الرئيسية

من ضيق المغرب إلى رحابة المشرق.. رحلة الكتاب المغاربة نحو الاعتراف

’’لا يمكن أن أقبل جائزة وزارة الثقافة عن كتاب طبعت منه ألف نسخة، ولم أوزع إلا 500 نسخة في أسواق شعب من 30 مليون نسمة’’. بهذه الكلمات اعتذر القاص المغربي أحمد بوزفور، عن قبول جائزة وزارة الثقافة، التي تبلغ قيمتها 70 ألف درهم.

عادل ايت واعزيز

اختار أبرز رواد القصة القصيرة في المغرب، أحمد بوزفور تحويل مكافأة وزارة الثقافة إلى بيان احتجاجي، خلّف إدانة صامتة، لكنها مدوية، لواقع يختزل أزمة الثقافة في أرقام باردة، فيما يظل الكاتب وحيدا في معركة ضارية مع التهميش واللامبالاة. وينطوي رفض القاص على تفاصيل تختبىء بين دفة الكتب، يعيشها الكاتب بينما تغيب عن القارئ، وتتعلق بمسار ولادة الصفحات، بين كتب تصل القراء بشكل يسير، وأخرى تمر على عملية مخاض طويلة قد تستنزف كتّابها. 

بدايات دور النشر المغربية

يعود ظهور أولى دور النشر المغربية بصيغتها الحديثة، إلى النصف الأول من القرن الماضي، حين بدأ المشهد الثقافي الوطني يتلمس أدواته المستقلة في التعبير والمعرفة، بعيدا عن وصاية النشر الأجنبي ورواسب المرحلة الاستعمارية. وشكلت هذه المرحلة لحظة التأسيس الحقيقي لما سيصبح لاحقا نسيجا متنوعا من المشاريع الفكرية والإبداعية.

كان لتأسيس دار توبقال للنشر، سنة 1985، من طرف كتاب مغاربة، وفي مقدمتهم الشاعر محمد بنيس والكاتب عبد الجليل ناظم، دور مهم في ترجمة الفكر الفرنسي والفلسفي المعاصر إلى العربية، والجمع بين الكتاب المغربي والعربي، حيث نشرت الدار لأبرز الكتاب المغاربة مثل: عبد الكبير الخطيبي، ومحمد سبيلا، وعبد السلام بنعبد العالي، وسالم يفوت، وعبد الفتاح كيليطو، ومحمد مفتاح، وعبد الله العروي، وأحمد بوزفور، وغيرهم. كما أخذت دار توبقال على عاتقها، نشر كتب لمؤلفين وشعراء عرب مثل: أدونيس، ومحمود درويش، وهشام شرابي، وحليم بركات، ، وسركون بولص، وسليم بركات وغيرهم.

لا يمكن أن أقبل جائزة وزارة الثقافة عن كتاب طبعت منه ألف نسخة، ولم أوزع إلا 500 نسخة في أسواق شعب من 30 مليون نسمة
أحمد بوزفور
كاتب مغربي

وفي عام 1987 تأسست دار الفنك للنشر، في مدينة الدار البيضاء على يد ليلى الشاوني، وتعد الفنك من أبرز دور النشر التي ساهمت في إثراء الساحة الثقافية المغربية والعربية، من خلال نشر أعمال أدبية وفكرية متميزة، وتلتها سنة 1988، دار نشر المعرفة، التي احتوت فروعا من العلوم الإنسانية والفكرية ساهمت بشكل جاد في تشكيل المشهد الثقافي الوطني.

أما دور النشر التي يعود تأسيسها إلى فترات مبكرة، فلم تكن في الأصل مؤسسات متخصصة في النشر، بل بدأت كمكتبات للبيع أو مراكز للتوزيع، قبل أن توسع أنشطتها لاحقًا لتشمل النشر. وينطبق هذا، على سبيل المثال، على مكتبة المدارس بالدار البيضاء، التي تأسست في عشرينيات القرن الماضي، وعلى دار الكتاب، التي رأت النور في الأربعينيات.

أزمة صناعة الكتاب المغربي

لا يشبه وضع الكتاب المغربي في الماضي حاضره، إذ يرزح اليوم تحت وطأة تحديات عديدة، من قلة دور النشر وضعف البنية التحتية للتوزيع، إلى محدودية الإقبال على القراءة وانتشار الأمية، ما جعله سلعة نادرة التداول وأقل تأثيرا في المشهد الثقافي العام. 

وعلى الرغم من الجهود الفردية والمؤسسية التي بذلت آنذاك، ظل الكتاب المغربي حبيس دوائر ضيقة، تحبط الكتاب، منتظرا تغير الزمن وانبلاج وعي جديد يمنحه ما يستحق من تقدير وانتشار. ويوضح الروائي عبد العزيز العبدي، صاحب “المغتصبة”، و”حريق الدم”، و”الدبابة”، و”طرسانة”، في تصريح لـ “هوامش” قائلا: “تجربتي مع النشر والتوزيع الذاتي كشفت لي عمق الأزمة في صناعة الكتاب المغربي. الإحباط الذي أعبر عنه نابع من غياب بنية تحتية حقيقية للكتاب، بدءا من ضعف دعم النشر، مرورا بصعوبة التوزيع خارج المدن الكبرى، وصولاً إلى عزوف الجمهور عن القراءة بسبب ارتفاع الأسعار والأولويات الاجتماعية المختلفة”.

المشكلة حسب الروائي العبدي لا تكمن في الناشرين أو الكتّاب فقط، “بل في منظومة متكاملة تفتقر إلى استراتيجية ثقافية واضحة. لن تنفع الحلول الظرفية، لأن الأزمة هيكلية: نحتاج إلى سياسات حكومية جادة لدعم النشر، وتسهيل وصول الكتاب إلى المناطق المهمشة، وتشجيع المكتبات المستقلة، وتعزيز القراءة عبر التعليم والإعلام بشكل أساسي لتغيير العقلية الاجتماعية تجاه الكتاب”.

في منظومة متكاملة تفتقر إلى استراتيجية ثقافية واضحة، لن تنفع الحلول الظرفية، لأن الأزمة هيكلية
عبد العزيز العبدي
روائي مغربي

ورغم ذلك يرى العبدي أنه “لا ينبغي الاستسلام لليأس. هناك مبادرات فردية ونشطة تثبت أن التغيير ممكن، لكنها تحتاج إلى تضافر الجهود وتوحيدها تحت رؤية مشتركة. الأزمة عميقة، لكنها ليست مستحيلة العلاج إذا توفرت الإرادة السياسية والاجتماعية لإعادة الاعتبار للكتاب كأداة تنمية، وليس كسلعة فاخرة”.

أرقام تكشف هشاشة البنية الثقافية

كشفت مؤسسة عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية، في تقرير حديث لها، حول وضعية النشر والكتاب في المغرب برسم سنتي 2023-2024، أن الحصيلة الإجمالية للإصدارات بلغت 3 آلاف و725 عنواناً، بمعدل سنوي يقارب 1863 عنواناً، مسجلة نمواً بنسبة 6.68 في المائة مقارنة بالفترة السابقة.

وشكلت المطبوعات الورقية النصيب الأكبر، إذ بلغ عدد الكتب المطبوعة 3007 عناوين، مقابل 384 إصداراً من المجلات، وأشار التقرير إلى أن تجميع الإنتاج السنوي من المطبوعات المغربية يظل تحدياً معقداً، خاصة بالنسبة للكتب الصادرة بمبادرة فردية وعلى نفقة المؤلف، والتي تمثل 20 في المائة من مجموع النشر.

ولفت التقرير الانتباه إلى أن تعميم وصول الكتب على المستوى الوطني، قد يستغرق بين سنتين إلى ثلاث سنوات من تاريخ النشر، بالنظر إلى التفاوتات الجغرافية والبنية التحتية للتوزيع، حيث هيمنت جهتا الرباط-سلا-القنيطرة، والدار البيضاء-سطات بإجمالي 1682 عنواناً، أي أكثر من نصف مجموع الكتب الصادرة، وجاءت جهة طنجة-تطوان-الحسيمة في المرتبة الثالثة بـ 440 عنواناً، تليها جهة مراكش-آسفي بـ 128 عنواناً، ثم جهة فاس-مكناس بـ 121 عنواناً.

وبشأن الفاعلين، سجل التقرير إصدار 3 آلاف و209 من المنشورات، توزعت كالتالي: 129 ناشراً مهنياً أصدروا 1583 عنواناً، 253 جهة مؤسساتية نشرت 983 إصداراً، 575 مؤلفاً نشروا 643 كتاباً بمواردهم الذاتية، وأكد التقرير أن ظاهرة النشر الذاتي تمثل مؤشراً على تحديات بنيوية عميقة في القطاع، مع انعكاسات متعددة تمس جودة النشر وتوزيعه.

أما على مستوى التوزيع الموضوعاتي، فقد بلغت نسبة الأعمال الإبداعية (القصة القصيرة، الشعر، النصوص المسرحية) 22.46 في المائة من إجمالي الكتب المنشورة خلال 2023-2024. في المقابل، ظلت مساهمة الحقول المعرفية الأخرى محدودة؛ إذ لم تتجاوز مؤلفات الفلسفة، واللسانيات، والتعليم مجتمعة نسبة 4 في المائة، فيما سجلت مؤلفات علم النفس نسبة هزيلة لم تتعد 0.53 في المائة، وفي ما يتعلق بالنشر الأكاديمي، وصف التقرير الحصيلة بكونها “متواضعة”، إذ لم تتجاوز 130 عنواناً خلال الفترة المشمولة بالدراسة.

أما على صعيد الترجمة، فقد سجل التقرير تراجعاً، إذ بلغ عدد الكتب المترجمة 187 عنواناً فقط، أي ما يمثل 5.82 في المائة من إجمالي الكتب المنشورة، مقابل 193 عنوانا، وذلك بنسبة  تصل إلى 6.46 في المائة، سنتي 2022-2023.

و بشأن الدعم العمومي والخاص لقطاع النشر، أشار التقرير إلى صعوبة الحصول على معطيات دقيقة، بسبب ندرة البيانات التفصيلية المتاحة. وقد تم رصد استفادة 302 من الكتب من أشكال مختلفة من الدعم، بما يعادل 9.48 في المائة من مجموع الإصدارات.

التوزيع الذاتي للكتاب

الكاتب والروائي ميمون الواليدي، صاحب أعمال أدبية، مثل: “جحيم أبي”، و “رواية تبحث عن قرائها”، و “شفير الأبوكاليبس”، ثم “المتمردة والوحوش”، من بين الكتاب المغاربة الذين أخذوا على عاتقهم توزيع أعمالهم ذاتيا، يقول في تصريح لـ هوامش: “في الحقيقة لم يكن التوزيع الذاتي اختيارا حرا بالمرة، بالعكس كان قرارا فرضته ظروف النشر والتوزيع في بلادنا.  نعم، طريقة التوزيع ربما كانت اختيارا، وربما اختيارا فريدا حتى، ولكن الطبع والتوزيع ذاتيا كان نتيجة لاستحالة الاعتماد على دور النشر كما يفترض بالأمر أن يكون”. 

ويشير الروائي إلى: “بعض مما تسمى دور النشر اليوم تحولت إلى ما يشبه سمسارا يربط علاقة بين الكاتب والمطبعة، وبالتالي فهي لا تقوم بدورها في اختيار نصوص و قراءتها ومراجعتها واتخاذ قرار بنشرها، ثم توقيع عقد مع الكاتب يضمن حقوقه وكرامته حتى يتسنى له التفرغ للعمل الموالي، كما هو الحال في بلدان العالم حيث يعتبر الكاتب رأس هرم الإبداع الثقافي”. 

