الرئيسية

المغرب يدفع لشركات إسبانية .. حقيقة استثمار سانشيز لـ45 مليار أورو  

جدل كبير أثارته تصريحات رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، خلال زيارته الأخيرة للمغرب؛ بشأن استثمار 45 مليار أورو في البنية التحتية للمغرب، بحيث ارتفعت الأصوات الإسبانية تطالب سانشيز بتوضيح مصدر هذه الأموال. ليتكشف بعد ذلك أن هذا المبلغ سيأتي من خزينة المغرب وستستفيد منه شركات إسبانية.

هوامش| سعيد المرابط: 

استقبل العاهل المغربي محمد السادس رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، يوم الأربعاء الماضي بالرباط، خلال الزيارة الرسمية لرئيس السلطة التنفيذية الإسبانية إلى المغرب.

الإستقبال الملكي لسانشيز، جاء بعد الظهر، عقب مأدبة غداء مع رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، في الزيارة الأولى لرئيس الحكومة بيدرو سانشيز إلى المغرب منذ توليه الرئاسة بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، الخامسة من نوعها منذ 2018.

وهي زيارة سريعة استقبله فيها العاهل المغربي محمد السادس، في أول لقاء بين الاثنين، إذ لم يستقبله الملك، خلال زيارته للمغرب في القمة المشتركة، رفيعة المستوى؛ بين البلدين العام الماضي.

وقال رئيس الحكومة الإسبانية، إن العلاقة بين البلدين “تمر بأفضل لحظاتها منذ عقود”، وأضاف أنه “سلط الضوء” على زيادة الاستثمارات في الاتجاهين.

وأشار سانشيز، الذي استقبله نظيره المغربي عزيز أخنوش، لدى وصوله إلى الرباط، إلى أن اللقاء الذي عقده مع العاهل المغربي يندرج في إطار “الإرادة المشتركة” لكلا البلدين لتعزيز العلاقات الاستراتيجية الثنائية.

وتحدث سانشيز عن “علاقات إيجابية للغاية” بين إسبانيا والمغرب في مجالات مثل مكافحة الإرهاب والهجرة ومكافحة تهريب المخدرات، وأيد خطة التنمية في المغرب.

45 مليار يورو: استثمار مغربي لشركات إسبانية! 

خلال تصريحه، أكد رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، أن إسبانيا تعتزم القيام باستثمارات في هذا البلد المغاربي “بقيمة تناهز 45 مليار أورو حتى عام 2050”.

هذا التصريح، أثار موجة غضب في إسبانيا، التي ارتفعت فيها الأصوات المتسائلة عن مصدر هذه الأموال، والرافضة لما اعتبرت أنه “تبذير للأموال العامة في سياسات سانشيز المحابية للمغرب”.

والحقيقة، هي أن سانشيز أحدث حالة من الفوضى في بلاده، قبل أن يُكشف أن الـ45 ألف مليون يورو، “لن يتم استثمارها من قبل إسبانيا في المغرب”، بل من قبل المغرب في المغرب، وتحديدًا في البنية التحتية لكأس العالم ومشاريع أخرى، وهو استثمار “ستشارك فيه الشركات الإسبانية وستستفيد منه”.

ويمثل رقم 45 مليار أورو استثمارًا للمغرب في بنيته التحتية إلى غاية 2050، “في مشاريع تم فتح المشاركة فيها أمام الشركات الإسبانية”، حسبما كشف وزير النقل الإسباني، أوسكار بوينتي، عبر موقع التواصل الاجتماعي “X” (تويتر) سابقًا.

وجاءت تغريدة الوزير، لتنفي كلمات الرئيس سانشيز، وتؤكد على أن الأموال العامة الإسبانية ليست هي التي سيتم استثمارها في تجديد البنية التحتية في المغرب. 

وقال بوينتي في تغريدته ردا على انتقادات الصحافة الإسبانية “من سيستثمر 45 مليار أورو في في هذه البنيات التحتية، هو المغرب، ومن سيستفيد من هذه العقود هو شركاتنا. لهذا السبب ذهب سانشيز إلى المغرب. 24 ساعة متواصلة من الكذب، في كل دقيقة من الـ 24 ساعة الماضية”.

صحيفة “لاراثون”، الإسبانية، نفت أن يكون كلام سانشيز يشير إلى الاستثمار العمومي الإسباني، بل إلى خطة المغرب للاستثمار، بأمواله العامة الخاصة، لتحديث بنيته التحتية، “وهي خطة من المتوقع أن تشارك فيها الشركات الإسبانية والتي تم الإعلان عنها في 2 فبراير 2023”.

ومن جانبها، قالت صحيفة “هسبريس”، أنه فعلًا “تم الإعلان عن خطة الاستثمار المغربية في فبراير 2023، خلال اللقاء رفيع المستوى بين ممثلي البلدين في الرباط”.

“وحسب البيان الصحافي المشترك الذي صدر في نهاية الاجتماع، التزم المغرب بتخصيص 45 مليار أورو إلى غاية 2050 لتحسين بنيته التحتية؛ وهو ما يفتح إمكانية التعاون الدولي في هذه المشاريع”، تضيف الصحيفة المغربية.

وخلال تلك القمة المشتركة، وقع البلدان على 19 اتفاقية تتناول مجالات مختلفة منها الهجرة والضمان الاجتماعي والماء والنقل، والبيئة والسكان والطاقة والتنمية المستدامة والزراعة والرياضة والتربية والتعليم والتكوين المهني  والمقاولات الصغرى، والمجال العلمي والثقافي، والتشغيل والصحة والسياحة.

وتسعى هذه الاتفاقيات، “لتعزيز التجارة والاستثمار بما يشمل تسهيلات ائتمانية تصل إلى 800 مليون يورو، والتقريب بين البلدين في قطاعات أخرى غير الهجرة”.

“ليست استثمارا مباشرا من إسبانيا” 

وخلال زيارته الأخيرة للمغرب، أشار سانشيز إلى هذا المبلغ في الندوة الصحفية التي عقدها في ختام زيارته للمغرب، والتي استقبله خلالها الملك محمد السادس. وسلط الرئيس الإسباني، في مداخلته أمام الصحفيين، الضوء على تطور المبادلات التجارية وزيادة الاستثمارات في الاتجاهين، مذكرا بأنه في سنة 2022 “تجاوز حجم التبادلات بين البلدين 20 مليار أورو”.

وأكد أنه “تنضاف إلى هذا التطور الإيجابي للغاية، مكانة إسبانيا كمستثمر رائد في المغرب، باستثمارات عامة مخطط لها تبلغ حوالي 45 مليار أورو حتى عام 2050”.

هذا الأمر الذي أثار انتقادات واسعة في إسبانيا، دفع مواطنة إسبانية إلى طرح سؤال على وزير النقل في بلادها بعد نشر تغريدته، “لماذا قال العكس؟”. 

ونظرا لهذه الضجة، أوضح القصر الرئاسي بمدريد، الـ”مونكلوا”، يوم الخميس، أن “الاستثمارات في المغرب البالغة 45 ألف مليون أورو، والتي ألمح إليها سانشيز خلال زيارته للرباط، تشير إلى استثمارات مغربية تنطوي على عقود يمكن للشركات الإسبانية اختيارها، لكنها ليست استثمارا مباشرا من إسبانيا”.

وفي المقابل، قال رئيس الحكومة المحلية لمليلية، خوان خوسي امبرودا، معلقًا على زيارة سانشيز للرباط، “لم أتوقع أي شيء من زيارة سانشيز باستثناء صورة مع محمد السادس وبعض التصريحات بأنهم سيستثمرون 45 ألف مليون يورو في المغرب في السنوات المقبلة… وإذا أعطونا واحدًا بالمئة منها سيكون رائعا لمليلية”.

حقيقية المبلغ: شركات إسبانية تتنافس على الـ45 ألف مليون 

تعد إسبانيا الشريك التجاري الأول للمغرب منذ 2012، حيث تجاوزت صادراتها 10,8 مليار يورو سنة 2022، وتحتل المركز الخامس بين المستثمرين الأجانب، خلف فرنسا والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة.

وأدت الأزمة السابقة بين البلدين إلى إعاقة رجال الأعمال الإسبان، ومن أجل تشجيعهم على الاستثمار في المغرب، أطلقت حكومة مدريد خطا ائتمانيا بقيمة 800 مليون يورو، أعلن عنها في الاجتماع رفيع المستوى، الذي احتضنته الرباط في فبراير 2023.

في تلك الأثناء، كشفت صحيفة “إِلْ باييس”، أن الهدف من ذلك، هو “النضال من أجل جزء من الكعكة البالغة 45 مليار دولار، التي يخطط المغرب لاستثمارها في تطوير وتحديث بنيته التحتية حتى عام 2050”.

وأضافت، أن من بين القطاعات ذات الأولوية هناك بعض القطاعات التي تتصدر فيها الشركات الإسبانية، كـ”الصرف الصحي وتحلية المياه، والطاقة المتجددة أو السكك الحديدية”.

ونقلت الصحيفة، حينها، عن مصادر حكومية إسبانية بعد الاجتماع الإسباني المغربي رفيع المستوى، قولها “هناك فرص هائلة متاحة لا يمكن لإسبانيا أن تفوتها”.

بالنسبة لبعض هذه العقود، “لن نضطر إلى الانتظار كل هذا الوقت؛ فقد طرحت الرباط مناقصة لشراء 150 عربة لقطارات الركاب، وقطارات المسافات المتوسطة، بقيمة 1.6 مليار”، وفق ذات الصحيفة.

وأكدت “إِلْ باييس”، أن “الشركات الإسبانية، التي تم استبعادها من الخط السريع، الرابط بين الدار البيضاء وطنجة، أصبحت الآن في المنافسة”.

وبالإضافة إلى ذلك، “يخطط المغرب لمد خط السكك الحديدية فائق السرعة بطول 1300 كيلومتر، من وجدة (على الحدود مع الجزائر) إلى أكادير (في الجنوب)، وتحديث شبكته من الموانئ والمطارات”.

وتضاف إلى ذلك “إمكانية استخدام المغرب كمنصة للتوسع في أسواق أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى”، تقول الصحيفة.

وجاء في البيان الختامي للقمة أن البلدين “يلتزمان بتعزيز التجارة والاستثمار، من أجل تنفيذ مشاريع تنموية مشتركة في إطار شراكة متبادلة المنفعة، مستفيدين من ميثاق الاستثمار الجديد الذي أصدره المغرب للتو”، متكيفة مع التحولات المؤسسية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وبهدف جعل المغرب وجهة استثمارية دولية، وتوفير فرص حقيقية في القطاعات الاستراتيجية.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram