الرئيسية

المغرب والجزائر “حرب من خلف الشاشات”

إلى جانب الادعاء بوفاة العاهل المغربي، تداولت حسابات على مواقع التواصل تدوينات ولقطات شاشة، يزعم أنها لموقع فوت أفريكا (FootAfrica)، تدعي سحب تنظيم كأس افريقيا من المغرب، وبعد التحقق تبين أن الادعاء زائف، حيث لم يتم العثور في الموقع المذكور، وفي الحسابات الرسمية الخاصة به، على الخبر المزعوم، كما لم تعلن أي جهة رسمية عن قرار سحب تنظيم كان 2025 من المغرب.

سامي صبير

تداولت صحف إلكترونية ونشطاء على نطاق واسع، يوم 13 مارس الجاري، مقطع فيديو مع ادعاء مضلل، مضمونه أنه لتغطية إعلامية موسعة لأول عملية بيع بالدفع الالكتروني في الجزائر، ولكن الحقيقة أن مقطع الفيديو الذي نشرته إذاعة الجزائر من باتنة، يتعلق بإجراء أول عملية بيع لمنتوجات ملبنة الأوراس، بنقطة البيع الجوارية بمنطقة بريكة الجزائرية.

هذا الحادث ليس الوحيد أو المرة الأولى التي يتم فيها التراشق بالادعاءات المضللة والزائفة بين البلدين، ففي يوم 16 فبراير 2025، عمدت صحف الكترونية، وصفحات جزائرية على مواقع التواصل الاجتماعي، تداول منشور منسوب لصحيفة هسبريس المغربية، يدعي أن “الديوان الملكي، أعلن وفاة الملك محمد السادس على إثر جلطة دماغية”.

نفت جريدة هسبريس نشر الخبر، وبالعين المجردة يمكن ملاحظة التزييف في الملصق المتداول، من خلال نوع الخط، وتباين لون الخلفية المستعمل مع لون الخلفية المعتمد من قبل الجريدة المغربية، وأيضا تصميم منشوراتها.

إلى جانب الادعاء بوفاة العاهل المغربي، تداولت حسابات على مواقع التواصل تدوينات ولقطات شاشة، يزعم أنها لموقع فوت أفريكا (FootAfrica)، تدعي سحب تنظيم كأس افريقيا من المغرب، وبعد التحقق تبين أن الادعاء زائف، حيث لم يتم العثور في الموقع المذكور، وفي الحسابات الرسمية الخاصة به، على الخبر المزعوم، كما لم تعلن أي جهة رسمية عن قرار سحب تنظيم كان 2025 من المغرب.

ونفى موقع فوت أفريكا (FootAfrica) هذا الادعاء، وقال “منذ يوم الإثنين، تنتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي لقطة شاشة تدّعي أن مقالاً من موقع فوت أفريكا، كتبته ليديان نبو، يعلن عن احتمال سحب تنظيم كأس الأمم الإفريقية 2025 من المغرب. نود أن نوضح أن هذه المعلومة غير صحيحة تماماً”. 

العلاقات بين المغرب والجزائر تاريخ من النزاع

وقعت الرباط مع الحكومة المؤقتة للجزائر، بقيادة فرحات عباس، في سنة 1961، اتفاقا نص على ضرورة بدء المفاوضات عقب الاستقلال، لحل المشكل الحدودي المتعلق بضم سلطات الاستعمار الفرنسي منطقتي تندوف وبشار إلى الأراضي الجزائرية.

بعد أشهر قليلة من إعلان استقلال الجزائر عن فرنسا، نشب خلاف حدودي بين الجارتين، في الأيام الأولى من شهر أكتوبر سنة 1963، حول منطقتي تندوف وبشار اللتين طالب بهما المغرب، وأدى ذلك الخلاف إلى اندلاع مواجهة عسكرية بين البلدين، عرفت بـ”حرب الرمال”.

حرب الرمال سنة 1963

لم تدم هذه الحرب طويلا، حيث توقفت المعارك يوم 5 نونبر من نفس العام بوساطة الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية، وتم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار سنة 1964، كما تم التوقيع بعد ستة سنوات على اتفاقية الأخوة وحسن الجوار والتعاون، حيث نصت الاتفاقية على دفع الطرفين بعلاقتهما المشتركة في جميع الميادين وخاصة الميدانين الاقتصادي والثقافي، وتحريم استعمال وسائل العنف بينهما، بالإضافة إلى التعهد بعدم الانخراط في أي حلف أو تحالف موجه ضد أحدهما.

رغم انتهاء الحرب استمرت التوترات بين البلدين، وسرعان ما عاد النزاع ليطفو على السطح، فخلال الاحتفال بعيد الأضحى، أصدرت السلطات الجزائرية، يوم 18 دجنبر 1975، أوامرها بطرد المغاربة المقيمين على ترابها، حيث تم طرد حوالي 350 ألف مغربي، والاستيلاء على ممتلكاتهم.

1976 –  1994 سنوات الشد والجذب

قرر المغرب، سنة 1976، إثر اعتراف الجزائر بجبهة البوليساريو، قطع العلاقات مع الجارة الشرقية، وقد استمر هذا الحال إلى سنة 1987، حيث جرى عقد لقاء بوساطة سعودية بين الراحل الحسن الثاني والرئيس الجزائري الشاذلي بنجديد، وعرف اللقاء بـ”قمة الخيمة” لانعقاده على الحدود، داخل خيمة نصفها على التراب المغربي والنصف الأخر على التراب الجزائري.

أسفر اللقاء عن الإعلان سنة 1988 في بيان مشترك عن استئناف العلاقات بين البلدين، وذلك قبل انعقاد الاجتماع الأول لتأسيس اتحاد المغرب العربي بالجزائر، كما تم تعيين عبد اللطيف بربيش سفيرا للمغرب في الجمهورية، وعبد الحميد مهري سفيرا في المملكة، وتلى ذلك في فبراير 1989 في مراكش تأسيس الاتحاد المغاربي الذي يضم ليبيا وتونس وموريتانيا والجزائر والمغرب.

قمة الخيمة – الحدود المغربية الجزائرية سنة 1987

الهدوء لم يدم طويلا، فسرعان ما عاد التوتر إلى العلاقات بين البلدين، عقب أول هجوم إرهابي شهده المغرب، والذي كان مسرحه فندق أطلس آسني، في مدينة مراكش سنة 1994، حيث كان من بين المشتبه في ضلوعهم في التفجيرات ثلاثة جزائريين يحملون الجنسية الفرنسية.

خلف الهجوم مقتل سائحين إسبانيين، وإصابة سائحة فرنسية وموظفة مغربية، وردا على الهجوم فرض المغرب تأشيرة دخول على الجزائريين، ورأت السلطات الجزائرية في ذلك إهانة، فقامت بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، من خلال فرض تأشيرة دخول على المواطنين المغاربة، وإغلاق الحدود البرية مع المغرب.

2021 الجزائر تغلق البر والبحر والجو

شهدت سنة 2021 تطورات جديدة ومتسارعة في العلاقة بين البلدين، حيث قامت الجزائر بترحيل عشرات المزارعين المغاربة من منطقة العرجة، كما قررت الجارة الشرقية قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية، وقال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أن القرار جاء بسبب ما وصفها بأفعال عدائية متواصلة من المغرب ضد الجزائر، حسب وكالة الأنباء الجزائرية.

وجاء في البيان الذي تلاه وزير الخارجية الجزائري، “من الواضح، اليوم، أن المملكة المغربية قد تخلت بصفة خطيرة وممنهجة، بشكل كلي أو جزئي، عن الالتزامات الأساسية التي تشكل القاعدة الأساسية والأرضية المرجعية التي تقوم عليها عملية تطبيع العلاقات بين البلدين. لقد جعلت المملكة المغربية من ترابها الوطني قاعدة خلفية ورأس حربة لتخطيط وتنظيم ودعم سلسلة من الاعتداءات الخطيرة والممنهجة ضد الجزائر”.

وبعد أقل من شهر وفي سابقة من نوعها، أعلنت السلطات الجزائرية، إضافة إلى قطع العلاقات الدبلوماسية، عن إغلاق مجالها الجوي أمام الطيران المدني المغربي فضلا عن العسكري. 

ومن جهتها أعلنت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في بيان تناولته وكالة المغرب العربي للأنباء، أن المغرب إذ يعرب عن أسفه لهذا القرار غير المبرر تماما ولكنه متوقع، بالنظر إلى منطق التصعيد الذي تم رصده خلال الأسابيع الاخيرة، وكذا تأثيره على الشعب الجزائري، فإنه يرفض بشكل قاطع المبررات الزائفة بل العبثية التي انبنى عليها .

وأضاف البلاغ، ستظل المملكة المغربية شريكا موثوقا ومخلصا للشعب الجزائري وستواصل العمل، بكل حكمة ومسؤولية، من أجل تطوير علاقات مغاربية سليمة وبناءة.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram