الرئيسية

جدري القردة.. هل يعيد المغرب سيناريو فيروس كورونا

أعلنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في المغرب قبل أيام عن رصد حالة مؤكدة لشخص مصاب بجدري القردة، قدم من إحدى الدول الأوروبية، كما ذكرت أنها حصرت 13 مخالطا للشخص المصاب، فيما أعلنت نفس الوزارة، في وقت سابق، أنها رفعت من درجة التأهب بالمناطق الحدودية للمملكة، بغرض الاستعداد الجيد لمواجهة فيروس "جدري القردة"، حيث أعلنت في بلاغ لها عن تفاعلها السريع مع المرض من خلال وضع منظومة للرصد الوبائي والمراقبة لحالات قد يشتبه أن تكون مصابة بجدري القردة، كما تم تكوين الأطر الصحية وإخبارها بطبيعة هذا المرض.

هوامش

إعلان رصد حالة المصاب بجدري القردة أعادت إلى الأذهان سيناريوهات الإغلاق خصوصا بعد تجربة الحجر الصحي بسبب كوفيد-19 وما تبعها من تداعيات نفسية وصحية واقتصادية على المواطنين، إذ ما يزال المغاربة متوجسين من هذا الفيروس خوفا من أن يتحول إلى وباء عالمي ويتكرر ما عاشوه خلال جائحة كورونا، خصوصا مع تمديد حالة الطوارئ الصحية مرة أخرى إلى غاية 30 يونيو.

وقد كشِف لأول مرّة عن جدري القردة بين البشر في عام 1970 بجمهورية الكونغو الديمقراطية لدى صبي عمره 9 سنوات كان يعيش في منطقة استُؤصِل منها الجدري في عام 1968، وذلك وفقا لمنظمة الصحة العالمية، إذ أبلغ منذ ذلك الحين عن حدوث معظم الحالات في المناطق الريفية من الغابات المطيرة الواقعة بحوض نهر الكونغو وغرب أفريقيا.

وبينما يعم القلق العالم، وخصوصا الدول التي لازالت غارقة في مخلفات “كوفيد 19″، اعتبرت منظمة الصحة العالمية أنه على الرغم من أن تفشي المرض غير معتاد، فإنه يظل “قابلا للاحتواء”، وأكدت أنها ستعقد اجتماعات أخرى لدعم الدول الأعضاء بمزيد من النصائح بشأن كيفية التعامل مع المرض.

ولم تتجاوز عدد الحالات حول العالم إلى حدود يوم الثلاثاء 24 ماي الجاري وفقا لذات المصدر 131 إصابة مؤكدة و106 حالات أخرى مشتبه بها منذ الإبلاغ عن الحالة الأولى في السابع من الشهر الجاري خارج البلدان التي ينتشر فيها المرض عادة.

هل نحن مقبلون على وباء؟

رغم محاولات منظمة الصحة العالمية التخفيف من ذعر المواطنين والدول، إلا أن الأسئلة تتعالى حول إمكانية تحوّل الفيروس الجديد إلى وباء عالمي جديد.

وفي هذا الشأن اعتبر البروفيسور مولاي المصطفى الناجي، مدير مختبر علوم الفيروسات في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء  في تصريح لمنصة هوامش أن مرض جدري القردة ليس بحدة فيروس كورونا، موضحا أن “هذا النوع من الفيروس مستقر ولا يعرف طفرات، إذ يمكن تسجيل بعض الحالات لكن لا يمكن أن يتحول إلى وباء”، مستدركا “لكن هذا لا يعني التراخي ويجب الحذر من انتشاره لأن مضاعفاته تبقى مدى الحياة وتترك تشوهات لدى المصابين”.

ويرى البروفيسور الناجي أن المغرب ليس بمنأى عن وصول الفيروس إليه قائلا :”رغم أن المنظومة الصحية يقظة، غير أن الفيروس منتشر في اثني عشر بلدا عبر العالم ويمكن أن يصل إلى المغرب في أية لحظة”.

واستبعد مدير مختبر علوم الفيروسات في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن تلجأ المملكة إلى الحجر الصحي والإغلاق الكلي كما حدث في جائحة كورونا، مفسرا أن “الإغلاق مكلف اقتصاديا واجتماعيا وقد كان ثمنه باهظا”، وأضاف “أعتقد أنه يكفي مراقبة وعزل الأشخاص المشتبه في إصاباتهم وتتبع وضعهم الصحي”.

ومن جانبه اعتبر عزيز غالي الدكتور الصيدلاني أن “جدري القردة هو مرض مستوطن أي ينتشر في منطقة محددة وقد سبق وأن ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية والسويد وإنجلترا وليست أول مرة”، مردفا أن “الفيروس أخذ هذا الاهتمام الكبير لأنه جاء بعد فيروس كورونا”، مشيرا إلى أن “المغرب لم يسبق أن سجل أي حالة بجدري القردة”.

علاقة الفيروس بالمثلية

مع بداية انتشار مرض جدري القردة، تحدثت عدد من التقارير عن أن المرض انتشر في أوروبا بسبب حفلات للمثليين على اعتبار أن المرض ينتشر بين أوساط المثليين وهم من ينقلونه لباقي البشر، هذه الأخبار تسببت في حملة كراهية حول العالم ضد هذه الفئة.

وللإجابة عن سؤال حقيقة نقل المثليين لجدري القردة، أكد الناجي أن لا علاقة للمثلية بنشر الفيروس، موضحا أن الفيروس المسبب للمرض ينتقل من الحيوانات إلى البشر منذ أكثر من خمسين سنة.

في نفس السياق اعتبر غالي أنه “ليس هناك أي إثبات علمي يرصد العلاقة بين جدري القردة والمثلية الجنسية، إذ أن المرض لا ينتقل بالعلاقات الجنسية”، مردفا أن “هذا الربط كان سببه إصابة عدد من المثليين بالمرض”، مشددا على أنه ” لا يمكن ربط هذا المرض بهذه الفئة لأن الأطفال والنساء هم أكثر عرضة للإصابة به والتعرض للمضاعفات”.

انتشار هذه الإشاعة دفع برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية، إلى حث وسائل الإعلام والحكومات والجمهور على تجنب وصم “مجموعات معينة من الناس” لأنه قد يقوض الاستجابة للمرض، مشددا على أن ما ينشر يشعر بالقلق من أن بعض التقارير العامة والتعليقات على جدري القردة قد استخدمت لغة وصورا، لا سيما صور أفراد مجتمع الميم والأفارقة، مما يعزز الصور النمطية المعادية للمثليين والعنصرية ويزيد من الوصم”. 

ما هو جدري القردة؟

وفقا لما نشرته منظمة الصحة العالمية فإن جدري القردة مرض فيروسي نادر وحيواني المنشأ وتماثل أعراض إصابته للإنسان تلك التي كان يشهدها في الماضي المرضى المصابون بالجدري، ولكنه أقل شدّة. 

وتنتقل العدوى بالمرض بمخالطة مباشرة لدماء الحيوانات المصابة بعدواه أو لسوائل أجسامها أو آفاتها الجلدية أو سوائلها المخاطية، وقد وُثِّقت في أفريقيا حالات عدوى نجمت عن مناولة القردة أو الجرذان الغامبية الضخمة أو السناجب المصابة بعدوى المرض، فضلا عن أنه من المُحتمل أن يكون تناول اللحوم غير المطهية جيداً من الحيوانات المصابة بعدوى المرض عامل خطر يرتبط بالإصابة به.

ويمكن أن ينجم انتقال المرض على المستوى الثانوي أو من إنسان إلى آخر عن المخالطة الحميمة لإفرازات السبيل التنفسي لشخص مصاب بعدوى المرض أو لآفاته الجلدية أو عن ملامسة أشياء لُوِّثت مؤخراً بسوائل المريض أو بمواد تسبب الآفات.

 وينتقل المرض في المقام الأول عن طريق جزيئات الجهاز التنفسي التي تتخذ شكل قطيرات تستدعي عادةً فترات طويلة من التواصل وجهاً لوجه، مما يعرّض أفراد الأسرة من الحالات النشطة لخطر الإصابة بعدوى المرض بشكل كبير. كما يمكن أن ينتقل المرض عن طريق التلقيح أو عبر المشيمة (جدري القردة الخلقي).

وتتراوح فترة حضانة جدري القردة بين 6 أيام و16 يوماً، بيد أنها يمكن أن تتراوح بين 5 أيام و21 يوماً، إذ يمكن تقسيم مرحلة العدوى إلى فترتين، فترة الغزو من صفر يوم و5 أيام، ومن سماتها الإصابة بحمى وصداع مبرح وتضخّم العقد اللمفاوية والشعور بآلام في الظهر وفي العضلات ووهن شديد، ثم فترة ظهور الطفح الجلدي والتي تتبلور فيها مختلف مراحل ظهور الطفح الذي يبدأ على الوجه في أغلب الأحيان ومن ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.

 ويكون وقع الطفح أشدّ ما يكون على الوجه في 95 في المائة من الحالات وعلى راحتي اليدين وأخمصي القدمين ويتطوّر الطفح في حوالي 10 أيام من حطاطات (بثور) بقعية إلى حويصلات صغيرة مملوءة بسائل، وبثرات تليها جلبات قد يلزمها ثلاثة أسابيع لكي تختفي تماماً.

وعادةً ما يكون جدري القردة مرضا محدودا ذاتياً وتدوم أعراضه لفترة تتراوح بين 14 و21 يوماً، ويُصاب الأطفال بحالاته الشديدة على نحو أكثر شيوعاً بحسب مدى التعرض لفيروسه والوضع الصحي للمريض وشدة المضاعفات الناجمة عنه.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram