الرئيسية

من القنيطرة إلى غزة مرورا بتل أبيب.. مسار شحنة المساعدات المغربية

من القاعدة الجوية الثالثة بالقنيطرة، مرورا بمطار بن غوريون بتل أبيب، ثم معبر كرم أبو سالم، وصولا إلى عهدة الهلال الأحمر الفلسطيني في قطاع غزة. كان هذا هو مسار شحنة الإعانات الإنسانية الرمضانية التي وجهها المغرب، بأمر من الملك، إلى القطاع الذي يتهدده خطر المجاعة، بعد تنسيق مع الجانب الإسرائيلي .. هذا كل ما يجب أن تعرفه عن حزمة المساعدات الثانية، التي يرسلها المغرب منذ بداية عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

عماد استيتو

أعلن المغرب مساء أمس الثلاثاء عن إطلاق عملية إنسانية تهم توجيه مساعدة غذائية، عن طريق البر، لفائدة الفلسطينيين في كل من قطاع غزة و القدس، وذلك بتعليمات من الملك محمد السادس، وفق ما ذكره بلاغ صادر عن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج.

التفاتة رمضانية

وقال البلاغ الرسمي أن هذه الإعانات التي تتزامن مع حلول شهر رمضان المبارك، تأتي للتخفيف من معاناة السكان الفلسطينيين، لا سيما الفئات الأكثر هشاشة. و تتكون من أزيد من 40 طنا من المواد الغذائية – 47 طنا حسب قناة ميدي 1 تي في-، بما فيها المواد الغذائية الأساسية. 

وتتوزع الإعانات الموجهة إلى منكوبي القطاع، بحسب الإعلان الرسمي المغربي، بين مساعدات مؤسساتية ستتولى مؤسسة محمد الخامس للتضامن تقديمها، ومساعدة سيادية خاصة تكفل بنفقاتها الملك من ماله الخاص.

في السياق ذاته، أصدر الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، تعليماته لوكالة بيت مال القدس، لتقديم مساعدة غذائية لسكان المدينة، وتشمل توزيع 2000 سلة غذائية تستفيد منها 2000 أسرة مقدسية، وتقديم 1000 وجبة يوميا لفائدة الفلسطينيين بالمدينة. علاوة على إقامة غرفة لتنسيق الطوارئ بمستشفى القدس.

معبر بديل عن رفح تحت سيطرة الاحتلال 

وإذا كان الإعلان الرسمي الحكومي قد تحاشى الإشارة بشكل مباشر إلى طبيعة المسار الذي سلكته هذه الإعانات، فإنه وبحسب مراسلات الوفد الإعلامي التابع للقنوات العمومية الذي رافق البعثة التي تكلفت بعملية إيصال المساعدات، وتصريحات متطابقة المضامين أدلى بها دبلوماسيون  مغاربة لوكالات أنباء أجنبية ، فإن هذه الأخيرة عبرت إلى شمال غزة عبر معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم حسب التسمية الإسرائيلية)، بعد وصولها جوا إلى مطار بن غوريون في تل أبيب.

ويخضع هذا المعبر- الواقع في نقطة التقاء الحدود بين مصر وقطاع غزة و”إسرائيل”، لسلطة المعابر البرية التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، بتنسيق مع الدولة المصرية، والسلطة الفلسطينية. كما توجد في معبر كرم أبو سالم، أيضاً، بعثة من الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية، التي ترأس مكتب الاتصال داخله، و دورها حل  النزاعات المتعلقة بالمعبر.

وكان جيش الاحتلال الاسرائيلي قد أعلن أواخر يناير المنصرم هذا المعبر منطقة عسكرية مغلقة، بالتزامن مع خروج مظاهرات لإسرائيليين قرب المعبر ومنعهم الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية من الدخول إلى غزة.

وتحيط بقطاع غزة 8 معابر، ستة منها تربط القطاع بالأراضي المحتلة سنة 1948، وهي خاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي، من بينها معبري كرم أبو سالم و “بوابة صلاح الدين”، المخصصان حصرا للحركة التجارية، واللذان يقوم الاحتلال الإسرائيلي بفتحهما بشكل متقطع.

وحتى قبل 7 أكتوبر 2023 كان هذا المعبر، الذي شرع في تشغيله سنة 2005، بمثابة شريان للحياة التجارية بالقطاع، إذ يمر عبره الوقود والسلع (منتجات غدائية، مواد بناء) القادمة من “إسرائيل”، في مقابل السماح بخروج بضائع القطاع عبره إلى “إسرائيل” والمناطق التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، وكذلك الأسواق الخارجية.

وتجدر الإشارة إلى أن “كتائب الشهيد عز الدين القسام” الجناح العسكري لحركة حماس كانت سيطرت لساعات طويلة على هذا المعبر البري خلال بداية عملية “طوفان الأقصى”، وقتلت عددا من الجنود الاسرائيليين وأسرت العشرات منهم.

سبق مغربي ؟

شدد المغرب على أنه “أول بلد يقوم بنقل مساعدته الإنسانية عبر هذا الطريق  البري غير المسبوق، وإيصالها مباشرة إلى السكان المستفيدين”، منذ السابع من أكتوبر الماضي ، فيما لم يصدر أي تعليق أو تأكيد رسمي اسرائيلي، حول إذا ما كانت شحنة المساعدات المغربية هي الأولى من نوعها التي دخلت من المعبر، وتوجهها دولة ذات سيادة، منذ إعادة تشغيله في دجنبر من السنة الفائتة.

واستخدم المعبر منذ 17 دجنبر من السنة الماضية، بشكل مؤقت، بديلا عن معبر رفح الحدودي مع مصر، حيث صادقت اسرائيل بشكل مؤقت على تفريغ الشاحنات في الطرف الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم مع قطاع غزة، بدلا من إعادتها إلى معبر رفح مع مصر، بموجب “تعهدها بنقل الأغذية والمعونات الإنسانية من مصر إلى المدنيين في قطاع غزة”، إثر صفقة تبادل الأسرى التي أبرمتها مع حركة حماس في نونبر الماضي. وقد جرى استعماله في أكثر من مناسبة من طرف الأمم المتحدة وجهات أخرى لإيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وبحسب الأرقام الأخيرة الصادرة عن الأونروا فإن 15413 شاحنة تمكنت من العبور إلى غزة عبر معبري كرم أبوسالم و رفح، منذ السابع من أكتوبر وإلى غاية 11 مارس الجاري، من بينها 6683 شاحنة عبر معبر كرم أبو سالم الذي جرى تشغيله لـ 68 يوما منذ بداية العدوان.

وتزامنت هذه العملية، التي وصفتها وكالة المغرب العربي للأنباء بأنها “إنجاز استثنائي”، مع إعلان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة عن استخدام طريق بري جديد، لنقل الأغذية إلى شمال غزة يوم الثلاثاء.

وقال جيمي ماكغولدريك منسق الأمم المتحدة للمساعدات في الأراضي الفلسطينية لرويترز إن قافلة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي استخدمت طريقا عسكريا إسرائيليا، يمتد بمحاذاة السياج الحدودي لغزة، للوصول إلى شمال القطاع.

المساعدات المغربية التي انطلقت من القاعدة الجوية الثالثة بالقنيطرة على متن 4 طائرات عسكرية، قبل نقلها من المعبر بشاحنات، سيتم توزيعها تحت إشراف الهلال الأحمر الفلسطيني، بـ “تعاون مع مؤسسات العمل الخيري المحلية، ومع المنظمات التي تعمل من جهتها على إيصالها إلى النازحين، وأيضا إلى القطاع الصحي ومراكز الإيواء”، بحسب تصريحات أدلى بها رائد النمس، المتحدث باسم الهلال الأحمر المغربي لوكالة الأنباء الرسمية.

وقال مصدر دبلوماسي مغربي لرويترز أمس الثلاثاء، إن “التمكن من إرسال المساعدات عن طريق البر من داخل إسرائيل، يؤكد أن قنوات اتصال المغرب داخل إسرائيل تخدم قضية السلام، وتستخدم للدفاع عن حقوق الفلسطينيين”.

كما أكد مسؤول إسرائيلي لصحيفة “تايمز أوف اسرائيل” أن عملية نقل المساعدات خضعت لموافقة مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على شكل “لفتة رمضانية” تجاه الرباط.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد نقلت، يوم الإثنين، أن المغرب شارك في عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة، أول أمس، عبر ستة طائرات عسكرية مروحية، ونقل موقع “هسبريس”، المقرب من السلطات المغربية والإسرائيلية، تأكيدا للخبر، على لسان مصدر في الخارجية الاسرائيلية، فيما لم يصدر أي تعليق بالنفي أو التأكيد عن الخارجية المغربية، أو أي مصدر رسمي حول الأنباء و الفيديوهات المتداولة على أنها لعمليات إنزال مساعدات مغربية على القطاع جوا.

وسبق للمغرب بعد أسبوعين على بداية العدوان الاسرائيلي على غزة، أن أرسل طائرتين عسكريتين محملتين بـ 25 طنا من “المواد الغذائية، والمستلزمات الطبية، والمياه” إلى غزة عبر معبر رفح الحدودي البري، بتنسيق مع السلطات المصرية، تنفيذا لتوجيهات ملكية مماثلة.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram