هوامش – سعيد المرابط
استبشرت عائلات المعتقلين الصحراويين، مجموعة “إكديم إزيك”، خيرًا بقرار الفريق العامل التابع للأمم المتحدة، بعد 13 سنةً من الاعتقال بأحكام قضائية تراوحت بين العشرين سنة والمؤبد.
وطالب “فريق الأمم المتحدة المعني بالاعتقالات التعسفية”، المغرب بإطلاق سراح حوالي عشرين ناشطًا صحراويًا على الفور، كما خلص إلى أن “جميعهم محتجزون بشكل غير قانوني بعد أكثر من عقد من قضاء أحكام قاسية في السجون المغربية”.
وفي تصريح لـ”هوامش”، قال عبد الرحمان زيو، -وهو معتقل سابق ضمن ذات المجموعة؛ أطلق سراحه سنة 2013 بعد أن حكمت عليه المحكمة “بما قضى”- إن “القرار نتيجة لشكاية تقدمت بها رابطة حماية السجناء الصحراويين بالسجون المغربية، بتعاون مع محامين من النرويج وفرنسا”.
وأكد زيو، رئيس “رابطة حماية السجناء الصحراويين في السجون المغربية”، على أن “هذا القرار يزكي مطالبنا بإطلاق سراح هذه المجموعة التي اعتقلت تعسفا ولم تحظ بمحاكمة عادلة، بل كانت محاكمة جائرة شهدت عدة خروقات، ناهيك عن التعذيب والاعترافات المنتزعة تحت الإكراه كوسيلة إدانة وإثبات، بالإضافة إلى خرق جميع المساطر والضمانات القانونية الخاصة بالمحاكمة العادلة”.
وأضاف المتحدث، “محاكمات هذه المجموعة كانت جائرة ولهذا طالب فريق الاعتقال التعسفي من المغرب كدولة عضو في مجلس حقوق الإنسان، بأن تطلق سراح المجموعة فورًا”.
ويرى زيو، أنه “قرار تاريخي ينصف المجموعة ويؤكد الكلام الذي قلناه طيلة السنوات الماضية، بأن مجموعة كديم إزيك معتقلون سياسيون وضحايا لنظام يستخدم القضاء غير المستقل لتصفية حسابات سياسية مع المعتقلين السياسيين الصحراويين”.
تضم مجموعة “كديم إيزيك”، صحافيين ومدافعين صحراويين عن حقوق الإنسان، كانوا ضمن لجنة الحوار مع ممثلين حكوميين، إبان حراك إجتماعي شهدته مدينة العيون، سُمي “أكديم إيزيك” نسبة للمنطقة التي شهدت الاحتجاج وأنشئت عليها خيم النازحين، عام 2010، والذي “أشعل شرارة الربيع العربي” حسب تصريح سابق للفيلسوف والعالم الأمريكي الشهير نعوم تُشُومِسْكِي.
وفي طلبه للإفراج عن المعتقلين، أشار الفريق العامل التابع للأمم المتحدة إلى “الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبها المغرب والتي تشمل الحرمان من الحق في الوصول إلى الدفاع القانوني، والاعترافات المنتزعة تحت التعذيب، وانعدام حياد واستقلال العدالة التي حاكمتهم”.
وخلص إلى أن كل ذلك “يشير إلى حرمانهم تعسفيًا من حريتهم منذ اعتقالهم عام 2010”.
كما دعا الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المغرب، إلى “ضمان تعويضهم”، وحث المملكة المغربية على “التحقيق في الأحداث التي أدت إلى الحرمان التعسفي من الحرية واتخاذ إجراءات ضد المسؤولين عنها”.
ومن جهته، يقول عبد السلام عمار، رئيس “جمعية المعتقلين والمفقودين الصحراويين”، أن القرار “تأكيد مهم للملاحظات التي أبداها بالفعل العديد من مراقبي المحاكمات، كمنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، والعديد من المسؤولين في الأمم المتحدة، ولجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب”.
“نحث جميع الدول والكيانات الأخرى على الضغط على المغرب لتنفيذ هذا القرار والإفراج عن السجناء” يضيف عمار في تصريح لـ”هوامش”.
وبالإضافة إلى اعتبار اعتقال هؤلاء النشطاء تعسفيًا، أعرب الفريق العامل التابع للأمم المتحدة عن قلقه العميق بشأن عدد حالات الاعتقال التعسفي في الصحراء.
كما كرر وفق عبد السلام عمار، “المخاوف التي أعربت عنها لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، والعديد من رؤساء الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة فيما يتعلق بقضية سجناء أكديم إيزيك”.
في حديث عبر الهاتف، أكدت الحقوقية خديجة الرياضي الحائزة التي حصلت في 10 ديسمبر 2013 على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والرئيسة السابقة لـAMDH، أن “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان”، “وقبل أن يدرس فريق العمل الأممي هذا الملف ويعتبرهم معتقلين تعسفًا، ويطالب بإطلاق سراحهم فقد سبق للجمعية وأن طالبت بهذا الأمر نتيجة متابعتها للملف منذ البداية إلى الآن”.
تابعت الجمعية الأحداث التي وقعت في أكديم إيزيك سنة 2010 وهي أولى الجمعيات التي بعثت بلجنة تحقيق أعدت تقريرا حول المعطيات التي جمعتها، والتي اتضح من خلالها العديد من الانتهاكات التي مورست من طرف السلطات المغربية، ضد المتجمعين والمعتصمين في المخيم وعدد من النشطاء الذين تعرضوا للاعتقال وللعنف قبل اعتقالهم”.
وقالت الرياضي، لـ”هوامش”، أن الجمعية “أصدرت تقريرا مفصلا وأرسلته إلى الصحافة، يتضمن العديد من الاستنتاجات من هذا التحقيق، والعديد من التوصيات الموجهة للدولة المغربية، من أجل إطلاق سراح المعتقلين والتحقيق في كل الانتهاكات التي وقعت خلال فض ذلك التجمع؛ لأن طريقة فضه لم تحترم فيها المعايير الدولية لاستعمال القوة العمومية، أو حتى حقوق الأشخاص الذين كانوا في ذلك التجمع”.
كانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قد تابعت المحاكمة وكلفت محامين لكي يؤازروا هؤلاء النشطاء الذين تم اعتقالهم خاصة أن من ضمنهم عضو في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ونشطاء حقوقيين آخرين، وهم على أية حال كانوا على تفاوض مع السلطة وتستقبلهم وتتحاور معهم إلى حدود يوم قبل الأحداث وهذا يعني اعترافا منها بأنهم يمثلون الساكنة، ولهم شروط الكلام باسمها وتعتبرهم محاورين لها، لهم حق التحاور أو على الأقل شروط التحاور معها”.
وأشارت الحقوقية، إلى أنه “وخلال المحاكمة طبعا كذلك وقفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على العديد من الانتهاكات لمعايير المحاكمة العادلة، سواء المحاكمة التي كانت أمام المحكمة العسكرية، والتي أصلا هي مرفوضة شكلا ومضمونا لأنه لا يحق للدولة أن تحاكم المدنيين أمام محكمة عسكرية، فهي لا توفر أي معيار من معايير المحاكمة العادلة، ولا حتى عندما تمت إعادة المحاكمة أمام محكمة عادية، والتي أيضا وقفت خلالها الجمعية على العديد من الخروقات”.
وشددت الرياضي، على أن هذه الخروقات، تمثلت “في التعذيب الذي تعرض له المعتقلون وأخد الاعترافات تحت التعذيب وكذلك عدم احترام حق الدفاع، بل تم طرد بعض المحامين الذين كانوا يدافعون عن هؤلاء المعتقلين، إضافة إلى غياب الحجج في ما يخص التهم التي وجهت إليهم”.
وأضافت الرياضي، لـ”هوامش”، “وأكثر من هذا فأحد المعتقلين الذي اعتقل قبل الأحداث، وهو النعمة الأسفاري، توبع بوقائع وبأفعال تدعي السلطة أنه قام بها، رغم أنه كان معتقلا لديها”، وختمت “لهذا كانت الجمعية منذ البدابة تطالب بإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين وتعتبرهم معتقلي رأي ومعتقلين سياسيين، ووضعتهم في لوائحها وتقاريرها منذ ذلك الحين”.
وجدير بالذكر، أن “لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة”، سبق وأن أصدرت ونشرت خمسة قرارات بشأن سجناء “أكديم إيزيك”، محمد باني، عبد الجليل العروسي، النعمة الأسفاري، محمد بوريال، وسيدي عبد الله أباه، منددة فيها بـ”التعذيب واستخدام الاعترافات الموقعة تحت التعذيب كأساس لاستمرار سجنهم”.
وفي طليعة الترافع من أجل إطلاق سراح هؤلاء النشطاء والمعتقلين منذ 13 عامًا، توجد عائلاتهم، التي يقيم معظمها في مناطق الصحراء الخاضعة للمغرب، بعيدا عن أبنائهم، الذين لا يزالون في سجون متفرقة بالمغرب.
وحسب مصادر “هوامش”، ستعقد عائلات المعتقلين ندوة صحفية افتراضية يوم 8 دجنبر، للمطالبة بـ”الإفراج الفوري عن أبنائهم وأن يلتزم المغرب بقرار مجموعة العمل وينفذه”.