الرئيسية

هل تُلبي برامج ANAPEC احتياجات سوق الشغل بالمغرب ؟

خلصت دراسة حديثة إلى أن البرامج التي أطلقتها الوكالة الوطنية لتنمية التشغيل والكفاءات (ANAPEC)، قصد تشجيع سوق الشغل، ساهمت في خلق فرص عمل وتحسين القدرة على التوظيف. غير أن هناك نقاط ضعف مستمرة، خاصة فيما يتعلق بالاستهداف، والتغطية الجغرافية، ودعم المستفيدين، والتنسيق بين الجهات الفاعلة المختلفة.

هوامش

أنجز الدراسة كل من الباحثين عمر إيبورك، أستاذ اقتصاد في جامعة القاضي عياض في مراكش، ومدير مجموعة البحث الاقتصادي والاجتماعي في نفس الجامعة، تركز أبحاثه على الطرق الكمية المطبقة في العلوم الاجتماعية، والطيب الغازي، اقتصادي في مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، مهتم باقتصاد العمل والتعليم والهجرة، وبعض جوانب التجارة الدولية في البلدان النامية. 

واعتمدت الدراسة التي أصدرها “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد”، تحت عنوان “السياسات النشطة لسوق العمل بالمغرب: مواجهة التحديات وتحسين البرامج الرائدة”، على تحليل فعالية البرامج المتوالية التي أطلقتها ANAPEC، وخاصة “إدماج” و”تحفيز” و”تأهيل” و”التشغيل الذاتي”، من خلال دراسة أهدافها وإنجازاتها وتكاليفها، وآثارها على المدى القصير والطويل. ويستند التحليل إلى دراسات التقييم التي أجرتها وزارة الإدماج الاقتصادي والبيانات المتاحة.

ورصدت الدراسة ثلاث مراحل رئيسية، شهدها تطور السياسة النشطة للتشغيل في المغرب، معتبرة أن المرحلة الأولى تميزت بإرساء الإطار المؤسسي والتنظيمي والمالي للسياسة النشطة للتشغيل، وتنفيذ تدابير التشغيل التي اعتُمدت خلال الدورة الأولى للندوة الوطنية للتشغيل في عام 1998. و”كان الهدف من هذه التدابير هو السماح للشباب باكتساب تدريب إضافي وخبرة مهنية في بيئة العمل، وتشجيع الخريجين الشباب على إقامة أعمالهم الخاصة”.

في حين تميزت المرحلة الثانية باعتماد البرامج الرائدة لتعزيز التشغيل، خلال مبادرات التشغيل التي نُظمت في عام 2005. وتهدف هذه البرامج إلى تسهيل إدماج الشباب الباحثين عن عمل في القطاع الخاص الرسمي من خلال تحريك ثلاثة رافعات: الأولى برامج لتعزيز العمالة المأجورة (برنامج إدماج وبرنامج تحفيز)، والثانية برامج لتحسين قابلية التوظيف (برنامج تأهيل وآليات الدعم للقطاعات الناشئة)؛ والثالثة برنامج دعم التشغيل الذاتي.

وتميزت المرحلة الثالثة بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل 2015-2025، وخطة تنفيذها للفترة 2017-2021. و”تهدف هذه الاستراتيجية إلى تعزيز العمل اللائق، من خلال نمو غني بفرص عمل منتجة وذات جودة، وزيادة مشاركة الشباب والنساء في سوق العمل، وتعزيز المساواة في الوصول إلى الوظائف، وتقليص التفاوتات الإقليمية في التشغيل”. 

وأشارت الدراسة إلى أن هذه الاستراتيجية تتضمن توجيهات، وتقترح تدابير عملية لاتخاذ إجراءات لتجسيد توجهات دستور 2011 في مجال التشغيل؛ ودعم نمو الاقتصاد من خلال إدماج النساء والشباب في العمالة، حيث أن الاقتصاد ينمو من خلال تعبئة قوة العمل ومستوى إنتاجيتها، وكذا تحسين وظيفة سوق العمل وشروط توزيع ثمار النمو، وإكمال الاستراتيجيات القطاعية المعتمدة، والمساهمة في تطوير اقتصاد تنافسي قائم على المعرفة والتنمية المستدامة، وتنمية المؤسسة والإدماج الاجتماعي.

وفي تقييمها لبرامج تشجيع التشغيل، خلصت الدراسة إلى أن برنامج “إدماج” الذي أطلقته الدولة ما بين 2006 و2022، تجاوز أهدافه لعام 2022، مما عزز إدماج الشباب مهنيا وأنعش سوق العمل في المغرب، وبخصوص برنامج “تحفيز” الذي انطلق سنة 2016، اعتبرت الدراسة أنه أظهر تقدما إيجابيا من حيث عدد المستفيدين وتحقيق الأهداف.

وارتباطا ببرامج تحسين التشغيل، اعتبرت الدراسة أن برنامج “تأهيل”، الذي خصص “للتكوين لفائدة القطاعات الواعدة”، والذي غطى المرحلة ما بين 2016 و2022، عرف انخفاضا ملحوظا في عدد المشاركين، مع تركز جغرافي كبير في مناطق الرباط-سلا-القنيطرة، والدار البيضاء-سطات، وهيمنة قطاعي الخدمات الخارجية والسيارات.

وفي ذات السياق، وارتباطا ببرنامج “التشغيل الذاتي”، خلال الفترة ما بين 2016 و2022، اعتبرت الدراسة أنه على الرغم من انخفاض عدد الوحدات المنشأة في إطار هذا البرنامج، غير أن عدد مناصب الشغل التي تم خلقها ارتفعت بنسبة 10.4%، لتصل إلى حوالي 3300 منصب شغل سنة 2022، أي بمتوسط 1.8 وظيفة لكل وحدة مُنشأة، مقارنة بـ 1.4 سنة 2021، و1.3 سنة 2020، مما يشير إلى زيادة في الفعالية من حيث خلق فرص العمل.

وأوضح الباحثان اللذان أنجزا الدراسة، أنهما من أجل تقييم نوعي لبرامج “إدماج” و”تحفيز” و”تأهيل” و”التشغيل الذاتي”، اعتمدا على شبكة قائمة على معايير، وهي: الصلة، والفعالية، والكفاءة، والأثر، موضحين أن هذه الشبكة تستند على إطار الأثر “RCEE” (الصلة، الانسجام، الكفاءة، الفعالية، الأثر). 

وخلصت الدراسة إلى أن سوق العمل المغربي، الذي يتميز بديناميكية ديموغرافية واقتصادية، يواجه تحديات رئيسية، أبرزها بطالة مستمرة، وعدم تطابق بين المهارات واحتياجات السوق، ومشاركة ضعيفة للشباب والنساء. 

ولتحسين فعالية السياسات النشطة لسوق العمل، أوصت الدراسة، بتوسيع نطاق المستهدفين للبرامج المعنية، من خلال زيادة التوعية، وتشجيع الشركات في المناطق الأقل تطورًا على الاستفادة من المزايا التي توفرها هذه البرامج.

 كما أوصى الباحثان بتحسين الاستهداف عن طريق مراعاة احتياجات كل مجموعة من المستفيدين، وتعزيز الدعم والمتابعة للمستفيدين. بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين مختلف الجهات الفاعلة في سياسات التوظيف، وكذا اتباع نهج إقليمي لتكييف البرامج مع الواقع المحلي، وكذا دمج التكنولوجيات الجديدة لتسهيل الوصول إلى التدريب والمعلومات وخدمات التوظيف، بالإضافة إلى تبسيط الإجراءات الإدارية لبرنامج “تأهيل” وتوسيع نطاقه الجغرافي والفئوي لزيادة إمكانية الوصول إليه.

وخلص الباحثان إلى أن فعالية السياسات النشطة لسوق العمل تعتمد على تصميمها وتنفيذها وتقييمها بعناية، معتبرين أن تحسين هذه البرامج أمر أساسي لبناء سوق شغل أكثر شمولا ومرونة وفعالية في المغرب.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram