خاص: “هوامش”
ياسين قنجاع، مهاجر مغربي، اعتقل يوم الأربعاء الماضي، بعد الاشتباه بقتل كاهن بواسطة منجل وجرح أربعة أشخاص آخرين، بينهم قس، على صيحات “الله أكبر” و”الموت للمسيحيين”، أثناء تنفيذه العملية في مدينة قادس بالجزيرة الخضراء.
ينحدر ياسين قنجاع، من قرية “بليونش” بإقليم المضيق، شمال البلاد، ووفق تقارير مغربية “يعاني من اضطرابات عقلية حسب مقربين، وتمت متابعته وحكم عليه بالسجن عدة مرات بتهمة الاتجار في المخدرات وتنظيم الهجرة السرية انطلاقا من قرية واد المرسى”.
المشتبه به يبلغ من العمر 25 ربيعًا، ومقيم بالجزيرة الخضراء منذ الصيف الماضي في وضع غير نظامي، وكان ينتظر الترحيل إلى المغرب منذ يونيو 2022، وليس له أي سجل إجرامي أو سوابق إرهابية، لا في إسبانيا ولا في المغرب.
وحسب المصادر، فقد أوقفته قوات الأمن الإسبانية لمدة أربعة أيام، لتصرفه بشكل مريب في حي معروف بالمشاكل.
نفذ قنجاع بعد ظهر يوم الأربعاء الماضي، هجومًا على كنيستين، ويحقق الإسبان الآن فيما إذا كان مع سبق الإصرار أو نتيجة اندفاع.
طعن الشاب قسّا بمنجلٍ حتى الموت، وأصاب أربعة أشخاص بدرجات متفاوتة الخطورة، بينهم كاهن أبرشية، وفي وقت لاحق، تم اعتقاله بعد مقاومته للشرطة.
وتحقق المحكمة الوطنية معه بتهمة الإرهاب، رغم أن وزارة الداخلية لم تبت بعد في طبيعة الهجوم.
وحسب مصادر إسبانية، فإن “الموقوف ينتظر ترحيله إلى بلاده”، إذ كان في إسبانيا في “وضع غير قانوني”.
وعلى الرغم من أن ياسين قنجاع لم يكن لديه أي ملف في سجلات الشرطة، إلا أنه كان تحت رادار قوات الأمن الإسبانية.
وذهب قنجاع إلى ثلاث كنائس في الجزيرة الخضراء مسلحًا بمنجل كبير، ويمكن أن يكون قد نفذ عمليته كـ”ذئب منفرد”، وفقًا للتحقيقات الأولى التي أجراها المحققون.
دخل قنجاع كنيسة “سان إيسيدرو” وسط المدينة بعد الساعة السابعة مساءً، وبدأ “التباحث مع أبناء الرعية المتواجدين هناك، مستفسرًا عن اتباعهم للدين وللشريعة الإسلامية”، حسب مصادر من وزارة الداخلية الإسبانية.
بعد ذلك، غادر المكان، ليعود حوالي الساعة السابعة مساءً وعشرين دقيقة 19:20، ومعه منجل كبير، بدأ يضرب به الصور المقدسة.
وعندما واجهه كاهن الرعية أنطونيو رودريغيز، محاولا طرده من الكنيسة، طعنه الشاب، مما تسبب في إصابات خطيرة في كتفه ورقبته، ليتم نقله إلى مستشفى “بونتا يوروبا”، حيث خضع لعملية جراحية بسبب الإصابات الخطيرة التي لحقت به، وحالته الآن مستقرة.
بعد ذلك مباشرة، ذهب قنجاع إلى كنيسة “لابالما”، على بعد 200 متر فقط من الأولى، حيث دخلها عندما كانت طقوس “القربان المقدس” على وشك الانتهاء، وبدأ في إلقاء الصور الدينية والصلبان والشموع على الأرض باستخدام منجله، صعودًا إلى مذبح الكنيسة.
في تلك اللحظة، اقترب منه أمين سر المعبد، ديفيد فالنسيا، ليطلب منه مغادرة الكنيسة، الأمر الذي رفضه الشاب في البداية.
وعندما كان الشاب المغربي يغادر، هدد امرأتين فطلب من القس المغادرة مرة أخرى، عندها بدأ قنجاع في مطاردته حتى لحقه في ساحة “بلازا ألتا” القريبة، على بعد 100 متر فقط من دار البلدية، هناك طعنه وضربه حتى الموت في رأسه.
وحاول ثلاثة من المارة وقف الهجوم وأصيبوا بجروح مختلفة، وبعد مغادرة المكان حاول المهاجم الاختباء في كنيس صغير قريبٍ من المكان، لكنه لم يتمكن من دخوله لأنه كان مغلقًا.
وأخيرًا، تم إيقافه في مكان قريب من قبل عملاء شرطة الجزيرة الخضراء المحلية، الذين سلموه لاحقًا إلى الشرطة الوطنية، والتي تولت بدورها التحقيق معه.
وبعد فترة وجيزة، دخل العملاء منزلًا في شارع “رويز راغْلِ”، قريب جدًا من الكنائس التي وقع فيها الهجوم، حيث يُفترض أن قنجاع كان يعيش بمعية أشخاص آخرين.
وتولى التحقيق عناصر من لواء المعلومات الإقليمي ومركز شرطة المعلومات العامة (سي جي آي) المتخصصين في مكافحة الإرهاب، دون تحديد طبيعة الهجوم، على الرغم من وصف المصادر بأنه يحمل “الطابع الإسلامي المتطرف”، كما اعتبر مكتب المدعي العام بالمحكمة الوطنية الأمر “هجومًا ارهابيًا”.
وفي منتصف ليل يوم الهجوم، فتش أكثر من عشرين ضباطًا بالشرطة الوطنية منزلًا في شارع رويز تاغلي القريب جدًا من أبرشية “سان إيسيدرو”، موقع الهجوم الأول، ومن كنيسة “بلازا ألتا”، حيث وقع الهجوم الثاني.
في المكان مبنى به منازل مأهولة حسب ما صرح به السكان، وكان أحدهم وهو مغربي آخر يبلغ من العمر 20 عامًا، من أوائل الذين هاجمهم ياسين قنجاع.
ووفقا للشكوى التي قدمها للشرطة، في حوالي الساعة 19:45 مساءً، واجه المعتدي الذي وبخه (“أنت ساحر!”، في إشارة إلى مخالفته للدين الإسلامي)، ولكمه في وجهه وكسر نظاراته؛ بالقرب من كنيسة “لابالما”، وفي ذلك الوقت، وفقًا لشكواه، كان قنجاع “يحمل منجلا”.
وأصدر مجلس مدينة الجزيرة الخضراء مرسومًا بيوم حداد رسمي على وفاة القس دييغو فالنسيا، الذي “كان محبوبًا ومعروفًا” في الوسط المسيحي، أما القس أنطونيو رودريغيز، الذي أصيب بجروح خطيرة؛ فهو يتعافى في المستشفى.
وأدانت الجالية المسلمة الهجوم، وقالت في بيان “نعلن استياءنا من مقتل رجل دين في ساحة ألتا دي ألجيسيراس ونعلن كل تضامننا وتعاطفنا مع الجرحى”.
اعتقل قنجاع من قبل الشرطة الوطنية في مدينة قادس في 16 يونيو 2022 وتحققت من أنه يفتقر إلى الوثائق اللازمة ليتمكن من الإقامة في الأراضي الإسبانية، ولهذا السبب بدأت إجراءات طرده تلقائيًا، ومع ذلك، استمرت العملية ولم يُرحل إلى المغرب.
وبعد إلقاء القبض عليه آنذاك، كان من الممكن نقله إلى مركز اعتقال الأجانب (CIE)، حتى يتم في غضون 60 يومًا، تسليمه إلى سلطات الرباط.
وإذا لم تكتمل العملية خلال تلك الفترة، يتم إطلاق السراح وتستمر العملية في الشارع. ولكن، في هذه الحالة، لا يوجد حتى دليل على أن قنجاع مر عبر (CIE).
وبالإضافة إلى ذلك، لإتمام إجراءات الترحيل، من الضروري أن يقوم وفد دبلوماسي مغربي في إسبانيا بتزويد المعتقل بنسخة من جواز سفره والاعتراف به كمواطن، وتعتمد هذه العملية حصريًا على سرعة الإجراءات ومصلحة الرباط.
وفي حالات أخرى، تستغرق عمليات التسليم زمنًا طويلًا بسبب المشاكل البيروقراطية في الإدارة الإسبانية.
وتخول المواعيد التي حددها قانون الهجرة لوزارة الداخلية الإسبانية؛ طرد الجهادي المزعوم ياسين قنجاع، قبل أن ينفذ الهجوم بالجزيرة الخضراء يوم الأربعاء الماضي.
وتتفق المصادر القانونية المكرسة للدفاع عن حقوق المهاجرين على أن هذه المدة كانت “كافية لاستكمال الإجراءات الإدارية لتسليمه إلى سلطات الرباط”.
وكان من الممكن تنفيذه بسرعة، كحالة “تهديد للأمن القومي”، وهو طريق سريع يسمح بتقليص زمن المواعيد النهائية “بشكل غير عادي”.