محمد تغروت
#لا_للتلقيح_مقابل_الأجرة هاشتاغ جاب مواقع التواصل الاجتماعي، على إثر إصدار عدد من الوزارات لقرارات تهدد بموجبها اعتبار الموظفين غير الملقحين منقطعين عن العمل، وحرمانهم من أجرتهم. وبلغ عدد المغردين بالهاشتاغ إلى حدود كتابة هذه الاسطر ما يقارب 7 ألاف تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك.
في المناطق القروية أصبحت المساعدات الغذائية للفقراء ممنوعة عن غير الملقحين. وفرض بعض القُياد بمناطق متفرقة بالجنوب الشرقي للبلاد، على المواطنين إحضار جواز التلقيح مقابل الاستفادة من الدقيق المدعم. وألزم تسجيل صوتي منسوب لأحد أعوان السلطة، حصلت عليه منصة “هوامش ” بعض الأسر إحضار جواز التلقيح من أجل الاستفادة من حصتهم من الدقيق.
اعتبر متابعون سلوك ممثلي السلطات المحلية والذي يربط توزيع الدقيق بجواز التلقيح، بكل من فوزاطة وتمكروت بزاكورة، وبوذنيب بالرشيدية، بمثابة ضرب للأمن الغذائي لفئات هشة وفقيرة داخل المجتمع من أجل إجبارها على التلقيح ضد فيروس كورونا. وفي الوقت الذي تجمهر فيه عدد من المواطنين أمام مراكز التلقيح، انتفضت نساء رفقة أطفالهن من ساكنة بوذنيب بإقليم الراشيدية، مطلع الأسبوع الماضي أمام مقر الباشوية، في وقفة احتجاجية، للمطالبة بتوفير الدقيق المدعم، دون شرط التوفر على جواز التلقيح.
اكتست القرارات الحكومية هذه طابع الغموض في الوقت الذي انخفض فيه عدد المصابين المغاربة بالفايروس (16 ألف و14 حالة نشيطة من حوالي 11 مليون تحليلة) وكذا شروع فرنسا وبعض الدول الاوربية في التخفيف من الإجراءات الاحترازية واتجاهها إلى إلغاء الزامية الجواز نهاية شهر مارس المقبل.
ليس ذلك فحسب ولكن أكد أحد المواطنين في تسجيل حصلنا عليه في هوامش أنه حرم من قضاء أغراضه بوازرة التجهيز بسبب عدم توفره على جواز التلقيح، ويقول التسجيل الذي وردنا بالأمازيغية
ويزيد الغموض في القرارات الحكومية الجديدة بعد أن لوحظ في البداية إقبال المواطنون المغاربة على مراكز التلقيح بشكل عفوي ومكثف لتلقي الجرعة الأولى وبعدها الثانية. وبلغ عدد الملقحين بالجرعة الأولى 24 مليون و702 ألفا و344 مواطن ومواطنة، ، وبالجرعة الثانية 23 مليون 137 ألف و116 شخصا، في حين أن عدد متلقي الجرعة الثالثة لم يتجاوز 5 مليون 89 ألف و940 شخصا إلى حدود يومه الأحد 13 فبراير 2022 حسب نشرة كوفيد الصادرة عن وزارة الصحة، ويرجع أغلب المتتبعين الأمر إلى إحجام المواطنين على التلقيح بعد إصدار القرار الحكومي بفرض الجواز كوثيقة إلزامية للتمكن من الاستفادة من الخدمات العمومية وولوج عدد من المرافق العامة والخاصة. وأشعلت هذه القرارات احتجاجات في عدد من المناطق بالبلاد وخلفت ردود أفعال غاضبة من قبل عدد من الحقوقيين.
محمد النويني، رئيس الفضاء المغربي لحقوق الإنسان، اعتبر أن التمهيد لقرار فرض الإدلاء بجواز التلقيح للموظفين بالقطاع العام، والمستخدمين بالقطاع الخاص، تحت طائلة عرضهم على المجالس التأديبية، واتخاذ قرارات في حقهم تصل أحيانا إلى الاقتطاع من أجورهم، قرار مناقض للدستور ومخالف للمواثيق والعهود الدولية.
لن يكون بإمكان الموظفين ولوج مقرات عملهم بعد اعتماد مقاربة احترازية لولوج مقرات العمل والمرافق العمومية. تأكد ذلك بعد أن عمم وزير العدل عبد اللطيف وهبي دورية موجهة إلى مختلف مسؤولي وزارته انسجاما مع ما وصفه ”التدابير التي أقرتها السلطات العمومية لمحاصرة هذا الوباء ومنع انتشاره”. وألزم وزير العدل موظفيه بالإدلاء بالجواز أو الشروع في عملية التلقيح أو الإدلاء بوثيقة الإعفاء، “غير أنه لوحظ عدم تفاعل بعض الموظفين مع الإجراءات المتخذة في الموضوع”.
وأمام هذا الوضع، دعا وهبي إلى “منع جميع الموظفين الرافضين للتلقيح دون التوفر على جواز الإعفاء من الولوج إلى مقرات عملهم، بعد انصرام أجل سبعة أيام من تاريخ صدور هذه الدورية، واعتبارهم في حالة تعمد الانقطاع عن العمل”.
نفس المضمون حملته مذكرة داخلية أصدرتها وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، وأخرى صادرة عن وزارة الشباب والثقافة والتواصل.
لم تكتف الحكومة المغربية بفرض جواز التلقيح لولوج المرافق العمومية والخاصة، بل فرضته، كسابقة في التاريخ، على البرلمانيين –ممثلي الأمة- لولوج المؤسسة التشريعية، فتم بذلك منع النائبة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد –معارضة- من ولوج قبة البرلمان للمشاركة في التشريع ومراقبة الحكومة.
هذه الإجراءات الصارمة، تعززت بعد أن اجتمع رئيس الحكومة عزيز أخنوش بالمركزيات النقابية الأربعاء الماضي من أجل حثها على الانخراط في “عملية التحسيس بضرورة انخراط الموظفين والمستخدمين في استكمال مسار التلقيح ضد فيروس كورونا” و”أهمية استكمال مسار التلقيح بالجرعة الثالثة”، نفس المضمون تناوله أخنوش في اجتماع مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب، حيث رفض الحديث عن أية مواضيع أخرى سوى ضرورة التلقيح.
عبر المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل –أكبر مركزية نقابية- عن رفضه لما وصفه “كل الإجراءات القانونية التعسفية، وأسلوب التهديد الذي يستهدف الموظفين والأجراء خلال فرض إجبارية التلقيح والمنع من ولوج مقرات العمل”، ودعا بلاغ الـ” كدش” العاملات والعمال والأجراء وعموم الموطنين والمواطنات إلى الانخراط الواسع في الوقفات الاحتجاجية التي تنظمها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل الأحد 13 فبراير 2022، بجميع الأقاليم.
“إن مسارعة بعض القطاعات الوزارية إلى تبني هذه المقاربة غير القانونية لمنع موظفيها من الولوج إلى مرافقها العمومية، يضرب عرض الحائط بحقوق الموظف المادية والمعنوية وحريته وكرامته وراتبه” يقول بلاغ النقابة الوطنية للمحافظة العقارية التابعة للاتحاد المغربي للشغل، والتي دعمت فيه مبدأ اختيار التلقيح ورفضها لمحاولات القطاعات الحكومية فرض الجواز داخل مقراتها.
ودافع الاتحاد المغربي للشغل على مبدأ اختيارية التلقيح ودعا الحكومة إلى التراجع عن خيار ”الأجر مقابل اللقاح”. ونبه الاتحاد في بلاغ له إلى “خطورة المضي في هاته المقاربة غير السليمة التي قد تنتج عنها عواقب وخيمة تضر الطبقة العاملة وتهدد استقرارها المهني والاجتماعي”.
كما جددت الجامعة الوطنية للتعليم في بلاغ لها، الأربعاء، رفضها لقرار فرض جواز التلقيح ومنع الموظفين من ولوج مقرات عملهم وتطبيق “الأجرة مقابل التلقيح”، معتبرة أنه “قرار تعسفي واستبدادي”.
وأكد التنسيق الخماسي للنقابات التعليمية على اختيارية عملية التلقيح ورفض قرار “الأجر مقابل التلقيح” وأي تصور أو فعل يسعى إلى جعلها إجبارية وأي إجراء عقابي إداري أو مالي يمس موظفات وموظفي الوزارة”.
ردا على ذلك قال الناطق باسم الحكومة مصطفى بايتاس عقب الندوة الصحفية الأسبوعية للمجلس الحكومي “لا يوجد حل آخر لعودة الحياة إلى وضعها الطبيعي، إلا التلقيح، وإن الحل الوحيد والأمثل هو استكمال مسار التلقيح ولا شيء غيره”، وهو التصريح الذي اعتبره بعض النقابيين أن الحكومة لا تبالي بالضغوطات التي تمارسها المعارضة والمنظمات الحقوقية الرافضة لقراراتها.