الرئيسية

“مُوحا”، فلاحٌ متّهم بالجمع بين تعويضات كورونا

تحكي تجاعيد وجهه ألف قصة، هو كهل أربعيني في عمر العطاء لكن حاله ينبئ عن شيخ سبعيني. تفاجأ “مُوحُا ن.”، فلاح من نواحي مدينة تنغير (جنوب شرق المغرب)، باستدعائه للتحقيق، فتوجه إلى وكيل الملك و وهو يقول “والله لا أملك وقتا لأتفرغ للسّجن هذه الأيام”. ترك في بيته زوجة وأربعة أبناء، وأبا وأما عاجزين، وأخا […]

تحكي تجاعيد وجهه ألف قصة، هو كهل أربعيني في عمر العطاء لكن حاله ينبئ عن شيخ سبعيني. تفاجأ “مُوحُا ن.”، فلاح من نواحي مدينة تنغير (جنوب شرق المغرب)، باستدعائه للتحقيق، فتوجه إلى وكيل الملك و وهو يقول “والله لا أملك وقتا لأتفرغ للسّجن هذه الأيام”. ترك في بيته زوجة وأربعة أبناء، وأبا وأما عاجزين، وأخا يافعا عاطل عن العمل، كلهم ينتظرون ما يجنيه من بيع بعض الكيلوغرامات من التين والزيتون.

كانت التهمة الجمع بين تعويض مالي تلقاه في عز الحجر الصحي من “صندوق كورونا” ـ باعتباره من الأسر المتضررة ـ وآخر تلقاه على اعتبار أنه يشتغل في القطاع غير المهيكل. لا تتجاوز قيمة هذه التعويضات الحد الأدنى للأجور، حوالي 2500 درهم مغربي (250 دولار)، إلّا أن هذا قد يعرضه للسجن أو الغرامة.

مُوحَا واحد من المغاربة الذين تتم محاكمتهم بتهمة “الجمع بين تعويضات الجائحة”. يحكي لنا “موحا. ن” كيف أنه ظل يتأمل الميزان المرسوم على باب المحكمة ملياً وهو يفكر فيما إذا كان من العدل أن يُسجن لأنه أخذ مبلغا من الدعم لم يكفه حتى لدفع الدَّين الذي عليه لدى البقّال الذي اعتاد التعامل معه طيلة شهور الحجر الصحي.

حاولنا البحث عن إحصائيات عن عدد المحاكمات القضائية للمواطنين بسبب مخالفة شروط الاستفادة من دعم “الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا” ، الذي أحدثته الحكومة المغربية أواسط شهر مارس الماضي واستمر إلى غاية شهر يونيو، ولم نجد أي أرقام تحيل عن ذلك. وخُصص الجزء الأكبر من هذا البرنامج لدعم الأسر المتضررة من الجائحة بمبالغ شهرية تراوحت ما بين 800 و1200 درهم للأسرة، وقد استهدف العاملين في القطاع غير المهيكل أو من يمارسون مهنا وحرفا بدخل متواضع وبدون تغطية صحية وبدون ضمان إجتماعي.وتشير معطيات وزارة الاقتصاد والمالية إلى أن المبالغ التي تم صرفها في هذا الإطار قد تجاوزت الـ 20 مليار درهم (ملياري دولار)، لكن هذا البرنامج الاجتماعي الهام اصطدم بإشكالات التحديد الدقيق للفئات المستحقة من جهة وتقاطعه مع العديد من البرامج الاجتماعية الأخرى.

هذا وقد خلق اشتراط الجهات الحكومية عدم استفادة المعنيين من صندوقين من صناديق الدعم الاجتماعي، حيث تم حرمان بعض الأرامل، على سبيل المثال، من دعم صندوق كورونا على أساس استفادتهن من دعم صندوق دعم الأرامل.
في هذا السياق كانت مصالح التفتيش التابعة لمديرية الرقابة والإشراف البنكي لدى بنك المغرب قد باشرت تحقيقات حول عمليات صرف دعم لفائدة المتضررين من جائحة “كورونا” خلال الأشهر الماضية، وكذا مصير المتهمين، أمثال “موحا.ن”، بالجمع بين دعمين مختلفين.

قال “موحا. ن” وهو يمرر كفه على شعره الذي يغزوه الشيب : “ماذا الذنب الذي اقترفته؟ لقد تسجلت في الصندوقين لأنني تضررت مرتين وأعيش ضائقة مالية. مرة بسبب فرض الحجر الذي منعني من المتاجرة ببعض ما جمعت من فواكه جافة. ومرة لأني أشتغل حرفيا في قطاع غير مهيكل. لا سبيل لي لأعيل عائلتي”. ثم يختم بنوع من التهكم قائلاً “إذا كانوا سيسجنونني فليتركوني على الأقل إلى غاية فصل الشتاء… أما الآن فهو فصل الحرث وبعض البيع والشراء”.

 

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram