سامي صبير
يقول عبد الله في حديثه لمنصة هوامش ” كل سنة أشتغل في هذه الحرفة، لأنني تعلمتها على يد حرفيين منذ الصغر، وكما هو معروف على مراكش فهي مدينة الحرف” مضيفا “في باقي الأيام أتنقل من عمل مؤقت لآخر، يبقى هذا العمل أفضل من الجلوس دون شغل”.
طول فترة حديثه، ظلت عينا عبد الإله تراقب السكين اللامعة تحت أشعة شهر يونيو الحارقة، وبين الحين والآخر يصب عليها القليل من الماء لتخفيف احتكاكها مع العجلة الصخرية، وفي نفس الوقت يبدل مجهودا بقدمه للضغط على دواسة دراجة هوائية مثبتة على جانب العجلة.
الشاب الثلاثيني، الذي يتولى مسؤولية إعالة طفليه، أحدهما في الربيع الثاني عشر والآخر في الثالث عشر، يقول “هذا المشروع هو ما يساعدني على مصاريف العيد الكبير، فهو يعد مصدر دخل موسميا جيدا، ولو كان متاحا على مدار السنة لكان الحال أفضل، حيث يمكن أن يوفر لقمة عيش”، ويسترسل في حديثه “الحياة أصبحت صعبة، لم تكن طفولتنا مكلفة، كانت النفقات أقل، أما حاليا فقد أضحت الحياة متطلبة وتغير الحال”.
يبدأ الروتين اليومي الموسمي لعبد الإله من التاسعة صباحا إلى الثانية وأحيانا الثالثة بعد منتصف الليل، فبالنسبة له يعد هذا العمل بمثابة طوق نجاة مؤقت يستحق التشبث به لأطول وقت ممكن، للنجاة من مشكل البطالة الذي يواجهه، ويقول “يمكنني أن أستمر في هذا العمل لمدة 24 ساعة على 24، لأن لدي مصاريف كثيرة. في الأسبوع الماضي قصدت سوق الأضاحي وكانت الأسعار ملتهبة، تخيل سعر خروف بحجم المالينوا (سلالة أوروبية من كلاب الحراسة) بلغ 3500 درهم”.
وفق إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط حول وضعية سوق الشغل، فإن عدد العاطلين قد انتقل من 9.3 في المائة على المستوى الوطني، سنة 2017، إلى 13.7 في المائة خلال الفصل الأول من السنة الجارية، ووصل معدل البطالة بجهة مراكش آسفي 8.2 في المائة.
رغم اختلاف الحالة الاجتماعية تتقاطع الأسماء وفصول القصة بين عبد الإله وعبد الله، هذا الأخير شاب في الثانية والثلاثين من العمر، يتابع دراسته في السنة الأولى من سلك الماستر تخصص الزراعة البيولوجية، يقول “أقبل على العمل في بيع لوازم عيد الأضحى وشحذ السكاكين كل عام، منذ قرابة 15 سنة، وباقي أيام السنة أقضيها بين الدراسة والعمل في دروس الدعم والتقوية”.
إن كانت فصول قصة معاناة عبد الإله مع البطالة قد بدأت بعد انقطاعه على الدراسة في سن مبكرة، فإن تفاصيل قصة عبد الله كتب لها أن تنطلق بشكل أكثر حدة بعد تجاوزه سن الثلاثين، وذلك بعدما أعلنت الحكومة في وقت سابق عن وضع هذه السن سقفا لاجتياز مباريات عدة قطاعات عمومية.
على نفس منوال عبد الإله يمضي عبد الله الأيام الخمسة التي تسبق يوم العيد يعرض خدماته وبضاعته، المكونة من لوازم الشواء وبعض الأعلاف والسكاكين، فوق الرصيف، كحل مؤقت يستطيع أن يكسب منه بعض المال لمساعدة والديه في تغطية نفقات البيت، إلا أنه يلاحظ تراجع الرواج، ويوضح بالقول “سنة بعد أخرى يتراجع الإقبال، لأن فئة لم تعد تمارس شعيرة العيد، وهذا يؤثر علينا”.
وبحسب آخر إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط المتعلقة بالموضوع، فقد زادت نسبة الأسر المغربية التي لا تمارس شعيرة عيد الأضحى إلى 12.6 في المائة سنة 2022، كما أوضحت البيانات الرسمية أن معدل البطالة في صفوف الأشخاص الحاصلين على شهادة، سجل خلال الفصل الأول من السنة الجارية ارتفاعا يقدر بـ 0.5 نقطة، حيث وصل إلى نسبة 20.3 في المائة من مجموع العاطلين.
ويضيف نفس المصدر، أن مجموع الأشخاص في حالة الشغل الناقص المرتبط بالعمل لساعات أقل من عدد ساعات العمل العادي، وصل خلال السنة الجارية 576 ألف شخص على المستوى الوطني.