الرئيسية

بطء إعادة الإعمار في الحوز.. عقبات تعيق جهود التعافي

خلصت دراسة حديثة، أنجزها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى وجود انتهاكات واضحة لعدد من الحقوق الإنسانية الأساسية نتيجة الكارثة. كما أكدت على الحاجة إلى تعزيز الاستجابة الوطنية وتفعيل آليات الحماية لضمان حقوق السكان المتضررين خلال مراحل الأزمة والتعافي.

محمد تغروت

الدراسة التي وردت نتائجها في تقرير المجلس عن سنة 2023، استندت إلى تحليل استمارات وزعت على 40 جماعة متضررة وغير متضررة، في الجهات الأربع التي ضربها ما بات يعرف بزلزال الحوز، في شتنبر 2023، بهدف المُقارنة بين الإمكانات المتوفرة، وتناسب الموارد المرصودة في التخطيط الاستباقي، والاستجابة للكوارث الطبيعية حسب خصوصية كُل منطقة، مع الأخذ بعين الاعتبار التنوع الجغرافي والمجالي للجماعات المشمولة بالدراسة.

وخلصت الدراسة الميدانية إلى أن الجماعات المتضررة وغير المتضررة من الزلزال لا تتوفر على خطط محلية لمواجهة الكوارث، مشيرة إلى أنها تعتمد على الآليات الجهوية أو الإقليمية للاستجابة، موضحة أنها لا تتأسس في أغلبها على المقاربة القائمة على حقوق الإنسان.، “كما أن معظم الجماعات لا تتوفر على أنظمة انذار مُبكر، إلا أنها تعتمد على المراكز الإقليمية وتنسيقاتٍ أخرى تُغطي المنطقة” تقول الدراسة.

وأبرزت الدراسة أن العاملين والمتدخلين، في أوقات الكوارث والأزمات، يتوفرون على تكوينات خاصة بعمليات الإنقاذ والتدخلات التقنية خلال الكوارث الطبيعية، غير أنها ليست دامجة للمقاربة القائمة على حقوق الإنسان، مع تسجيل تفاوتاتٍ في الاستفادة من هذه التكوينات بالنسبة للجهات الأربع المُتضررة من الزلزال.

وعلاقة بالبنية التحتية، من طرق ومسالك وتهيئة الأحياء لتيسير الولوج إليها، سجلت الدراسة وجود تفاوتات مجالية في مجال الاستثمار في البنيات التحتية الحيوية والمباني، وتقييم ملاءمتها لشروط السلامة ومقاومة الكوارث بين الجهات الأربع التي تعرضت للزلزال.

التدخل الاستعجالي لم يكن فعالا

سجلت الدراسة سرعة التدخل في الجهات الأربع المُتضررة من زلزال الأطلس، غير أن التدخل لم يكُن فعالاً في عددٍ من الجماعات (مثلا جماعة مجاط وأولاد مطاع وأسيف المال وآسني)، وأرجعت ذلك إلى غياب جاهزية مسبقة لإدارة الكوارث الطبيعية؛ إذ تأكد وجود صعوبات بخصوص عملية تحديد الضحايا في الأرواح والمنشآت بسبب وعورة تضاريس المنطقة.

وبشأن التنسيق بين الفاعلين المركزيين والمحليين في إدارة الكوارث وجهود الإغاثة، أبرزت الدراسة وجود تعاون بين الطرفين خصوصا بجهتي سوس ماسة، وبني ملال خنيفرة، حيث تم اتخاذ كافة قرارات الإغاثة على المستوى المحلي، باستثناء القرارات التي تخص طلبات الدعم اللوجستيكي، والتي اضطرت المصالح اللامركزية للدولة إلى التنسيق بشأنها مع المصالح المركزية، كما سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان عدم وجود هيمنة مركزية أثناء عمليات التدخل، أو وجود عرقلة لجهود المُجتمع المدني الذي ساهم بدون قيود تذكر.

إشكالات في تنسيق المساعدة الإنسانية

أكدت الدراسة وجود إشكالات مختلفة مرتبطة بتنسيق المساعدات الإنسانية، مسجلة تفاوتًا على مستوى التنسيق لتيسير وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين بين الجهات الأربع، إذ واجهت جهة مراكش-آسفي معيقات أكثر من الجهات الأخرى.

ووقفت الدراسة على وجود تحديات تتعلق بغياب مخازن لجمع المؤن والخيام وغيرها من المساعدات، حيث تعرضت بعض المساعدات، التي قدمها المجتمع المدني بالخصوص، للتلف أو الضياع بسبب ذلك، علما أن مناطق متضررة أخرى كانت في حاجة إليها.

وسجلت الدراسة وجود ثلاثة تحديات أساسية عرقلت تقديم المساعدة الإنسانية أثناء إدارة عمليات الإغاثة؛ لخصتها في طبيعة المواد المستعملة والتقنيات التقليدية المعتمدة في تشييد المباني، وصعوبة المسالك والطرقات المؤدية إلى المناطق والدواوير المتضررة، ووعورة التضاريس وطبيعتها الجبلية.

غياب البعد الحقوقي في الرصد والحماية

أظهرت نتائج التقييم، الذي أنجزه المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الجهات المتضررة من الزلزال، غياب أنظمةٍ أو تدابير خاصة لحماية حقوق الإنسان، في مجال الرصد والرقابة والحماية، خلال مراحل الإغاثة وفي تدبير مراكز الإيواء المؤقت.  

وبينت الدراسة أن هذه التدابير اقتصرت في غالب الأحيان على مُطالبة المتضررين بإخلاء منازلهم، مع تحرير محاضر المعاينة لبعض المتضررين، ولم يتم بالتالي إعمال المقاربة القائمة على حقوق الإنسان أثناء هذه المرحلة، وخصوصا ما يتعلق بإعمال الحق في الحماية والخصوصية.

إعادة الإعمار بين المحدودية وغياب إشراك الضحايا

خلصت الدراسة إلى نتائج متباينة فيما يخُص احترام مبدأ “المُشاركة”، باعتباره مكونًا أساسيًا في المقاربة القائمة على حقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بإشراك الساكنة المتضررة في عملية إعادة الإعمار، وسماع الحاجيات المحلية للضحايا والمُتضررين كجزء من عملية التعافي.

وذلك على الرغم من تأكيد الدراسة على أن العديد من المناطق المتضررة استفادت من خطط طويلة المدى، لدعم جهود إعادة الإعمار والتعافي، بالموازاة مع البرامج المرحلية والآنية التي وضعت غداة الكارثة، كما رصدت ميزانيات للحد من تداعيات الكوارث الطبيعية، وكراء معدات التدخل وإنجاز دراسات حول المباني المتضررة جراء الزلزال. 

وخلصت الدراسة إلى اختلاف وتيرة عمليات إعادة الإعمار، حسب المناطق المتضررة، حيث تتسم بالمحدودية والبطء في دواوير عدة، بإقليم شيشاوة مثلا، فضلاً عن بروز عددٍ من الإشكالات التي رافقت الهدم الجزئي والحسم في وضعية البناء بعد الزلزال، بمختلف المناطق المتضررة، وتحديات الوضعية العقارية في أراضي الجموع والأراضي السلالية.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram