الرئيسية

حسن الحافة.. “صعلوك  الهامش” الذي تطارده لعنة التدوين

حسن الحافة مدون قادم من العالم القروي لكنه خلق الجدل  في مواقع التواصل الإجتماعي بين معارضين ومؤيدين له بعد اعتقاله مؤخرا بسبب عدم دفعه لغرامة مالية فرضت عليه بعد اعتقاله الأول سنة 2015، وكان قد سجن على خلفية شكاية تقدم بها قائد قيادة أولاد امحلة بشأن القذف والتشهير، بعد تدوينته "القايد ومراتو".

هوامش

دائما ما يثير الجدل بتدويناته على الفايسبوك، يكتب حسن الحافة عن حياة الهامش، ليس حياته بالضرورة، لكنه يستعمل غالبا ضمير المتكلم. يحكي حسن عن عوالم الفقر والعمل المضني والعربدة وينشر صورا تعبر عن البؤس وقلة ذات اليد. لا يسخر من الآخرين فقط، بل حتى من نفسه. لذلك فكثيرا ما ينعته أصدقاؤه ”الصعلوك” الشقي.  

مذكرات “صعلوك” 

ولد حسن الحافة سنة 1985 بدوار أيت عبد الجليل التابع لإقليم تارودانت، وبهذا الدوار النائي قضى طفولته رفقة والديه وأختيه، ثم درس المرحلة الإعدادية والثانوية بسبت الڭردان حيث حصل على الباكالوريا سنة 2004.اختار الحافة أن يدرس في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير حيث نال الاجازة في الأدب العربي سنة 2010. كان حسن يقضي وقته بين المدرجات ومع فصيل طلابي يساري.

أبى الحافة إلّا أن يدون تجربته الجامعية بأسلوب ساخر ومصطلحات لا تناسب كلها جميع الأعمار لكن فيها الكثير من الواقعية. عنْون حسن الحافة مذكراته التي بدأ بنشرها في الفايسبوك بـ” يوميات طالب جامعي محــوزق”، وسرد فيها بشكل عفوي وصريح مواقف طريفة وحزينة وجد فيها الكثير من الطلبة ذواتهم.. سلاسة الأسلوب وسخريته من الواقع بشكل صارح وصادم أحيانا جلب لحسن الكثير من المتابعين والمنتقدين في الآن نفسه.

كتب حسن الحافة في يوميته الأولى تلك “فراغ قاتل اسبح فيه لدرجة لم يعد للوجود معنى، وأصبح للأيام إسم واحد. سهر حتى الغسق الأخير من اليل في تدخين “الجوانات” و ” السبسي” ، و نعاس حتى ” الخمير” ، و تهديد ووعيد السيد الوالد عمر و”نكير” السيدة الوالدة فاطمة من خلال لازمتها المعتادة “نوض قلب ليك على خدمة كيف سيادك” لأجيبها من تحت بطانية “البنان” ًواك واك خليني نعس راه عاد حطيت راسيً” لتنصرف وهي تأسف لحالي. ألعن واقعي وأتساءل لماذا انجباني؟ أكانا ينتظران مني أن أصبح “بيلوط”. هما سبقاني لهذه الدنيا. نهضت ذلك اليوم دون أن أتوجه الى مائدة الإفطار اللعينة.  لبست “حوايجي” و انتظرت الوالدة لعلها تجود علي ببعض الدريهمات، لأنه بالرغم من “نكيرها” إلا أن الحنان يحل محل الصرامة. نفحتني ببعض الدريهمات فتوجهت صوب أقرب مقهى. طلبت قهوة “كحلة” و إستليت من جيبي سيجارة “كازا” من مخلفات البارحة.  بين رشف القهوة ونفث دخان السيجارة، جلست اتملى في مؤخرات “الدريات … “.

القايد ومراتو

استمر حسن الحافة مدونا يجمع إعجابات آلاف القراء، لكن ليس في كل مرة تسلم الجرة. في سنة 2015 سوف تقلب له الدنيا ظهر المجن، أو هكذا يبدو، فقد قادته إحدى التدوينات إلى ردهات المحاكم عندما كتب عن زوجة رجل سلطة في منطقته. حكمت عليه المحكمة  بشهرين نافذين وغرامة مقدارها مليون سنتيما.

بين مؤيد لحرية التعبير ورافض للتشهير بالناس اختلف المتتبعون  حول حسن الحافة، وتداولت الألسن قضيته، ليس فقط في جانبها القانوني والحقوقي، لكن من الجانب الأخلاقي أيضا سيما كتابته حول مفاتن زوجة رجل سلطة، في مركز قروي لا يوجد فيه سوى معني واحد بالأمر وهو ما يجعل الأمر يخرج بحسب منتقديه عن “التخيل” إلى “القذف والتشهير”.

وفي نونبر 2021، بعد ثلاث سنوات أخرى يعود المدون حسن الحافة إلى الواجهة من جديد بعد أن تم اعتقاله على خلفية عدم أدائه لغرامة سبق للمحكمة أن حكمت بأن يدفعها في قضية اشتهرت “القايد ومراتو”. وهو الذي سبق له أن رفض دعوات بأن يتم جمع مبلغ هذه الغرامة من خلال تبرعات القراء والمتضامنين. إلا أن هذه المرة قام فاعلون ومتضامنون بنشر حساب بنكي لوالده بغرض مساعدته على دفع هذه الغرامة التي لم تتقادم وكلهم أمل أن يعانق الحافة الحرية ويعود إلى أحضان أسرته ومتابعيه.

إعتقال .. بين التضامن والاستياء 

أكد الصحفي إسماعيل عزام في صفحته على فايسبوك أن محامي حسن الحافة، أكد أنه تم توقيف حسن الحافة في مدينة أولاد تايمة، عندما كان بصدد تجديد بطاقته الوطنية، بسبب عدم أداء غرامة 10 آلاف درهم لصالح الخزينة العامة للمملكة، وهي غرامة متعلقة بقضية 2015، ونتيجة لعدم الأداء، فقد أضحى الحافة ملزماً بعقوبة “الإكراه البدني”، ومدة الحبس في حدها الأدنى 15 يوما، وفي حدها الأقصى 21 يوما، حسب المحامي الذي يعتقد أنها ستكون غالبا في الحد الأدنى.

وبلغ منصة ”هوامش” أن حسن الحافة رفض المبادرة التي أطلقها عدد من متابعيه لجمع الغرامة المالية ودفها بدله، مفضلا قضاء أيامه في السجن. 

وخلف اعتقال حسن الحافة الأخير موجة من ردود الأفعال المتباينة، بين منتقد ومتضامن وساخر، فقد كتب صديقه ومتابعه “زكرياء المساوي” “نحن كأصدقاء ومتابعين لهذا الشخص علينا أن نتضامن معه، فهو في الأخير من الأشخاص المزعجين للسلطة. وحياته عبارة عن احتجاج ودفاع عن المقهورين ولو بالقلم ومن هذا المنبر المتاح. لأنه وبكل بساطة ليس هناك أكثر من هذا. مضيفا “أحيانا نتفق معه وأحيانا لا نتفق وهذا لا يعني أن نكره حسن كشخص، ويكون التشفي سيد الموقف في حالة كهذه”.

أما السينمائي “هواري غباري” فقد ذهب إلى أن مايكتبه حسن الحافة لاعلاقة له بحرية التعبير، “بل تعابير مليئة بالسب والتجريح والميزوجينية الحقيرة وجدت صدى لها واتباع لأن المجتمع يحتضن هذا النوع من العنف، ومن حق من يرى في كتاباته تجريحا أن يرد عليه، قضية أنه في السجن ليست مبررا لإخراس مخالفيه بدعوى أنه تشفي، الحافة ليس في محنة بل في وضع ناتج عن خلاف قانوني لا يتطلب أي نوع من التضامن او بكائيات بل الخضوع للقانون وحل الأمر في إطار القانون”. 

وقال المدون الساخر “جواد الأنصاري” : لنفترض شي نكرة مسيكين ماعارفو تا حد إنتشر خبر بإعتقاله لأسباب “غير معروفة” واش كنتي غادي تشوف شي حد غيجبدو؟؟؟ ويقوليك نجمعو ليه ونتفارضو ونخرجوه مسيكين…. سي حسن وجه الحبس بحالي وبحال أي واحد كابر وسط الغيس ولعجاج والحفاري والقهرة… غتعطيه شهر ديال الحبس.. واكل شارب ناعس مغطي… اكيد غيفضل الحبس على سبت الكردان بدون أي تردد.”

فيما دخلت الممثلة “لبنى أبيدار” على الخط  ودونت  “بلغني للتو إعتقال حسن الحافة بعد تقدّمه بطلب تجديد البطاقة الوطنية في مركز الشرطة أولاد تايمة و تقديمه لعناصر الدرك الملكي في جماعة سبت الكردان نواحي تارودانت، مشاكيل صافي” داعية إلى إطلاق سراحه.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram