الرئيسية

شبح العطش بالمغرب.. هل تنهي ’’لافوكا‘‘ ما بدأه ’’الدّلاح‘‘؟

في ظل ما يعانيه المغرب من أزمة عطش حقيقية، استفاق المغاربة على خبر استثمار إسرائيلي سيرى النور على أراضٍ غرب المملكة لزراعة فاكهة الأفوكادو، الأمر الذي أثار استياء العديد من الناشطين المهتمين بالمجال البيئي، وسط تخوف من أن يعيد المشروع سيناريو مسلسل بطيخ زاكورة.

مريم أبروش

“لا تدري أيهما تختار، أتذهب لتنتظر دورها أمام باب المستوصف، أم تصبر على ما أصابها وتلزم البيت، منتظرة قطرات ماء غير صالح للشرب فتسارع لتعبئته في قنينات؟ النساء، هنا، يقايضن الصحة بالماء! ” بهاته الجملة يقربنا عثمان البوني، أحد ساكنة مدينة زاكورة، مما تعيشه النساء كل يوم في دوار تازولين منذ سنوات عديدة دون أي تغيير ملحوظ، بل إن الأمور تزداد سوءا سنة بعد سنة. 

مرت خمس سنوات على ما بات يعرف اليوم بـ “ثورة العطش”، عندما خرجت ساكنة زاكورة سنة  2017 للاحتجاج مطالبة بحقها في الاستفادة من الماء الصالح للشرب، واعتقلت السلطات حينها 23 متظاهراً. من حينها لا يزال سكان زاكورة ونواحيها يعانون من تداعيات ندرة المياه، وهذا ما دفع نشطاء بيئيين في المنطقة إلى تكثيف جهودهم للضغط على السلطات لتتخذ إجراءات وتدابير استعجالية لحل أزمة العطش، وتقنين زراعة البطيخ الأحمر الذي توجه له أصابع الاتهام بشأن استنزاف الفرشة المائية بزاكورة.  

وفي ظل ما يعانيه المغرب من أزمة عطش حقيقية، استفاق المغاربة على خبر استثمار إسرائيلي سيرى النور على أراضٍ غرب المملكة لزراعة فاكهة الأفوكادو، الأمر الذي أثار استياء العديد من الناشطين المهتمين بالمجال البيئي، وسط تخوف من أن يعيد المشروع سيناريو مسلسل بطيخ زاكورة. 

المغرب يواجه أزمة عطش حقيقية

مرت خمس سنوات منذ اندلاع احتجاجات العطش التي أخرجت ساكنة العديد من المناطق المغربية للتظاهر من أجل الماء الصالح للشرب، النساء في زاكورة يقضين ساعات تحت وطأة شمس تصل حرارتها إلى خمسين درجة في فصل الصيف. نساء يصطففن للحصول على دورهم من أجل تعبئة قارورات من الماء،  مستعينات أحيانا بالبغال والمحظوظات منهن من تتوفر لها سيارة نقل “بيكوب”. 

في هذا الصدد يصف عثمان البوني، أحد الساكنة، الوضع قائلا ” تعيش النساء حالة مزرية، فما بين عملهن بالبساتين وانشغالاتهن اليومية، يرمى حمل جلب الماء على عاتقهن، وقد تجد نساء حوامل، وأخريات يحملن رضعا على ظهورهن يتسابقن لتعبئة أكبر عدد ممكن من القارورات”.

لم تعد أزمة العطش مقتصرة على أقاليم الجنوب الشرقي فقط، بل إن شبح العطش بدأ يحوم على كل ربوع المملكة. فقد نبه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في بلاغ له سنة 2019، من وضعية ندرة المياه في المغرب والتي وصفها بـ “المقلقة”، فالموارد المائية تقدر حاليا بأقل من 650 متر مكعب للفرد سنويا، مقابل 2500 متر مكعب في سنة 1960، وستنخفض إلى أقل 500 متر مكعب بحلول سنة 2030، ما يجعل المغرب على حافة أزمة عطش حادة. 

لم يشهد المغرب مستوى جفاف مثل الذي نعيشه اليوم منذ ثمانينات القرن الماضي، إذ تراجعت نسبة الأمطار بشكل ملحوظ خلال السنوات الخمس الأخيرة، وأوردت وكالة الأنباء الأميركية أن “نسبة التساقطات المطرية في المغرب هي الأدنى منذ ثلاثة عقود”. 

وواصلت نسبة ملء السدود في المغرب التراجع مسجلة أرقاما متدنية بالمقارنة مع السنوات الفارطة، وحسب ما أفادت به وزارة التجهيز والماء فإن حقينات السدود الرئيسية بالمملكة بلغت إلى غاية 11 أبريل 2022 نسبة تقدر ب  34,3%، مسجلة تراجعاً بأكثر من 2 مليار متر مكعب. وحسب تقرير أعده معهد الموارد العالمية (World Resouces institute) سنة 2019، فالمغرب ضمن اللائحة الحمراء للدول التي ستعرف ندرة مائية حادة في أفق 2040.

لهذه الأسباب يعيش المغرب حالة استنفار قصوى لمواجهة نقص الماء الصالح للشرب، إذ أن عددا من المدن والمناطق مهددة بالعطش خلال فصل الصيف. وعلى الرغم من محاولات تنويع برامج الحد من أزمة ندرة المياه، التي تنهجها الحكومة عبر إصدار قوانين تضمن الحق في الماء لجميع المواطنين، وإطلاق حملات التوعية بحماية الموارد المائية، وترشيد استهلاك الماء، إلا أن وضعية المغرب تدق ناقوس خطر حقيقي.

ويتوفر المغرب على 149 سداً كبيراً بسعة إجمالية تفوق 19 مليار متر مكعب، و133 سداً صغيراً في طور الاستغلال (حسب تصريح لوزير التجهيز والماء). ويعتمد المغرب منذ سبعينيات القرن الماضي سياسة تشييد السدود بهدف تحقيق الأمن المائي، إلا أن المكتب الوطني للكهرباء والماء، أقر بعجزه عن تزويد 54 مدينة ومركز بمياه الشرب خلال صيف 2022. هذه “الكارثة المستقبلية” دفعت المغرب إلى إطلاق برنامج لتعبئة المياه من خلال بناء سدود جديدة، إضافة إلى تحلية مياه البحر لتعبئة الموارد المائية الممكنة، واستغلال المياه العادمة بعد معالجتها، بغية ربح رهان توفير الماء للجميع والحد من آثار ندرة المياه.

ومن أجل ترشيد استعمال الماء، عملت الحكومة على إصدار بعض القرارات أهمها منع اسـتخدام الميـاه الصالحة للشـرب أو سقي المسـاحات الخضـراء أو غسل السيارات، كما أطلقت حملة توعية واسعة عبر وسائل الإعلام وذلك من أجل تحسيس المواطنين وتوعيتهم بأهمية ترشيد الماء. إلا أن القطاع الفلاحي يستهلك حصة الأسد بنسبة تصل ل 80 %، وفي هذا الصدد يرى جمال أقشباب، رئيس جمعية أصدقاء البيئة بزاكورة، أنه “عوض أن يضع المسؤولون الأصبع على المشكل المتمركز حول الوزارات وانتقاد الاستراتيجيات الفلاحية المتبعة، فإنهم يضعون الذنب على عاتق المواطن الضعيف”. 

مدينة العطش تصدر فاكهة الماء

في الوقت الذي يعاني فيه سكان مدينة زاكورة من العطش وندرة التساقطات المطرية، تُعرف هذه المنطقة الجافة وشبه الصحراوية بزراعة أجود أنواع البطيخ الأحمر (الدلاح).

ويوجه العديد من المهتمين بالمجال البيئي أصابع الاتهام لهذه الفاكهة ويعتبرون أن زراعتها جريمة تهدد الأمن المائي للساكنة. وفي السياق ذاته يؤكد محمد أقشباب، رئيس جمعية أصدقاء البيئة بزاكورة، أن “موجة العطش التي يعرفها الإقليم ناجمة عن زراعة البطيخ الأحمر، فمنذ 10 سنوات والإقليم يعاني من هذه الزراعة التي تستهلك كميات كبيرة من المياه الجوفية”.

لم تقف جمعية أصدقاء البيئة بزاكورة مكتوفة الأيدي أمام “الكارثة البيئة” التي تواجهها المنطقة، فقد وجهت العديد من الشكايات والنداءات إلى السلطات والجهات المسؤولة، وحضرت لقاءات مع الوزارات المعنية من أجل وضع حد لمعاناة الساكنة وتقنين زراعة البطيخ الأحمر، إلا أن الحكومة الحالية تفضل نهج سياسة النعامة (“كيخشيو رأسهم في الرملة حتا دوز العاصفة”) يقول أقشباب.  

ويضيف نفس المتحدث “إن زراعة البطيخ الأحمر هي زراعة دخيلة على الواحات بمناطق الجنوب الشرقي، فهي زراعة شجعها مخطط المغرب الأخضر منذ سنة 2009، وذلك في إطار تشجيع الفلاحين الصغار على زراعة هذه الفاكهة بتجهيز أراضيهم وتقديم الدعم لهم.” 

وقد أدى الجفاف الذي شهده المغرب ما بين سنة 2000 و2006 إلى تراجع إنتاج التمور، الأمر الذي نتجت عنه حركة هجرة للعديد من العائلات لمدن الشمال بحثا عن حياة أفضل، لذلك شكل مخطط المغرب الأخضر سنة 2009 طوق نجاة للعديد من الفلاحين، مما شجعهم على إعادة زرع أراضيهم والانفتاح على منتوج جديد يدر عليهم دخلا محترما. “لم تتجاوز المساحة المزروعة بالبطيخ حينها 1000 هكتار في المرحلة الأولى، إلا أن عدد الهكتارات توالت في الارتفاع سنة تلو الأخرى، وذلك راجع للعائد المادي المغري الذي يجنيه الفلاح” يقول رئيس الجمعية، إلى أن تفاقم الوضع.

البطيخ الأحمر في قفص الاتهام

نجحت زراعة البطيخ في أقاليم الجنوب الشرقي لعدة عوامل، أهمها خصوبة الأرض وتمتع المنطقة بفرشة مائية عذبة، وفي هذا الصدد يوضح أقشباب أن كل “هذه العوامل أثارت طمع لوبيات فلاحية أتت للاستثمار في إطار شراكة مع الفلاحين الصغار بزاكورة، فالفلاح يوفر الأرض والمستثمر يدعم بالمال. وهكذا بدأ مسلسل انتشار زراعة البطيخ الأحمر إلى أن وصلنا إلى هذه الكارثة”. 

ويتهم بعض المدافعين عن البيئة مزارعي البطيخ الأحمر باستنزاف المياه الجوفية، وهم لا ينكرون أن سنوات الجفاف توالت على أقاليم الجنوب الشرقي منذ سنة 2014، إلا أن المياه الجوفية تأثرت بشكل مهول بسبب زراعة البطيخ، حسب رأيهم، وذلك لأن البطيخ يسقى من المياه الجوفية الباطنية وليس من المياه السطحية.

في لقاء بزاكورة، سنة 2014، بحضور كل من وزيرة الماء (حينها) شرفات أفيلال، ورئيس الجهة، ومدير الوكالة الوطنية لتنمية الواحات، كشفت دراسة (عرضت في اللقاء) أنجزت من طرف وكالة الحوض المائي لسوس ماسة، أن البطيخ الأحمر استنزف أكثر من 10 مليون لتر مكعب. وفي هذا الصدد يعلق أقشباب “إن قدرنا من سنة 2009 إلى سنة 2022، فسنجد بأن الدلاح استهلك أزيد من 130 مليون متر مكعب. نسبة مهمة لو احتفظ بها في باطن الأرض لساهمت اليوم في التقليل من أزمة العطش التي يعاني منها إقليم زاكورة”.

وأدى انخفاض منسوب المياه الجوفية إلى هلاك العديد من أشجار النخيل، التي لا تصل لحاجياتها من الماء. ويؤكد عثمان البوني، أحد ساكنة دوار تازولين بزاكورة، أنه “بسبب استنزاف المياه الجوفية أصبحت أشجار النخيل يابسة وقابلة للاشتعال في أي وقت، الأمر الذي سبب جملة من الحرائق التي يشهدها الإقليم كل فصل صيف، وبذلك تحولت العشرات من الواحات إلى أطلال ومقابر، ونخيل التمر أضحى يموت واقفا، مما أدى إلى فناء تراث حضاري وإنساني لعب دورا هاما على مدار تاريخ المغرب، وشكّل أساسا للاستقرار السكاني”.

عندما وجه السكان والجمعيات الحقوقية أصابع الاتهام لزراعة البطيخ الأحمر وطالبوا بإيجاد حلول استباقية، انتقد عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات (حينها)، الربط بين إنتاج “الدلاح” وندرة المياه في زاكورة  ووصفه بالكلام الفارغ (“داكشي غا الخوا الخاوي”) وأضاف أن فترة زراعة الدلاح “لا تتجاوز أربعة أشهر ويستهلك 4500 متر مكعب للهكتار الواحد، في حين تستهلك مزروعات أخرى، من قبيل القمح، أكثر من ذلك”. واعتبر أخنوش أن اتهام مزارعي “الدلاح” بأنهم السبب في ندرة المياه في زاكورة، أمر “مصطنع”، وأن مشكل الماء في زاكورة سببه تأخر الاستثمارات التي لم تنطلق في وقتها.

 يمنع المغرب اليوم زراعة “الدلاح” في طاطا، وذلك ما أكده نزار بركة، وزير الماء والتجهيز، في ندوة شهر مارس المنصرم، عندما صرح أن عملية زراعة البطيخ الأحمر في مناطق الجنوب الشرقي مكلفة للغاية، حيث تستهلك كميات كبيرة من الماء في مناطق تعاني في الأصل من نقص هذه المادة الحيوية، مما يؤثر على الفرشة المائية بشكل كبير للغاية. 

الأراضي المغربية في خدمة “أفوكادو إسرائيلية

أعاد خبر إقبال المغرب على عقد استثمار مع شركة إسرائيلية، لزراعة الأفوكادو، الجدل حول الزراعات المستنزفة للماء، خاصة في ظل ما يواجهه المغرب من جفاف. 

زراعة فاكهة الأفوكادو المعروفة بـ “الذهب الأخضر” لم تكن وليدة هذا الاستثمار، إذ يحتل  المغرب المرتبة الثالثة ضمن قائمة الدول الإفريقية المصدرة لفاكهة الأفوكادو بعد كينيا وجنوب إفريقيا، حيث وجه المغرب أزيد من 16 ألف طن للسوق الخارجي في الموسم الزراعي 2019-2020، مقابل 1500 طن خلال موسم 2008-2009.

 وقد شهدت زراعة الأفوكادو نموا ملحوظا، في المغرب، خلال  السنوات الأخيرة بالنظر إلى ارتفاع الطلب العالمي عليها، وهامش الربح الذي تدرّه مقارنة بباقي الزراعات الأخرى. وتعتبر الأسواق الأوروبية الوجهة الأولى للأفوكادو المغربية، حيث تستوعب أزيد من 90٪ من الكمية المخصصة للتصدير، ويعزى ذلك لعوامل عدة أبرزها القرب الجغرافي للمغرب من القارة الأوروبية.

وتنتشر زراعة الأفوكادو بحهة الرباط – سلا – القنيطرة، غرب المغرب، حيث تستحوذ المنطقة على 86٪ من المساحة المخصصة لهذا النوع من الزراعة على الصعيد الوطني. وقد وجدت شجرة الأفوكادو، التي تعتبر أميركا اللاتينية موطنها الأصلي، بيئة ملائمة (الرطوبة المعتدلة، وفرة المياه، التربة الرملية) في غرب المملكة، حيث أظهرت قدرة عالية على التكيف مع الظروف المناخية في المنطقة. 

 ويرتقب أن يصل إنتاج هذه الفاكهة الاستوائية إلى أكثر من 60 ألف طن، خلال المواسم الزراعية القادمة وفق معطيات رسمية. وتشكل هذه الزراعة مصدر دخل أساسي لعدد من المزارعين، حيث توفر 2730 منصب شغل قار، وهو ما يعادل 820 ألف يوم عمل، حسب أرقام صادرة عن مديرية الزراعة بجهة الرباط-سلا- القنيطرة.

 وذكر حساب”إسرائيل بالعربية”، على منصة تويتر، أن “مهادرين” أكبر شركة للمنتجين والمصدرين لفاكهة الأفوكادو في “إسرائيل”، أعلنت عن انطلاق مشروع لإنتاج الافوكادو بالمغرب. وأضاف نفس المصدر أن قيمة هذا الاستثمار تبلغ حوالي 9 ملايين دولار، وأن هذه الشراكة ستمكن المغرب من إنتاج 10 آلاف طن من الأفوكادو سنويا. 

وقال الرئيس التنفيذي لشركة “مهادرين” شاؤول شيلح، لصحيفة “ألجمينر”، “إن زراعة الأفوكادو في المغرب جزء من خطة أكبر، لنكون قادرين على تزويد عملائنا الأوروبيين بسهولة أكبر من إسرائيل، من حيث الجغرافيا، ومن حيث التكاليف الأكثر تنافسية”.

هل تستنزف “لافوكا” ما تبقى من مياه المغرب؟

يتطلب كيلوغرام واحد من إنتاج الأفوكادو ما يقارب 1000 لتر من الماء، كمية تطرح علامات استفهام كبرى في ظل الأزمة المائية التي يعيشها المغرب. 

ويرى فؤاد الزهراني، الباحث في البيئة والتنمية المستدامة، أن الحديث عن فاكهة الأفوكادو وتكلفتها البيئية الثقيلة أمر مبالغ فيه، إذ أن الإشكال الحقيقي، حسب المتحدث، “لا يكمن في زراعة فاكهة أو أخرى بقدر ما يجب الدفاع عن ضرورة إحقاق زراعة مستدامة تحترم حقوق الأجيال القادمة وتحافظ عليها”. ثم يضيف قائلا “صحيح أن زراعة الأفوكادو تستهلك كمية كبيرة من الماء، لكن يجب أن لانغفل بأن كلا من اللوز والطماطم واللحم وزراعات أخرى تستنزف كميات أكثر من المياه”.

 وأوضح الزهراني، في تصريح خص به منصة هوامش، “أن الحل اليوم ليس في منع هذا النوع من الزراعات، إذ لا يمكن التغاضي عن الدخل المادي المرتفع الذي تضمنه للدولة وللمشتغلين في المجال الفلاحي، أضف إلى أنها فرصة ممتازة لخلق فرص الشغل لطبقة واسعة من المغاربة، وكذا مصدر دخل مهم يمكن للدولة إعادة استثماره على شكل مشاريع لتحلية المياه، وتنقية السدود، وابتكار طرق جديدة نحافظ بها على الماء دون أن نتخلى عن أهم الركائز الاقتصادية بالمغرب ،ألا وهو المجال الفلاحي”. 

التحدي اليوم، حسب فؤاد الزهراني، يتجلى في خلق استراتيجيات فلاحية تعتمد على الابتكار سواء على مستوى طرق الزراعة أو على مستوى طرق السقي، دون إغفال مبدأ المراقبة وخلق دراسات معمقة لتتبع المجال الزراعي، والسهر على تطبيق القوانين والعقوبات في حالة رصد الخروقات.

مرت سنوات متتالية وساكنة أقاليم الجنوب الشرقي ماتزال تستغيث، ففي تلك الرقعة الجغرافية المتواجدة على خارطة المغرب، أضحى أقصى الآمال هو أن تفتح الصنبور فيزودك بماء صالح للشرب. بالمراكز الحضرية تجد الوضع أقل تعقيدا من القرى والنواحي، فكلما توغلت بين قرى زاكورة وطاطا إلا وتتعمق أزمة الماء، ويضحي الخوف من شبح العطش الهاجس الأول. قرى ينقطع فيها الماء لأسبوع كامل، وتضطر الساكنة إلى البحث عن الآبار التي ماتزال تحتفظ ببعض الماء ولو على عمق أمتار عديدة، أو انتظار وصول صهاريج المياه التي تشهد صراعات ومشاجرات بين الساكنة، فالكل خائف من أن يضيع دوره ويعود إلى بيته دون قليل من الماء يروي به ظمأ أسرته. 

جدل زراعة البطيخ الأحمر بأقاليم الجنوب الشرقي وانفتاح المغرب على تشجيع زراعة الأفوكادو “الإسرائيلية” بالمناطق الغربية والشمالية في ظل جائحة الجفاف والعطش الذي تعيشها المملكة يجعلنا نطرح سؤالا ملحا: هل يشهد المغرب في السنوات القادمة “ثورة عطش” جديدة؟

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram