الرئيسية

ماذا بعد الخيام؟.. الناجون من زلزال الحوز يناشدون للإسراع بالدعم وإعادة الإعمار

"لا يفزعني الجوع ولا تهمني قلة الأغطية أو كثرتها، ما يشغل بالنا هو إلى متى سنبقى في الخيام، الدولة قامت بمجهودات كبيرة في ظرف أسبوع، هذه حقيقة، إلا أنني آمل أن يتم التسريع بإعادة إعمار كل هاته المناطق"، يضيف أحمد لـ"هوامش".

“هوامش”- تلات نيعقوب/ أسامة باجي 

ليلُ تلات نيعقوب أكثر بوحاً من نهارها؛ فالزلزال الذي ضرب المغرب في 8 شتنبر، بقوة 7 درجات على مقياس ريشتر، سيُدرج في التاريخ كواحدة من أعظم المآسي الإنسانية التي شهدتها البلاد، تاريخ يكتب جزء منه ليلًا هنا في تلات نيعقوب وسط الخيام.

“هل سنبقى في الخيام طويلاً؟” 

في الظروف العادية تشهد المنطقة تساقطات ثلجية كثيرة، وأحيانا تُغلق بعض الطرقات لأن علو الثلج يصل إلى مترين، وفي هذه الظروف قد يسوء الوضع أكثر، “فهل ستصمُد الخيام في وجه البرد الذي يحل قبل الشتاء؟”، يرن هذا السؤال في ذهن أحمد، أحد شباب المنطقة، يصمت ثم يشرد قليلا، قبل أن يقول، “الله يدير شي تاويل ماهمناش راسنا، همنا هو ولادنا والناس الكبار فين نديروهوم”.

بدأ الليل يرخي سدوله  عندما التقينا بأحمد، وهو شاب من قرية آيت يوسف التي تبعد عن إيجوكاك بحوالي 20 كيلومتر. جمعتنا دردشة وسمر ليل في إحدى الخيام، أتينا لمتابعة أحوال الناجين، وهو أتى لأخذ بعض المساعدات إلا أن حلول الليل حال دونَ عودتنا جميعا، لم نستطع المغامرة للعودة إلى مراكش، ولم يجد وسيلة للعودة إلى قريته التي “نالت حظها من الدمار” حسب قوله.

“لا يفزعني الجوع ولا تهمني قلة الأغطية أو كثرتها، ما يشغل بالنا هو إلى متى سنبقى في الخيام، الدولة قامت بمجهودات كبيرة في ظرف أسبوع، هذه حقيقة، إلا أنني آمل أن يتم التسريع بإعادة إعمار كل هاته المناطق”، يضيف أحمد لـ”هوامش”.

يؤكد محدثنا أن منطقته “منسية في كل الأوقات وليسَ فقط خلال الزلزال”، المتغير الوحيد هو أن الزلزال كشف عن هشاشة المنطقة لا غير، “لا أعتقد أن جل المغاربة يعرفون إيجوكاك، وتلات نيعقوب، ومناطق الحوز، لكنها اشتهرت بعد الزلزال، لقد عانيتم أثناء قدومكم من صعوبة الطريق؛ بالنسبة لنا هذا هو الوضع الدائم”، يفسر الشاب.

أعلن الديوان الملكي، في بلاغ، عن تخصيص دعم مالي عاجل قدره 30 ألف درهم (3 ملايين سنتيم) لكل أسرة متضررة، بالإضافة الى دعم مالي مباشر قدره 140 ألف درهم (14 مليون سنتيم) لكل وحدة سكنية دمرت كليا، و80 ألف درهم (8 ملايين سنتيم) لكل وحدة سكنية دمرت جزئيا.

وعن هذا القرار الملكي يقول أحمد؛ أنه “انتشلنا من حزن خيَّم على قلوبنا، كنت انتظر تدخل الملك، إلا أني انتظر تفعيله بشكل عاجل، كما ترى، نحن نأوي إلى خيمة قد تجرفها السيول أو تقوض دعائمها الأمطار في أية لحظة، حنا مكنتاقدوش المخزن دبا ولا ضدو، حنا كنوسولو على مصيرنا”.

“أيام التضامن دغيا غاتسالي وترجع القوافل فحالها وحنا غانبقاو هنا فهاذ الجو وفهاذ الوضع لا راد لقضاء الله لكن كنتمنى يزربوا فبناء الديور أولا يعطيونا سكن فشي بلاصة أخرى إما داخلية أولا خيرية حتى يعاودوا يبنيو لينا”. يوضح الشاب.

“الأرض لم تعد قادرة على تحملنا” 

يهيمن ما تضمنه بلاغ الديوان الملكي على أحاديث الناس هنا، فهذه “القرارات هدأت من روع المنكوبين”، حسب قول أحمد، بعدما عقد الملك محمد السادس، اجتماعا يوم الخميس 14 شتنبر 2023، بالقصر الملكي بالرباط، حول تفعيل برنامج الطوارئ لإيواء و تعويض المتضررين من زلزال الحوز. 

وغير بعيد عن أحمد، تجلس لالة رقية، سيدة من تلات نيعقوب تضرر منزلها بالكامل، تستمع للمذياع وتترقب جديدا حول القرار الملكي؛ بدورها تقولُ لـ”هوامش” إنها تنتظر أن “تُباشر السلطات بإحصاء الأسر المتضررة من الزلزال”، وتؤيد لالة رقية أحمد في طرح السؤال: متى سيتم بناء منازل جديدة؟

عند مدخل الخيمة المقابلة تجلس لالة رحمة، أم لشابين متزوجين ولديهما أبناء، تقول لهوامش “كنا نقطن في منزل واحد، كل في غُرفته. الآن أٌُجبرنا على السكن جميعاً في خيمة واحدة، أحيانا يضطر الشابان للنوم في العراء وترك المجال أمام زوجتيهما للنوم داخل الخيمة”. الأمر هنا متعلق بخصوصية كل زوجين، فضلا عن الجو المحافظ السائد في المنطقة، لذلك يبيت الأزواج في الخارج.

وتضيف المتحدثة، “لا يمكن أن نستمر في الخيام، نتمنى من الدولة أن تقدم لنا حلولا بديلة في انتظار إيوائنا في منازل جديدة. لا أعلم هل سيتم ترحيلنا عن القرية أم سيتم بناء  منازل جديدة، لكن البقاء هنا أصبح خطرا علينا، حتى الأرض مبقاتش قادة تهزنا”.

وعلى الرغم من ارتباطها بالأرض والجذور، إلا أن لالة رحمة ترى أنها إذا اضطرت إلى مغادرة قريتها “سأفعل ذلك دون شك، لكي يدرس أحفادي وينعموا بحياة مختلفة. منطقتنا تمتاز بالسياحة الجبلية وغيرها، إلا أنها تنتعش في الصيف فقط، فيما نواجه البرد بوسائل بسيطة، وأحيانا نجد صعوبة في الوصول إلى آسني بسبب الثلوج”.

تحصي لالة رحمة خسائر أسرتها، “ضاع محصول اللوز الذي جنيناه مؤخراً، الزلزال أجهز على خلايا النحل الذي يضيف القليل إلى مدخولنا، حتى المحاصيل من قمح وشعير طمرت تحت الأنقاض، بقينا الله كريم”.

لا أحد يعرف إلى الآن منهجية وآلية إحصاء المنازل المتضررة المؤهلة للحصول على التعويض، لكن الإشاعات التي تسري بين المنكوبين تؤكد أن قُياد القرى سيشرعون في إحصاء المنازل والخسائر ليتم تجميع المعطيات وتقديم الدعم في أقرب وقت ممكن.

وإلى ذلك، سيبقى أحمد ولالة رحمة وغيرهم ممن التقتهم “هوامش”، ينتظرون ويحاولون تدبر أمورهم وتجاوز هذه المحنة بكل السبل، في هذه اللحظات حيث يرددون كثيرا “التشبث بالله، والرضى بالقضاء والقدر”، فدائما ما يبدأون حديثهم بالرجاء والدعاء، وينهونه بالحمد والشكر. 

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram