الرئيسية

“نظام أوتوقراطي مغلق”.. المغرب يتذيل مؤشرات الديمقراطية 

في عالم تتراجع فيه الديمقراطية بشكل مخيف، صنف معهد سويدي مستقل، المغرب كنظام "أوتوقراطي مغلق"، ورتبه في مواقع جد متدنية على مستوى معظم المؤشرات والمكونات الرئيسية للديمقراطية، منصة "هوامش" تستعرض أهم الخلاصات والأرقام التي توصلت إليها الدراسة التي نشرت هذا الشهر.

عماد استيتو

احتل المغرب المرتبة 108 حسب مؤشر الديمقراطية الليبرالية، والمرتبة 133 حسب مؤشر الديمقراطية الانتخابية، من بين 179 شملها التقييم الجديد لمعهد “أنواع الديمقراطية العالمي (V-DEM INSTITUTE (Varieties of Democracy، المتخصص في دراسة وتقييم وتحليل وضع الممارسة والأداء الديمقراطي في العالم، والذي يعتبر من أهم المؤسسات التي تقيس الطبيعة الديمقراطية للأنظمة السياسية.

المغرب.. انحسار ديمقراطي على جميع الأصعدة

يرمز مؤشر الديمقراطية الليبرالية LDI إلى الجانبين الليبرالي والديمقراطي للانتخابات، استنادا إلى 71 متغيرا سياسيا، مجمعة بدورها في مؤشرين بارزين هما: “المكون الليبرالي“، و “مكون الديمقراطية الانتخابية” اللذان يضمان بدورهما عددا من المؤشرات الفرعية.

وبحسب تقرير المعهد، التابع لقسم العلوم السياسية في جامعة غوتنبرغ السويدية، تأتي الجزائر في المرتبة 137، بعد المغرب الذي يحتل المرتبة 133 في هذا التصنيف، فيما تتقدم عليهما تونس التي جاءت في المرتبة رقم 100.

إذن على مستوى المؤشرات الفرعية، جاء المغرب في المرتبة 133 فيما يخص مؤشر الديمقراطية الانتخابية EDI الذي يرصد، بالإضافة إلى مدى قدرة الدول على إجراء انتخابات حرة ونزيهة، الوضع العام لحرية التعبير في إطار هذه الأخيرة، وتتضمن السماح بالحق في تشكيل الجمعيات والتجمعات السياسية، والمصادر البديلة للمعلومات، ومدى استقلالية أحزاب المعارضة، والتعددية الانتخابية، والقيود الممارسة على الأحزاب، والخروقات الانتخابية، والضغوط والتدخلات الحكومية في الانتخابات، والحق في التصويت للذكور والإناث، وحرية الانترنت، والصحافة النقدية، والحريات الأكاديمية والثقافية.

ويأتي المغرب في مرتبة متقدمة نسبيا، (المرتبة 81) مقارنة ببقية المؤشرات فيما يخص مؤشر “المكون الليبرالي LCI“، الذي يقيس مدى احترام الحكومات لحماية الحريات الفردية والضوابط والتوازن بين المؤسسات. ويحرص المؤشر على أهمية حقوق الأفراد والأقلية ضد طغيان الدولة والأغلبية، من خلال تشجيع الاحتكام للقانون، والأحكام الدستورية، والقضاء المستقل، والبرلمان المنتخب، القادرين على تقييد السلطات التنفيذية.

واعتبر التقرير أن المواطنين المغاربة لا يتمتعون، بما يكفي، بقدرات متساوية على مستوى المشاركة السياسية، من حيث اتخاذ قرار التصويت، والتعبير عن الآراء، والتظاهر، والترشح، والتأثير على صناع القرار. حيث صنف المعهد المغرب في الرتبة 105 على مستوى مؤشر “المكون المساواتي” ECI.

كما يعاني المغرب قصورا في تكريس المبدأ التشاركي للديمقراطية، الذي يقضي بمشاركة المواطنين في جميع العمليات السياسية وصولا إلى المرحلة الانتخابية، ويرصد مؤشر “المكون التشاركي PCI” مدى مشاركة منظمات المجتمع المدني النشطة سياسيا، ويدعم الحكم المباشر للمواطنين قدر الإمكان، وصنف المغرب في المركز 125 عالميا على مستوى هذا المؤشر.

ويأتي المغرب ثانيا بعد تونس (المركز 74) على مستوى دول شمال إفريقيا، فيما يخص مؤشر “المكون التداولي DCI“، الذي يقيس حدود احترام الطابع التداولي للعملية الديمقراطية، ويعمل على تقييم مسار العملية التي أدت إلى اتخاذ القرارات بالنسبة إلى نظام سياسي معين.

لا ديمقراطية في المنطقة 

يعتبر المعهد النظام السياسي المغربي “أوتوقراطيا مغلقا” لم يعرف أية  محاولات تغيير إلى شكل آخر من الأنظمة منذ سنة 1973، وهو شكل نظام يتميز بغياب انتخابات تعددية لانتخاب السلطة التنفيذية، علاوة على انعدام المكونات الأساسية للديمقراطية مثل حرية التعبير، وحرية تشكيل الجمعيات، وانتخابات حرة ونزيهة.

ووضع التصنيف جميع أنظمة الحكم الوراثية في منطقة المينا (شمال إفريقيا/الشرق الأوسط)، إلى جانب المغرب، في خانة الأوتوقراطيات المغلقة، التي لم تعرف أية تحولات منذ عام 1973، وهي: قطر والسعودية والإمارات والكويت وعمان والبحرين والأردن.

وتوجد، بحسب المعهد، ثلاثة أنواع أخرى للأنظمة السياسية، وهي : “الأوتوقراطية الانتخابية“، التي تعرف وجود انتخابات تعددية على مستوى الجهاز التنفيذي، لكنها تشهد غيابا لبقية المكونات الديمقراطية، و “الديمقراطية الانتخابية” التي تتميز بانتخابات حرة ونزيهة للجهاز التنفيذي للسلطة، وتحقق بقية المكونات الأساسية للديمقراطية بدرجات جد مرضية، وأخيرا “الديمقراطية الليبرالية ” التي تستوفي كل متطلبات الديمقراطية الانتخابية، بالإضافة إلى فرض قيود قضائية وتشريعية على السلطة التنفيذية، وتحترم الحقوق المدنية ومبدأ المساواة أمام القانون.

وأشار التقرير إلى أن الجزائر تحولت من “أوتوقراطية مغلقة” إلى “أوتوقراطية انتخابية” منذ سنة 1996، وهو حال عدد من الدول التي قامت بمحاولات انفتاح خلال الثمانينات والتسعينات، من خلال إقرار تعديلات دستورية أو السماح بتنظيم انتخابات تعددية، مثل:  باكستان، وبيلاروسيا، وأوغندا. 

وقال التقرير أن بعض هذه المحاولات أفضت إلى تحول أنظمة إلى ديمقراطيات، لكن معظمها لم يخرج من خانة “الأوتوقراطية الانتخابية” شأن الجزائر التي شهدت انتخابات تعددية، سنة 1997، إثر تعديل دستوري سبقها بسنة، كما عد التقرير الجزائر، من بين 36 دولة، عرفت ارتفاعا لحالات مضايقات الصحفيين.

واعتبرت المؤسسة السويدية أن التجربة التونسية تعيش مخاضا، وصنفها على أنها “أوتوقراطية انتخابية” تعيش في المنطقة الرمادية، وخلص التقرير إلى أن تونس عانت من انهيار ديمقراطي، ورغم تحسن طفيف على مستوى مؤشر “الديمقراطية الليبرالية“، الرتبة 100، فإنها تبقى بعيدة عن العودة إلى الحالة الديمقراطية.  

“كانت تونس ديمقراطية انتخابية، إلى أن قرر الرئيس قيس سعيد حل البرلمان، سنة 2021، وتأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى، والحكم عبر مرسوم؛ وتبع ذلك هجوم على الحريات المدنية. العودة إلى الانتخابات والبرلمان أعادا مؤشر الديمقراطية الليبرالية إلى مستوى أفضل (..) لكن يبدو ذلك مجرد واجهة لشرعنة حكم سعيد، لتظل تونس أوتوقراطية انتخابية مع نهاية سنة 2023، بمستوى لمؤشر الديمقراطية الليبرالية أقل من سنة 2012″، نقرأ في تحليل نتائج التقرير.

بينما عاشت ليبيا (الرتبة 146 على مستوى مؤشر الديمقراطية الانتخابية) المصنفة حاليا “أوتوقراطية مغلقة“، لفترة وجيزة بين سنتي 2012 و2013، متأرجحة بين “الأوتوقراطية الانتخابية” والمنطقة الرمادية لـ”الديمقراطية الانتخابية“، إثر الانتخابات النزيهة نسبيا، التي نظمها المجلس الوطني الانتقالي في أعقاب سقوط نظام العقيد معمر القذافي سنة 2011، إلا أن الأوضاع سرعان ما انهارت بفعل الحرب الأهلية.

ورسمت نتائج الدراسة صورة قاتمة عن المسار الديمقراطي في مصر، حيث جاءت في الرتبة 148 على مستوى مؤشر الديمقراطية الانتخابية، و133 على مستوى الديمقراطية الليبرالية، و156 على مستوى مؤشر المكون التشاركي. واعتبرتها من بين 24 دولة في العالم تعرف فيها الهيئات المكلفة بتنظيم الانتخابات تحكما وسيطرة من الحكومات، مشيرة إلى أن الانتخابات الأخيرة المنظمة في مصر كانت أقل حرية وعدالة من ذي قبل.

ويخلص التقييم، إلى أن منطقة “الشرق الأوسط/شمال إفريقيا” تعيش أدنى مستوى للديمقراطية عالميا، حيث يعيش 98% من سكانها في ظل “أوتوقراطيات” بشكليها المغلق والانتخابي، ويؤكد التقرير أنه لا وجود لأية ديمقراطية في العالم العربي، فيما تعيش 9 دول في ظل “أوتوقراطيات انتخابية“.

32 ديمقراطية ليبرالية فقط في العالم

عموما، يتجه العالم، بحسب التقرير، في اتجاه تراجع كبير للمسار الديمقراطي، و خلصت إحصاءات التقرير إلى أن الاستبداد لا يزال السمة السائدة عالميا، وأن عدد سكان العالم الذين يعيشون في ظل وضع استبدادي، منذ سنة 2009، يتجاوز عدد أولئك الذين تعيش مجتمعاتهم وضعا ديمقراطيا.

ويضيف أنه بنهاية سنة 2023، توجد 91 دولة ديمقراطية من بين 179، من ضمنها 32 ديمقراطية ليبرالية. وهو ما يعني أن 13% فقط من سكان العالم يعيشون في أنظمة “ديمقراطية ليبرالية“، يمثل سكان الولايات المتحدة الأمريكية النسبة الأعلى منهم بـ 4%/.

ويعرف العالم اليوم، بحسب نتائج الدراسة، عددا أكبر من “الأوتوقراطيات المغلقة“، يتجاوز عدد “الديمقراطيات الليبرالية“، وحصل ذلك آخر مرة سنة 1995.

ومن أهم الدول المصنفة أوتوقراطيات مغلقة نجد الصين وإيران، فيما تبرز روسيا والهند على مستوى الأوتوقراطيات الانتخابية. أما بخصوص الديمقراطيات الانتخابية، يذكر التقرير دولا ذات تأثير ونفوذ إقليمي كالبرازيل والأرجنتين وجنوب إفريقيا.

وتوصل باحثو “معهد أنواع الديمقراطية العالمي” إلى أن معظم المكونات الرئيسية للديمقراطية عرفت تراجعا في عدد أكبر من الدول، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل عقد من الزمن. 

ويبقى حال حرية التعبير الأسوأ، إذ كانت المكون الأكثر تضررا، بحيث تدهور في 35 دولة بحلول العام 2023 مقابل تطوره في 11 دولة، ويأتي بعده مكون جودة/نظافة الانتخابات، الذي تراجع في 23 بلدا وتحسن في 12 فقط، كذلك ساء وضع حرية الجمعيات والمجتمع المدني، حيث زادت 20 دولة من فرض قيود فيما قامت ثلاثة فقط بتوسيع المجال.

وفيما يتعلق بالمكون الليبرالي، تراجع مبدأ سيادة القانون في 13 دولة، سنة 2023، مقابل 4 دول فقط قبل 10 سنوات، فيما شهدت 11 دولة تراجع الأداء التشريعي والقيود التي يمارسها على الجهاز التنفيذي سنة 2023، مقابل 4 دول في العام 2013.

يخلص التقرير إلى أن الديمقراطيات تتركز على الخصوص في الغرب الأوروبي وأمريكا الشمالية، وكذا في أجزاء من شرق آسيا والمحيط الهادئ وأمريكا الجنوبية، فيما نجد الدول الأوتوقراطية أكثر في أمريكا الوسطى، وشرق وجنوب ووسط آسيا، وكذا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودول إفريقيا جنوب الصحراء.

وكان خروج اسرائيل من فئة الدول “الديمقراطية الليبرالية” أحد أبرز الخلاصات التي توصل إليها البحث، ويحدث ذلك للمرة الأولى منذ 50 عاما.

وذكر التقرير أن مصادقة الكنيست الإسرائيلي على قوانين خطة “الإصلاح القضائي” الحكومية، السنة الماضية، أضعفت القطاع القضائي ما أدى إلى تراجع تصنيف إسرائيل من “ديمقراطية ليبرالية” إلى “ديمقراطية انتخابية“، فضلا عن انخفاض مؤشرات قياس الشفافية وتطبيق القانون.

1-ترتيب دول شمال إفريقيا حسب المؤشرات العالمية للديمقراطية

DCI المكون التداوليPCI المكون التشاركيECI المكون المساواتيLCI المكون الليبراليEDI الديمقراطية الانتخابيةLDI الديمقراطية الليبراليةالدولة
7412510581133108المغرب
13215662142132137الجزائر
62823510898100تونس
79116132140146144ليبيا
11298149130114122موريتانيا
146158152129148133مصر

2-خريطة الدول العربية حسب شكل النظام السياسي 

شكل النظام السياسيالدول
أوتوقراطية مغلقةالكويت، المغرب، البحرين،الأردن،ليبيا، عمان، فلسطين قطاع غزة،قطر، السعودية،السودان، الصومال،سوريا، الإمارات، اليمن
أوتوقراطية انتخابيةتونس، الجزائر، جزر القمر، جيبوتي، مصر، العراق، لبنان، موريتانيا، فلسطين الضفة الغربية،
ديمقراطية انتخابية0
ديمقراطية ليبرالية0

3– العالم حسب شكل الأنظمة السياسية 

شكل النظام السياسيعدد الدولالنسبة المئوية حسب السكان
أوتوقراطية مغلقة3327 %
أوتوقراطية انتخابية5544 %
ديمقراطية انتخابية5916%
ديمقراطية ليبرالية3213%

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram