الرئيسية

رجاء شاكر بطلة أحضرت الذهب إلى حقول “الكوطما”

بطلة انطلقت من هامش الهامش، صنعت مجدها وتربعت على عرش إفريقيا وأهدت الذهب إلى منطقتها وإلى المغرب بأكمله في صمت. رجاء شاكر ابنة دوار الكوطمة، جماعة أولاد زمام، إقليم الفقيه بن صالح، فتاة استثنائية، بمجهودها وعزيمتها أحضرت إلى بلدتها 6 ميداليات من بطولة إفريقيا نصفها من الذهب.

على نغمات “الدقايقية” وكؤوس الشاي وأطباق الحلوى، احتفى زملاء وزميلات البطلة رجاء شاكر في الفريق بتتويجها بطلة لإفريقيا في سباق الدراجات على المضمار، فئة الشابات، وبحصولها على شهادة الباكالوريا لهذه السنة. عادت رجاء متوجة بالذهب من العاصمة النيجيرية أبوجا بعد حصولها على ست ميداليات في هذه البطولة. رجاء القادمة من الهامش تتطلع أن تصبح بطلة عالمية تشرف المغرب في مختلف المحافل. 

زرع الأصدقاء الفرح في بيت رجاء المتواجد بمنطقة تدعى “الكوطما” وسط حقول الجماعة الترابية لـ “أولاد زمام” بإقليم الفقيه بن صالح، و تكلفوا بهذا التكريم الرمزي لها، في الوقت الذي لم يزرها أي مسؤول من المنطقة، وفق ما أسر به لنا والدها، فإنجازها هذا الذي تحدثت عنه الصحف العالمية لم يسمع به أحد من المسؤولين بهذه الرقعة. 

بطلة تسري الرياضة في جيناتها

مارست رجاء ذات 18 ربيعا الرياضة منذ الصغر، ويعود السر في ذلك لوالدها أحمد (فلاح) الذي كان رياضيا هو الآخر، لعب الأب أحمد في أواخر السبعينات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي لشبان الاتحاد الرياضي للفقيه بن صالح لكرة القدم، حينها كان الاتحاد فريقا مهاب الجانب، لكن أحمد غادر الفريق العميري (نسبة لقبيلة بني عمير) دون أن يكمل المشوار لظروف لم يفصح لنا عنها.

حرص الأب أن تكون الابنة بطلة في رياضة ألعاب القوى، وتنبأ لها بمستقبل واعد في هذه الرياضة، وهي لم تتجاوز بعد سن الثامنة، حيث كانت لا تترك الفرصة تمر إلا وتشارك وتفوز في مختلف المسابقات والتظاهرات، وهي لا زالت طفلة في عمر الزهور، وفق ما حكى الأب.  

“كنت دائما أحرص على توجيه رجاء في الاتجاه الصحيح، وتيقنت أن للرياضة أدوارا مهمة في تربية الأبناء وتوجيههم، ووفرت لها كافة الشروط كي تكون بطلة” يقول شاكر الأب.

لم تشف رياضة ألعاب القوى غليل الأب أحمد، فاختار لها رياضة التايكواندو، وكأنه يجرب الرياضة تلو الأخرى حتى يضع رجاء في موقعها الصحيح، وكالعادة أبانت رجاء عن كعب عال في هذه الرياضة رفقة المنتخب المغربي، وفازت في العديد من التظاهرات والمسابقات الرياضية محليا ووطنيا، وعلى الرغم من صغر سنها أظهرت رجاء، جدها وتفانيها في التداريب، وهي قيم رسخها الوالد في البطلة الواعدة رجاء. 

لكن حلم الطفلة سيتحول إلى رياضة أخرى، وهي رياضة الدراجات الجبلية، وبذلك تركت الحلبة والقفازات وعانقت الدراجات والمضمار، بعد أن حسمت الاختيار. 

من الحلبة إلى المضمار

قبل عامين تركت رجاء رياضة التايكواندو، وهي لم تتجاوز بعد سن 17 من عمرها، وحسمت اختيارها بالانضمام إلى نادي سوق السبت للدراجات الجبلية الذي تأسس سنة 2016. يضم هذا النادي حوالي 30 منخرطا، وهناك ستبرز موهبتها في هذه الرياضة رفقة مجموعة من الأبطال الآخرين الذين مثلوا المغرب في البطولة العربية التي أقيمت في مصر.

لم تكن رجاء تعلم أن هذا التحول، سيغير حياتها بشكل كبير، وسيجعلها من البطلات اللائي يمثلن المغرب في المسابقات القارية والعربية، ويتوّجن في رياضة الدراجات الجبلية التي بقيت إلى وقت قريب حكرا على الذكور، حيث استطاعت أن تفرض حضورها إلى جانب عناصر المنتخب الوطني المغربي عربيا وقاريا. 

تحرص رجاء على التفاني في التداريب بشكل مستمر وفق نظام وبرمجة خاصين، حيث تباشر تداريبها في جولات تقطع خلالها تقطع ما بين 60 إلى 120 كلم في كل جولة، تقودها إلى مدن بني ملال، الفقيه بن صالح، سوق السبت وجماعة أولاد زمام مقر سكناها.

الراضي التهامي، رئيس جمعية سوق السبت للدراجات الجبلية يقول في تصريح لهوامش إن “رجاء شاكير بطلة تتميز بأخلاق عالية، وبجدية وقتالية في التداريب وفي خوض المسابقات، فهي لا ترضى غير الفوز بديلا”.

وعن هذا الإصرار في الفوز يضيف التهامي أن رجاء “استطاعت في إحدى السباقات أن تشارك رفقة الذكور فئة الكبار، وأن تحتل المرتبة الخامسة، ولولا خطأ تقني لاحتلّت المرتبة الأولى”. 

رغم ضعف الإمكانيات وغياب اللوجيستيك والدعم والتشجيع من الجهات المسؤولة بالجهة، تواصل رجاء رفقة عناصر الفريق التداريب باستمرار اعتمادا على إمكانياتها الذاتية، وهي تتطلع أن تتوج بلقب عالمي ينضاف إلى الألقاب التي فازت بها هذه السنة. 

“إن ما نعانيه في هذه الجهة، هو غياب الاهتمام برياضة الدراجات الجبلية من طرف المسؤولين، ومع ذلك فإن الأبطال يحققون نتائج جيدة في مختلف الفئات، ويمثلون الجهة في المنتخب المغربي”، تقول رجاء وكلها أمل أن يلتفت المسؤولون إلى هذه الرياضة، ويعطوها حقها. 

ثم تضيف “نعاني من العديد من المشاكل ونحن نمارس هذه الرياضة، منها غياب اللوجستيك (دراجات، أحذية أقمصة…) بحيث نضطر إلى إصلاح دراجاتنا بأنفسنا، فضلا عن غياب منح للدراجين من أجل تشجيعهم، وكذا مضمار خاص بالسباق ومصحة وغيرها.”

من مصر انطلقت الشرارة

بصمت رجاء شاكر في أول مشاركة لها مع المنتخب المغربي خارج المغرب، على مسار جيد بفوزها بالميدالية الذهبية في سباق اختراق الضاحية لفئة الشابات، والذي احتضنته القاهرة في الفترة الممتدة ما بين 12 و28 نونبر من السنة الماضي، متفوقة على العديد من البطلات العربيات المشاركات في هذه البطولة التي عرفت تفوق الأبطال المغاربة المنحدرين من جهة بني ملال خنيفرة، وهم بلال عريض ويوسف الغريسي ويوسف إسماعيلي وشاكير باب الله وفهد بهجة وحسام عمار. 

ثلاثة أشهر بعد ذلك عادت رجاء شاكر إلى مصر للمشاركة هذه المرة في البطولة الإفريقية الثامنة عشرة للسباق على الطريق، والتي احتضنتها مدينة شرم الشيخ خلال الفترة الممتدة من 23 إلى 27 مارس المنصرم، حيث فازت بميداليتين فضيتين، الأولى في سباق ضد الساعة شابات، باحتلالها الصف الثاني وراء الجنوب إفريقية “كتلين طومبسون” بفارق دقيقة واحدة و45 ثانية، والثانية في سباق فردي ضد الساعة.

شقت رجاء طريق الدراجات الجبلية بنجاح، واستطاعت أن تبصم على مشاركة جيدة رفقة عناصر المنتخب المغربي في البطولة الإفريقية، التي احتضنتها العاصمة الناميبية ويندهوك، يومي 22 و23 أبريل المنصرم، كما اعتلت عرش التتويج في العديد من المسابقات المحلية والوطنية التي تم تنظيمها تحت إشراف الجامعة الملكية المغربية للدراجات.

بطلة من ذهب

واصلت رجاء تألقها في رياضة الدراجات الجبلية وتوجت بطلة لإفريقيا في السباق على المضمار الذي احتضنته العاصمة النيجيرية أبوجا، في الفترة الممتدة من 14 إلى 17 يوليوز الجاري، وفازت بميدالية ذهبية في سباق النقط، وأخرى في سباق المطاردة وثالثة في سباق الفردي ضد الساعة.

كما أهدت رجاء للمنتخب المغربي خلال هذه البطولة مداليتين فضيتين، وأخرى نحاسية، ليصل مجموع الميداليات التي فازت بها إلى 6 ميداليات 3 منها ذهبيات. 

وعن هذه المشاركة قالت لنا رجاء “إنها المرة الأولى التي أشارك فيها في هذا النوع من السباقات، ورغم المنافسة القوية من بطلات من دول إفريقية كنجيريا والكوديفوار وجنوب إفريقيا وغانا… فقد كنت الأفضل بينهن، وفزت بـ 6 ميداليات”.

“أنا سعيدة اليوم بهذا التتويج الذي كان من ورائه والدي، وأصدقائي الذين لا يبخلون عليّ بالتشجيع، والطاقم التقني والإداري والمسؤولين بالجامعة الملكية المغربية للدرجات” تضيف رجاء.

أعطى هذا التتويج بأبوجا لرجاء شحنة إضافية لمواصلة المشوار، من أجل تحقيق لقب عالمي ينضاف لرصيدها الرياضي الذي بدأته مبكرا.  

” كنت حريصا على أن تحقق رجاء ما لم أستطع أنا تحقيقه، وكنت متيقنا أن ترفع العلم الوطني، وأن تُسمع النشيد الوطني في مختلف المسابقات، وبالفعل تحققت أمنياتي”. يختم أحمد والد رجاء حديثه مع هوامش والفخر يظهر على محياه.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram