مروان المودن
في واحدة من أكبر “فضائح” السنة الدراسية الحالية، وجد آباء وأولياء تلاميذ قبيلة الرواشد جماعة الغوالم بإقليم الخميسات أنفسهم أمام “حادثة غريبة” تتعلق بالنتائج الدراسية، عرّت واقع التعليم بالمنطقة.
وقال أولياء التلاميذ إنهم تلقوا النتائج النهائية والتي تتضمن المعدلات الخاصة بمادة اللغة الفرنسية لأبنائهم رغم عدم وجود أستاذ طيلة السنة.
وحصل جميع تلاميذ المستوى السادس إبتدائي بمدرسة “أولاد بوعلو جمعة الرواشد بإقليم الخميسات” على نتائج جيدة في مادة اللغة الفرنسية في الوقت الذي لم يدرسوا فيه أي حرف لهذه المادة طيلة السنة بسبب غياب الأستاذ بدوار أولاد بوعلو.
وأولاد بوعلو هو دُوَّار يقع بجماعة الغوالم، إقليم الخميسات، جهة الرباط سلا القنيطرة. وينتمي الدوّار لمشيخة الرواشد ويقدر عدد سكانه بـحوالي 3 ألاف نسمة.
ورغم أنهم مشرفون على الانتقال للمستوى الإعدادي إلا أن تلاميذ هذا الدوار لم يتلقوا أي تكوين في الرياضيات واللغة الفرنسية.
وقال تلميذ إنه حصل على نقطة 8/10 في مادة اللغة الفرنسية دون أن يدرسها طيلة السنة.
بينما كان تلاميذ المستوى الرابع إبتدائي في نفس المدرسة يتلقون تعليمهم من طرف زملائهم في المستوى السادس، في غياب تام لأي أستاذ. ولم تستقبل المدرسة أية زيارات تفتيش منذ سنوات.
وخلال الموسم الحالي أيضا، وبعد سفرهم رفقة مؤطرين تربويين من وزارة التعليم، اختفى 6 قاصرين مغاربة من بينهم فتاة في سلوفاكيا بعد مشاركتهم في بطولة للعدو الريفي المدرسي تحت إشراف الاتحاد الدولي للرياضة المدرسية.
وخلال أبريل 2022، وفيما ما يشبه مغامرة غير محسوبة العواقب، فرّ التلاميذ من فندق إقامتهم صباحا للمكوث في أوروبا دون إخبار أحد، تاركين جوازات سفرهم. وفيما لم تقم الحكومة المغربية بأي رد فعل ترك التلاميذ يواجهون مصيرهم في أوروبا.
في سابقة خطيرة هذه السنة أقدمت مجموعة من المدارس الخاصة بالدخول إلى برنامج “مسار” لإدخال نتائج التلاميذ، رغم عدم حصول هذه المدارس على التراخيص اللازمة من قبل الاكاديمية.
ووصف دخول هذه المدارس إلى المنصة الرسمية لرصد معدلات التلاميذ بالقرصنة، حيث جرى الحديث عن قرصنة الرموز السرية.
وقال تقرير رسمي إن من بين هذه المدارس مدرسة تعود ملكيتها إلى برلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، والذي شرع في إطلاق أشغالها هذه السنة دون ترخيص من الأكاديمية بينما زودها بالمياه من بئر غير بعيد دون التأكد من جودته.
وقامت المدرسة الخاصة بإطلاق موسمها الدراسي دون استكمال الوثائق المطلوبة من أجل الحصول على التراخيص لفتح أبوابها واستقبال التلاميذ، بل واخترقت برنامج مسار لإدخال نقط تلاميذها بطريقة غير قانونية.
بينما قررت إحدى الإعداديات بإقليم شفشاون تتويج السنة الدراسية برحلة تلاميذية، لقي تلميذ، يبلغ من العمر 15 سنة، حتفه غرقا بعد وصوله مباشرة إلى منتزه أقشور السياحي.
وقد حاول التلميذ السباحة في مياه السد المجاور دون أي مراقبة من قبل الأطر التربوية، إلا أنه لقي حتفه بعد ذلك. وفتح الدرك الملكي بالمنطقة، تحقيقا في ملابسات الموت لتحديد المسؤوليات.
وقالت المديرية الإقليمية بشفشاون إنها لم ترخص لأي رحلة مدرسية في اتجاه أقشور، ولم تتوصل من المدرسة بأي مراسلة بهذا الصدد.
وفي نفس السياق انتشلت فرق الوقاية المدنية بالقنيطرة جثث ثلاثة تلاميذ كانوا يتابعون دراستهم في السنة الثالثة إعدادي بإعدادية “حجي” بسيدي علال التازي. وقد توجهوا إلى نهر سبو مباشرة بعد خروجهم من المدرسة.
وبنفس الطريقة توفي تلميذ آخر في الباكلوريا غرقا ينحدر من جماعة مولاي بوشتى الخمار بنواحي إقليم تاونات.
أقر رئيس الحكومة، في خطاب له أمام مجلس النواب، أن النظام التعليمي في المغرب يعاني من “أزمة متعددة الأبعاد” فيما يخص نقص الغرف المجهزة والموظفين المؤهلين، خاصة في المناطق القروية.
وقد وصل الهدر المدرسي في المستوى الإبتدائي خلال السنة الجارية إلى 300 ألف تلميذ وتلميذة تخلوا عن حجرات الدراسة، إضافة إلى أن 60 % من التلاميذ في المستوى الإبتدائي لا يتقنون المهارات الأساسية.
أما خلال الحجر الصحي فقد حرم ما يزيد عن 29% من تلاميذ المناطق القروية من متابعة دراستهم بسبب عدم توفرهم على الأنترنيت.
خلال المؤتمر الوطني الثامن المنعقد في ماي الماضي بمدينة مراكش، تطلع أرباب المدارس الخاصة إلى الاستثمار في المناطق القروية والمعزولة. ودعا التحالف من أجل التعليم الخاص في المغرب (AEPM) إلى “تطوير ميثاق الاستثمار في مجال التعليم القروي”.
هذا الاستثمار جاء نتيجة تصريح سابق لوزير التربية الوطنية سعيد أمزازي بداية السنة الدراسية 2019-2020 حيث أعلن عن الحاجة إلى تعديل القانون 06-00 الذي يشكل النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخاص من أجل “تعميم التعليم الخاص على المستوى القروي”.
ويعد هذه المشروع بمثابة المسمار الأخير في نعش التعليم العمومي، ففي الوقت الذي يتطلع فيه مغاربة القرى إلى تأهيل المدارس القروية، دعت الوزارة السابقة إلى تشجيع أرباب المدارس الخاصة وهو ما يلمّح إلى توجه الدولة نحو رفع اليد عن تأهيل البنية التعليمية القروية.
بعد أن “أعلنت وزارة التعليم العالي المغربية، أنها أحدثت منصة إلكترونية لتمكين الوزارة من جرد قائمة الطلبة المغاربة بأوكرانيا ورصد تخصصاتهم ومستوياتهم الجامعية”، وبعد أن أعلنت أنها “ستعمل على دراسة ملفات الطلبة العائدين لتسهيل استكمال دراستهم في جميع الجامعات المغربية بجميع التخصصات”، رفضت اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، إدماج الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا في الكليات المتخصصة بمختلف الجهات.
وكشفت اللجنة أن الوضعية الحالية صعبة داخل الكليات العمومية والمستشفيات الجامعية، وما يعيشه الطالب من صعوبات في التكوين، تتطلب البحث عن حلول أخرى لا تؤثر سلبا على جودة التكوين. وعلل بيان اللجنة ذلك بأن التداريب الاستشفائية تشهد اكتظاظا منقطع النظير، وهي خطوط حمراء لا ينبغي المساس بها تحت أي ذريعة كانت، مبرزا أن الزيادة من أعداد الوافدين الجدد للكليات، يتطلب ضخ الميزانيات اللازمة، خاصة وأن ذلك يعني مزيدا من الاكتظاظ في المصالح الاستشفائية.
ويطالب طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، الوزارات المعنية بإيجاد حلول بديلة للطلبة العائدين من أوكرانيا، إضافة إلى تأهيل بنيات الدراسة والتداريب.
وهددت اللجنة الوطنية في آخر بيان لها بمقاطعة مفتوحة للدخول الجامعي القادم، إن لم تكن النتائج مرضية في الحوار الذي سيجمع ممثلي الطلبة مع ممثلي ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، يوم الأربعاء 20 يوليوز الجاري.
