الرئيسية

التلاميذ المكفوفين..  دخول مدرسي صعب و”التربية الدامجة” باب مفتوح على المجهول 

يواجه التلاميذ في وضعية إعاقة مصيرا مجهولا، بعد إغلاق عدد من المعاهد الخاصة بتعليمهم. وأثار انطلاق الدخول المدرسي الحالي غضب أولياء وآباء وأمهات التلاميذ المكفوفين وفي وضعية إعاقة بسبب "التربية الدامجة'' التي تبنتها المنظومة التعليمية الجديدة.

تلاميذ في وضعية إعاقة.. صعوبة الولوج والاندماج 

يواجه أكثر من مليوني شخص في وضعية إعاقة بالمغرب معوقات بيداغوجية  لإتمام دراستهم في ظروف ملائمة تسهل اندماجهم في المجتمع. وبسبب الصعوبات المتعلقة بتنزيل مشروع “التربية الدامجة” في المؤسسات العمومية رفض العديد من آباء وأمهات الأشخاص في وضعية إعاقة هذا المشروع الذي يساهم حسبهم في “الهدر المدرسي”.  

وكشف البحث الثاني الذي أجرته وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة  أن عدد الأشخاص في وضعية إعاقة ،  يصل إلى 2 مليون و264 ألف و672 شخصا بنسبة انتشار للإعاقة يصل إلى 6,8 في المائة بالمغرب. ويبقى 66 في المائة منهم بدون تعليم، وأكثر من نصفهم إناث، في حين يصل فقط 9,5 في المائة منهم إلى التعليم الإعدادي والثانوي. فيما يلج 1,8 فقط إلى التعليم العالي. وذهب المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في تقرير موضوعاتي حول “مدرسة العدالة الاجتماعية، إلى أن السياسات العمومية التربوية بالمغرب لم تتمكن بَعد من شمل كل الأطفال الذين يعانون من صعوبات اجتماعية، ولم تستوعب كل أصناف الهشاشة”. 

التربية الدامجة.. التنزيل المستحيل 

رفضت عدة  معاهد تسجيل التلاميذ المكفوفين وضعاف البصر خلال الدخول المدرسي الحالي. هذا الوضع عقّد من مأمورية متابعتهم الدراسة بسبب قرار تنزيل مشروع “التربية الدامجة” الذي انطلق منذ ثلاث سنوات، وفقا للمذكرة الوزارية رقم 656/19 الصادرة سنة 2019 والتي تدعو إلى “تسجيل التلاميذ في المؤسسات التعليمية القريبة من محل سكناهم” بالإضافة إلى مذكرة تفعيل القرار الوزاري القاضي بتنزيل مقتضيات التربية الدامجة الذي  يلزم التلاميذ بالتسجبل في المدارس العمومية العادية. 

الإطار المرجعي للتربية الدامجة لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة  أكد أن تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة يعتبر “من التحديات الكبرى لاستراتيجيات الإصلاح التي أقرتها المنظومة التربوية المغربية، سواء على مستوى الميثاق الوطني للتربية والتكوين، أو على مستوى مخططات وبرامج ومنتديات الإصلاح، مما أفرز مجموعة من المخططات وبرامج العمل في مجال إرساء حق هؤلاء الأطفال في التمدرس، وبالتالي ضمان تمكينهم من المستويات الضرورية لعرض تربوي يتناسب مع خصوصياتهم وحاجياتهم وطموحاتهم في تمدرس دامج وناجح”.

 غير أن الأمر تعتريه صعوبة كبير على مستوى التنزيل منذ أن “اعتمدت الوزارة استراتيجية تسعى من خلالها إلى تمكين الأطفال في وضعية إعاقة خفيفة أو متوسطة، ذهنية أو حسية، من متابعة الدراسة بالأقسام العادية أو بأقسام الإدماج المدرسي CLIS داخل المدارس المغربية حسب البرامج المعمول بها رسميا. وفق ما أورده نفس التقرير. 

وانطلقت فكرة ‘التربية الدامجة’ منذ إعمال الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم (2015- 2030)  التي تحث على ”إدماج الأطفال المعاقين في المدارس لإنهاء وضعية الإقصاء والتمييز، أخذا بالاعتبار نوعية الإعاقة، مع توفير المستلزمات الكفيلة بضمان إنصافهم وتحقيق شروط تكافؤ فرصهم في النجاح الدراسي إلى جانب أقرانهم”.  غير أن  المشروع ما زال بعيدا عن التحقق قبل توفير الظروف اللوجستيكية والتربوية وهذا ما أغضب فئة واسعة من المكفوفين.                

غضب المكفوفين 

انتقل عشرات الأشخاص في وضعية إعاقة (مكفوفين وضعاف البصر) مصحوبين بأولياء أمورهم أمام أكاديمية مراكش للاحتجاج على إغلاق معهد “أبي العباس السبتي” الخاص بالمكفوفين. معتبرين أن قرار الإغلاق هو مساهمة سلبية في مسار تمدرسهم وتشجيع للهدر المدرسي. 

وفي هذا الصدد قال ممثل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عمر أربيب أن  هذه ”الوقفة تأتي ضدا على قرارات الوزارة فيما يخص “التربية الدامجة” التي تضرب في العمق حقوق المعاقين وللاحتجاج على حق المكفوفين في التعليم وإغلاق باب معهد المكفوفين بآسفي أمام التلاميذ ورفض تسجيلهم لمتابعة دراستهم مما يعرضهم للهدر المدرسي. 

وشارك أيضا عشرات الأشخاص في وضعية إعاقة في وقفة (فيديو) احتجاجية لتلاميذ وتلميذات معهد محمد السادس لتربية وتعليم المكفوفين وضعاف البصر. وبلغ المحتجون الرأي العام وجميع الجهات والهيئات المسؤولة في بلاغ لهم، “بأن تلاميذ و تلميذات (معهد محمد السادس لتربية وتعليم المكفوفين وضعاف البصر) الواقع مقره بمدينة تمارة قاموا بوقفة احتجاجية يوم الخميس والجمعة 7 و8 أكتوبر الجاري للمطالبة بتأجيل  مشروع “التربية الدامجة” بالنسبة لتلاميذ وتلميذات الجدع مشترك إلى حين استعداد وتكوين وتهيئ كل الأطر الإدارية والتربوية وفعاليات المجتمع المدني وكذا توفير الظروف والشروط الملائمة والوسائل والأدوات البيداغوجية و الديداكتيكية الضرورية. 

تربية دامجة ومدارس متأخرة 

ذهبت منظمة اليونسكو إلى أن التربية الدامجة “هي تربية مبنية على حق الجميع في تربية ذات جودة تستجيب لحاجات التعلم الأساسية، وتثري وجود المتعلمين. ولأنها تتمحور بالخصوص حول الفئات الهشة، فهي تحاول أن تطور بالكامل إمكانات كل فرد. ولذلك يكون الهدف النهائي للتربية الدامجة ذات الجودة هو إنهاء جميع أشكال التمييز وتعزيز التماسك الاجتماعي”. غير أن المدارس المغربية حسب  بعض الفاعلين، تحتاج إلى “ثورة حقيقية في مجال تنزيل التربية الدامجة”. فؤاد شفيقي مدير مديرية المناهج في وزارة التربية الوطنية قال خلال الندوة الأولى الندوة الوطنية الأولى عن بعد في التربية الدامجة  “إنه على المستوى العملي، فإن التربية الدامجة هي ”ثورة على مستوى نظام تشغيل المدرسة العمومية إذ يجب حذف نظام التشغيل السابق جملة وتفصيلا وتعويضه بنظام تشغيل جديد وأن المدرس وحده يصعب أن يقوم لوحده بهذه المهمة”.  

إن المدارس العمومية لم تتهيأ بعد لهذه الخطة الجديدة، بسبب عدم تأهيل العرض التربوي المغربي من أجل استيعاب مختلف أنواع الإعاقات، في حين  تبقى المدارس العمومية غير مشمولة بفضاءات  الولوجية.  بالإضافة إلى اختلاف مستوى الإدراك، واختلاف حاجات التعلم من فرد إلى آخر. 

إن الإغلاق المستمر لمعاهد المكفوفين وضعيفي البصر، وحثهم على التسجيل في أقرب المدارس من محل سكناهم يشكل حاجزا لأوليائهم، وأشار الكاتب العام للجنة التلاميذية معهد محمد السادس لتربية وتعليم المكفوفين وضعاف البصر  والممثل الرسمي في اللجنة القاطنة بالقسم الداخلي إلى أن المدرسة العمومية المغربية لم تستعد بعد لمثل هذا الإجراء، بحكم أن نظام تشغيل المدرسة العمومية يجب أن يخضع للتغير الشامل من أجل استيعاب هذا النموذج، بالإضافة إلى تأهيل الأطر التربية من أجل مواكبة التغييرات الجذرية التي تمس منظومة تعليم الأشخاص ذوي إعاقة”. 

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram