الرئيسية

أمهات وأطفال ضحايا  الطلاق.. ممنوعون من السفر والإجراءات الإدارية 

قد يظن البعض أن الطلاق بداية لحياة خالية من المنغصات، ولا يعي الطرفان  فيها خاصة المرأة، أنهما على موعد مع حلقات جديدة من مسلسل الخلافات والصراعات مثل حق الحضانة وإعداد وثائق الأطفال وما يرافق ذلك،  وغالباً يكون الطرف الأضعف فيها والضحية هم الأبناء.

حسناء عتيب

“بعد طلاقي مباشرة حصلت على حق حضانة ابني، وظل تحت رعايتي لمدة سبع سنوات، درست واشتغلت إلى أن تمكنت بعدها من الحصول على عقد عمل في الخارج، وحينما اتصلت بزوجي السابق من أجل الحصول على رخصة لسفر ابني معي رفض، حاولت معه مرات عدة، وبتدخل عائلته أحيانا أخرى، لكنه كان دائما يتحجج بأنه سيشتاق لابنه بالرغم من أنه لا يزوره إلا لماما ، فكان شرطه بعد عشرات المحاولات أن أشتري منه الموافقة عبر إعطاءه  عشرة آلاف درهم لكي يسمح لابنه بالسفر مع أمه التي هي أنا”. 

بهذه الكلمات تحدثت “صالحة ” وبكثير من الحسرة والغضب لـ ” هوامش” قائلة:” الموضوع برمته عصي على الفهم، لا أفهم كيف يسمح المسؤولون بتطبيق مثل هكذا قوانين تهان بواسطتها كرامة المرأة الحاضنة،  ليكون الضحية الأول والأخير هو ذلك الطفل أو الطفلة اللذان لا ذنب لهما سوى أنهما كانا ضحية زواج لم يكتمل.

“رشيدة عدنان” شابة في أواخر العشرينات قالت “لهوامش”، أنها لم تتمكن حتى الآن  من السفر بسبب تعنت طليقها.. فاضطرارها للسفر إلى إيطاليا بين الفينة والأخرى لتجديد إقامتها يلزمها السفر رفقة بناتها إذ لا عائلة لها بالمغرب لتأتمنها عليهن ،  لكنها مضطرة للسفر معهن هذه المرة بعد طلاقها ، لكن طليقها يرفض رفضا باتا،  لهذا اضطرت للجوء إلى المحكمة للحصول على هذا الإذن بعد أن حاولت مرارا وتكرار معه.

“رشيدة عدنان و صالحة.م”  بعض من عشرات النساء المنفصلات عن أزواجهن، يواجهن مشكلة تعنت الطليق، انطلاقا من إعطاء قانون الأسرة له حق الولاية والوصاية على الأطفال، حتى لو كانوا في حضانة الأم. مما يتسبب لهن في تعطيل مصالحهن ومصالح أبنائهن حتى لو كن هن من يتكفلن بالنفقة عليهم.

في هذا الصدد، يقول المحامي “خالد البكوري”بهيئة الرباط” :”تنص المادة 231 من مدونة الأسرة المغربية، على أن “النيابة الشرعية تكون للأب الراشد، وتعود للأم عند عدم وجود الأب أو عند فقدانه الأهلية”. كما تمنع المدونة أيضاً، السفر بالقاصر من دون إذن نائبه الشرعي، لكنها في المقابل تعطي حق اللجوء للقضاء المستعجل للحصول على إذن بعد التأكد من الصفة العرضية للسفر، ومن عودة المحتضَن إلى المغرب.

و أضاف قائلا: ” النساء المطلقات يعانين في صمت مهول، لذا وجب التعامل مع هذا الملف بمرونة، وأضاف قائلا: ” إذا كانت الحضانة تعطى للأم فيجب أن تكون شاملةً ومكتملة، بما فيها السهر على الشؤون الإدارية للطفل. هذا هو المبدأ القانوني والشرعي السليم، أما أن نعطي للمرأة الحضانة ونقيدها بموافقة الأب وتوقيعه فهذا أمر غير مقبول بتاتاً”.

اقتراح حلول بديلة

بحسب مذكرة مقتـرح قانون، تقدم بها فريق الأصالة والمعاصرة في مجلس النواب يقضي بتغيير وتتميم المادتين 163 و 179 من القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.04.22 بتاريخ 12 من ذي الحجة 1424 (3 فبراير2004) كما تم تعديله، فإن الحضانة في حالة الطلاق “تثير إشكالات متعددة، وخاصة بسبب تنقل أو سفر الحاضنة مع “محضونها” خارج أرض الوطن، أو سفر وتنقل الحاضنة المقيمة في بلاد المهجر إلى دول أخرى”، وبالتالي “فإن الانفصال بين الزوجين لا يعني بالضرورة حرمان الطفل القاصر من حقه الطبيعي في أن تكون له أسرة ولو بعد الطلاق”. لكن في الجهة الأخرى يبرر الآباء المطلقين تعنتهم بصعوبة زيارة أولادهم في حالة السفر.

ودعا أصحاب المقترح إلى “وضع حد للحيف غير المبرر الذي يتعرض له الطفل المحضون، وكذلك الأم الحاضنة، نتيجة انتقاص أهليتها، وذلك في حالتين، هما: استصدار الأم لجواز السفر والبطاقة الوطنية للتعريف لابنها المحضون في بلاد المهجر، وسفر الأم الحاضنة مع “محضونها” إلى خارج المغرب لمدة قصيرة” وذلك “في إطار مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة المكرسة دستوريا وتشريعيا”.

وتقترح المذكرة إدخال تعديل على المادة 163 من مدونة الأسرة المغربية، بإضافة الفقرة التالية: “يجوز للأم الحاضنة، على غرار الأب، منح الترخيص قصد حصول المحضون، على وثائق إثبات الهوية والجنسية وجواز السفر في بلاد المهجر كما في المغرب، طبقا لما تقتضيه المصلحة الفضلى للمحضون”.

كما تقترح المذكرة إضافة مادة جديدة، تنص على أنه “يحق للأم الحاضنة السفر رفقة طفلها المحضون خارج أرض الوطن لأغراض اجتماعية أو سياحية، دون موافقة الأب، شريطة الالتزام بالعودة إلى موطن المحضون داخل أجل شهر على الأكثر، وتمكين المحضون من التواصل مع أبيه وباقي أهله، تحت طائلة سقوط الحضانة”.

في المقابل، اشترط مقترح القانون ضرورة موافقة الولي أو النائب الشرعي للمحضون، في حالة إذا كان “سفر المحضون مع أمه الحاضنة بغرض الاستقرار في الخارج أو للدراسة أو للعلاج”.

سؤال لوزارة الداخلية

وطرحت النائبة البرلمانية ثورية عفيف، عن المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية،  يوم 15 من الشهر الماضي،  سؤالا على وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت، خلال جلسة لمجلس النواب، موضحةً أن عدداً من الأمهات المغربيات المقيمات في الخارج، وبخاصة المطلقات منهن، يعانين صعوبة إعداد الوثائق الثبوتية الرسمية لأبنائهن، من قبيل البطاقة الوطنية للتعريف وجواز السفر، سواء في المغرب أو في الخارج، بسبب رفض الآباء إصدار تلك الوثائق لأولادهم. 

وقالت النائبة عفيف إن “محامين كثراً أثبتوا تعنت الآباء في الترخيص للأمهات الحاضنات لإعداد هذه الوثائق، لا لشيء، ولكن فقط انتقاماً من الأم المطلقة، وسط غياب تام للتفكير في مصلحة الأطفال الذين لا ذنب لهم”، مضيفة  “نتيجة ذلك، يُحرم الأطفال من إتمام الدراسة أو السفر برفقة والدتهم، ويُحرمون من حقوق عدة تخوّلها هذه الوثائق الثبوتية، فمثلا استصدار أو تجديد جواز السفر شرط أساسي لتجديد الإقامة في المهجر وإنجاز خدمات أخرى، فضلاً عن المحافظة على الارتباط بالوطن الأم”.

ورأت عفيف “ضرورةً في الحفاظ على لُحمة الأسرة ولم شملها في سبيل عدم ضياع مستقبل الأبناء، وحتى حين يُقدَّر للوالدين الطلاق، ينبغي ألا يُستخدم الأبناء وسيلة للضغط أو الانتقام، ويجب على الوالدين توفير كل الوثائق الثبوتية لأبنائهم، بعيدا عن نوع العلاقة التي تجمع بينهما بعد الطلاق. وفي حال غياب التفاهم والتراضي، فعلى الدولة أن توفر وعاءً قانونيا لا تضيع معه حقوق الأطفال ومصلحتهم الفضلى”.

رد حكومي

من جانبه، أكد وزير الداخلية المغربي عمل الوزارة على إيجاد حلول لهذا الوضع، وبالتالي تيسير القواعد الإدارية لكي يتسنّى للأم الحاضنة لأبنائها إصدار الوثائق الإدارية الخاصة بهم، موضحاً أن موافقة الأب ستكون ضمنية ما لم يطلب أب الطفل القاصر من المحكمة إصدار قرار يمنع الأم من إنجاز هذا الجواز دون موافقته. وفي حالة النزاع بين الأبوين، يستوجب ذلك اللجوء إلى القضاء.

وأشار إلى أنه “في انتظار وضع الإطار القانوني، ستتيح وزارة الشؤون الخارجية لأجهزتها القنصلية إمكانية منح الأم المطلّقة الحاضنة حق طلب وسحب جوازات سفر أبنائها، في حال غياب الأب وتعذّر الاتصال به”، حيث يمكن إنجاز الجواز بناء على تصريح بالشرف صادر عن الأم بانقطاع الاتصال بالأب واستحالة التواصل معه، أو بناء على مقرر قضائي من سلطات بلد الإقامة إن هي فضلت ولوج هذه المسطرة”.

وأوضح الوزير أن “العمل بهذا الإجراء يأتي مراعاة لمصلحة الأطفال القاصرين، بخاصة أن استصدار أو تجديد جواز السفر شرط أساسي لتجديد الإقامة بديار المهجر وإنجاز خدمات أخرى، فضلاً عن المحافظة على الارتباط بالوطن الأم”.

و كشف الوزير أن هذا الإجراء يتم بعد اتصال المصلحة القنصلية بالأب إذا كان مسجلا لديها أو أمكنها الاتصال به لحثه على القيام بالأمر المطلوب داخل أجل 15 يوما.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram