركة تشكل نقطة سوداء بالنسبة لبلدة كيكو عموما وليس فقط للمؤسسة التعليمية، خصوصا وأن موقعها في الطريق الرئيسية يجعل أي زائر يدخل إلى البلدة يصطدم بهذا الواقع المر لهذه الحفرة.
وأضاف بنشوي أنه في البداية كانت تتجمع فيها مياه الأمطار بما تحمله من خير وبركة، غير أن سكان المنازل المجاورة أصبحوا يطلقون مياه الصرف الصحي ليتجمع الماء ذو الرائحة الكريهة، ليتحول إلى وضع كارثي ومستنقع تتجمع فيه الضفادع والحشرات، وهو ما يشكل خطورة على صحة وسلامة الساكنة والجيران وتلاميذ المؤسسة التعليمية الذين يناهز عددهم 1200 تلميذ ما بين التعليم الابتدائي والتعليم الثانوي، ويشكل خطرا على صحة وسلامة الأطر التربوية والإدارية العاملة بالمؤسسة، 33 أستاذا وأستاذة وكذا عليه كمدير باعتبار أنه يسكن في السكن الإداري بالمؤسسة، في ظل وضع كارثي مع الضفادع، مشيرا إلى أنه في اللحظة التي كان يحدثنا فيها عبر الواتساب كانت أرضية باب المؤسسة كلها سوداء بكثرة الضفادع الصغيرة المتجمعة فيها.
وأضاف بنشوي أنه قام بمراسلة رئيس الجماعة القروية، وقائد قيادة ݣيݣو، ومندوب وزارة الصحة بإقليم بولمان وعامل إقليم بولمان دون أية استجابة ولا أي رد فعل والكل ينتظر انتهاء أشغال الواد الحار ب ݣيݣو وإصلاح الشارع. وختم بالقول نتمنى من المسؤولين أن يتدخلوا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
بوجمعة أحبيش، من الساكنة المجاورة، بدوره صرح لنا قائلا: “راه الحساسية قاست عباد الله.. وإلا كانت الدولة كتحارب كورونا راه غادي تخرج ليها من هنا الكوليرا” مضيفا أنه وعائلته لا يستطيعون فتح النوافذ ولا الصعود إلى سطح المنزل لاستنشاق هواء نقي، لأن كل ما يصطدمون به هو الرائحة الكريهة، وختم بالقول ” يجب على المسؤولين أن يتحركوا لحل هذا المشكل”.
محمد صاحب محل لبيع الأكلات السريعة أكد في تصريح لهوامش أنه بمعية عدد من المتضررين التجأوا إلى كل الجهات المسؤولة بدون نتيجة، مضيفا أنه بالرغم من ذلك فالساكنة تتحمل قسطا من المسؤولية، لأنهم عوض حل المشكلة يُهرِّبونها بعيدا عن منازلهم.
وأوضح محمد أن الجماعة الترابية وضعت قناة (قادوس) ووضعت نهايته قرب محله، مؤكدا أن النهاية لا تكون بهذا الشكل، بل بوضع حفرة أو أي حل آخر، وأضاف مستدركا “أو أن يزيلوا القناة ويضطر كل واحد لحل مشكلته بشكل فردي”، موضحا أن الموافقة على القناة كانت على أساس أن تخصص لنقل مياه الأمطار أو المياه المخصصة ل”التسياق”، يكون خفيفا نوعا ما في حين أصبح بعض السكان يطلقون فيها مياه المراحيض.
سعيد الكرواني صاحب المقهى المجاور أكد لهوامش أنه قام بمجموعة من المحاولات مع قائد قيادة ݣيݣو ومع رئيس المجلس الجماعي، بدون أية نتيجة، مضيفا أنه بادر بحفر حفرة لتجميع المياه كلفته ما يناهز 15000 درهم، بقي فقط أن يتم تسهيل دخول المياه فيها، غير أن الجماعة لم تكن متعاونة بالشكل الكافي، حيث ساهمت مرتين بتوفير آلياتها (تراكس)، وبعد ذلك تغاضت عن الأمر وتركت المياه تتراكم.
وأوضح سعيد أنه في ظل هذا الوضع اضطر أن يحفر ساقية على جانب الطريق للسماح للماء بالتسرب كحل ترقيعي، متأسفا أن الأمر جعل المياه تتجمع على جنبات المؤسسة التعليمية، لما لذلك من تأثير على نفسية وصحة التلاميذ في المؤسسة التعليمية.
وأضاف سعيد أنه لايزال مستعدا لأية مبادرة تساهم في حل المشكل، خصوصا عن طريق الإفراغ الدوري للحفرة التي لازالت هناك دون استغلالها، مستدركا أنه “مكاينش معامن”، وأن رئيس الجماعة غير مستعد لتوفير اللوجيستيك الذي تتوفر عليه الجماعة لتسهيل العملية، خصوصا وأن الأمر يدخل ضمن اختصاصاته في الحفاظ على الأمن العام والصحة العامة، لكنه لا يتجاوب مع المبادرة التي تخدم هذا الاتجاه.
رئيس المجلس الترابي لألميس كيكو رفض التصريح بشكل رسمي والرد على اتهامات التقصير الموجهة للجماعة، مكتفيا بالقول أن القناة التي تم حفرها كانت مخصصة لمياه الأمطار فقط لكن الساكنة استغلتها لتصريف مياه الصرف الصحي، وأن الحل الوحيد الممكن هو مشروع الصرف الصحي الذي أعطيت انطلاقة الشطر الأول منه، وأوقف المقاول الذي رست عليه الصفقة الأشغال، نظرا لعدم توصله بمستحقاته من قبل الشركاء المتمثلين في المجلس الإقليمي لبولمان ومجلس جهة فاس مكناس ووزارة الداخلية، مضيفا أنه توصل أخيرا بما يدين به منذ حوالي عشرين يوما ومن المفترض أن يستأنف الأشغال.
يوسف العياشي النائب الثاني لرئيس المجلس الجماعي، في تصريح لهوامش تأسف على كون هذه النقطة السوداء ليست الوحيدة بمركز ݣيݣو، بل أن هناك مجموعة من النقاط التي لا تقل عنها أهمية ولا ضررا.. غير أن ما يميزها هو تجمع المياه أمام باب مؤسسة تعليمية، لتشكل مشكلا بيئيا بدرجة أولى يؤثر على صحة التلاميذ.
وأوضح يوسف أن المجلس الجماعي من خلال مسار ترافعه بعث مجموعة من المراسلات على مستوى العمالة وكذا على مستوى المديرية الإقليمية للتجهيز، نظرا لأن هاته الطريق التي تتواجد عليها هذه النقطة السوداء تابعة لمؤسسة التجهيز من أجل إيجاد حلول واقعية وآنية وجذرية كذلك لهذا المشكل، واستدرك يوسف قائلا “للأسف، ويجب أن نقولها بصريح العبارة فإن جل المراسلات تلقى في سلة المهملات.
وأضاف يوسف أنه في ظل ترافع المجلس الجماعي هناك مشروع يهم إصلاح كيلومترين من هذه الطريق (الطريق الإقليمية P7235 ) من طرف المديرية الجهوية للتعمير، “وقد بلغ إلى علمنا أن الصفقة رست على مقاول معين، إلا أننا لازلنا ننتظر بداية الأشغال”.
وأضاف يوسف أن المجلس يشتغل على مشروع الواد الحار، متأسفا أن هناك إكراها تقنيا تم الاصطدام به في هذا الإطار والمتمثل في أن الدراسة التقنية للمشروع فصلت مياه الأمطار عن مياه الصرف الصحي، مضيفا أن المجلس يعتزم الترافع لإدماج حوالي ثلاث نقط تعتبر نقطا سوداء وإدخالها في مسار مجاري مياه الواد الحار.
وفي الإنتظار، شباب البلدة على مواقع التواصل الاجتماعي في تناولهم لهذا الموضوع يعممون هاشتاغ “مدرستي الحلوة”، في إطار سخرية سوداء من الوضع.
عصام وتفاعلا مع الموضوع ركب صورة تجسد حلم أبناء البلدة لما يريدون أن تصبح عليه هذه البقعة، وصورها على شكل فضاء أخضر يلعب فيه الأطفال وعلق على الصورة المركبة قائلا: “مشحال زوين تشوف دراري صغار كيلعبو ههههه” وعلق عليه أشرف قائلا: “برافو خاي عصام غير هو قبل ميديروا هاذشي جيبلهوم الجيتسكي “، مدير المؤسسة التعليمية بدوره علق على المنشور قائلا: ولا في الأحلام….!شكرا للمصمم. رااااااائع!!!!
الحلم قد يتحول إلى حقيقة… الأستاذ ادريس أسيوان، رئيس جمعية آباء وأولياء التلاميذ بالثانوية الإعدادية ثالث مارس، في تواصلنا معه أكد أنه يقترح إلى جانب المدير المقبل للمؤسسة هشام السليماني تحويل البقعة إلى فضاء أخضر… فهل سيتحول الحلم إلى حقيقة، في غياب أي فضاء أخضر في الجماعة ككل؟