وباستثناء الأسماء المعروفة والمعدودة على رؤوس الأصابع، فإن الغالبية، يقول الكاتب الواليدي: “يطبعون اعتمادا على إمكانياتهم الذاتية. والحالة هذه، يصبح من العسير الاعتماد على الموزعين وعلى المكتبات لتوزيع الأعمال الأدبية، وهي العملية التي أصبحت تسمى ‘تسويقا’، لأن نسب الأرباح التي يطالب بها الموزعون وأصحاب المكتبات من الصعب القبول بها، ولهذا، طالما أن الكاتب يكتب ويراجع ويدقق ويصفف ويصمم الغلاف ويطبع من ماله الخاص إن كان له مال، فلا ضير إذن أن يتابع العملية حتى نهايتها فيوزع ويوقع ويلتقي القراء وجها لوجه بدون واسطة”.

بعض مما تسمى دور النشر اليوم تحولت إلى ما يشبه سمسارا يربط علاقة بين الكاتب والمطبعة
ميمون الوليدي
راوئي مغربي

بالرغم من أن هذه التجربة في التوزيع والنشر متعبة ومضنية، ومكلفة ماديا أيضا، إلا أنها تفتح الباب للقاء القراء مباشرة، يضيف الواليدي في حديثه لـ “هوامش”: “يمكنني القول إن كل نسخ أعمالي وصلت القراء موقعة، كما أنني أعرف أكثرية القراء وبالتالي أعرف أين ذهبت أعمالي، كما أن التنقل للقاء القراء في كل المدن أعطاني الفرصة أيضا للاطلاع على آرائهم ومواقفهم واتجاهاتهم، خاصة فيما يتعلق بالقراءة والنشر والمعارض وغيرها، كما أنها تجربة غنية من حيث المشاعر الإنسانية وحجم الأحداث والقصص التي رافقتها، ويكفي أن أذكر أن عملي ‘رواية تبحث عن قرائها’ هو نتيجة لتجربة التوزيع الذاتي”. 

ويواصل صاحب ‘رواية تبحث عن قرائها’ قائلا: “من المؤكد أن هناك ميلا في السنوات الأخيرة إلى النشر أو الطبع في المشرق عوض الطبع في المغرب. وأظن أن هذا أيضا نتيجة لما وصلت إليه ما تسمى صناعة الكتاب، وإن كانت صناعة الكتاب على مستوى الواقع في بلادنا لا تعني ما تعنيه في بلدان أخرى”. ويشير الوليدي إلى أن: “الكثير من دول المشرق توفر مسابقات وجوائز سخية للأعمال الأدبية، وكثير من المبدعين الشباب المغاربة فازوا بتلك المسابقات، وتمكنوا من نشر أعمالهم وفق قواعد النشر المتعارف عليها، وربما أرسلوا أعمالهم شرقا بعد أن أعياهم البحث عن ناشر في المغرب بدون جدوى”.

ولهذا فإن “عدم العثور على ناشر غربا والتمكن من التتويج والنشر شرقا يجب أن يدفعنا، ويدفع مسؤولي القطاع في بلادنا، لطرح أكثر من تساؤل. من جهة أخرى، ونظرا لضعف نسب المقروئية وأزمة القراءة ومنافسة الكتاب الرقمي، فلا يمكن لأي كاتب راغب في الوصول إلى أكبر عدد من القراء، والحصول على النقد والتقدير المناسبين، إلا أن يفكر في التوجه شرقا، خاصة أن هذا الشرق قوي جدا على المستوى الإعلامي” يقول ميمون الواليدي.

هجرة الكتاب المغربي

في السنوات الأخيرة، شدّ كثير من الكتّاب المغاربة الرحال نحو دور النشر في المشرق. يبحثون عن أفق أرحب، وقرّاء أكثر، وحضور أوسع. بعضهم وجد هناك من يحتفي بنصه، ومن يرافق مشروعه الأدبي بثقة. بينما ظلّت دور النشر المحلية مترددة، أو غارقة في حسابات السوق الضيقة. هكذا صارت بيروت، والقاهرة، وبغداد، محطات جديدة لحكايات مغربية قديمة وحديثة، تبحث عن مكانها تحت الشمس.

ولم يعد غريبا أن هذه الهجرة إلى دور المشرق، هروبا من إهمال محلي، تخضع الكتاب لمنطق العلاقات والمصالح، بحثا عن قاعدة قراء واسعة تحتفي بنصوصهم، وناشرين يرافقون مشاريعهم بثقة. هذا الكلام، أكده لنا الشاعر والكاتب المغربي عبد الرحيم الخصار، الذي نشر معظم كتبه خارج المغرب، حيث أكد في حديث خص به “هوامش” أن “أي كاتب يفكر في الانتشار وأن تكون أعماله على نطاق واسع، لهذا ومن تجربتي الشخصية، الناشر العربي أو المشرقي، وخصوصا إن كانت دار عربية لها مكانة، فهي أولا تحضر كل المعارض العربية بالإضافة إلى معارض في أوروبا، ثم توزع الكتب في بلدان عربية كثيرة، كما أنها تبيع النسخ الرقمية للكتب، هذا سبب أساسي، فضلا عن تقدير الناشرين المشارقة للكتاب المغاربة”.

صاحب “العزلة فرد من العائلة” و”جزيرة البكاء الطويل”، يوضح في حديثه إلينا: “أنا هنا لا أفاضل، وأتحدث عن جانب مهني، هناك بعض الناشرين المغاربة الذين يلتزمون بالحضور في المعارض، ولكن صراحة لا أخفيكم أن الناشرين المشارقة تفوقوا علينا في هذا الجانب، لأن الأعمال المغربية تنشر عربيا على نطاق واسع بفضل ناشرين مشارقة، وهذا جانب لايجب إغفاله”.

الناشرون المشارقة تفوقوا علينا في هذا الجانب، لأن الأعمال المغربية تنشر عربيا على نطاق واسع بفضل ناشرين مشارقة، وهذا جانب لايجب إغفاله
عبد الرحيم الخصار
شاعر مغربي

“نشر الكتاب الأدبي أمر صعب، ونشر الشعر أصعب، لأن الناشر مثلا قد يشترط عليك أن ينشر الرواية، والأخيرة لديها قراء وهذه حقيقة، بعكس الشعر الذي لديه قراء أيضا لكنه رهين بمن سيشتري الكتاب، الشعر لديه قراء على المواقع ومستمعين في الأمسيات الشعرية التي يحضرها جمهور أكثر من الأمسيات القصصية والسردية’’، يقول الخصار، ويضيف :’’لكن الذي سيشتري  الديوان في المعرض مثلا، قد يقتني واحدا أو اثنين، لكنه قد يشتري 10 روايات أو 20 حسب اهتماماته”.

وعن مسار ولادة الكتاب يشرح لنا الشاعر عبد الرحيم الخصار: “نشر الكتاب الأدبي ليس أمر سهلا، تحتاج أولا أن تجد الناشر الذي يثق فيك، ولأنني شخصيا ضد أن تدفع للناشر مالا من أجل نشر كتاب، فأنا نشرت حوالي 13 كتابا  لم يسبق أن قدمت للناشر درهما واحدا، ولا ينبغي على الشاعر أو كاتب أدب أن يقدم للناشر مالا مقابل نشر كتابه، مع احترامي للذين يفضلون هذا الاختيار”. ويضيف الخصار “بشأن الكتاب الأول الذي نشرته، وقع العكس،  طبعته وزارة الثقافة، وقدمت لي مكافأة مادية”.

وبشأن واقع الكتابة والنشر، يرى الخصار أنه “ليس هناك على الإطلاق حل سحري لأزمة نشر كتاب، لكن هناك جهد، لا بد أن تجتهد وتتعب وتخلق تجربتك الأدبية جيدا، لأن الناشر عليه بالضرورة أن ينشر أدبا جيدا إذا كان سيتكلف بالطبع، ثم على الكاتب أن يحاول صنع اسمه ويكرس حضوره في ساحة الأدب،  ولهذا فالأسماء التي تحقق مكانتها بعد سنوات من المجهود، لا تجد مشكلة في نشر الكتاب، وغالبا ما يكون المشكل في الكتاب الأول”. 

المغاربة والكتاب.. قطيعة مستمرة 

ما يقوله الكتّاب تترجمه الأرقام، وتتحدث عنه التقارير الرسمية. العدد رقم  6836 من الجريدة الرسمية، الصادر في شهر دجنبر 2019، تضمن تقريرا أعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول النهوض بالقراءة كضرورة ملحة، أشار إلى أن هناك 60 دارا للنشر في المغرب، منها حوالي 20 دارا تزاول نشاطها بكيفية منتظمة، وتنشر ما لايقل عن 15 عنوانا سنويا، كما لا يزال أغلب الناشرين يتمركزون في المحور الممتد بين مدينتي الرباط والدار البيضاء وذلك بنسبة 63.45 في المائة.

ويذكر التقرير أن بين عوامل القلق والإحباط، محدودية الإمكانات المالية، والصعوبات التجارية التي تعاني منها دور النشر، وقلة الكتابات أو المشاريع  ذات الجودة.

ويسلط عدد الجريدة الرسمية الضوء على بحث ميداني، أجري سنة 2016، كشف أن نسبة المغاربة الذين لم يشتروا كتابا واحدا خلال 12 شهرا التي سبقت هذا البحث تناهز حوالي 64.3 في المائة، مقابل 35.7 في المائة اشتروا الكتب خلال الفترة نفسها.

ويسجل التقرير أن الدراسات والأبحاث الميدانية تشير إلى أن المغاربة لا يقرأون، أو أنهم على الأقل لا يقرأون كثيرا، محددا بعض الأسباب في غياب بيئة أسرية ومنظومة تربوية تشجعان على تنمية حب القراءة، بالإضافة إلى العدد غير الكافي للمكتبات المدرسية والعمومية، ومحدودية الإنتاج الثقافي الوطني.

وفي مؤشر حديث لمجلة “CEOWORLD” حول أكثر الدول قراءة للكتب، صنف المغرب في الرتبة 92 عالميا من أصل 102 من الدول التي تقرأ أكبر عدد من الكتب برسم سنة 2024، حيث بلغ متوسط عدد الساعات التي يقضيها الفرد المغربي في قراءة الكتب 67 ساعة كل سنة، وبلغ متوسط الكتب المقروءة 2.97 كتاب سنويا.

وجاءت الولايات المتحدة الأمريكية على رأس قائمة الدول الأكثر قراءة للكتب، حيث بلغ متوسط معدل ساعات القراءة السنوية للفرد 357 ساعة (17 كتابا سنويا)، متبوعة بالهند بمعدل 352 ساعة (16 كتابا سنويا)، ثم المملكة المتحدة بمعدل 343 ساعة من القراءة (15 كتابا سنويا).

وتستمر دعوات البنك الدولي، للمجتمعات الدولية، إلى خفض المعدل العالمي لفقر التعلم، الذي يعرف على أنه نسبة الأطفال في سن العاشرة الذين لا يستطيعون قراءة قصة بسيطة وفهمها، إلى النصف على الأقل بحلول عام 2030.

وفي هذا السياق، تظهر بيانات جديدة، رصدت بالتعاون مع معهد اليونسكو للإحصاء، أن 53% من الأطفال في سن العاشرة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل مثل المغرب، لا يستطيعون قراءة قصة بسيطة وفهمها، وفي أفقر البلدان، غالبًا ما تقترب هذه النسبة من 80%. 

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram