الرئيسية

“فليعودوا من حيث أتوا”.. حملة عنصرية تستهدف مهاجري إفريقيا جنوب الصحراء في المغرب

"المغربي للمغربية"، "الهوية المغربية مقدسة "، "لا لتوطين الأفارقة في المغرب"، " لا لتزنيج المغرب "، "لا لتوسيخ النسل المغربي"، هذه بعض العبارات التي ظهرت قبل أيام، على مواقع التواصل الاجتماعي، في حملة إلكترونية مكثفة بدأت بمناهضة زواج المواطنات المغربيات من مواطني بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، ووصلت إلى حد المطالبة بطردهم.

*تعتبر “هوامش أنفو” أن العنصرية والتمييز بجميع أشكالهما ليسا “وجهة نظر”، والهدف من هذا المقال ليس الترويج لهذه الطروحات العنصرية، وإنما التحسيس بخطورة تصاعد مثل هذه الخطابات في المجتمع والمساهمة في صنع وعي مضاد لمواجهتها.

عماد استيتو

سجلت “هوامش أنفو” تصاعدا متواترا للمحتوى العنصري الموجه ضد مهاجري إفريقيا جنوب الصحراء في الأيام القليلة الماضية على مختلف منصات التواصل الاجتماعي المغربي: فيسبوك، انستاغرام وتيكتوك وغيرها.

لا يبدو إلى حدود اللحظة أن الأمر يتعلق بحملة أو جهة منظمة ومؤطرة لها خطاب متماسك ومؤسس، لكن نوعية التعليقات تؤشر على وجود بيئة حاضنة مستعدة لتقبل وتبني خطاب الكراهية ضد المهاجرين ذوي البشرة السوداء بشكل خاص.

 يتناول هذا التقرير نموذجا من هذه التدوينات والتعليقات المسيئة المتداولة على صفحات فيسبوكية، وحسابات على مختلف منصات التواصل الاجتماعي.

الادعاء: “مخطط غزو شامل”

ظهرت على منصة فايسبوك عدة مجموعات تبنت هذا الخطاب، أبرزها مجموعة “مغاربة ضد توطين أفارقة جنوب الصحراء“، التي قدمت نفسها على أنها تهدف إلى التحسيس بخطورة ما وصفته ب “التطرف الأفروسينتريك الذي يستهدف المغرب”، بينما تدعي هذه المجموعة الافتراضية أنها تنبذ خطاب التحريض والعنف والكراهية والعنصرية.

وتزعم هذه المجموعة وجود مخطط كامل مدعوم وممول لتغيير هوية المغرب، وشمال إفريقيا، بشكل ناعم عن طريق الهجرة والزواج.

معظم المنشورات التي اطلعت عليها “هوامش أنفو” تحذر من تغلغل المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء داخل النسيج المغربي، باعتبار لون بشرتهم، وتدعو إلى طردهم؛ لأنهم حسب زعمها مجرمون وفاسدون أخلاقيا، ويهدفون إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للمغرب. 

علاوة على ذلك يتم تداول عدد من الصور المركبة، والفيديوهات الساخرة “الميمز” العنصرية، التي تظهر مهاجرين “سود البشرة” ترافقها بعبارات من قبيل “المغرب سنة 2050 “.

نبرة عدائية: “اخرجوا من أحيائنا ولا تشتغلوا في بلادنا”

أحد أعضاء المجموعة التي ذكرنا شارك صورا ليافطة، علقها على باب العمارة التي يقطن فيها، كتبت عليها عبارات عنصرية وتمييزية من قبيل : ” ممنوع دخول أفارقة جنوب الصحراء إلى هذه العمارة”، “نخاف على المغاربة من الضياع وغدا سنرى الأفارقة جنوب الصحراء أكثر من المغاربة فيقو وعيقو “.

في أحد الفيديوهات المنشورة على المجموعة يظهر أحد المواطنين المغاربة وهو يتوعد المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء في حيه ممن سيلتقيهم في طريقه بتعنيفهم، مستخدما عبارات عنصرية من قبيل “فيهوم الفيروس”.

في فيديو مماثل يستهجن مواطن آخر ما أسماه بـ “احتلال الأفارقة لأحياء بالكامل أصبحت ممنوعة على المغاربة”، زاعما أنهم حولوا منازل كاملة إلى دور للبغاء. 

فيما تداول البعض مضمونا، سبق أن نشرته وسائل إعلام مغربية، يتناول شكايات ساكنة محيط المحطة الطرقية “أولاد زيان ” من تحول شوارعها إلى إقامة مؤقتة للمهاجرين غير النظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، والذين تقوم السلطات المغربية بترحيلهم من مدن الشمال إلى من مدن الوسط أو الجنوب، ومن بين هذه المدن الدار البيضاء.

في تدوينة أخرى يستنكر أحد المعلقين إقدام مواطنين مغاربة على شراء سماعات الهاتف من بائع متجول من دول إفريقيا جنوب الصحراء، “الرأفة والشفقة اسيدي الرأفة والشفقة خدمها مع ولد بلادك”، فيما يشيد معلق آخر بسلوك مواطنة مغربية رفضت السماح لمهاجر من دول جنوب إفريقيا الصحراء بأخذ مقعد بجوارها في الحافلة، فيما أعلن أحدهم مقاطعة خضاره المعتاد لأنه يشغل معه مهاجرا “أسود البشرة”.

وعلق آخرون على تجارب اندماج ناجحة لمهاجرين من دول جنوب الصحراء في سوق الشغل، كمثال مواطن من كوت ديفوار يشتغل عامل طلاء في مدينة مراكش، بالقول إن هؤلاء المهاجرين أخذوا وسرقوا وظائف المغاربة.

نماذج لمقاطع فيديو تروج للعنصرية ضد المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء

تهويل وتزييف: “احذروا .. إنهم يخترقوننا عبر التعليم والرياضة”

اعتبر بعض أعضاء المجموعة المذكورة تضمين عدد من المناهج الدراسية في المغرب دروسا توعوية وتحسيسية بضرورة حسن استقبال المهاجرين، وتسهيل اندماجهم في المجتمع المغربي، محاولة لتزييف وعي الأجيال القادمة وجعلها تطبع مع الوضع الجديد. ونالت بعض البرامج المخصصة لإفريقيا على القنوات الرسمية كذلك نصيبا من الهجوم في التدوينات.

ودعا عدد من المعلقين “الصحافة المستقلة” و “المؤثرين البارزين” و”صناع المحتوى” و”الإلترات” إلى إيصال صوتهم وتبني مطالبهم، فيما شدد آخرون على ضرورة الخروج من العالم الافتراضي والقيام بخطوة ميدانية، مشيدين بخطوة الرئيس التونسي قيس سعيد في هذا الاتجاه، معتبرين إياها نموذجا يجب الاقتداء به.

وذهبت بعض الدعوات إلى حد المطالبة بشن حملة ضد ترشح المغرب لتنظيم نهائيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم لسنة 2025، على اعتبار أنها ستكون بحسبهم فرصة لـ “غزو أسْوَد” للمغرب.

واتخذت بعض المشاركات منحى خطيرا بنشرها لمعطيات شخصية تضمنت أسماء وصورا، وتحريضها على عدد من المهاجرين أو أطراف في زواج مختلط (مغربية مع أجنبي أو مغربي مع أجنبية)، ولم تخل معظم التدوينات من تكرار صور نمطية أو أخبار زائفة وإجراء مقارنات غير دقيقة، من قبيل : ” نشر الإيدز”، “مخطط يشبه مخطط الصهيونية”.

ورغم تنديد جهات حقوقية بهذه الموجة العنصرية وإبداء تخوفها من تحول التعبير عن الكراهية ضد المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء إلى أعمال عنف مادية تستهدفهم، لم يصدر عن الجهات الرسمية المختصة أي رد فعل إلى حدود الساعة.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram