هوامش
الشاب الذي هاجر بشكل غير نظامي، يدعى كريم وهو من مواليد سنة 2001، قضى نحبه في شارع “سان فرناندو دي إيناريس” بمدريد، رغم محاولات خدمات الطوارئ إنقاذه قرب الفندق الذي كان يقيم فيه، وهو مكان لإيواء المهاجرين يديره الصليب الأحمر.
وحسب المعطيات التي حصلت عليها “هوامش”، فقد “حدثت الوفاة حوالي الساعة العاشرة ليلًا، حيث تعرض الشاب لسكتة قلبية وتوقف في الجهاز التنفسي”، وكان كريم، أحد المهاجرين الذين انتقلوا إلى مدريد، قادما من جزر الكناري، التي وصلها من المغرب عبر قوارب الهجرة غير النظامية.
وقال زميل له لـ”هوامش”، أن “كريم كان مضربا عن الطعام برفقة 28 آخرين، منذ الأسبوع الماضي، احتجاجًا على عدم تحديد مواعيد تقديم طلب اللجوء”.
وحاول المسعفون الذين وصلوا إلى مكان الحادث إنعاشه، قبل نقله إلى مستشفى “12 أكتوبر” في مدريد، حيث تأكدت وفاته على الساعة الثانية بعد منتصف ليلة الجمعة.
وفق ما توصلت إليه “هوامش” فإن كريم بدأ يشعر بالغثيان بعد الظهر داخل النزل الذي يقيم فيه، وفي تصريح لـ”هوامش”، قال أحد المهاجرين الذين كانوا مع المتوفى، والذي فضل عدم الكشف عن هويته، “أبلغنا الصليب الأحمر الذي كان في الخدمة، لكنهم أخبرونا أنهم لا يستطيعون علاجه”. وبحسب شهادته، رافقه مهاجر آخر إلى المركز الصحي، حيث أعطوه وصفة لدواء “الأوميبرازول”.
وأكد أن الصليب الأحمر هو “الجهة المسؤولة عن إدارة هذا الفندق”، حيث يستقبل بعض المهاجرين القادمين من مراكز الاستقبال والطوارئ في مدريد.
وأكد مدير الهجرة بالصليب الأحمر، في مدريد، خوسيه خافيير سانشيز، في تصريحات لوكالة الأنباء الإسبانية “إيفي”، أنه “لا يستطيع تأكيد ما إذا كان أحد أعضاء الصليب الأحمر قد رافق المتوفى إلى المركز الصحي، بعدما ساءت حالته”.
وقال إن المسؤول عن الفندق “ذهب لرؤيته في الغرفة واتصل على الفور بخدمات الطوارئ”، وبعد 20 دقيقة، وصلت وحدة العناية المركزة المتنقلة إلى مكان الحادث “وحاولت إنعاشه، دون جدوى”.
وتوجهت الشرطة الوطنية إلى مكان الحادث بناء على طلب المسعفين، حيث “كان هناك العديد من المهاجرين المعتصمين الذين احتجوا عليهم”، بحسب تقرير قوات الشرطة.
“نحن نتحدث عن أشخاص يحميهم الصليب الأحمر، وتحت وصايته، وقد توفي أحدهم بالفعل”، تقول سورايا الناشطة في مجال الهجرة، وعضو منظمة “مرحبا باللاجئين” (Bienvenidxs Refugiadxs)، وهي مجموعة تقدم الدعم للمهاجرين القادمين من جزر الكناري إلى مدريد، مؤكدةً أن هؤلاء المهاجرين “لا يتلقون أي مساعدة ولا دروسًا في اللغة الإسبانية، ولا أعرف ماذا ينوون أن يفعلوا بهم”.
وبحسب هذه الناشطة، “عاجلا أم آجلا لن يكون لهؤلاء المهاجرين بديل آخر غير الشارع، فهم لا يستطيعون الذهاب إلى مساكن المشردين لأن المنظمات غير الحكومية لا تسجلهم، وحتى إن لم يتم طردهم غدًا، فتلك مسألة وقت”، مشيرة إلى “عدم قدرتهم على التمتع بحقهم في طلب اللجوء لأنهم لا يستطيعون الحصول على موعد للمقابلة”.
في المقابل، دعت أكثر من 30 منظمة إلى مسيرة “طارئة” أمام مجلس مدينة “سان فرناندو دي إيناريس”، بمدريد، “للتنديد بالتخلي عن المؤسسات التي تحتضن طالبي الحماية الدولية”.
وذكرت المنظمات في بيان مشترك، أن “المهاجرين المقيمين في نزل سان فرناندو لن يتمكنوا من الاستمرار هناك ابتداء من يوم السبت 16 مارس”، وشددوا على أنه “في غضون أيام قليلة، يمكن أن يُتركوا حرفيًا في الشارع”.
كما أكدت هذه المجموعات أن “أيًا منهم لم يتمكن حتى الآن من تقديم طلب اللجوء للدخول في نظام الحماية الدولية، على الرغم من وجودهم في إسبانيا منذ أكثر من ثلاثة أشهر(..) إنهم يطالبون بالحقوق والاهتمام حتى يتمكنوا من تسوية وضعهم في بلدنا”.
مدير الإدماج في الصليب الأحمر، الذي يؤكد هذه النقطة، أشار إلى أنها “مهمة خارجة عن صلاحياته”، وفيما يتعلق بطرد المهاجرين، أوضح سانشيز أنه “من المتوقع ألا يتم ذلك لأن وزارة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة وافقت على تمديد إقامتهم في النزل”.
من جهتها، قالت مصادر حقوقية، تعنى بالمهاجرين، إن “دفاع الشعب”، (أمين المظالم)، طالب مكتب المدعي العام للدولة وأمانة الدولة للهجرة بـ”تقديم كافة المعلومات حول ما حدث والظروف التي حدثت فيها هذه الوفاة”، وبالإضافة إلى ذلك، “هناك اهتمام بمعرفة ما إذا كانت أسرته بالمغرب قد تم إبلاغها”.
المصادر التي تحدثت لـ”هوامش” من “اللجنة الإسبانية لمساعدة اللاجئين”، (CEAR)، رفضت الكشف عن معطيات الشاب المتوفى، بسبب عدم قانونية ذلك في إسبانيا، واكتفت بالتأكيد على أن الراحل، شاب مغربي “لم تكن لديه أي أمراض سابقة، وكان قد بدأ إضراباً عن الطعام، قبل أيام، بمعية مهاجرين آخرين في نفس الوضع، احتجاجا على عدم تحديد مواعيد لطلب اللجوء”.