الرئيسية

بعد أسبوعين.. بلدة أمزميز تتعافى تدريجيا وتنفض غبار أنقاض الزلزال

مر أحد عشر يوما على ليلة الجمعة التي اهتزت فيها قرى وبلدات إقليم الحوز ومناطق أخرى من المغرب، حيث تحول بعضها إلى ركام. في بلدة أمزميز بدأت الحياة تخرج تدريجيا من أجواء البحث عن المفقودين وإحصاء القتلى، وتدب نحو المستقبل ولو بحذر.

أمزميز – هوامش | سامي صبير

أمام ركام بناية إسمنتية أوقف إبراهيم، بائع سمك خمسيني، عربة بيع الأسماك، يقول بينما يداه مشغولتان بإزالة أحشاء السردين وتنظيفه، “معظم المحلات والمنازل لم تعد صالحة” ثم يشير إلى محل قريب على يمين العربة، “هناك اعتدت مزاولة عملي منذ سبعة سنوات ولكنه انهار الآن”.

منكوبون ينفضون غبار الأنقاض

يحاول الناجون من الزلزال الذي ضرب قبل نحو أسبوعين جنوب غرب البلدة، لملمة جراحهم ونفض غبار الدمار عن بلدتهم، يقول إبراهيم “في الأيام الأولى كان الجميع يفكر فقط فيما وقع، أما حاليا فيمكن أن ترى الابتسامة على الوجوه”. غير بعيد عن هنا، يقيم إبراهيم رفقة أبنائه الخمسة وزوجته داخل خيمة بلاستيكية.

على بعد أمتار قليلة من مكان توقف إبراهيم، يجلس محمد مستندا إلى جدار متصدع، أعلى درج في نهايته قوس يقود إلى داخل سوق لبيع الدواجن، وأمامه بعض صناديق الفواكه وعناقيد العنب، “المنازل بعضها انهار والآخر تصدع، لا أعد النقود التي يدفعها الزبائن، فقط أضعها جيبي حتى دون التحقق من المبلغ” بهذه العبارة يصف محمد حركة السوق بعد الكارثة.

بجانب محمد وبالقرب من مدخل السوق، وعلى طاولة خشبية، يعرض “الفقير”، وهو شيخ في عقده الثامن، ما كان يخزنه من خضار داخل دكان تصدعت جدرانه ولم يتهدم، بعد الهزة التي امتد دمارها إلى معظم القرى على السفوح البعيدة والقريبة من البؤرة، وبصوت منخفض يقول في تصريح لمنصة هوامش، “لم يبقى للناس شيء، الأغراض والملابس وكل شيء تحت الأنقاض”.

ويضيف الشيخ “الجميع بدون استثناء تضرروا، فمن لم يتهدم منزله تجده تصدع وأضحى آيلا للسقوط”. ومن جهته يقول محمد إنه “لا يوجد رواج حقيقي. الوافدون على المنطقة اليوم هم من يبتاعون القليل من بضاعتي”.

مبادرون يخففون ألم المأساة

معظم الأزقة والشوارع القريبة من ساحة السوق وسط البلدة، تحمل آثار ليلة الرعب التي لم يسبق لأهالي أمزميز أن تخيلوها، على أرض جرداء أقام بعض المنكوبين مخيما، يمكنك رغم بعده أن تسمع أصوات الموسيقى قادمة من هناك ممزوجة بتهليل الأطفال.

يقول صلاح، قائد في فرقة للكشفية الحسنية، “المبادرات الإنسانية الأخرى التي هبت للمساعدة اهتمت بالمأكل والملبس والحاجيات، أما نحن فحاولنا التفكير في الدعم النفسي للأطفال المنكوبين”. بادرت فرقة الكشفية القادمة من مدينة مراكش، إلى تنظيم أنشطة ترفيهية وتوزيع هدايا على أطفال المخيم، لعلها تكون يد عون، لتعويض ذكريات الكارثة التي أودت بأرواح بعض من أبناء الجيران والزملاء.

يؤكد صلاح أنه “في هذه الفاجعة تضرر الأطفال نفسيا، وحاولنا أن نجعل الأجواء تبدو لهم مثل مخيم كشفي، وجدنا الأطفال محطمين نفسيا لهذا قررنا دعمهم بهذه المبادرة”، وأضاف في حديثه إلينا “الكبار بدورهم في حاجة ماسة لدعم أطباء نفسانيين”.

طاهر أبو الغنجا، من أبناء أمزميز يعيش حاليا في مخيم للمنكوبين، يوضح في حديثه لهوامش، أنه “في هذا الحي لقي ما بين 60 و 80 شخصا مصرعهم بسبب الزلزال، بعض الأطفال لا ينامون ليلا و تنتابهم حالة من الذعر والكوابيس، وأسمعهم بينما أقوم بدورية الحراسة الليلية يصرخون”.

منطقة لم تصلها التنمية من قبل

حسب تقرير لخريطة الفقر متعدد الأبعاد في المجال القروي، نشرته سابقا المندوبية السامية للتخطيط، ويقصد به “التوزيع الترابي للأشخاص الذين يجمعون أكثر من نقطة حرمان على مستوى الصحة والتعليم وظروف السكن والعيش”، فإن ظاهرة الفقر متعدد الأبعاد هي ظاهرة قروية بامتياز.

وخلصت نتائج التقرير إلى أن جهة مراكش – أسفي، هي الجهة التي تضم أكبر عدد من الفقراء بالمغرب، وبلغت نسبتها من الفقر متعدد الأبعاد على المستوى الوطني %18,5 سنة 2014، تليها جهة فاس – مكناس ثم جهة بني ملال – خنيفرة.

وأكد تقرير التنمية البشرية 2017 للمرصد الوطني، بأن جهات مراكش – آسفي، وبني ملال – خنيفرة إلى جانب درعة- تافيلالت، تعاني من العجز الأكبر في التعليم والصحة والتماسك الاجتماعي.

وأضاف ذات التقرير، أن هذه الجهات قد تظل ابتداء من عشرينيات الألفية الثالثة حبيسة مستوى تنمية ضعيف، خصوصا وأنها هي نفسها الجهات ذات أقل دخل قومي إجمالي لكل فرد.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram