الرئيسية

ما وراء تعيين “أحرار”.. تفاصيل تكشف غموض الوكالة التي تُقيّم جودة التعليم

ما يبدو على السطح نقاشًا حول تعيين فنانة في منصب إداري، يُخفي وراءه قضايا أعمق تتعلق بالشفافية داخل الوكالة نفسها. هناك العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات، فما هي المعايير الحقيقية التي تعتمدها الوكالة في تشكيل مجلس إدارتها؟ ولماذا يشوب هذا التعيين الكثير من الجدل، خاصة في ظل وجود أخطاء مادية واضحة في إعلان الوزارة؟ هل قرارات الوكالة تعكس مهامًا إدارية خالصة أم أنها تتدخل في جوانب علمية حساسة؟ وما هي تركيبة مجلس الإدارة؟ وهل تستجيب لتنوع الكفاءات المطلوب لمهام الوكالة؟ لماذا لم تُثر هذه القضايا عند صدور التعيين في مارس 2024، ولماذا انفجر الجدل الآن؟

محمد تغروت

أثار تعيين الفنانة والمخرجة لطيفة أحرار (54 عامًا)، مديرة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، عضوا في مجلس إدارة الوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي، نقاشًا حادًا على منصات التواصل الاجتماعي وفي الأوساط الأكاديمية. وتُعتبر من الأسماء البارزة في مجال المسرح والفنون، ما دفع منتقدين إلى الاستغراب من معايير اختيارها، معتبرين أن تجربتها الفنية ومؤهلاتها المسرحية غير كافية لتولي هذا المنصب، فيما عبّر آخرون عن كونها كفاءة قادرة على تولي هذه المسؤولية.

انفجر هذا الجدل بتاريخ 31 ديسمبر 2024، بعد أن تناقلت مواقع إلكترونية رسالة من وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين الميداوي، تفيد بتعيين أحرار عضواً في مجلس إدارة الوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي. غير أن هذا التعيين، في واقع الأمر، ليس جديداً. فقد تم اتخاذ القرار سبعة أِشهر قبل ذلك، في 19 مارس 2024 بناءً على اجتماع مجلس التنسيق برئاسة وزير التعليم العالي الأسبق، عبد اللطيف الميراوي. 

المثير في الأمر أن هذا التعيين لم يخلق أيضا أي جدل، حين نشر المعهد العالي للفنون المسرحية والتنشيط الثقافي شهرا بعد ذلك، نهاية أبريل 2024، تهنئته لمديرته عبر صفحته الرسمية، بل قوبل بترحيب واسع وتفاعل إيجابي. 

لكن، ما الذي تغيّر الآن؟ ما يبدو على السطح نقاشًا حول تعيين فنانة في منصب إداري، يُخفي وراءه قضايا أعمق تتعلق بالشفافية داخل الوكالة نفسها. هناك العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات، فما هي المعايير الحقيقية التي تعتمدها الوكالة في تشكيل مجلس إدارتها؟ ولماذا يشوب هذا التعيين الكثير من الجدل، خاصة في ظل وجود أخطاء مادية واضحة في إعلان الوزارة؟ هل قرارات الوكالة تعكس مهامًا إدارية خالصة أم أنها تتدخل في جوانب علمية حساسة؟ وما هي تركيبة مجلس الإدارة؟ وهل تلبي تنوع الكفاءات المطلوبة لمهام الوكالة؟ لماذا لم تُثر هذه القضايا عند صدور التعيين في مارس 2024، ولماذا انفجر الجدل الآن؟

لطيفة أحرار.. “ثاربات ن واضو”

وزارة التعليم العالي تعتمد على مرسوم غير موجود.. خطأ  فادح في الإعلان

مع كثرة  النقاش الذي صاحب الإعلان، لم ينتبه أحد إلى الارتباك القانوني غير المقبول والخطأ المادي الذي ارتكبته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وهي تصدر رسالة التعيين المثيرة للجدل، إذ نقرأ في ديباجتها “عملاً بأحكام المادة 8 من القانون رقم 80.12، المتعلق بالوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي وتطبيقا للمرسوم رقم 1.16.154 الصادر في 21 من القعدة 1437 (25 غشت 2016) بتطبيق القانون رقم 67.16، ولاسيما المادة 8 منه والتي تنص على تعيين ممثل عن المؤسسات غير التابعة للجامعات من بين الكفاءات الحكومية المكلفة بالتعليم العالي باقتراح من مجلس التنسيق“. 

في الواقع، أدرجت الوزارة في هذه الديباجة، مرسوما لا وجود له، وأعطته رقم ظهير شريف، إذ يتميز الظهير برقم 1 على اليسار، في حين يتميز المرسوم عادة برقم 2 على اليسار، ويصدر الظهير الشريف عن الملك بصفته سلطة عليا وممثلا أسمى للأمة، في حين أن المرسوم يصدر في إطار ممارسة المهام التشريعية والتنفيذية، وهي أبجديات يتعلمها الطلاب في سنتهم الأولى ضمن “مدخل لدراسة القانون”، في درس “تراتبية القوانين”.

وكان الأجدر بالوزارة أن تكتب وفقا “للظهير الشريف رقم 1.14.130 الصادر في 3 شوال 1435 (31 يوليوز 2014) بتنفيذ القانون رقم 80.12 المتعلق بالوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي، كما تم تعديله بـ: القانون رقم – 67.16 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.154 بتاريخ 21 من ذي القعدة 1437 (25 أغسطس 2016)”.

متاهة البحث عن أدوار الوكالة الوطنية

خلال اشتغالنا على الموضوع، تبين لنا شح المعلومات عن الوكالة الوطنية لتقييم جودة التعليم العالي والبحث العلمي، فلا ذكر لمديرها ولا لباقي الأعضاء، ولا لطبيعة الأنشطة التي تقوم بها، واختصاصاتها، وكان الأمر مستغربا، نظرا لحجم الجدل حول المنصب في مجلس المؤسسة. 

أثناء بحثنا لم تكن منصة الوكالة تفيد بالشيء الكثير، وللحصول على معطيات تساعد على الفهم، راسلنا المؤسسة عبر البريد الإلكتروني الموجود على منصتها. لم نتلق جوابا، لكن لاحقا، ونحن في طور إعداد هذه المادة تم تحيين المنصة نسبيا، بإدراج لائحة أعضاء مجلس الإدارة، واختصاصاتها، واللجان المختصة التابعة لها، وكانت على شكل جواب غير مباشر على رسالتنا، والتي تضم:

لجنة تقييم المؤسسات. 

لجنة تقييم التكوينات.

ولجنة تقييم البحث العلمي.

وتبين لنا أنها هي الأخرى غير محينة، إذ لازالت تورد اسم عز الدين الميداوي، بصفته رئيسا لجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، ولا تتضمن بعد اسم “لطيفة أحرار”، بل تضمنت فقط نوع التمثيلية المخصصة لها (أي تمثيلية مؤسسات التعليم العالي غير التابعة للجامعات).

شح المعلومات، وعدم تجاوب الوكالة مع مراسلتنا، دفعنا إلى الاكتفاء بالمصادر المفتوحة، مع الصعوبة في استخدام منصتها  التي تعرف أعطابا تقنية تجعل البحث فيها أشبه بالدخول إلى متاهة.

آخر تقرير عثرنا عليه يعود إلى مارس 2020، ويتعلق بأنشطة الوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي دورتا 2016 و2017، وقبله تقرير نشر سنة 2018، يتعلق بتقييم وتتبع عينة من المسالك ذات الاستقطاب المحدود المعتمدة برسم سنة 2017، بينما كانت باقي المعلومات مجرد أخبار قصيرة عن اجتماعاتها، دون تفاصيل ودون ذكر لائحة الحضور، وآخرها نشر بتاريخ 24 أبريل 2024، ويتعلق الأمر بـ “لقاء تحضيري مع نخبة من خبرائها لمناقشة سيرورة عملية تقييم عروض تكوين (الإجازة، الماستر، الدكتوراه)”.

مع تقدمنا في البحث، كان يتزايد الغموض حول وكالة، من المفترض أنها ترد ضمن لائحة المؤسسات التي يتم التداول في تعيين مسؤوليها في مجلس الحكومة، كما ينص على ذلك القانون التنظيمي رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا، تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و92 من الدستور، كما وقع تغييره وتتميمه.

ويتوقف أرشيف مجلس إدارة الوكالة، في حدود ما هو منشور على منصتها، عند انعقاد اجتماع دورته الـ13، بتاريخ 29 شتنبر 2022، بينما لم ينشر أي شيء عن الدورات 9 و10 و12، منذ أول اجتماع عقد في فاتح أبريل 2016. وبتحليل تعاقب دورات مجلس الإدارة توصلنا إلى أنه عقد فقط 5 أجتماعات طيلة 9 سنوات، ثلاثة اجتماعات في السنة الأولى (2016)، بينما لم يتجاوز عدد اجتماعاته اثنين في باقي السنوات.

مدير بلا سقف زمني.. أسئلة مفتوحة حول إدارة وكالة التعليم العالي

منذ تعيينه كأول مدير للوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي، سنة 2015، ظل اسم المختار بكور يتكرر باستمرار في منصات الوكالة الرسمية والإعلانات المتعلقة بالمنصب، ما يثير العديد من التساؤلات حول استمراره في الإدارة لفترة طويلة، رغم أن القانون ينص على تحديد مدة ولاية أعضاء مجلس الإدارة في ثلاث سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، دون التطرق إلى ما يتعلق بمدة ولاية المدير.

ورغم إعلان وزارة التعليم العالي عن فتح باب الترشح لمنصب المدير، عدة مرات، لم تظهر أي معلومات واضحة حول تعيين مدراء جدد. وتفتح هذه المعطيات باب أسئلة جوهرية يتجاوز تعيين لطيفة أحرار،  تتعلق بالآليات القانونية التي يتم اتباعها في تعيين مديري الوكالة؟ والخروقات التي تتعلق بتجديد الولاية دون مسوغ قانوني؟ لماذا لم تُنشر أي تفاصيل رسمية عن نتائج الترشيحات المتعددة لشغل المنصب؟ وهل تم التمديد للمختار بكور بشكل استثنائي، أم أن الغموض يعكس خللًا مؤسساتيًا أعمق؟

المختار بكور

منذ تأسيس الوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي، بموجب القانون سنة 2014، وبدء عملها فعليًا في سنة 2016، برز اسم المختار بكور كأول مدير لها، وفقًا لما تقدمه منصة الوكالة الرسمية.

وبالرجوع إلى الموقع الرسمي لوزارة التعليم العالي وبوابة التشغيل العمومي، يظهر أن الوزارة أعلنت فعلا عن فتح باب الترشح لمنصب مدير الوكالة في أعوام 2020، 2021، 2022، و2023. ومع ذلك، لم يُكشف عن أسماء الأشخاص الذين تم تعيينهم خلال تلك الفترات، بينما ظل  اسم المختار بكور يتكرر في الإعلانات المنشورة على منصة الوكالة مع تواب السنوات.

وتم تعيين المختار بكور في المجلس الحكومي المنعقد بتاريخ 10 شتنبر 2015، استنادًا إلى أحكام الفصل 92 من الدستور. وهو أستاذ التعليم العالي في القانون بكلية الاقتصاد والحقوق أكدال، التابعو لجامعة محمد الخامس بالرباط، وشغل سابقًا منصب مدير الشؤون القانونية والمعادلات والمنازعات بوزارة التعليم العالي.

ويحدد المرسوم رقم 2.15.813، الصادر بتاريخ 28 ديسمبر 2015 مدة أعضاء مجلس الإدارة، في ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. ومع ذلك، لم يتم وضع سقف زمني محدد لولاية مدير الوكالة، وكان آخر ظهور رسمي للبكور بتاريخ 16 ماي 2023، في زيارة خبراء الوكالة لكلية العلوم والتقنيات بالحسيمة،  بعد يوم واحد من نشر وزارة التعليم العالي لقرار بشأن فتح باب الترشيح لشغل هذا المنصب، بعد ذلك مباشرة ظهر اسم المدير بالنيابة “بلعيد بوكادير”، وذلك منذ من 13 يونيو 2023. فماذا حدث للمدير الأسبق ؟ 

خبراء الوكالة في زيارة لكلية العلوم والتقنيات بالحسيمة

استقالة المختار بكور تفتح ملف الترخيص لجامعات “غير قانونية”

 حدد آخر قرار لفتح باب الترشيح لشغل منصب مدير الوكالة نشر على بوابة التشغيل العمومي في سنة 2023، يوم 02 يونيو 2023 كآخر أجل لوضع الملفات، بعد هذا التاريخ بحوالي شهر، نقلت جريدة “الصحيفة” عن مسؤولين خبر استقالة بكور من منصبه في إدارة الوكالة.

في الخبر الذي نشر يوم 5 يوليوز 2023، تؤكد مصادر “الصحيفة” أن المختار بكور وضع استقالته المكتوبة رسميا، في يونيو 2023، ” احتجاجا على الضغوطات ‘المتزايدة’ التي مورست عليه للتأشير بمنح تراخيص إحداث جامعتين خاصتين “لا تستوفيان الشروط القانونية”.

وحسب نفس المصدر، تعود الجامعتان إلى كل من البرلماني والأمين الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة حميد وهبي، شقيق وزير العدل عبد اللطيف وهبي، وعبد اللطيف معزوز، رئيس مجلس جهة الدار البيضاء-سطات، القيادي في حزب الاستقلال.

وتمكن عبد اللطيف الميرواي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار آنذاك، من منح وهبي ومعزوز “الترخيص الأولي لإحداث جامعتين ‘لا تستوفيان الشروط القانونية’، في انتظار الحصول على ترخيص الأهلية النهائي، بعدما جرى تعيين خلف للمختار بكور المستقيل على رأس الوكالة” تؤكد الصحيفة.

لائحة أعضاء المجلس “الحاليين” كما تظهر على موقع الوكالة

ألغاز في تركيبة مجلس الوكالة

بينما تم تداول رسالة تعيين لطيفة أحرار، لم نتمكن من الوصول إلى اللائحة المحينة لأعضاء المجلس. وحسب اللائحة المنشورة على موقع الوكالة، لا يزال عز الدين الميداوي، وزير التعليم العالي الحالي، عضوا في مجلس الوكالة، بصفته ممثلا عن الوزارة ورئيس جامعة ابن طفيل – القنيطرة، بينما لم يظهر بعد اسم أحرار على الموقع، وفي الخانة المخصصة لمدير الوكالة لازال اسم وصورة المختار بكور مدرجين.

ضمن نفس اللائحة أيضا، تظهر ممثلتان لشركتين خاصتين، ويتعلق الأمر بكل من لمياء التازي مديرة عامة لشركة «SOTHEMA»، ونادية بن الشيضمية مديرة بشركة «WANA CORPORATE»، اللتان قدمتا في لائحة أعضاء مجلس الإدارة بصفتهما مديرتي شركتين، لا بصفة عضوتين مشهود لهما بالكفاءة العلمية والتقنية، كما تنص على ذلك النقطة 8 من المادة 8 من القانون 80.12 المتعلق بالوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي.

بلعيد بوكادير في نشاط رسمي يوم 15 أكتوبر 2024

كانت الأسئلة تتراكم بينما كنا نبحث عن أجوبة، وحين لم نتوصل بأي رد من الوكالة على مراسلتنا، استعنا بالفضاءات المفتوحة على الأنترنت للحصول على بعض المعطيات، منها أن بلعيد بوكادير الذي ظهر فجأة كمدير للوكالة بالنيابة، استمر في شغل هذا المنصب إلى يوم 15 أكتوبر 2024، على الأقل، حيث ظهر إلى جانب الوزير السابق عبد اللطيف الميراوي، في لقاء جمعه برئيس المجلس التنفيذي للشبكة الإفريقية للوكالات الوطنية لضمان الجودة، وفق منشور على حساب الوكالة عبر حسابها على منصة إكس.

بعدها بأقل من شهر، سيظهر اسم جديد على رأس الوكالة، حيث أظهر منشور لحسابها على إكس، فاطمة الزهراء علمي، يوم 11 يونيو 2024 وهي توقع اتفاقية تعاون بين المغرب وموريتانيا في مجال تقييم وضمان جودة التعليم العالي، أثناء زيارة لوفد من الوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي بالمغرب.

فاطمة الزهراء علمي في نشاط رسمي بتونس يوم 14 دجنبر 2024

فاطمة الزهراء علمي، نائبة رئيس جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، ظهرت مرة أخرى يوم 14 دجنبر 2024، في تونس وهي تمثل المغرب في لقاء للشبكة الإفريقية، بصفتها مديرة بالوكالة، وأعطت تصريحات بهذه الصفة، دون أن يصدر عن الوكالة أي بلاغ أو ما يشير إلى تغيير في إدارتها، وهو ما حصل حين اختفى المختار بكور وظهر بدلا عنه بلعيد بوكادير مديرا بالوكالة.

وحسب حساب فاطمة الزهراء علمي، على منصة لينكدن، فقد أصبحت مديرة بالوكالة في شتنبر 2024، بينما، كما أسلفنا، ظهر بوكادير في لقاء رسمي يوم 15 أكتوبر 2024، بنفس الصفة، كما يشير وصف لاحق للمديرة على نفس الحساب إلى التحاقها بمجلس الإدارة في أكتوبر من نفس السنة، بينما على الموقع الرسمي لا يزال المختار بكور هو المدير.

وصف من حساب فاطمة الزهراء علمي على منصة لينكدن

مهام إدارية وليست علمية.. التقييم العلمي خارج نطاق مجلس الإدارة

تتمثل اختصاصات مجلس إدارة الوكالة في: تحديد التوجهات الكبرى للوكالة، وضع برنامج عمل سنوي، تحديد نظام الميزانية، وحصر الحسابات، إعداد الهياكل التنظيمية، النظام الأساسي للمستخدمين، والنظام الداخلي للوكالة، اتخاذ القرارات المتعلقة بالعقارات، قبول الهبات، وإبرام اتفاقيات التعاون، متابعة الأنشطة، دراسة التقرير السنوي عن الأنشطة واتخاذ القرارات بناءً على النتائج المحققة، واقتراح معايير التقييم ومراجعتها دوريًا.

حسب الظهير الشريف رقم 1.14.130 صادر في 3 شوال 1435 (31 يوليو 2014) بتنفيذ القانون رقم 80.12 المتعلق بالوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي. كما تم تعديله بمقتضى: القانون رقم – 67.16 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.154 بتاريخ 21 من ذي القعدة 1437 (25 أغسطس 2016) الجريدة الرسمية عدد 6502 بتاريخ 20 ذو الحجة 1437 (22 سبتمبر 2016)، ص 6844.

ومن الواضح أن الأمر يتعلق بمهام إدارية، وليست علمية، في حين تقوم الوكالة باختيار خبراء للقيام بمهام التقييم، بناءً على معايير تحددها، بالإضافة إلى مهارات جيدة في التعبير الكتابي والشفوي، وإتقان الحاسوب، مع مراعاة تنوع الخلفيات الجغرافية، ومقاربة النوع الاجتماعي، على أن يتم إبرام عقد لمدة ثلاث سنوات مع الخبراء الذين يتم اختيارهم. مثلما هو موضح على سبيل المثال في هذا الإعلان، أو هذا الإعلان، حيث يتم ملء المعلومات عبر الرابط التالي.

ووفق البحث الذي أجريناه، وجدنا بالفعل أن التقارير المرتبطة بالتقييم يتم إعدادها من قبل فريق من الخبراء المختصين، وليس من قبل أعضاء مجلس الإدارة، في حين يحضر أشغال هذه اللجان عضو أو اثنين من مجلس الإدارة.

خدمات مدفوعة.. هل تؤثر على استقلالية تقييم جودة التعليم العالي؟

“تناط بالوكالة مهمة القيام لحساب الدولة بعمليات تقييم التعليم العالي والبحث العلمي […]”، هذا ما تنص عليه المادة 3 من القانون رقم 80.12،  بينما المادة 4 من نفس القانون تنص على أنه “تتولى الوكالة إنجاز التقييم بطلب من القطاعات الوزارية التي من بين اهتماماتها التعليم العالي أو البحث العلمي أو تكوين الأطر. كما يمكن أن تقوم الوكالة، في حدود اختصاصاتها، بناء على طلب من المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، والمركز الوطني للبحث العلمي والتقني والجامعات ومؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي بإنجاز التقييم لفائدتها”.

ارتباطا بالموضوع واستنادا إلى “قرار مشترك بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكوين الأطر ووزارة الاقتصاد والمالية في المغرب” نشر على المنصة الرسمية للوكالة، تعتبر التقييمات التي تقوم بها الوكالة، أو على الأقل بعضها، مؤدى عنها. 

وتحدد الوثيقة تعريفة الخدمات المقدمة من قبل الوكالة الوطنية للتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي (ANEAQ)، وتحدد الوثيقة بأن المؤسسات العمومية، (سواء كانت جامعية أو غير تابعة للجامعة). 

وتبلغ تكلفة التقييم 40 ألف درهم، أما بالنسبة للاعتمادات فتبلغ تكلفة اعتماد مؤسسة خاصة (معهد أو مدرسة) 70 ألف درهم، بينما تبلغ تكلفة اعتماد جامعة خاصة 100 ألف درهم. وبشأن التقييم الدوري للمؤسسات الخاصة، تبلغ التكلفة بالنسبة لمؤسسة خاصة (معهد أو مدرسة …) 50 ألف درهم، بينما تبلغ تكلفة التقييم الدوري لجامعة خاصة 80 ألف درهم، ويكلف تقييم المؤسسات الجامعية 40 ألف درهم. 

ويبلغ مقابل فتح أو الاعتراف بالمؤسسات بين 50 ألف و100 ألف درهم حسب النوع، فيما يحدد مقابل تقييم مسارات التكوين في 7 آلاف درهم لكل مسار، وتقييم المراكز البحثية والمختبرات بين 10 آلاف و200 ألف درهم حسب الحجم والنوع.

بينما تختلف تكلفة تقييم مسارات التكوين، حسب نوع المؤسسة، وتتراوح ما بين 7 آلاف و12 ألف درهم لكل مسار بالنسبة للمؤسسات الخاصة ومؤسسات التعليم العالي غير التابعة للجامعة، و200, ألف درهم سنويا (10 مؤسسات)، أو 150 ألف درهم سنويا (أقل من 10 مؤسسات)، بالنسبة للمؤسسات العمومية.

ليست أول مرة.. “أحرار شخصية مثيرة للجدل

وسط الإشكالات التي تحيط بالوكالة الوطنية لتقييم جودة التعليم العالي، والتي تستحق الكثير من الاهتمام، كان تعيين لطيفة أحرار في مجلسها الإداري هو الحدث الذي جذب أكبر قدر من الاهتمام، ليصبح محط انتقاد من مختلف الفئات. فهل كان انتقاد تعيينها نتيجة لعدم كفاءتها أم لأن شخصيتها مثيرة للجدل؟ 

لقد كانت لطيفة أحرار محط جدل سابق عدة مرات، خاصة بعد مشاركتها في مهرجان السينما بلباس تقليدي يظهر ساقيها، ما جعلها عرضة لهجوم واسع من الأوساط المحافظة. لكن الانتقادات لم تقتصر على ذلك، فقد كانت محط انتقاد ايضا بعد ظهورها على شاطئ صحبة عدد من الشخصيات وهي تقلد الطفل السوري أيلان بعد غرقه وهو يحاول الهروب من الحرب السورية، وسخر حينها رواد مواقع التواصل  من “تَمَدُد مغاربة بشاطئ الرباط تضامناً مع الطفل ‘إيلان’ دون أن تلمس المياه وجوههم”، وتعرضت أيضًا لانتقادات من شخصيات يسارية، بعدما ظهرت في صورة مع شخصية إسرائيلية، ما دفع بعضهم إلى اتهامها بالتطبيع.

ولم تقتصر الانتقادات على لباسها، إذ تركزت أيضًا على طريقة إلقائها لمقطع من قصيدة للشاعر الحسين القمري، بزعم أنها تقليد لقراءة القرآن التقليدية، مما جعلها عرضة للاتهام من طرف التيار المحافظ والإسلاميين. وفي الجهة الأخرى، وجه لها نشطاء يساريون وحقوقيون اتهامات بالتطبيع، خاصة بعد تداول صورة لها مع الاسرائيلي سيمون سكيرا على منصات التواصل الاجتماعي. 

 وعاينت “هوامش” تداول صورة على منصة فايسبوك، تظهر لطيفة أحرار رفقة سيمون سكيرا، سبق أن نشرتها صفحة منسوبة “للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع”، والذي ارتبط بكل من أحمد ويحمان وعزيز الهناوي المنتمي لحزب العدالة والتنمية. 

“إنه سيمون سكيرا، والصورة التقطت على هامش عرض الفيلم الوثائقي (أجراس تومليلين)، الذي اشتغل على الذاكرة، وحضر العرض أيضا سيمون بيتون، وفايزة جنيني، وجامع بيضا، وآخرون” توضح أحرار في تصريح حصلنا عليه. وعرض الفيلم الوثائقي يوم 19 أبريل 2019، بالمكتبة الوطنية بالرباط، للمخرج المغربي حميد درويش، وهو فيلم يستعيد تجربة 19 راهبا مسيحيا، استقروا بدير تومليلين قرب مدينة أزرو، بإقليم إفران. 

بالعودة إلى الصورة، وجدنا أن سيمون سكيرا، الذي يقدم نفسه كرئيس فيدرالية اليهود المغاربة في فرنسا، ومؤسس رابطة الصداقة المغربية-الاسرائيلية، نشرها على حسابه على منصة فايسبوك، كما نشر الناشط الأمازيغي منير كجي في نفس اليوم صورة تجمعه مع لطيفة وسكيرا، بينما لم تنشرها لطيفة أحرار على أي من حسابيها الموثقين على أنستغرام وفايسبوك

ولم نعثر في حسابات لطيفة أحرار، على منصات التواصل الاجتماعي، ولا في الحوارات التي تجريها لطيفة أحرار مع مختلف المنابر الإعلامية، ولا في أنشطة المعهد التي تديره على ما يثبت تهمة التطبيع. بالمقابل شاركت أكثر من منشور على أنستغرام وعلى فايسبوك، في أكثر من مناسبة، تضامنا مع الشعب الفلسطيني، هنا مثلا نشرت صورة بعنوان “ذات يوم في رام الله … فلسطين”، وفي أخرى فلسطين حرة.      

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram