الرئيسية

جماعة المرس القروية، مقبرة صحية لساكنة تأمل التغيير 

استمرت الاحتجاجات لـخمسة أسابيع متواصلة في قرية لمرس، التابعة لجماعة بولمان في الأطلس المتوسط وهي المنطقة الأولى التي تم فيها اكتشاف بقايا الديناصورات في المغرب سنة 1927 من قبل الجيولوجي هنري تيرمييه. بعد معاناة المنطقة مع العطش بعد الانقطاع المتكرر للماء،  ارتفعت أصوات الساكنة مؤخرا بسبب تردي الوضع الصحي خاصة بعد سحب أخر طبيب مداوم من المركز الصحي الوحيد، وغياب المعدات الطبية، الأمر الذي حال دون  إسعاف شابين تعرضا لحادث سير كاد أن يعصف بحياتهما لولا نقلهما على وجه السرعة بسيارات خاصة إلى مستشفى بعيد بعشرات الكيلومترات. 

مقبرة صحية 

لمرس قرية مغربية تنتمي لإقليم بولمان، جنوبي مدينة فاس. تضم هذه البلدة 6 ألاف نسة وحولي 1170 بيتا، يعيشون في كومة من الصعوبات المتراكمة. منذ غشت الماضي خرج بعض الساكنة للاحتجاج على هزالة الوضع الصحي، أصبح الكل هنا يخشى المرض، بعد أن تعرض شابين لحادث سير كاد يودي بحياتهما، ولم تصلهما سيارة إسعاف بعد ثلاث ساعات من الإنتظار القاسي، ليجدوا ممرضة وحيدة في استقبالهم في المركز الصحي اليتيم بالمنطقة. لم يتلق أي منها الإسعاف، فالطبيب غادر المركز منذ عدة أشهر، أما المركز فلا وجود فيه لمعدات تخفف من معاناتهما جراء النزيف المتواصل. لم يكن من حل أمام أصدقاء المصابين سوى الإستعانة بسيارة أحدهم لإنقاذ الشابين من موت وشيك، وتم نقلهم على وجه السرعة إلى مستشفى مدينة ميسور البعيدة بعشرات الكيلومترات. ولم يتحقق بعد حلم النساء بإحداث مركز للولادة بعد تدشينه سنة 2016 غير أنه اختفى من خريطة المشاريع المحتملة إحداثها في المستقبل مما أثار غضب ساكنة تعاني بشكل روتيني مع ضعف الخدمات الأساسية، خاصة الانقطاع المتكرر لمياه الشرب الذي كان سببا في اندلاع “حراك العطش” قبل عدة أشهر من الحراك الأخير الذي تعالى بسبب ملف “التطبيب”. 

قافلة النجاة 

لمواجهة هذا الوضع  اجتمع الساكنة  في حلقات تقريرية لتتبع مستجدات ملفهم المطلبي،  ضمن تنسيقية ساكنة جماعة المرس للترافع على القطاع الصحي  التي نظمت العديد من الأشكال الإحتجاجية خلال الأسابيع الماضية قبل أن تقرر مؤخرا تعليق الاحتجاجات بعد التحاق “الطبيبة” بالمركز الصحي ووعود المندوب الإقليمي المتعلقة بالتحاق أطر دار الولادة إضافة للوعد بتوفير المعدات والتجهيزات الطبية الضرورية. 

فيما دخل ​​”الائتلاف المدني من أجل الجبل” على الخط لتتبع المعاناة التي تعيشها ساكنة لمرس، وأصدر بيانا دعا فيه القائمين على قطاع الصحة “بتحمل مسؤولياتهم في حماية صحة المواطنين ومطالبتهم بتوفير البنيات والموارد الاستشفائية الضرورية على قدم المساواة، مذكرا المسؤولين إقليميا وجهويا أن الحلول الصحيحة لا يجب أن تكون على حساب المواطنات والمواطنين بالجماعات التي يعتبرونها ثانوية ونائية، وزاد البيان التأكيد على مطلب تسريع إنجاز مستشفى القرب ببولمان والارتقاء بالخدمات العلاجية التي يفترض أن تقدمها المستوصفات والمراكز  الصحية”. 

 أمام العزلة الشاملة لساكنة المرس،  انتقلت ناشطات حقوقيات لجماعة المرس، للوقوف على حجم الضرر الذي تعاني منه الساكنة في ما وصفته إحدى الناشطات على مواقع التواصل الإجتماعي بـ”المنطقة المنكوبة صحيا”،  وذلك في إطار قافلة تضامنية نظمتها “مجموعة شابات من أجل الديمقراطية” و”الإئتلاف المدني للجبل”. وحملت القافلة إسم ”إيطو تزلماضت”.  

وقالت الناشطة  ضمن “مجموعة شابات من أجل الديمقراطية” بشرى الشتواني إنهن إنتقلن إلى جماعة لمرس استجابة لنداء الساكنة في تواجد أطر طبية في الجماعة، وكان الهدف الأساسي لهذه المبادرة هو إعادة صياغة المطالب وتجميعيها في مذكرة ترافيعة.

 

صرخة النساء الجبليات 

كانت النساء أول المتصدرات للحراك الاجتماعي الذي عرفه المرس من أجل الصحة، لم يكن الأمر مصادفة بل لأنهن “أول من تعاني من تردي الأوضاع الصحية، خاصة الحوامل” كما أشارت إحدى المشاركات. 

ولا تعتبر جماعة لمرس بالنسبة لبعضهن سوى نقطة سوداء. إن أغلبهن يحرم من المتابعة الصحية خلال فترة الحمل، ناهيك عن الظروف المزرية التي يواجهنها خلال فترة الولادة. ليس لديهن خيار، سوى التنقل عشرات الكلمترات إلى  مركز بولمان، أو إلى مدن مجاورة، وفي الحالات الإستعجالية يكون الأمر “كارثة حقيقية”، وهذا ما يفسر أن أغلب  الولادات تتم إما في البيت أو في الطريق إلى المستوصف. وسجلت المنطقة وفيات عدة للنساء بسبب الصعوبات المتعلقة بالطرق الوعرة التي تشكل جغرافيا منطقة لمرس. 

وخرجت عدة نساء في الإحتجاجات التي عرفتها منطقة لمرس منذ 2016، وشكل العصب المحرك للاحتجاجات الأخيرة في الجماعة. 

وتعاني المنطقة أيضا من قلة فرص الشغل ما يساهم في هجرة الشباب، بالإضافة إلى معضلة الهدر المدرسي في صفوف الفتيات. تعاني المنطقة أيضا من البرد الشديد خلال فصل الشتاء وهو ما يشكل ملفا مؤرقا للساكنة التي تقطع مسافات طويلة لجلب حطب التدفئة. 

وأكدت الناشطة الحقوقية سارة سوجار المشاركة في القافلة التضامنية “أن مطلب العدالة المجالية والقضاء على التفاوتات الاجتماعية والمجالية، أصبح ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى، خصوصا عندما يتعلق الأمر بتوفير الخدمات الأساسية وضمان الحقوق الإنسانية للنساء والرجال معا، مؤكدة أنه لا بد لجميع المسؤولين، من منتخبين وسلطة، سواء محليا أو وطنيا، أن يفتحوا قنوات الحوار”. 

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram