الرئيسية

تحقيق| “هوامش” تخترق شبكات احتيال عملات “الكريبتو” ضمنها يوتوبرز و”مؤثرون”

"هوامش" تمكنت من الحصول على تسريبات لمحادثات ومراسلات تكشف تفاصيل صفقات تتم في الظل مع وكلاء أجانب، للترويج لمشاريع مالية رقمية عالية المخاطر ودون ضمانات. تحقيقنا يكشف الأساليب المتبعة للإيقاع بضحايا عمليات احتيال "منظمة"، وكيف تتم الصفقات مع "مؤثرين" مغاربة ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي وتورطهم في تضليل واستقطاب متابعين، وكيف تتم مكافأتهم بمبالغ مالية وعمولة من أرباح هذه العمليات.

سامي صبير

عماد شاب من الدار البيضاء في الثلاثينيات من العمر، استيقظ كعادته يوم الثلاثاء 11 يناير الماضي، حمل هاتفه لتصفح موقع “USDBULL” والاطلاع على كمية الأرباح التي حققها من إيداعه، قبل أيام قليلة، مبلغ 2000 درهم بالكريبتو، ويقصد به العملات المشفرة المبنية على نظام التشفير اللامركزي (البلوكتشين)، ولكن الموقع لم يستجب. تأكد من اتصاله بشبكة الأنترنيت وجرب مرة ثانية لكن لم تظهر الصفحة الرئيسية للموقع الإلكتروني، أعاد المحاولة عدة مرات دون جدوى، حينها بدأ القلق ينتابه قبل أن يكتشف أن الموقع تم إغلاقه بعد عشرة أيام من إطلاقه، وأنه وقع ضحية عملية احتيال”منظمة”. 

بيانات إغلاق موقع USDBULL

التداول.. الطريق إلى السراب

في الأسابيع الأولى من شهر ماي الماضي عاش معظم المتداولين المغاربة أياما عصيبة، إثر صدمة انهيار سعر عملة رقمية شهيرة تدعى “لونا” من حوالي 116 دولارا إلى 0.0001 دولار، قبل إعلان الشركة المطورة لها عن حذفها وإعادة طرح نسخة جديدة منها، بعد أن خسرت أكثر من 99.98٪ من قيمتها السوقية، في الفترة ما بين فاتح ماي الماضي والثاني عشر منه. 

كما أعقب هذه الحادثة انهيار في أسواق الكريبتو، مما تسبب في خسارة المتداولين لأكثر من 200 مليار دولار في يوم واحد، وأكثر من 1.6 تريليون دولار في الستة أشهر الأولى من العام الجاري، دون أن يفهم أحد ما الذي يحدث. 

وحيث أن دو كوون Do Kwon مطور العملة “لونا” من كوريا الجنوبية، أعلنت حكومة هذه الأخيرة، في وقت لاحق، عن تعميم منظمة الشرطة الجنائية الدولية، المعروفة اختصارا بالأنتربول، نشرة حمراء على مختلف دول العالم، من أجل اعتقال كوون إلى جانب 5 أشخاص أخرين؛ وذلك لشبهة ارتكابهم جرائم تتعلق بالتلاعب بالأسواق المالية، على خلفية واقعة الانهيار الذي عرفه سعر العملة الرقمية التابعة لمشروع “تيرا” واختفاء مؤسسه عن الأنظار.

مؤشر عملة لونا

المتداولون المغاربة لم يكونوا استثناء في هذه الواقعة، بعدما جذبتهم إعلانات الاستثمار في منصات العملات المشفرة على أساس أنها فرصة لتحقيق الثراء السريع؛ وذلك رغم أن بنك المغرب ومكتب الصرف والهيئة المغربية لسوق الرساميل، المكلفة بإضفاء الأمان على الاستثمار والتأكد من احترام المتطلبات القانونية والتنظيمية المتعلقة بالمنتجات المالية، يعتبرون التعامل بالعملات المشفرة مخالفة لقانون الصرف الجاري به العمل، ويُعَرِّضُ مرتكبيها للعقوبات والغرامات المنصوص عليها في النصوص ذات الصلة.

واحتل المغاربة المركز الثاني عربيا بعد مصر، بنحو 878 ألف مستخدم للعملات الرقمية، أي ما يعادل تقريبا 2.4 بالمئة من إجمالي السكان، وفق تقرير نشره مزود العملات المشفرة “ترابل أيه”. وهو عدد في تزايد، أمام الإغراءات التي تقدمها المشاريع الرقمية والعملات الافتراضية لجذب المتداولين.

وفي استطلاع أجرته “هوامش” لمعرفة تجربة المغاربة في مجال تداول العملات الرقمية، على عينة من 467 شخصا، أكد نحو 79٪ بتكبدهم خسائر مالية وحصدهم لنتائج سلبية عوض تحقيق أهدافهم في مضاعفة مبلغ استثمارهم، فيما صرح 21٪ منهم بتحقيق أرباح دون الكشف عن طبيعتها.

الاستطلاع الذي أجرته هوامش

تداول كي تبدد مدخراتك..

يونس (اسم مستعار) في الثلاثينيات من العمر وهو أحد ضحايا تداول العملات الرقمية، استقبلنا في محل إقامته بمراكش، وصرح لنا أن ما جذبه للتداول هو “الضجة” على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي كانت قد واكبت صعود أسعار هذه العملات سنة 2021، وخصوصا عملتا “الدوجكوين” و”شيبا إينو”، حيث كانت بداية قصته عقب ارتفاع سعر هذه الأخيرة، نهاية شهر أكتوبر، بأزيد من 42٪، قبل أن تعود للإنهيار بعد ذلك بأيام قليلة. 

يتحدث إلينا يونس بينما عيناه لا تفارقان شاشة الهاتف، فتداوله في العملات الرقمية كبده خسارة نحو 8 ملايين سنتيم، حيث كان يسعى إلى زيادة رأس ماله من خلال تخزين 20 عملة ذات أسعار منخفضة، ما بين شهر فبراير وأبريل من العام الماضي، في انتظار صعود سعرها وإعادة بيعها لتحقيق أرباح مهمة؛ إلا أن العكس هو ما حدث عقب انهيار أسعار العملات الرقمية. 

وبعد أيام قليلة بدأت محفظة يونس الخاصة بـ “الكريبتو”، الذي كان يخزنه ويعززه في كل مرة بمبالغ مالية تترواح بين ألف درهم و3 آلاف درهم، تتقلص إلى أن تبخرت الثمانية ملايين سنتيم. 

وأوضح يونس أن أغلب الأشخاص، الذين يلجون هذه الأسواق، لا يتوفرون على تجربة في التداول، وطرق تحليل مؤشرات المنصات لمعرفة الوقت المناسب لشراء العملات، ووقت اغتنام فرصة الربح من الفارق بعد ارتفاع سعرها وبيعها. مضيفا أن أغلب المغاربة المتداولين تجذبهم الأحلام ومظاهر الرفاهية التي يرسمها لهم المؤثرون، وأن هذا المجال يتسم بالخسارة أكثر من الربح، ومعظم ضحاياه هم من الراغبين في إيجاد مدخول غير تقليدي دون خبرة أو معرفة كافية، فقط “بنقرة واحدة”، حيث تجذبهم الضجة التي تحدثها الحملات الإعلانية على مواقع التواصل الإجتماعي دون أن تكون لها أي ضمانات.

وعلى غرار يونس تحدث إلينا عزيز، وهو أحد المشاركين في الاستطلاع وأحد ضحايا بريق العملات المشفرة، حيث صرح أنه فقد كل مدخراته، مطلع سنة 2018، بعد استثماره نحو 12 ألف درهم، وهو مبلغ بسيط مقارنة بحجم مبالغ التداول التي تشهدها أسواق “الكريبتو”، وذلك بعدما جذبته الضجة التي كان قد أثارها هذا المجال على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض نشرات الأخبار؛ خصوصا عندما استطاعت عملة البيتكوين الشهيرة تجاوز حاجز 10 آلاف دولار لأول مرة في تاريخها؛ ليقرر استثمار كل ما كان قد ادخره على أمل مضاعفته بشكل سريع.

لقد “كنت أعبث، فقدت 12 ألف درهم، سمعت الجميع يتحدث عن العملات الرقمية واستثمرت كل مدخراتي فيها. كنت أظن الأمر سهلا و سأتمكن من مضاعفة أموالي والعكس هو ما حدث”، هكذا علق عزيز على الخسارة التي مني بها.

ينحدر عزيز من مدينة الرباط، وهو شاب في الثلاثينات من العمر، أول مرة سمع فيها بالكريبتو، عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي؛ فبدأ في البحث حول الموضوع ومتابعة فيديوهات المؤثرين على منصة يوتيوب، قبل أن يقرر فتح حساب في منصة بينانس (Binance)، والتي تعد أكبر منصة لتداول العملات الرقمية. 

حساب على بينانس شكل بداية تجربة ستكلف يونس جل مدخراته، بالإضافة إلى قضائه سنة في جو من التوتر وارتفاع الضغط، حسب تعبيره. فبعد أن استثمر أكثر من مليون سنتيم في عملة رقمية صينية تدعى نيو (NEO)، شاهد فيديوهات عنها على يوتيوب وصادف عدة منشورات على فايسبوك توصي بها، وكان سعرها آنذاك قد تراجع إلى 115 دولار، حيث اعتبرت في مرحلة استجماع لأنفاسها لتعاود الصعود متجاوزة حاجز 200 دولار كما تداول المؤثرون.

في نهاية العام 2017 ومطلع 2018، حقق مشروع (نيو) أرباحا ضخمة، بالموازاة مع ارتفاع سعر البيتكوين، حيث انتقل سعر عملته الرقمية، من نحو 14 دولارا إلى 187 دولارا، قبل أن يأخذ منحى عكسيا بشكل سريع، ويستمر في النزول باتجاه القعر، حتى بلوغه مستوى أقل من 10 دولارات، ويناهز سعر عملة (نيو) حاليا أقل من 9 دولارات.

مؤشر عملة نيو

بالنسبة إلى عزيز كانت هذه التجربة مجرد سوء حظ، لأن الأمر أضحى بالنسبة له مثل المراهنة، ولو أتيحت له الفرصة للعودة بالزمان إلى الوراء لما ولج هذا المجال من الأساس، حيث أن نتائجه غير متوقعة، بعكس ما يتم الترويج له.

العوائد السريعة.. طعم في صنارة المحتالين

وفق تقرير لمنصة البيانات ِChainalysis، المتخصصة في تقديم البرامج والأبحاث للوكالات الحكومية والبورصات والمؤسسات المالية وشركات الأمن السيبراني، فقد تمكن المختفون وراء عمليات الاحتيال المتعلقة بالعملات المشفرة، حتى شهر غشت الماضي، من حصد إجمالي إيرادات بنحو 1.6 مليار دولار، فيما سنة 2021 ناهزت 5 ملايير دولار.

وأضاف التقرير أن “المستخدمين الجدد عديمي الخبرة والذين من المرجح أن يقعوا في عمليات الاحتيال، ينجذبون أكثر خلال الفترة التي تعرف فيها أسعار العملات الرقمية صعودا، حيث تجذبهم الضجة والوعد بالعوائد السريعة”. كما أوضحت المنصة أن عمليات الاحتيال عادةً ما تنشط خلال الفترات التي تعرف ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، بالتزامن مع موجات صعود أسعار العملات المشفرة، مما يؤدي إلى تدفق مستخدمين جدد ومزيد من الضحايا.

وفي المقابل وجد العشرات من منتجي المحتوى على مواقع التواصل الإجتماعي فرصة لتحقيق أرباح من محتوى جديد رائج، عبر تقديم “نصائح استثمارية”، وترويج مشاريع العملات الرقمية، مع عقد شراكات مع مواقع ومنصات لإشهار منتجاتها، وتوصيات بها لجذب الساعين إلى الربح عبر الأنترنيت. كما وجدت شبكات الاحتيال أساليب جديدة لكسب الغنائم.

مؤشر ِChainalysis للعمليات الاحتيالية

المؤثرون.. صائدو الحالمين

“تطبيق مربح جدًا 250 دولار من النقر بدون خبرة وبالهاتف”، “عملات للاستثمار”، “لا تضيع الفرصة! عملة رقمية ستنفجر قريبا”، “افضل عملات رقمية ستنفجر في أي لحظة”، “عملات رقمية ستصعد ألف %”، هذه بعض عناوين الفيديوهات التي يمكن أن تصادفها على منصتي يوتيوب وفايسبوك، والتي تحفزك لولوج مجال تداول العملات الرقمية، أو الاستثمار في موقع يتداول بالنيابة عنك ويمنحك نسبة كل يوم عن مبلغ ايداعك. كما يعدك أصحاب هذه القنوات بتقديم استشارات بخصوص العملات الجيدة، والمشاريع التي يمكنك الثقة فيها، لوضع أموالك من أجل مضاعفتها دون حتى أن تكون لك خبرة أو تجربة في المجال.

يكفي أن تمتلك هاتفا ذكيا وحاسوبا موصولا بشبكة الإنترنت، بالإضافة إلى بريد إلكتروني لفتح قناة على يوتيوب وصفحة على فيسبوك، لكي تصبح خبيرا في عالم المال والتجارة. ويمكنك الشروع في تقديم نشرات يومية عن أخبار أسواق الفوركس وتداول العملات الافتراضية، وأفضل مواقع الاستثمار، مع تقديم نصائح عن أفضل التطبيقات التي يمكن أن تستثمر فيها أموالك. هكذا يبدو الأمر بسيطا وسهلا، وهؤلاء هم من يطلق عليهم “المؤثرون”، بولادة قيصرية، في هذا المجال.

يتمثل عمل المؤثرين في مجال الكريبتو في الدعاية للاستثمار في مشاريع العملات الإفتراضية ومنصات تداولها، مقابل مبالغ مالية تفوق أحيانا مليون سنتيم عن عدد الإشتراكات التي يقومون بجلبها للمنصات، ويدعى هذا العمل في قاموس الويب بـ (CPA)، أي التسويق بالعمولة، أو يكتفون بتلقي مبلغ مالي مقابل فيديو ترويجي ينشرونه على قناتهم مع رابط التسجيل في المنصة. 

وسبق أن نشرت هيئة تنظيم الأسواق المالية الهولندية (AFM)، في العشرين من شهر دجنبر الماضي دراسة شملت 150 مؤثرا (influencers) على مواقع التواصل الإجتماعي، خلصت إلى أن أغلبهم يقدمون توصيات استثمارية محفوفة بالمخاطر، دون مراعاة لمصالح متابعيهم، كما يقدمون نصائح حول منتوجات مالية غير مضمونة، مقابل تعويضات يكسبونها على حساب المتابعين.

وأضافت الدراسة أن عددا من المؤثرين يعمدون إلى تحفيز المستثمرين، خصوصا الشباب وقليلي الخبرة، من أجل وضع ثقتهم في شركات الاستثمار، التي تقدم منتجات عالية المخاطر مثل العقود مقابل الفروقات والفوركس والعملات المشفرة؛ حيث ينصحون المتابعين بفتح حساب مع شركة استثمار معينة عبر رابط إحالة، وفي المقابل يتلقون عمولات على كل مشترك يجلبونه. هذا الأمر هو ما سعت هوامش للتحقق منه وكشف ما يحيط به.

“عمليات سحب البساط” نوع جديد من الاحتيال

يقول عماد “أنا من يتحمل المسؤولية وثقت في موقع احتيالي، ليس لدي ما أفعل صبرت على خسارتي وانتهى الأمر”، كانت هذه أخر جملة في حديثنا القصير مع عماد، الذي كان ضحية موقع يبدو من رقم تعريفه أنه مسجل في روسيا، وقد تم إطلاقه مطلع العام الجاري، ويشتغل بنظام المدفوعات الرقمية، حيث يؤكد إعلان الموقع أنه “يمكنك الحصول يوميا على عائد 5٪ عن مبلغ الإيداع الذي يبدأ من 250 درهم بعملة USDT الرقمية، كما يمكنك الحصول في مدة 44 يوما على 200 في المائة”.   

حسب منصة شيناليسيس Chainalysis، فقد واكب التطور الذي عرفته تقنية العملات المشفرة انتعاش نوع جديد نسبيًا من الاحتيال يطلق عليه اسم “عمليات سحب البساط”، والذي ساهم في الزيادة الكبيرة في جرائم الاحتيال باستخدام العملات الرقمية، حيث يعتمد على الترويج لمشروع جديد قائم على هذا النوع من العملات لجذب المستثمرين بالوعود الكاذبة، ثم يختفي بالأموال المودعة، وقد كبدت هذه العمليات الضحايا خلال العام الماضي حوالي 2.8 مليار دولار.

التثبت من هذا الأمر وتتبع تفاصيل هذه القضايا، هما ما دفعنا للتواصل مع عدد من أصحاب القنوات على منصة يوتيوب، المعروفين بتقديم التحليلات والنصائح الخاصة بتداول العملات المشفرة وتوصيات لمواقع استثمارية رقمية. 

كانت البداية مع اليوتيوبر (م)، صاحب قناة متخصصة في تقديم شروحات عن مواقع وتطبيقات الربح والاستثمار، ويتابعه أزيد من 27 ألف شخص، نشر يوم 6 شتنبر من العام الماضي، فيديو ترويجيا يتضمن توصيات وشرحا لكيفية التسجيل والإيداع في موقع يدعى (iq invest)، مؤكدا أنه موقع استثمار صادق. 

على نفس القناة مجموعة من الفيديوهات تروج لمواقع استثمارية اختفت مع أموال المتابعين، عمد (م) عقب اختفائها إلى إضافة جملة في وصف الفيديو على اليوتيوب تشير إلى أنه “تم حظر الموقع” في إشارة إلى المواقع التي اختفت.

ودعا (م) متابعيه إلى اغتنام الفرصة، للربح دون مجهود، من خلال الحصول على نسبة 24٪ كل 22 يوما بعد إيداع مبلغ لا يقل عن ألف درهم، أو 48٪ مقابل ما بين ألفي درهم و20 ألف درهم؛ مشيرا إلى أن “ذلك المبلغ الذي تقوم بإيداعه يأخذونه و يستثمرونه في العملات الرقمية، بالنيابة عنك”، وبعد أيام فوجئ المشتركون باختفاء الموقع كما اختفت معه أموال المتابعين، دون أي تعويض أو جهة يمكن متابعتها، ولم يكن هذا هو الموقع الوحيد الذي اختفى بهذا الشكل. 

في سياق بحثنا، تقمصنا دور وكلاء شركات ناشئة في مجال الكريبتو تبحث عن مروجين، بالمغرب وشمال إفريقيا، لمشاريع عملة رقمية جديدة، مقابل مبلغ مالي لصنع ونشر محتوى دعائي، وجذب المتداولين للاستثمار في المنتج الذي سنطرحه في السوق بسعر زهيد. 

في تواصلنا مع “المؤثرين” كشفنا لهم خطتنا الاحتيالية، حيث أوضحنا أننا سنرفع سعر عملتنا بنسبة تفوق 3 آلاف في المائة، وهذا أمر شائع بين عملات الكريبتو المشفرة من أجل إغواء المستخدمين بأدائها التصاعدي، مضيفين بأننا سنعود بعد إقبال متابعيهم على اقتنائها إلى دفعها للانهيار بسرعة مرة أخرى، مكبدين إياهم الخسارة وحاصدين الأرباح على حسابهم.

لم نجد صعوبة في إقناع المؤثرين الذين تواصلنا معهم بالفكرة، وضمنهم (م)، فبعد ساعات قليلة توصلنا بردود بالموافقة على العرض عبر البريد الإلكتروني، كما توصلنا بطلبات منهم للتواصل عبر تطبيق الواتساب من أجل المزيد من التفاصيل. أخبرنا (م) بموافقته على عرضنا، مادام سيتلقى مبلغا ماليا مقابل إنشاء فيديو ترويجي لمشروعنا، رغم تأكيدنا له بأنها ستكون عملة وهمية، وهو ما يعرف في المجال باسم سكام (Scam) (عملة احتيالية) وستكبد متابعيه الخسارة.

أكد اليوتوبر (م) أنه ليست لديه أي مشكلة وبأنه موافق على العرض، وطلب أن نمنحه مدة أسبوع من أجل إعداد الفيديو، دون اعتراض على فكرة كونها مجرد عملية احتيال على المتابعين، كما سألنا “هل لديكم فيديو تتبع أم أعمل فيديو على حسب التفاصيل”، وذلك في إشارة إلى سكريبت ليشتغل عليه.

إضافة إلى اليوتيوبر (م) تمكنا من التوصل إلى اتفاق مع قناة “متخصصة في بث محتوى إبداعي وشرح كيفية ربح المال من الانترنت بسهولة” حسب تعريف صاحبها، وذلك لتمكين متابعيه منه العمل من المنزل وربح المال من افضل المواقع، حيث أن “العمل الواقعي لن يكفي الاحتياجات اليومية”، وقد وافق صاحب هذه القناة بدوره على عرضنا رغم المخاطر التي تحفه؛ مؤكدا أن عدد متابعي قناته يصل إلى 48 ألف شخص، وجلهم من المهتمين بكسب المال عبر الإنترنت، كما يقوم بإضافة ترجمات إلى الفيديوهات التي ينشرها، مما سيسمح بجذب مشتركين أجانب للاستثمار في عملتنا الوهمية.

بعد أيام عدنا للتواصل مع اليوتيوبر (م) من أجل تأكيد موافقته، فرد “نعم وأنا جاهز” لتنفيذ العرض، واجهناه بالحقيقة وبأن الموضوع يتعلق بتحقيق استقصائي يكشف كيف يساهم المؤثرون في اصطياد المغاربة ضحايا “الكريبتو”، فرفض الإدلاء بأي تعليق أو رد، وعلى عكسه وافق صاحب قناة أخرى على مساعدتنا في كشف خبايا نشاط “المؤثرين”، مبررا قبوله لعرضنا بشكه فينا منذ البداية لذلك قرر مجاراتنا ليرى كيف سينتهي الأمر.

وبعد تتبعنا لعدد من الفيديوهات التي تعمل على الترويج لمواقع استثمارية، لاحظنا وجود نمط متكرر في خطاب أصحابها، حيث يعمدون إلى توظيف جمل حماسية تعد بتحقيق الربح السريع دون عناء، والتأكيد أنها خالية من المخاطرة ويمكن أن تغير واقع المتداولين.  

خلف الستار.. كيف تتم الصفقات؟

يقول زكريا سليم، إختصاصي في التسويق والاستثمار الرقمي، في تصريح لمنصة هوامش “في بعض الأحيان يقنع المؤثرون متابعيهم باستثمار مبالغ مالية كبيرة في أحد المواقع وبعد أيام قليلة يختفي الموقع، وهي جريمة نصب حسب رأيي”. وأضاف “من الخطأ الظن بأن المؤثر على منصة يوتيوب أو انستغرام لديه ربح من تقديم المعلومة للمتابعين دون مقابل، وإنما لديه ربح من المواقع التي تتفق معه على مبلغ مالي مقابل الإشهار والترويج لمنتجاتها، كل شيء بمقابل”.

وتكشف وثائق، حصلت عليها هوامش، أن المواقع التي تعد بالربح السهل والسريع تتفق مع “المؤثرين” على التفاصيل التي عليهم إظهارها في الفيديو. وبناء على الاتفاق يقوم المؤثرون بإعداد فيديوهات، حسب سكريبت يتوصلون به يتضمن خطوات محددة وتعليمات تتعلق بالتفاصيل الدقيقة بما في ذلك التوقيت.

السكريبت الذي حصلنا عليه يعود لوكيل موقع يدعى “fun-box.vip” وهو عبارة عن لعبة مراهنة، يمكن شحنها عن طريق منصة “Binance” الخاصة بالعملة الرقمية، ومكننا الحصول على هذه الوثيقة من مطابقة الخطوات الواردة فيها مع الفيديوهات الترويجية لأصحاب القنوات، فكان التطابق مذهلا.

تترواح مدة الفيديو الترويجي، حسب الوثيقة وأيضا حسب ما شاهدناه على يوتيوب، بين 4 و10 دقائق وأحيانا تكون أكثر، ويوضح السكريبت 4 خطوات على المقدم اتباعها، حيث يبدأ الفيديو بإثبات الدخل وتستغرق هذه الخطوة دقيقة واحدة، تقول التعليمات ” أظهر 20 دولارًا إلى 50 دولارًا تم استلامها في واجهة بينانس Binance أو بايير Payeer. واستخدم غوغل لتحويل المبلغ لعملتك المحلية”، وتقدم الوثيقة توصيات من قبيل “يمكنك أيضًا اختيار إجراء عمليات السحب من أجهزة الصراف الآلي / تسجيل الفيديو لحساب الأموال / إظهار كيفية إنفاقك لهذه الأموال عن طريق التسوق”.

بعد ذلك ينتقل المقدم إلى الخطوة الثانية “مقدمة موجزة – مبلغ العمولة ولوحة المتصدرين: (1 ~ 1.5 دقيقة)، تحقق من صفحة الإحالة ، مع تحديد مبلغ العمولة. اشرح للجمهور أن دخل العمولة الذي تم الحصول عليه بعد إنشاء مقطع فيديو آخر مرة ، والذي يستغرق 1 ~ 3 أيام فقط (المال يأتي بسرعة)” توضح الوثيقة.

ويمر المقدم إلى الخطوة الثالثة وتوضحها الوثيقة على هذا النحو “كيفية القيام بذلك – وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى: (3 ~ 5 دقائق ، الجزء الأكثر أهمية) ارجع إلى صفحة العمولة ، وأرشد الجمهور إلى كيفية نسخ الرابط ومشاركته. لائحة 4 طرق للترويج:

  •  قم بالتوصية مباشرة للأصدقاء الأثرياء من حولك، لأن العمولة مرتبطة بالألعاب التي تم لعبها. كلما لعبت المزيد من الألعاب بعد إعادة الشحن، زادت العمولة.
  •  افتح Facebook، وابحث عن مجموعة cryptocurrency أو مجموعة كسب المال عبر الإنترنت، وأنشئ منشورات فيها. تأكد من إرفاق إثبات الدفع للبريد. والرد على كل التعليقات لقيادتهم إلى الموقع.
  •  افتح WhatsApp و Telegram بشكل منفصل، وأنشئ مجموعة قم بإجراء تحويل داخل المجموعة. يوصى بهذه الخطوة بشكل خاص، ويمكنك حتى استيراد حركة مرور Facebook إلى المجموعة لتحويلات الجولة الثانية أو الثالثة.
  •  افتح YouTube، واشرح للجماهير أنه يمكنهم تحميل الفيديو الخاص بهم لتقديم Fun Box كما فعلت. أو الاتصال بمستخدمي YouTube لإنشاء مقاطع فيديو، دعهم يضعون رابط الإحالة الخاص بك هناك.

وتأتي الخطوة الرابعة والأخيرة والتي تقدم خلاصة لكل ما سبق، حيث توضح التعليمات “أظهر العملية بأكملها: (1 ~ 1.5 دقيقة). ارجع إلى موقع Fun Box وقم بسحب العمولة من صفحة الإحالة. أثناء انتظار وصول السحب، اشرح للجمهور أن معظم المشاريع التي تحقق أرباحًا عبر الإنترنت تحتاج إلى استثمار الأموال، وأن كسب العمولات هو الطريقة الحقيقية الخالية من المخاطر. أخيرًا، افتح Binance أو Payeer لإظهار الدفعة التي تتلقاها. ذكر الجماهير باغتنام فرصة الكسب هذه من خلال النقر على رابط موقع الويب أدناه”.

الربح من النقر.. حقيقة أم وهم؟

يوضح زكرياء سليم بأن عددا من المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصا على منصة يوتيوب، لا يبدون أي اكتراث لحقيقة أنهم يحصدون أرباحا على حساب الأخرين، ويلعبون دورا كبيرا في خداع واصطياد الحالمين بتحقيق “الحلم المغربي”. 

ويعمل المعنيون، حسب المتحدث، على إقناع متابعيهم بالاستثمار في عملات رقمية معينة، أو الانخراط في مواقع استثمارية وتطبيقات، يتم الدفع فيها بواسطة هذه العملات؛ وذلك تحت عناوين جذابة تعد المتابعين بمضاعفة أرباحهم بشكل سريع. وقال سليم إن تعامل هذه المنصات بالعملات الرقمية يرجع إلى سرية التعامل بها، وصعوبة تتبع مسار الأموال، إلى جانب سرعتها وانخفاض تكاليف التحويل.

تواصلنا في إطار هذا التحقيق مع صاحبة قناة سبق أن قامت يوم 14 غشت الماضي بنشر فيديو ترويجي لموقع يدعى fun-box.vip، وهو موقع يقبل الدفع بالعملات الافتراضية، وتركز الفيديو على تحفيز المتابعين على اغتنام الفرصة لربح 250 دولارا من النقر بدون خبرة. المثير في الأمر هو اتباعها للسكريبت بدقة متناهية.

بعثنا لها برسالة عبر البريد الالكتروني تظهر اهتمامنا بقناتها وقدمنا لها عرضا لترويج موقع استثماري/ مراهنات مشابه لموقع “fun-box.vip”. وكحال باقي من تواصلنا معهم في البداية وافقت الشابة مبدئيا على العمل معنا، وعرضنا عليها 5 ألاف درهم مقابل فيديو ترويجي مدته دقيقة واحدة. 

لم يتأخر رد الشابة “نعم يمكننا العمل مع بعض لكن المبلغ الذي حددته جد ضئيل مقارنة بقناتي” وذلك بالنظر إلى عدد المتابعين الذي يناهز 400 ألف مشترك، وأضافت “لنبدأ العمل، يجب إرسال 50% من المبلغ مسبقا و50% بعد أن أرسل لك الفيديو”.

وافقنا على العرض شريطة أن ترسل لنا مقطع فيديو تجريبي في حدود 5 أو 10 ثوان، ويكون عبارة عن مقدمة موجزة تتضمن بعض التفاصيل المشابهة لتلك التي في سكريبت “fun-box.vip”، ولكنها رفضت بحجة أنه يمكننا استغلال الفيديو الخاص بها في الترويج لموقعنا دون أن ندفع لها، وفي المقابل وافقت على المبلغ الذي قدمناه لها في البداية. وأكدت لنا الشابة أنها سبق وروجت لموقع “fun-box.vip” على أنه موقع صادق يمكن للجميع الربح منه وهو ما عايناه على قناتها، إضافة على اهتمامها بالترويج لعدد من المواقع والتطبيقات.

عدنا في وقت لاحق للتواصل مع صاحبة القناة وطلبنا منها توضيحا عن سبب ترويجها لشركات وتطبيقات تستهدف جيوب المغاربة خلف ستار الاستثمار وربح المال عبر الهاتف من خلال النقر، والاحتيال وتضليل المشاهدين بالعناوين والصور، وإظهار الأرباح التي ترسلها لها الشركات، كما فعلت شركة fun-box.vip مدعية بأنها أرباح حققتها من الاستثمار في تطبيق المراهنات، شأنها شأن عدد من القنوات على اليوتيوب، لكنها رفضت الرد واختارت الصمت.

تشير مجموعة من الفيديوهات الخاصة بالاستثمار الرقمي إلى ما يشبه شبكة كبيرة لمروجي الأوهام المنتشرين على مواقع التواصل الاجتماعي، مستغلين الانتشار الذي عرفته الهواتف الذكية والثورة التكنولوجية، بحيث أضحى الوصول إلى أعداد أكبر من المستهدفين أمرا يسيرا وخصوصا الذين يعيشون ضائقة مالية.

ووفق زكريا سليم، هناك عدد كبير من المواقع المشابهة وهي تستهدف “الشباب الطامحين إلى الربح السريع”، مشيرا إلى أن “تحقيق الربح من الأنترنيت يشبه العمل في الواقع إلا أنه في الفضاء الرقمي، ولا يمكن تحقيق الربح بين ليلة وضحاها بنقرة زر ودون خبرة”، مضيفا “وفق حالات كثيرة عاينتها يكتفي المؤثر بالاعتذار بعد أن يكون قد كبد متابعيه الخسارة”، موضحا بأن الإعتذار لن يكون كافيا لأن من بين الضحايا “أشخاص لا يملكون درهما واحدا ويلجأون إلى اقتراض مبلغ ألف درهم أو ألفي درهم لايداعها في موقع احتيالي، دون أن يعلموا ما يدور في الكواليس، فكيف سيعوض مثل هؤلاء الأشخاص الاعتذار”. 

ويعزو سليم أسباب الإقبال الكبير، الذي أضحى يعرفه هذا النوع من الاستثمار، إلى مشاهد حياة الرفاهية التي يصورها المؤثرون للشباب، وخصوصا من هم في مقتبل العمر، مما يجعل الشاب يلاحظ الفرق بين الحياة التي يعيشها وحياة المؤثر؛ حيث انتقل التأثير الرقمي من الجانب الإيجابي إلى السلبي. 

أية حماية قانونية ؟

أوضح عبد الصادق لفروي، عضو الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك، في تصريح لهوامش، أنه “رغم الحديث عن إحداث لجنة منكبة على إخراج مشروع قانون يؤطر هذا النوع من التداول، إلا أنه في الوقت الراهن تنتشر بشكل كبير، خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي، إعلانات لمنتوجات في هذا المجال تحفها العديد من المخاطر بالنسبة للمستهلكين. وذلك في غياب للمراقبة والتأطير القانوني من طرف بنك المغرب ووزارة الصناعة والتجارة، لما لهما من دور في الحد من انتشار النصب والاحتيال عن طريق تداول العملات الالكترونية والتطبيقات”.

وأضاف الفروي أنه لحدود الساعة لا يوجد أي قانون في المغرب يقنن التعامل والتداول بالعملات الافتراضية، مشيرا إلى أن “الملاحظ أنه هناك نصب واحتيال بشكل كبير، حيث أنه للأسف أخذت التجارة الالكترونية وتداول الكريبتو اتجاها سلبيا”، مؤكدا أن السواد الأعظم من المنصات الرقمية تقوم بتجارة منتوجات وعملات رقمية لا تراعي حماية المستهلك.

ومن جهته اعتبر عبد الله العلوي، محام بهيئة مراكش، أنه “بناء على كون هذا النظام من التداول يعتمد على أموال مجهولة المصدر، تدار بواسطة شبكات لا مركزية وغير مادية، فإن هذا يجعل من الصعب إخضاعها لقانون حماية المستهلك”، مشيرا إلى أن هذه الأسواق تعرف حالة من الفوضى، فاسحة المجال لاستمرار عمليات الاحتيال والنصب والإفلات من العقاب.

وأكد العلوي في تصريح لهوامش، على ضرورة التساؤل عن المستفيدين الحقيقيين إلى جانب المؤثرين المروجين من استمرار هذا الوضع، وتسترهم وراء قاعدة “القانون لا يحمي المغفلين”.

ضحايا أم شركاء

وفق دراسة هيئة تنظيم الأسواق المالية الهولندية، فإن معظم المؤثرين ليس لديهم تكوين مالي أو خبرة عملية ذات صلة. ويعتمدون في الربح على حث متابعيهم على الانخراط في مجموعات أو دورات تدريبية مغلقة مدفوعة (VIP)، يدعي أصحابها أنها ستضع المشاركين على الطريق الصحيحة لتعلم أبجديات الاستثمار، وتقدم لهم مراجعات ونصائح، تجعل الاستثمار في المشاريع الرقمية، أكثر سهولة وفي متناول الجميع. وذلك بغرض جذب المزيد من المشتركين مقابل عمولات تمنحها لهم الشركات المالكة لهذه المشاريع.

وفي حديث مع هوامش صرح عبد الرزاق علامي، محاسب معتمد ومستشار مالي، أنه بعكس الدول الأوروبية التي تحظر على المؤثرين الترويج وتقديم التوصيات المتعلقة بالاستثمار والترويج للمنتجات المالية عالية المخاطر، لا يوجد قانون في المغرب يحظر ذلك وينظمه. مشيرا إلى أن هذا الوضع يفسح المجال لوقوع المزيد من الضحايا، مؤكدا أن هذا الموضوع يحتاج معالجة على المستوى التشريعي بالأساس.

وفي هذا الإطار أوضح المحامي عبد الله العلوي، بأن “المتعاملين في هذا المجال لا يتوفرون على أية حماية قانونية، وعلى العكس فإن الضحايا يصبحون بدورهم متورطين ويتحملون مسؤوليتهم الخاصة، كما لا يمكنهم أن يحتجوا بهذه المعاملات في مواجهة الغير أمام القضاء، ويعدون شركاء وهو ما لا يحفز على التبليغ”. 

وأشار العلوي أن “الأمر فوضوي، ويمكن وصفه بلعبة قمار أكثر مما هو استثمار، حيث يعتمد فيه المؤثرون على العامل النفسي لضحاياهم، كما يتسبب في تسرب مالي في ظل غياب رقابة الجهات الوصية على القطاع المالي. خصوصا وأن هذه الأموال الافتراضية والتطبيقات المربحة المزعومة يتم اقتناؤها والاشتراك فيها بالعملة الصعبة”.

وتختلف الأسباب التي تدفع العديدين إلى الوقوع في هذا الشرك، وعلى رأسها ارتفاع معدلات البطالة، والطمع في ربح سريع قد يخلصهم من واقع الغلاء واستغلال القطاع الخاص، حيث تظهر لهم المقاطع الترويجية أن تلبية متطلبات الحياة اليومية ستصبح أسهل، ويمكنهم من خلالها تحقيق “الحلم المغربي” واستثمار مدخراتهم والاستمتاع بأرباحها دون عناء.

وتنص سياسة يوتيوب على منع المحتوى الذي “يجذب النقرات أو المشاهدات أو الزيارات إلى خارج المنصة من خلال تقديم وعود للمستخدمين بأنهم سيجنون الأرباح بسرعة أو يتّبع خدعة التسويق الهرمي”، وأنه في حالة مخالفة هذا الأمر تتم إزالة الفيديو وإرسال تحذير إلى صاحب القناة، وعند تكرار الأمر 3 مرات في غضون 90 يومًا، يتم إغلاق القناة بشكل نهائي.

أردنا معرفة السبب وراء استمرار هذه الفيديوهات على منصة يوتيوب على الرغم من أن مقاطع الفيديو هذه لا تتماشى مع سياستها المتعلقة بحماية المستخدمين، حيث من المفترض أن يتم حذف هذه الفيديوهات، ولكن تستمر خوارزميات المنصة في اقتراحها على الجمهور، وقد حصد بعضها أزيد من 100 ألف مشاهدة. بعثنا برسالة إلى منصة يوتيوب على البريد الإلكتروني الرسمي المخصص لوسائل الإعلام، إلا أننا لم نتلق أي رد إلى حدود ساعة نشر هذا التحقيق.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram