إمزين – ويركان هوامش| سامي صبير
على الجانب الأيمن من الطريق الرابط بين تحناوت بإقليم الحوز وقرية ويركان، وبالضبط بدوار إمزين، تجمع الناجون من الزلزال الذي خلفت شدته خرابا في قرى المنطقة، وقتلى وجرحى. هناك أقامت العائلات مخيما صغيرا وسط بستان أشجار لوز مطل على بحيرة السد.
تقول مينة، خمسينية تسهر على شؤون مطبخ جماعي بسيط نصبه الناجون في الهواء الطلق بالقرب من مدخل المخيم، “نحن نشكر رجال الدوار الذين ساندونا في تنظيم الأمور، في هذا المخيم نتشارك كل شيء”.
بينما يسهر فريق من الناجيات على إعداد الطعام وتوزيع الحصص، يتكلف الرجال بنقل المساعدات وتنظيمها داخل خيام صغيرة بمثابة مخازن، أما الأطفال فمهمتهم تنظيف أرجاء المخيم.
عندما ارتجت الأرض، هرعت مينة رفقة أهالي الدوار إلى خارج المنازل، التي راحت تتصدع وتتهاوى، هربا من الموت، تجمع الناجون بعيدا عن البيوت وبدأوا في استيعاب الوضع، والمبادرة لإنقاذ العالقين.
الأهالي هنا يعرفون بعضهم، فهم جيران منذ زمن طويل، لذلك كان يطمئنون على بعضهم بذكر الأسماء والمناداة على من لم يلتحق بالتجمع بعد فترة من الضربة الأولى.
قرب أطلال القرية.. العيش في خيمة
خلف الزلزال إلى حدود مساء اليوم السادس، 2946 قتيلا على الأقل، وبلغ عدد الجرحى 5674 شخصا، وأحصت المصالح الرسمية نحو 50 ألف مسكن انهارت كليا أو جزئيا على مستوى الأقاليم الخمسة المتضررة، حسب بلاغ للديوان الملكي.
“العيش في خيمة أمر صعب. في الأيام الأولى كنا نبيت في العراء مستعينين بقليل من الأفرشة وفي الصباح نستيقظ على البطانيات مبللة بالندى، نحن بحاجة إلى العديد من الضروريات”، تقول مينة في تصريح لهوامش.
على مقربة من مدخل البستان يتجمع الرجال بالقرب من خيام التخزين، ويسهر على تسيير شؤون “المَخزَن” توفيق الجعيدي، ناشط جمعوي وسياسي من أهل الدوار. “لا نعلم إلى متى سيستمر هذا الوضع، هل لأسبوع أم لشهر أو شهرين، لهذا علينا أن نتعلم كيف ندبر أمورنا. في مركز “ويركان” قمنا بإحداث عشرة مخيمات، بالإضافة إلى الدواوير النائية المجاورة، نتعاون ونتشارك المعلومات ونتبادل الحاجيات فيما بيننا. لا يمكننا احتكار المساعدات وتجاهل الآخرين”.
في مساحة صغيرة تحت شجرة لوز، بالقرب من برميل للماء تجلس ثلاثة نساء منهمكات في تنظيف الأواني، وفي الجهة المقابلة على بعد خطوات وضعت طاولة خشبية تتحلق حولها أخريات، بينما تقوم مينة بتقديم الوجبات لهن ،وخلفها شابة في الثلاثينيات تقوم بتوزيع الخبز.
“يوجد هنا حوالي 70 أسرة تتكون من نحو 300 شخص، ومن بينهم عائلات فقدت أبناءها. نحن نوزع المهام بيننا، يتطوع شخص من كل عائلة، وتتكلف النساء بشؤون الطبخ وغسل الأواني، بينما يقوم الرجال بالحراسة خلال الليل وتلبية باقي احتياجات المخيم” هكذا يشرح توفيق النظام في مخيم إمزين.
ويضيف توفيق “في الأيام الأولى بعد الزلزال انقطع الماء والكهرباء بسبب تضرر شبكة الربط وسقوط الأعمدة، أما حاليا فنستغل مياه البئر بالإضافة إلى المياه التي يزودنا بها المحسنون”.
تمكن الناجون من ربط المخيم بالكهرباء، وصنعوا لوحة للمقابس يتناوبون على استعمالها في شحن هواتفهم للاطمئنان على حال باقي أفراد عائلاتهم، في باقي أرجاء الأطلس الكبير التي تضررت من الزلزال.
“نتخوف من تحول خيامنا إلى برك ماء في الشتاء“
يصعب المكوث لوقت طويل داخل هذه الخيام البلاستيكية بسبب الحرارة. لكن الأمر سيختلف بعد أيام بسبب الشتاء، وهو ما يعني أيضا للناجين بداية مشكلة جديدة.
تقول مينة “ما يشغلنا هو قدوم الشتاء، ففي حالة سقوط المطر سوف نعاني كثيرا، حيث سنضطر حينها للنوم فوق برك المياه”، ومن جهته يضيف توفيق “رغم توفر الأفرشة، إذا تساقطت الأمطار ستتبلل، لذلك نحتاج إلى (سداري) أو ألواح خشبية تحمي الأفرشة من البلل”.
ويضيف “من بين الناجين هنا يوجد أشخاص مسنون وآخرون مصابون بأمراض مزمنة، والبعض يعاني من الصدمة”.
وتسببت الهزة الأرضية في تشريد عشرات الآلاف من العائلات، في مناطق متفرقة من تراب إقليم الحوز وتارودانت وورزازات، وقدر بلاغ للديوان الملكي، صدر الخميس عدد المنازل المتضررة بما يناهز 50 ألف مسكن، بين من انهارت كليا أو جزئيا.
على بعد نحو ثلاثة ساعات من تحناوت غرب مخيم امزين تقع جماعة إغيل بؤرة زلزال الحوز. على طول الطريق الرابط بينهما تظهر آثار الخراب الذي خلفته الهزة، ومخيمات للعائلات على جنبات الشوارع والسفوح.
يقول آيت الحسن الحسين، الذي نجا من الموت ليلة الجمعة، “لا يمكننا العودة إلى المنازل فكلها تهدمت أو تصدعت، والأمطار ستتكفل بالباقي”، مضيفا أن “الوضع ليس مختلفا في الدواوير الأخرى بالجماعة”.