الرئيسية

العيش على الأسفلت.. حياة المهاجرين غير النظاميين بالدار البيضاء

يطبخون بالحطب، ويغسلون الملابس في السُطُول، وينامون على الكرتون؛ هكذا يعيش المئات من المهاجرين الأفارقة المنحدرين من دول جنوب الصحراء، في "أولاد زيان"، وهو حي بالدار البيضاء، أصبح منذ عقد من الزمان، ملجأ للمهاجرين الذين كانوا يقيمون سابقًا في أكبر مخيم بالمغرب، في نفس المدينة، وتشتت بهم السبل الآن في شوارعها.

“إيفي”- فاطمة الزهراء بوعزيز/ ترجمة “هوامش”

على الطريق الرئيسي لهذا الحي الشعبي، ذي الموقع المركزي في العاصمة الاقتصادية المغربية، والذي تشهد شوارعه أعمال بناء سكةٍ لـ”الترام”، يعيش غالبية هؤلاء الأشخاص، وجميعهم تقريبا من غرب إفريقيا.

إنهم جزء من عشرات الآلاف من المهاجرين الذين يبحثون عن حياة في المغرب، في انتظار العبور إلى أوروبا.

وفي “أولاد زيان” بدأ الأهالي بالاحتجاج على وجودهم، فشرعت السلطات بإجلائهم، في عملية أدت إلى اشتباكات مع الشرطة، وانتهت باحتجاز ستة مهاجرين.

تصطف الأكياس البلاستيكية المليئة بالأغراض في طابور طويل على الأرض في الشارع، مصحوبة بأوانٍ وأدوات طهي أخرى. وفي أثناء حراسة المكان، أخذ العديد من المهاجرين في ارتداء البطانيات.

وعلى مسار “الترام” الذي تم إنشاؤه مؤخرا، تجلس مجموعة أخرى من المهاجرين؛ جميعهم تقريبًا من الرجال، ولكن أيضًا بينهم بعض النساء، على مقاعد بلاستيكية؛ بينما يطبخ البعض باستخدام الحطب.

أما الآخرون، فينظر بعضهم إلى ملابسهم المغسولة حديثًا، والمعلقة على سور جسر قريب. والبعض الآخر اختار أن يتجول في المكان وفي الشوارع المجاورة، للتسول من المارة والسيارات.

EFE/Mohamed Siali

“لا نريد إزعاج المغاربة”

أطلق وجودهم العنان لاحتجاجات الجيران في الأيام الأخيرة، مطالبين السلطات بطردهم أو إجلائهم إلى مكان آخر، مستنكرين سوء الأوضاع الصحية، وانعدام الأمن الذي يقولون إنهم يعانون منه منذ وصول المهاجرين.

هذا الوضع، أدى بالبعض إلى التفرق في الأحياء المجاورة، لتجنب الاشتباكات مع الجيران والفرار من مطاردات السلطات.

ويقول ألفا، وهو مهاجر كاميروني وافق على التحدث إلى “إيفي”، من حقل ليس بعيدًا عن الحي، “عشت في أولاد زيان، لكن كانت هناك مشاكل عديدة، نحن كثيرون وهذا يخلق مشاكل مع الجيران”.

ويستنكر ألفا، ظروف المهاجرين المعيشية والبرد وقلة العمل. “انظر أين نعيش! في كل أسبوع تأتي السلطات لحرق أغراضنا”.

وهو يشير إلى بعض الخيام المصنوعة من البطانيات والبلاستيك، يقول بحزن على حاله وملابسه المتسخة، “إنه لأمر محرج أن أكون هكذا في الشارع”.

لكنه يؤكد أن نية المهاجرين ليست إزعاج المغاربة، “لم نأت إلى هنا لنعيش هكذا، لنتوسل ونزعج المغاربة، لا نريد هذا.. نريد الذهاب إلى أوروبا، رغم أنني أعلم أنه لا يمكن للجميع الوصول إلى هناك، ولن يعطي الله الحظ للجميع، بل البعض منا فقط هو الذي يملكه، وإذا كانت هناك مدارس ومنزل نعيش فيه، فسنبقى… لا نريد طعاما ولا ملابس نريد عملا”.

EFE/Mohamed Siali

التعايش رغم التوتر

التوتر في “أولاد زيان” ليس جديدا؛ ففي عام 2012، تم إنشاء أول مخيم للمهاجرين في هذه المنطقة، والذي كان يضم ما يصل إلى 2000 شخص، وفقا لتقديرات المنظمات غير الحكومية.  

وهناك كانوا يعيشون في أكواخ، بالقرب من محطة الحافلات الشهيرة بالمدينة، وهي أكواخ كانت منظمة حسب بلدان المهاجرين وبزعيم لكل مجموعة.

تم تدمير المخيم بعد اندلاع حريق في عام 2019. ومنذ ذلك الحين يعيش المهاجرون في الحي ومحيطه، وينامون في جو من الراحة مع متعلقاتهم منظمين بنفس الهيكل الهرمي، كما أوضح لـ”إيفي” بييث غويك، رئيس المنظمة غير الحكومية “Solidarité”، والذي يساعدهم في الوصول إلى الرعاية الصحية.

بالنسبة لغويك، فإن وضعهم يائس، ولهذا يطلب نقلهم إلى مكان لائق، “أناشد بذلك السلطات المغربية والمجتمع الدولي وسفراء الاتحاد الإفريقي، إن وضع المهاجرين في الدار البيضاء صعب ورهيب؛ ولم يأتوا إلى هنا ليعانوا بل سعيا وراء السعادة لأنفسهم ولعائلاتهم”.

وعلى الرغم من الأجواء المتوترة في “أولاد زيان”، فإن تضامن السكان مع المهاجرين لم ينقص، “علينا إغلاق باب المبنى لأن البعض يختبئون هنا ليصعدوا، لكنهم ليسوا جميعًا سيئين، لا يمكننا التعميم”، يقول أحد السكان المغاربة لـ”إيفي”.

وفي حي قريب، يقدم لهم صاحب مطعم صغير طعامًا مجانيًا، وفي مكان قريب آخر، يحرس صاحب متجر في الحي نقودهم وهواتفهم المحمولة لمنع السرقة أو المصادرة.

EFE/Mohamed Siali

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram