الرئيسية

بعد 11 سنة، “20 فبراير” ذكرى تنفض الغبار كل سنة عن واقع التهميش المستمر

في مثل هذا اليوم، منذ إحدى عشرة سنة، احتج ألاف الشباب في 114 مدينة رافعين شعارات "ضد الفساد والاستبداد". وبعد عقد من الزمان دعت شبكة من التنظيمات السياسية والحقوقية والجمعوية تحت اسم "الجبهة الاجتماعية المغربية" إلى الاحتجاج يومه الأحد 20 فبراير 2022 "ضد غلاء الأسعار وضرب الحقوق والحريات.." لإحياء مطالب أولى الحركات السياسية التي خرجت للشارع للمطالبة بتغيير الدستور المغربي.

استجابة للنداء الذي دعت فيه الجبهة الاجتماعية للتظاهر، خرج اليوم ما يقارب 50 مدينة مغربية للتظاهر على استمرار التهميش الذي طالبت حركة 20 فبراير برفعه منذ 11 سنة من اليوم. وتزامنت الذكرى الحادية عشرة لانطلاق حركة عشرين فبراير، مع موجة من الغلاء في أسعار المواد الغذائية الأساسية والمحروقات، وما اعتبره نشطاء تنصلا من قبل الحكومة من الوعود الانتخابية التي قدمها عبد العزيز أخنوش وفريقه للمغاربة قبل جلوسه على كرسي رئاسة الحكومة.

2011 عودة الأمل

يوم 20 فبراير 2011 صباحا خرج الآلاف من المواطنين في 114 مدينة مغربية للمطالبة بالعدالة الاجتماعية والكرامة والحرية في المدن الكبرى مثل المداشر والقرى. أياما قليلة بعد انتشار أول شريط فيديو يدعو المغاربة للخروج، انطلقت دعوات الانضمام إلى التظاهر من قبل 99 إطارا حقوقيا وحزبيا في المغرب للالتحاق بالمسيرة المعلن عن تنظيمها يوم العشرين من فبراير 2011، وكان ذلك في سياق الثورات والانتفاضات الإقليمية التي أسقطت “زين العابدين بن علي” في تونس يوم 14 يناير و”حسني مبارك” يوم 25 يناير 2011 في مصر.  

في جو فبراير البارد انطلقت مسيرات ووقفات في ربوع المغرب تعلن عن رغبتها في تغيير الدستور وإقامة نظام ديمقراطي يعكس الارادة الشعبية. اختلاف مكونات الحركة أنذاك، والمشكل من الحركات المعارضة، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، لم يمنع من الاتفاف على ورقة مطلبية واحدة عنوانها العريض ”إسقاط الفساد والاستبداد”. جرت مياه كثيرة خفت معها التأثير السياسي للحركة وبعدها الجماهيري من أبرزها حملة الاعتقالات التي وصلت بين 2011 و2012 إلى 500 مواطن حسب تقرير الـAMDH، ناهيك عن تقديمها لشهداء أبرزهم كريم الشايب وكمال العماري وشهداء العشرين من فبراير بالحسيمة …

وائل الناصح، طالب في سلك الماستر وناشط سابق في تنسيقية مراكش لحركة عشرين فبراير، اعتبر في حديثه لمنصة “هوامش”، أن “انتفاضة عشرين فبراير 2011 كانت قد شكلت قفزة نوعية في النضال الجماهيري بالمغرب منذ ما وصفه “الاستقلال الشكلي”، مضيفا أن الظروف الموضوعية المتمثلة في الانتفاضات الاقليمية والايمان بقدرة الجماهير على التغيير وكذلك استكمالا لانتفاضات محدودة جغرافيا (سيدي افني وتازة واكديم ازيك واميضر …) أو ممتدة (تنسيقيات الغلاء ونضالات الحركة الطلابية)، ساهمت في انبثاق الحركة آنذاك.

20 فبراير قفزة نوعية وروحها مستمرة

الناشط بسام أقداد الذي استجاب لنداء التظاهر وخرج يوم 20 فبراير 2011  حاملا معه أمل التغيير في المغرب رفقة ألاف من الطلبة والتلاميذ أنداك في مدينة مراكش في مسيرة جابت أهم الشوارع الرئيسية قال لـ”هوامش” إنه رغم تراجع الحركة فإن “الفعل الاحتجاجي لم يتوقف يوما بالمغرب، إذ تخاض يوميا المئات من الوقفات والأشكال’. بسام أقداد أضاف أن “حركة 20 فبراير هي وليدة شروط ذاتية نابعة من الواقع المغربي، وهي كذلك وليدة انتفاضات ومسارات ثورية اقليمية وجهوية، شكلت عنصرا محفزا لانبثاقها”.

وبعد تراجع الحركة في السنوات التي تلت الانتفاضة ظهرت عدد من المبادرات الشبابية التي ساهم شباب حركة 20 فبراير في إبداعها، من قبيل “الفلسفة فالزنقة”. كان عدد من الشباب يجتمعون في الساحات العمومية لنقاش مواضيع ذات طابع فكري وفلسفي وسياسي، “مسرح المحكور” الذي لازال ينظم إلى اليوم أوراشا مفتوحة في الشوارع، بالإضافة إلى إبداعات ولوحات تعبيرية رافقت مختلف الأشكال الاحتجاجية، ساهم فيها عدد من النشطاء، كان من أبرز وجوهها “نور الدين العواج” المعتقل حاليا على خلفية تعبيره عن رأيه في تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشارع.

مد وجزر وعودة إلى وضع ما قبل 20 فبراير

مصطفى سندية الناشط الحقوقي بآسفي وعضو تنسيقية الحركة في المدينة أوضح لمنصة “هوامش” أن “الحركة الاحتجاجية بالمغرب عادت إلى الوضع الذي كانت عليه قبل 20 فبراير”، فقبل الحركة كانت الحركة الاحتجاجية بالمغرب ذات طبيعة محلية، كانت بعض المدن تعرف احتجاجات محلية ولم تستطع أن تتوسع ودخلت في دوامة التراجع على الرغم من أن بعض هذه الديناميات المحلية هيكلت نفسها تنظيميا وكانت مدعومة من قبل إطارات مناضلة”.

وذكّر سندية في هذا السياق بتجربتَي مدينتي بوعرفة وطاطا اللتان عرفتا حركتين احتجاجيتين طويلتي النفس بمطالب واضحة وبقرارات نضالية واضحة. تحدث الناشط عن حالة طاطا ضد مرسوم ضرب مجانية التطبيب في عهد حكومة اليوسفي والثاني ضد غلاء الماء والكهرباء. لكن هاتين الديناميتين المحليتين رغم وضوح مطالبهما وانخراط كل الساكنة في اشكالهما النضالية إلا أنهما انكفأتا على ذاتيهما ومُنيتا بهزيمة بالنظر لطابعهما المحلي”.

حركة عشرين فبراير والفاعل السياسي أية علاقة؟

نور الدين السعدي الناشط في تنسيقية بني ملال لحركة 20 فبراير، في استحضاره لتجربة المدينة، أوضح لمنصة “هوامش”، أن العلاقة بين الناشطين في حركة 20 فبراير والإطارات السياسية، في إطار ما كان يسمى “مجلس الدعم”، شابتها خلافات متكررة. بينما كان الناشطون في الحركة يصرون على أن القرارات ترجع إلى الجموعات العامة، وأن مجلس الدعم ينبغي أن يكتفي بالدعم المالي واللوجيستيكي، كانت بعض مكونات مجلس الدعم تعتبره هو الحركة في حد ذاتها.

نور الدين السعدي في إحدى الاحتجاجات في المدينة

أقداد أكد في ذات السياق أن “مشكل الثقة الذي تعمق مؤخرا، متأثر كذلك بمآلات هذه الانتفاضات، وانتصارات الثورات المضادة”، وأن “أزمة الثقة تتعمق بسمة الضعف التام الذي يميز القوى المناضلة والمناهضة للنظام بالمغرب.

قوة الحركة في قدرتها على استيعاب مجموعة من شرائح المجتمع

اعتبر السعدي أن تنسيقية الحركة في بني ملال اكتسب قوتها من قدرتها على “احتواء مجموعة من الشرائح الاجتماعية الغاضبة والحالمة بالتغيير من بينها المعطلون حاملو الشهادات الذين كانوا منظمين في إطار “الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب” وكذا الباعة المتجولون وهؤلاء لم يكونوا منظمين سلفا غير أن الحركة استطاعت احتواءهم وتأطيرهم على عكس ما حصل في مجموعة من المدن الأخرى التي تم فيها استغلالهم من طرف السلطة لضرب الحركة والتصادم معها”.

فكانت بني ملال بذلك نموذجا مبهرا للالتفاف الجماهيري، “لينمو لدى الباعة المتجولين وعي بطبيعة الصراع ويجدوا أن شعارات الحركة ومطالبها تمسهم وتبنوها”.

دروس بعد 11 سنة

سارة سوجار، أوضحت أن ال11 سنة التي أعقبت انبثاق حركة 20 فبراير تعطي خلاصات ودروسا، لخصتها في أن ” غياب الفاعل السياسي القادر على ترجمة مطالب الحركة إلى مشاريع سياسية يجعل سقف احتجاجات الحركة محدودا وغير قادر على التطور”، وأن قوة أية حركة احتجاجية تكمن في قدرتها “على أن تجمع جميع الشرائح والمرجعيات ومختلف المدارس، على أرضية مطلبية موحدة”، بالإضافة إلى “ضرورة الاستثمارالجيد لمنصات التواصل الاجتماعي، باعتبارها “سندا حقيقيا للحركات الاحتجاجية، ووسائل للتعبئة والفضح والتنديد بالخروقات”.

وائل الناصح اعتبر أن ” كلّ الاسباب التي جعلت شعوب المنطقة تخرج لتطالب بالتغيير لا زالت قائمة بل وتفاقمت”، ولكنّ غياب التنظيم الثوري بالمغرب وتواري المثقفين وتشتّتهم والبيروقراطيات السياسية والنقابية يجعل النظام يستثمر كلّ انفجار مهما بلغ حجمه الجماهيري”، موضحا أن ” الأهم هو تنظيم العمل وتوحيده وتوجيهه نحو التغيير الحقيقي والاستفادة من الاخطاء الماضية”

وأضاف السندية أن “الدرس الثاني لأي نضال قادم هو أهمية فرز قيادة وطنية وفي أسرع وقت قبل تلاشي زخمه ذلك ان مجلس دعم حركة 20 فبراير شكل قيادة وطنية من خارج الشباب، لا يمكن لحركة جماهيرية أن تنتصر من دون قيادة مفرزة ديمقراطيا من المتواجدين ميدانيا في الحراك”.

والدرس الأهم حسب الساندية هو في “ظل غياب حزب يساري بمنظمات شبابية ونسائية وعمالية مرتبطة به ستظل كل نضالات شعبنا بدون مكسب يسمح بالمراكمة”.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram