محمد تغروت
التقرير، الذي صدر يوم 28 فبراير الماضي، يصنف هذه المبالغ غير المرجعة إلى مبالغ غير مستحقة وقدرها (839.813,09 درهم)، ومبالغ لم يتم استعمالها أو استعملت لغير الغايات التي منحت من أجلها، وتبلغ (58,7 مليون درهم)، في حين تتعلق (90,17 مليون درهم) منها بنفقات لم يتم إثبات صرفها بوثائق الإثبات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة ذات الصلة.
وأوضح التقرير أن مجموع نفقات التدبير التي سجل المجلس بشأنها نقائص بلغ ما يناهز 71,18 مليون درهم، أي ما يزيد على 14% من إجمالي النفقات المصرح بصرفها ( 130,65 مليون درهم)، مسجلا بذلك ارتفاعا ملحوظا مقارنة مع سنة 2021 (4%). وحسب ذات التقرير فقد همت هذه النقائص 24 حزبا من أصل 29 حزبا، تتوزع ما بين نفقات لم يتم دعمها بوثائق الإثبات القانونية (13% من مجموع النفقات المصرح بها من طرف الأحزاب)، ونفقات تم دعمها بوثائق إثبات غير كافية أو معنونة في غير اسم الحزب (1%).
وعزا التقرير هذه الوضعية إلى عدم الإدلاء ببعض الوثائق والمستندات، المنصوص عليها بقائمة الوثائق والمستندات المثبتة لنفقات الأحزاب السياسية الجاري بها العمل، بعد التغييرات التي شهدتها ابتداء من 7 أكتوبر 2021، لا سيما فيما يخص تبرير أجور المستخدمين والتعويضات، وكذا النفقات المتعلقة بكراء المقرات الحزبية.
وأكد التقرير أن الأجور والتعويضات غير المدعمة بوثائق الإثبات القانوني تشكل ما يناهز 58% إلى 72% من إجمالي نفقات حزبين، ويتعلق الأمر بكل من حزب النهضة والفضيلة، وحزب العمل؛ بينما تشكل 22% إلى 31% بالنسبة لأربعة أحزاب، ويتعلق الأمر بكل من حزب الخضر المغربي، وحزب الوسط الاجتماعي، وحزب الديمقراطيين الجدد، وحزب الحركة الشعبية؛ في حين تشكل نسبة 8% إلى 14% بالنسبة لخمسة أحزاب، ويتعلق الأمر بكل من: حزب البيئة والتنمية المستدامة، وحزب العدالة والتنمية، وحزب الاستقلال، وحزب الوحدة والديمقراطية، وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
وسجل التقرير عدم دعم 13 حزبا لنفقات كراء المقرات بعقود وإيصالات الكراء، بما مجموعه 4,25 مليون درهم، أي ما يشكل 3% من إجمالي النفقات المصرح بها من طرف الأحزاب و6% من مجموع النفقات المصرح بها من طرف الأحزاب المعنية.
وبخصوص استعمال الدعم السنوي الإضافي لتغطية المصاريف المترتبة على المهام والدراسات والأبحاث، الممنوح لسبعة أحزاب سياسية بناء على طلباتها (10,20 مليون درهم)، كشف التقرير أنه على إثر الإعذارات المتضمنة لملاحظات المجلس، الموجهة للمسؤولين الوطنيين عن الأحزاب السياسية المعنية، قامت أربعة أحزاب من أصل سبعة بإرجاع 35,3 مليون درهم من مبالغ الدعم غير المستعملة إلى الخزينة، أي ما يعادل 17% من مجموع الدعم السنوي الإضافي لسنة 2022. مضيفا أن المبالغ المرجعة توزعت ما بين حزبين أرجعا جزءا من إجمالي مبالغ الدعم الإضافي الممنوحة لهما (597.122,68 درهم)، وحزبين آخرين أرجعا المبلغ الكلي للدعم الممنوح لهما (75,2 مليون درهم)، لعدم تمكنهما من صرفه قبل متم سنة 2022.
وسجل التقرير وجود نقائص فيما يتعلق بدعم النفقات بوثائق الإثبات القانونية، بنسبة 26% من مجموع النفقات المصرح بصرفها، من بينها 14% مرتبطة بنفقات التدبير، و12% بالنفقات المتعلقة بالدعم السنوي الإضافي لتغطية المصاريف المترتبة عن المهام والدراسات والأبحاث.
وفي ذات السياق سجل المجلس الأعلى للحسابات أن فحص مستندات الإثبات المتعلقة بصرف الدعم السنوي الإضافي، لتغطية المصاريف المترتبة على المهام والدراسات والأبحاث، أظهر وجود نقائص تتعلق بدعم عمليات الالتزام بنفقات قدرها 15,64 مليون درهم، وتبرير صرف جزء منها بوثائق الإثبات القانونية، من طرف خمسة أحزاب، وهو ما يمثل 12% من مجموع النفقات المصرح بصرفها من طرف الأحزاب السياسية. ويتعلق الأمر بكل من حزب التجمع الوطني للأحرار، وحزب الأصالة والمعاصرة، وحزب الاستقلال، وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحزب العدالة والتنمية.
وتنص الفقرة السادسة من المادة 32، من القانون التنظيمي رقم 11-29 المتعلق بالأحزاب السياسية، كما تم تغييره وتتميمه بالقانون التنظيمي رقم 21-07، على صرف دعم سنوي إضافي لفائدة الأحزاب السياسية، يخصص لتغطية المصاريف المترتبة على المهام والدراسات والأبحاث التي تنجز لفائدتها من طرف الكفاءات المؤهلة، بهدف تطوير التفكير والتحليل والابتكار في المجالات المرتبطة بالعمل الحزبي والسياسي.
وفي ذات السياق، أكد التقرير أن خمسة أحزاب التزمت بإنجاز 44 مهمة أو دراسة أو بحث، في مجالات اقتصادية واجتماعية وبيئية ومؤسساتية، بكلفة مالية قدرها 64,15 مليون درهم، غير أنها لم تدل بما يثبت لجوءها للمنافسة لانتقاء الخبراء المؤهلين لإنجازها. هذه الوضعية تخالف مقتضيات المخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية، الذي ينص على تبرير أتعاب الخبراء العاملين لحساب الحزب بعدة وثائق، من بينها إعلان الترشيح، ومقرر اختيار أعضاء اللجنة المشرفة على اختيار الخبير، وتقييم الخدمة المقدمة، ومحضر اختيار الخبير، والعقد المبرم معه. ويتعلق الأمر وفقا للتقرير بكل من حزب التجمع الوطني للأحرار، وحزب الأصالة والمعاصرة، وحزب الاستقلال، وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحزب العدالة والتنمية.
وعلاقة بمبالغ الدعم غير المستعملة كليا أو جزئيا، في إطار الدعم الإضافي المخصص لسنة 2022، كشف التقرير عدم إرجاع حزبين لما يناهز 1,44 مليون درهم، مما يخالف مقتضيات المادة 43 من القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، والتي تلزم الأحزاب السياسية بأن ترجع تلقائيا الى الخزينة كل مبلغ دعم لم يتم استعماله. ويتعلق الأمر بكل من: “حزب الاستقلال، الذي لم يرجع مبلغا قدره 1.126.585,31 درهم، يمثل حاصل الفرق بين مبلغ الدعم الممنوح للحزب (4.076.585,31 درهم) والمبلغ الملتزم باستعماله (4.360.000,00 درهم)؛ وحزب الأصالة والمعاصرة، الذي لم يرجع مبلغا قدره 1.126.585،31 درهم، ويمثل حاصل الفرق بين مبلغ الدعم الممنوح للحزب (4.670.158,51 درهم) والمبلغ الملتزم باستعماله ( 4.360.000,00 درهم)”.
وسجل المجلس عدة نقائص على مستوى مسك محاسبة 19 حزبا من أصل 29. وتتعلق هذه النقائص بعدم احترام نماذج جداول قائمة المعلومات التكميلية، المنصوص عليها في المخطط المحاسبي الموحد (6 أحزاب)، وعدم التقييد المحاسبي لمبالغ الدعم الواجب إرجاعه إلى الخزينة (6 أحزاب)، وتنزيل مصاريف المؤتمرات الوطنية العادية في حسابات غير ملائمة (6 أحزاب)، وارتكاب أخطاء في عملية ترحيل أرصدة الموازنة الختامية (حزب واحد)، وعدم تسجيل بعض العمليات المحاسبية عملية بعملية ومرتبة تبعا لتسلسلها الزمني (4 أحزاب)، بالإضافة إلى ارتكاب أخطاء في تنزيل عمليات محاسبية مختلفة (9 أحزاب). وأكد التقرير أن هذه الوضعية حالت دون تقديم صورة صادقة لأصول الأحزاب المعنية وخصومها، ولوضعيتها المالية وفائضها أو خصاصها.
ويأتي هذا التقرير بناء على القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية بالمغرب، حيث تنص المادة 32 منه على أن “تمنح الدولة للأحزاب السياسية المؤسسة بصفة قانونية، المشاركة في الانتخابات العامة التشريعية، والتي غطت على الأقل ثلث عدد الدوائر الانتخابية المحلية الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس النواب، شريطة أن تكون هذه الدوائر موزعة على الأقل على ثلاثة أرباع جهات المملكة، وغطت على الأقل نصف عدد الدوائر الانتخابية الجهوية الخاصة بانتخاب أعضاء المجلس المذكور، دعما سنويا للمساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها”.
ويوضح ذات القانون شروط منح هذا الدعم، بالإضافة إلى كل من الدعم المخصص لتغطية المصاريف المترتبة عن المهام والدراسات والأبحاث، والدعم المخصص للمساهمة في تغطية مصاريف تنظيم المؤتمرات الوطنية العادية، وكذا مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية التي تقوم بها الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات العامة الجماعية والجهوية والتشريعية.
ويفرض ذات القانون “على الأحزاب السياسية أن تمسك محاسبة وفق الشروط المحددة بنص تنظيمي، كما يتعين عليها أن تودع أموالها باسمها لدى مؤسسة بنكية من اختيارها”، ويؤكد على ضرورة أن تحصر الأحزاب السياسية حساباتها سنويا، ويشهد بصحتها خبير محاسب مقيد في جدول هيئة الخبراء المحاسبين بالمغرب، وأن تحتفظ بأصول جميع الوثائق والمستندات المحاسبية لمدة 10 سنوات، تبتدئ من التاريخ الذي تحمله، وتوجه نظيرا منها، طبقا لأحكام القانون التنظيمي، للمجلس الأعلى للحسابات.
وتوجب المادة 43 من ذات القانون “على الأحزاب السياسية، التي استفادت من الدعم المشار إليه في المادة 32، أن تثبت أن المبالغ التي حصلت عليها قد تم استعمالها في الغايات التي منحت من أجلها.” كما أنه “يجب على الأحزاب السياسية، التي استفادت من مساهمة الدولة في تمويل حملاتها الانتخابية، أن تقوم بفتح حساب بنكي خاص بموارد ومصاريف الحملة الانتخابية، وأن تثبت كذلك أن المبالغ التي حصلت عليها قد تم استعمالها في الآجال ووفق الشكليات المحددة بموجب نص تنظيمي للغايات التي منحت من أجلها”.
كما توجب ذات المادة “على كل حزب سياسي أن يرجع تلقائيا إلى الخزينة كل مبلغ لم يستعمله من الدعم الذي تلقاه وفق أحكام المادة 32. كما يجب على كل حزب سياسي أن يرجع تلقائيا إلى الخزينة كل مبلغ غير مستحق وكل مبلغ لم يستعمله من المساهمة التي تلقاها عملا بأحكام المادة 34. في حالة عدم إرجاع المبالغ المذكورة، يفقد الحزب السياسي بحكم القانون حقه في الاستفادة من الدعم العمومي”
وينص ذات القانون أن “يتولى المجلس الأعلى للحسابات تدقيق حسابات الأحزاب السياسية، المشار إليها في المادة 42 من هذا القانون التنظيمي، وكذا فحص صحة نفقاتها برسم الدعم المشار إليه في المادة 32”.