الرئيسية

سيدي غياث/ مراكش.. أسعار الأضاحي لا تترك فرصة للفقراء

إبراهيم، رجل ستيني قدم من مراكش لاقتناء أضحية العيد، يقول لهوامش "الأسعار ملتهبة، أرغب في شراء أضحية في حدود 1500 درهم، إلا أنني لم أجد مبتغاي، ولكن في آخر المطاف لا بد أن ينال كل واحد رزقه"، مضيفا بنوع من السخرية، ردا على شخص بجانبه "من لا يمتلك سوى 1000 درهم، لا حل أمامه سوى شراء الديك الرومي وكيلوغرام من الشحم كي يشم رائحة الشواء".

سامي صبير

في وقت مبكر من الصباح، يشرع البائعون بإفراغ حمولة العربات من أكباش العيد، وسط ساحة قريبة من السوق الأسبوعية، ببلدية سيدي غياث، جنوب شرق مدينة مراكش، والتي تنعقد كل يوم أحد، إلا أنها في هذه المرة تصادف حدثا خاصا، فلم يعد يفصلنا عن عيد الأضحى سوى أسبوع.

رائحة الماشية تملأ المكان، والغبار يتطاير ويغمر جماعات من الرجال والنساء والأطفال، من كل الاتجاهات. بين الحين والآخر تتعالى الأصوات، وتحتدم المفاوضات، حول سعر كبش أملح أقرن، يصل إلى 4800 درهم.

الوسطاء.. المتهم الأول

المشهد السابق يتكرر في معظم الأسواق الأسبوعية المغربية، في هذه الأيام، ولا تخلو معظم النقاشات في المقاهي وأمام المساجد بعد كل صلاة، من سؤال “شريتي العيد؟”، بينما تطغى على الأحاديث أخبار الأسواق ولهيب الأسعار.

يونس، شاب ثلاثيني، يشير بأصابع الاتهام إلى الوسطاء، باعتبارهم سببا رئيسيا في رفع أسعار الماشية. “الأسعار مرتفعة جدا، تتراوح بين 4000 و 6000 درهم. وفي المقابل الماشية ليست بجودة هذه الأثمان”، مضيفا “هذا يفوق القدرة الشرائية للناس، أمضيت ساعات في البحث ولم أجد أضحية تناسب ميزانيتي”.

نفس الأمر ينطبق على إبراهيم، رجل ستيني قدم من مراكش لاقتناء أضحية العيد، يقول لهوامش “الأسعار ملتهبة، أرغب في شراء أضحية في حدود 1500 درهم، إلا أنني لم أجد مبتغاي، ولكن في آخر المطاف لا بد أن ينال كل واحد رزقه”، مضيفا بنوع من السخرية، ردا على شخص بجانبه “من لا يمتلك سوى 1000 درهم، لا حل أمامه سوى شراء الديك الرومي وكيلوغرام من الشحم كي يشم رائحة الشواء”.

أما محمد، وهو فلاح ينحدر من منطقة تسلطانت، القريبة من مدينة مراكش، ويعمل وسيطا لبيع الأكباش (شناق)، فإنه يرى أن عمله لا يشكل أي خطر على القدرة الشرائية للمواطنين، مؤكدا أن أسعار الأضحية تعرف ارتفاعا خلال هذا العام، ويقول “يتراوح سعر الأضحية ذات الجودة ما بين 5000 و6000 درهم”.  

الجفاف.. المتهم الثاني

“يبلغ استهلاك الخروف الواحد من العلف، بالإضافة إلى كمية من “الفصة”، كيلوغرامان اثنان من الأعلاف في اليوم، أي ما يقارب 7 دراهم، حسب الأسعار الحالية للأعلاف، بعد الزيادات التي شهدتها خلال الأشهر الماضية، وهو ما مجموعه 2555 درهم على مدار 365 يوما نظرا لقلة وغياب الكلأ بسبب الجفاف، وبإضافة مصاريف الأدوية واليد العاملة على هذه التكاليف، ستبدو الأسعار أكثر واقعية”، يقول الحسين، مربي ماشية.

يمثل الإنتاج الفلاحي، وفق وكالة التنمية البشرية، من 13 إلى 20 في المائة من الإنتاج الداخلي الخام، ويعتمد بشكل أساسي على التساقطات المطرية، بحيث يتحكم المناخ في نسبة المردودية والنمو الاقتصادي.

وبحسب معطيات وزارة التجهيز والماء، فقد بلغت نسبة ملء السدود، مطلع السنة الجارية، 23.32 في المائة، ورغم استمرار قلة التساقطات خلال فصل الشتاء لهذا العام، وتوالي سنوات الجفاف، عرفت نسبة الملء ارتفاعا نسبيا، حيث بلغت 32.76 في المائة خلال شهر أبريل الماضي.

وقال وزير التجهيز والماء، نزار بركة، إن الوضعية التي وصلت إليها مناطق من المملكة تعتبر خطيرة جدا، مشيرا إلى أن المغرب قد شهد 5 سنوات متتالية من الجفاف، مما أثر على قطاع الفلاحة.  

المندوبية : الفقراء هم الأكثر ممارسة لشعائر عيد الأضحى

كشف تقرير للمندوبية السامية للتخطيط، نشر قبل أيام قليلة، حول استهلاك ونفقات الأسر، أن أضحية العيد تمثل 30 في المائة من إجمالي النفقات السنوية للأسر المغربية المخصصة لاستهلاك اللحوم.

وأوضحت المندوبية، في تقريرها، أنه حسب نتائج البحث الوطني حول مستوى معيشة الأسر، الذي أجرته  سنة 2022، فإن نسبة الأسر، التي لا تمارس هذه الشعيرة، ارتفعت إلى 12.6 في المائة من الأسر المغربية، مقارنة مع سنة 2014، حيث كانت تصل إلى 4.7 في المائة.

وأضافت المندوبية أن ﻫﺬا اﻻرﺗﻔﺎع الملحوظ في ﻧﺴﺒﺔ اﻷسر اﻟﺘﻲ ﻻ تمارس ﻫﺬه اﻟﺸـﻌيرة، ﻳﺴﺠﻞ ﺑﺸﻜﻞ رﺋﻴسي بين ﺳﻜﺎن المدن، حيث تبلغ نسبة 14.3 في المائة في المدن، و8.7 في المائة في القرى، مشيرة إلى أن ممارسة الأسر لشعيرة الأضحى، تنخفض مع ارتفاع مستوى المعيشة والمستوى التعليمي لرب الأسرة.

وبحسب المركز المغربي للمواطنة فإن “هذه السنة تعرف نقاشا عموميا غير مسبوق بخصوص هذه المناسبة، نظرا للصعوبات التي تواجه العديد من الأسر في توفير المصاريف الاستثنائية التي تتطلبها. ويرجع السبب في ذلك إلى الارتفاع الاستثنائي في أسعار الأضاحي، وتأثر القدرة الشرائية للعديد من الأسر في السنوات الأخيرة”.

وأكد المصدر في مذكرة، حول نتائج استطلاع الرأي بشأن انطباعات المغاربة بشأن عيد الأضحى، أنه “على الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة لضمان توفّر الأضاحي بأسعار معقولة، إلا أن هذه الجهود لم تؤثر بشكل كبير، بحيث تشير المؤشرات إلى أن هذا العام قد يشهد أرقامًا قياسية في أسعار الأضاحي”.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram