زينب إحدى ممثلات العمال بفندق كنزي بلاص، عملت منذ 12 عاما، ووجدت نفسها في الشارع بعد ساعة و10 دقائق من استدعائها. رسالة توصلت بها من إدارة الفندق بخرت أحلامها في العمل دون أن تعرف ما هو ”الخطأ الجسيم الذي ارتكبته”.
بينما كان سكان الأرض يحتفلون باليوم العالمي للمرأة، قالت زينب إنها تلقت هدية خاصة من مشغلها، ففي ذلك اليوم توصلت بقرار طردها من العمل إلى جانب بعض زملائها.
لم تكن زينب تتوقع أن تتعرض للطرد في ذلك اليوم، خصوصا لرمزية 8 مارس، حيث تلقت استدعاء يطلب منها الحضور إلى الإدارة، لتفاجأ بوجود مفوض قضائي يسلمها “استدعاء” لحضور جلسة استماع تنعقد بعد 10 دقائق من تسلمها إياه.
اعترضت زينب على ذلك، وطالبت بعقد جلسة الاستماع في مقر مفتشية الشغل وبحضور مفتش الشغل والكاتب العام للنقابة ومفوض قضائي، وانتهى اللقاء، ’’وبينما كنت أنتظر محضر الاجتماع توصلت بقرار الطرد‘‘ تقول زينب في تصريح لهوامش.
وحسب إفادة زينب مراضي، لم يستغرق قرار طردها أكثر من ساعة وعشر دقائق، وهي المدة الفاصلة بين توصلها بالاستدعاء على يد المفوض القضائي وتسليمها قرار الطرد.
يعيش العمال المطرودون والمضربون في وضع مادي ونفسي صعب، خصوصا أنهم لم يتسلموا رواتبهم خلال فترة الحجر الصحي.
وكشفت زينب مراضي عن معاناتها بعد الطرد، وقالت في تصريح لهوامش ’’عانيت من ضرر نفسي وجسماني، فطردي يمحو 12 سنة من العمل ويجعلها كأنها لم تكن، لقد كنت مشرفة على تنظيم وإعداد الغرف وهي من أصعب المهام في الفندق‘‘.
وقالت مراضي في حديثها ’’الذين تضرروا بشكل أكبر هم زملاؤنا العمال، لأنهم يتحملون مسؤوليات عائلات وأسر، ومعظمهم اضطر للبحث عن أي عمل آخر كي يسد رمق أسرته، وبينهم من باعوا أثاث منازلهم بسبب ضيق الحال‘‘.
”يمكنني أن أقول لك رصيدي هو 4 دراهم، ونعيش حاليا بالبركة ديال الله سبحانه وتعالى‘‘، هكذا رد محمد ضناف على سؤالنا حول وضعه بعد أشهر من طرده هو وزملاؤه.
بدأت قصة الطرد بعد أن تلقى 11 عاملا بينهم 4 نساء، استدعاءات لحضور جلسات استماع حول اتهامات “بالسب والتحريض”، وهي الجلسات التي انتهت بتسريحهم. وشرعت فعليا إدارة الفندق، مطلع مارس الماضي، في تسريح بعض العاملات والعمال، كانوا يضربون عن العمل تضامنا مع زملائهم المنضوين تحت لواء إحدى النقابات.
وتتجه زينب وزميلاتها وزملاؤها إلى أمام الفندق للاعتصام، ابتداء من الساعة صباحا إلى الساعة الرابعة بعد الزوال، ويرفعون لافتات تلخص مطالبهم وتشرح سبب احتجاجهم.
محمد ضناف، رب أسرة تتكون من 3 أفراد، إضافة إلى أمه وشقيقه الذين يتحمل مسؤولية الإنفاق عليهما، قال في تصريح لهوامش ’’لم يدخل جيبي ولو درهم واحد منذ شهر فبراير والآن أنا محاصر من طرف البنك بسبب عدم تسديد أقساط الديون‘‘.
وتلقى ضناف إشعارات من المؤسسة البنكية التي استدان منها، وآخر إشعار تلقاه من نفس المؤسسة يفيد أنه تم تحويل ملف قرضه إلى المحامي وهو ما يعني أن البنك قرر أن يتجه إلى القضاء، في وقت يعجز فيه عن توفير القوت لأسرته بسبب تسريحه من العمل.
وتذرعت إدارة الفندق في طرد زينب بارتكابها ’’خطأ جسيما يتمثل في السب الفادح وتحريض بعض العمال على عدم القيام بعملهم‘‘، وهي نفس الذريعة بالضبط التي اتخذتها الإدارة لطرد 10 آخرين من زملائها.
وعمليا طردت إدارة الفندق جميع أعضاء المكتب النقابي، وعددهم 11 عضوا، والذي جرى تشكيله في شهر يناير الماضي، وقامت بطردهم بنفس الذريعة.
وأضرب 16 عاملا عن العمل، 8 عمال و8 عاملات، وانضموا لاعتصام أعضاء المكتب النقابي متشبثين بإرجاعهم للعمل ومطالبين بضمان حرية العمل النقابي، وقامت الفندق بطردهم حين قرروا تعليق الإضراب يوم 22 يونيو الجاري.
وقال أحد العمال المتضامنين في تصريح لهوامش ’’لن نتراجع ولن نتنازل، إما أن يعود جميع أعضاء مكتبنا النقابي للعمل أو ستستمر معركتنا إلى أن نأخذ الحقوق التي يكفلها القانون‘‘.
وحصلت هوامش بالفعل على وثائق تثبت تجديد المكتب النقابي لعمال الفندق في شهر يناير 2021، بينما لم تسلمهم سلطات مراكش وصل الإيداع رغم اتباعهم لكافة الإجراءات القانونية، ولكن في المقابل بدأت حملة الطرد في صفوفهم.
فؤاد البحري، أحد المطرودين، عمل في المؤسسة الفندقية كنزي منارة بلاص لمدة 12 سنة، قال في تصريحه لهوامش أن ذنبهم الوحيد هو تجديد المكتب النقابي، مبرزا أن تذرع المؤسسة بالسب والشتم وتحريض العمال لا أساس له من الصحة.
وقال البحري أن الطرد خلف أضرارا عديدة ’’على المستوى المادي لدينا عدة التزامات منها السكن ومصاريف الأسرة وقروض الأبناك، كل هذا يثقل كاهلنا. أما على المستوى المعنوي فنحن نعاني في صمت خاصة أننا حرمنا من حقنا الدستوري في التنظيم النقابي والإضراب‘‘.
وأشار جميع من تحدثنا إليهم من العمال المطرودين أنهم اشتغلوا طيلة فترة الحجر الصحي بدون أن يتلقوا أي أجر من المشغل، وقال البحري ’’منذ بداية الوباء لم يغلق الفندق أبوابه وعملنا طول فترة الحجر بدون أن نتلقى أجرا من الفندق‘‘.
وأكد البحري وزملاؤه لهوامش أنهم طيلة سنة كاملة كانوا يتلقون فقط مبلغ 2000 درهم من الدعم الذي خصصته الدولة لدعم القطاعات، بينما كانوا يزاولون عملهم بدوام كامل في الفندق الذي يتوقف عن العمل.
يجد العمال المطرودون أنفسهم بين مطرقة الطرد وسندان المنع من الإضراب والاحتجاج، فمنذ طردهم لم تتوقف قرارات باشا باشوية المشور القصبة، بمنعهم من الاعتصام والتظاهر، خاصة بعد فشل الاجتماعات التي دعا له الباشا من أجل إيجاد حل للنزاع بين العمال وإدارة الفندق.
وتوالت قرارات باشا المشور القصبة، وكان آخرها بتاريخ 22 يونيو الجاري، والذي قرر فيه ’’منع إضراب واعتصام‘‘ أرسلت النقابة، المنضوية تحت لواء الاتحاد العام الديمقراطي للشغالين بالمغرب، إشعارا بشأنه إلى السلطات.
وبرر باشا المشور القصبة منع الإضراب والاعتصام أمام المؤسسة الفندقية بأن الوقفة الاحتجاجية ’’من شأنها أن تمس بالنظام العام الصحي‘‘ معتبرا أن أي ’’تجمهر أو تجمع أو مسيرة من شأنه احتمالية نشر فيروس كوفيد 19‘‘.
وبعد أزيد من 3 أشهر، وبينما كان عمال فندق كنزي منارة بلاص يطالبون بإرجاع أعضاء مكتبهم النقابي الأحد عشر إلى العمل، أضافت إدارة الفندق 16 مطرودا خرين تضامنوا مع زملائهم، في ظل منع السلطات لهم من الاضراب والاحتجاج والتظاهر.
يشار إلى أن مالك فندق كنزي منارة بلاص هو عبد اللطيف القباج رئيس مجموعة فنادق كنزي ورئيس الكنفدرالية الوطنية للسياحة وانتخب رجل السياحة للعام 2021.