“هوامش”: سعيد المرابط
قضت محكمة الاستئناف بالرباط؛ صباح السبت الماضي، بحكم جديد على الوزير المغربي السابق محمد زيان؛ بالسجن 5 سنوات إضافية.
زيان الذي كان وزيرا لحقوق الإنسان في عهد الملك الحسن الثاني، بين عامي 1995 و1996، يقضي حكما بالسجن لمدة 3 سنوات منذ نوفمبر 2022 بسبب “إحدى عشرة جريمة”.
ويعود السبب الرئيسي لتحديث العقوبة، وفق القضية الجديدة، إلى “عدم رد الدعم العمومي لحملة انتخابية” لـ”الحزب الليبرالي المغربي”، الذي كان زيان يتزعمه.
وقالت هيئة دفاع النقيب السابق، إلى أنه أدين لعدم إعادة مليون درهم قدمت لحزبه كدعم عمومي للحملة الانتخابية.
وبحسب دفاعه، فإن زيان لم يستول على الأموال، بل أنفقها بالكامل على الحملة و”كل الوثائق تشهد على ذلك”.
“إيذانٌ بالرغبة في استمرار سجنه حتى الموت”
في تعليقه لـ”هوامش” على هذا الحكم، يقول فؤاد عبد المومني، منسق “همم” (الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين)، إن “المتابعات والمضايقات ضد الأستاذ زيان، تتالت منذ أن أصبحت مواقفه تحمل فضحًا وإدانةً صريحة للاستحواذ على السلطة وعلى الثروة الوطنية من طرف المحيط الملكي، وكذلك لانتقاده الشديد للاستبداد والتسلط وما سماه هو بالبنية السرية، والتي طالب بوضع حد لها”.
وأشار الحقوقي المغربي إلى أن اعتقال زيان “تم منذ سنتين، قبل حتى أن يصدر في حقه حكم نهائي في الإحدى عشرة تهمة موجهة إليه، لتتم إدانته بثلاثة سنوات سجنًا”.
ويرى عبد المومني أن “هذا الحكم لم يشف غليل مدبريه، فأضافوا متابعة أخرى، ظالمة كما سابقاتها، تعرض إثرها لمحاكمة انتفت منها كذلك شروط العدالة، حيث افتقدت للاحتكام إلى القانون والأدلة والقرائن”.
“الحكم على زيان بثلاث وخمس سنوات سجنًا، هو من جهة؛ إيذانٌ بالرغبة في استمرار سجنه حتى الموت، ومن جهة أخرى هو رسالة تهديد ووعيد لكل من تسول له نفسه أن يفضح بنية الاستبداد والفساد في المغرب، وبشكل أخص الأشخاص الذين ينتمون أو سبق لهم أن انتموا لبنية السلطة المخزنية”، يشرح الأمين العام السابق لـ”الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة”، (ترانسبرانسي المغرب) غير الحكومية، مؤكدًا على أن “الكثير من هؤلاء المنتقدين أصبحوا فاقدين للثقة في هذا النظام، ويتم تهديدهم بأن من يتجرأ ويفتح فمه سيكون مصيره هو نفس المصير الذي يتعرض له الأستاذ زيان”.
أسباب وجوده في السجن
ولد زيان في مدينة مالقة جنوب إسبانيا عام 1943، ويحمل الجنسيتين الإسبانية والمغربية، وكان الوزير السابق ينتقد الملك محمد السادس، وقد قالت “منظمة العفو الدولية” في تقريرها السنوي الأخير؛ حول حقوق الإنسان؛ بأنه واحدٌ من مجموعة مكونة ستة أشخاص أدينوا في المغرب بسبب “ممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير”.
وفي نوفمبر 2022، أُدين زيان بتهم “إهانة القضاة والموظفين العموميين”، و”إعطاء مثال سيئ للأطفال”، و”التحريض على انتهاك إجراءات منع انتشار كوفيد”، و”نشر معلومات كاذبة”، و”مساعدة شخص على مغادرة البلاد سرًا” و”الخيانة الزوجية”، من بين تهم أخرى.
ويؤكد نجله في تصريحات لوسائل الإعلام أن هذا الحكم الجديد بالسجن 5 سنوات يمثل بالنسبة له “حكما مُقَنَّعا بالمؤبد” لأن والده يبلغ الآن 81 عاما، وأضاف “آمل أن يعيش حتى يبلغ 86 عاما حتى يتمكن من الخروج حيا”.
زيان الذي يقبع خلف القضبان منذ 19 شهرًا، وهو في عمر 81 عامًا، هو “أكبر سجين في العالم”؛ كسر صمته من داخل السجن في نهاية شهر مارس من العام الماضي 2023، من خلال رسالة حصرية إلى صحيفة “إل إندبندينتي” الإسبانية.
وفي رسالته تلك، قال زيان “تكمن مشكلتي في المقابلة التي نشرت في إل إندبندينتي، والتي طلبت فيها في أكتوبر الماضي من الملك محمد السادس التنازل عن التنازل عن العرش أو إثبات أنه يستطيع الاستمرار في الحكم”.
وأكد زيان في رسالته أن حالة حقوق الإنسان بالمغرب، “أسوأ من تلك التي شهدها المغرب خلال نهاية نظام الحسن الثاني”.
“المغرب في عام 2023 يعاني من تأخر هائل من حيث حقوق الإنسان مقارنة بعالم اليوم. من غير المجدي مقارنة المغرب لعام 2023 بالبلد الذي كان موجودا في السبعينيات أو الثمانينيات”، يضيف زيان.
كما انتقد “استخدام المرأة لإسقاط وتشويه سمعة كل مفكر أو ناشط سياسي أو نقابي”، مشيرا إلى أن الجامعات المغربية وكذلك الصحافة، يخضعان “تماما للنظام… والصحفيون أنفسهم أفسدهم النظام”.
وقبل اعتقاله، أكد محمد زيان، عبر تصريح ضمن تحقيق نشرته “هوامش”، أنه “مستهدف بسبب مواقفه وانتقاداته”، وخاصة لما يصفه بـ “البنية السرية التي تحكم المغرب”، و”الغياب المستمر للملك بسبب أسفاره التي تستغرق أحيانا عدة أشهر خارج المغرب”.
وأشار زيان إلى أن ما يتعرض له الصحفيون المنتقدون، والسياسيون المعارضون، ونشطاء حقوق الإنسان هو “انتقام وراءه البوليس السياسي الذي حول المغرب إلى مملكة للرٌّعب”.
واخترع توصيف “البوليس السياسي”، المؤرخ المغربي المعطي منجب، وهو يعني “الأمن السياسي”، ويقصد به جهاز المخابرات الداخلية “المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني” (ديستي).
وقال منجب، في تصريح سابق لوكالة الأنباء الفرنسية، إن “هذا البوليس السياسي يجب أن ينتهي عمليا من المغرب، نحن نحتاج للأمن وليس للأمن السياسي”.