اندلع حريق يوم الجمعة 13) غشت) بواحة تيدرين أوفوس بإقليم الراشيدية مما تسبب في احتراق عشرات أشجار النخيل، وهو الحريق الثالث في أقل من أسبوع بمنطقة الجنوب الشرقي، حيث احترقت مئات النخلات بكل من حقول تيغزا بجماعة تمزموط وتاليوين بجماعة أكذز. وقبله حريق غير مسبوق بجماعة أفرا التابعة لإقليم زاكورة أيضا، حريق أتى على 5000 نخلة مثمرة في غضون ساعات. تأتي هذه الحرائق المتتالية أياما قليلة قبل موسم جني التمور التي تبدأ غالبا أواخر شهر غشت،
يلتقي العابر للطريق بين أكذز وزاكورة منذ منتصف غشت أو أقل، بأطفال وشبان يحملون سلال تمر لبيعها للعابرين الذين يرغبون في تناول باكورة التمر بدرعة، السلال صغيرة ومصنوعة من القصب أو من جريد النخل، وتحتوي على عدد قليل من التمر الجديد الذي تم قطفه منذ لحظات قليلة، لبيعه لمن يشتهي التمر الجديد.
يكون الثمن مرتفعا في البداية، فالنذرة هي التي تؤثر في الثمن، والعرض ما يزال أقل بكثير من الطلب، لكن سرعان ما ينضج التمر ويكثر العرض فيقل الثمن.
مشهد الأطفال بائعي السلال لم يعد كما كان في السنوات الماضية، فآلاف النخيل المثمر قد احترق في أقل من شهر. وإذا تضرر الأطفال الصغار الذين يزاولون تجارة موسمية تعود عليهم ببعض الدراهم، فالخسارة أفدح بالنسبة للكبار الذين يعيلون أسرهم.
بحسب الذين استمعت “هوامش” إلى آرائهم فإن أسباب الحريق وإن كانت مجهولة فتعود لفعل بشري، حتى وإن كان غير مقصود إلا أن الكارثة تحل بالجميع. “غالبا يقوم فلاح ما بجمع بعض الحشائش والبلاستيك والعلب ويرغب في حرقها لتنظيف الحقل، وتأتي الرياح وتنقل النار إلى الآخرين”، يقول سعيد.ب لهوامش وهو من ساكنة تانسيخت. ثم يضيف “ويمكن أيضا أن تكون النيران بسبب السجائر التي يرمها شخص دون أن يعرف أن جفاف الحقول وحرارة المكان مستعدة لاستقبال أي شرارة”. وإذا كانت الغالبية تستبعد السلوك المتعمد لإشعال النيران، فإن مختلف الآراء تتجه إلى سلوك بشري خاطئ، سواء بالسجائر أو بحرق النفايات وغير ذلك. إلا أن النتائج يدفع ثمنها الجميع سواء الفلاح الذي يملك هذه الأشجار أو البيئة التي تفقد آلاف النخيل التي تحتاج إلى عقود طويلة لتُعَوّض.
واتصلت هوامش بجمال قشباب، رئيس جمعية أصدقاء البيئة بزاكورة، حيث قال إن “حجم الخسائر سنة 2020 أن الحرائق أتلفت أزيد من 20000 نخلة على مساحة تفوق 100 هكتار، وأكبر وأخطر هذه الحرائق كانت بجماعة افلاندرا 9000 نخلة، وحرائق متفرقة بواحة ترناثة، في سنة 2021 شهدت واحات درعة حرائق كبيرة أكبرها بجماعة أفرا أزيد من 9000 نخلة، وحريق جماعة تمزموط أزيد من 4000 نخلة. إضافة إلى عدة حرائق متفرقة بعدة جماعات ترابية أخرى خاصة بواحات ترناتة”. مضيفا “معنى أن حجم الخسائر يفوق هذه السنة 22000 نخلة، ومجموع خسائر الحرائق في 2020 و 2021 يفوق 40000 نخلة إضافة إلى أشجار أخرى متمرة ومزروعات محلية”.
هذه الحرائق المتكررة التي أتت على كل هذه الأشجار سوف تسبب بحسب نفس المتحدث في “إتلاف منتوج التمور المصدر الأساسي للساكنة المحلية فتراجع هذا المنتوج بفعل الحرائق والجفاف سيؤدي حتما إلى الفقر والبؤس والهجرة”.
حرائق واحات درعة وتافيلالت مشهد يتكرر كل سنة، خاصة في الصيف حيث ترتفع درجات الحرارة لذلك فإن رئيس جمعية أصدقاء البيئة يعرض رزنامة في الإجراءَات المقترحة للحد من هذه الحرائق نسرد منها ما جاء على لسانه في حديثه مع “هوامش”: رد الاعتبار للواحات التقليدية من مشاريع لتنمية وتجديد وتأهيل هذه الواحات، مشاريع لتنقية الاعشاش والعروش من الجريد اليابس، وتنظيف الواحات من مخلفات الجفاف، وقف استنزاف الفرشة المائية وحسن تدبيرها، حملات تحسيسية للفلاحين والأطفال والشباب ونشر الوعي بأهمية الواحات والحفاظ عليها، توفير كل الوسائل اللوجيستيكية في مواجهة الحرائق، إحداث ممرات داخل الواحات لتسهيل الآليات الولوج لها، توفير نقط ماء دائمة بالقرب من الواحات، تثبيت وصلات اشهارية تحسيسية على طول الواحات للحد من الحرائق وتغيير سلوك الإنسان، تشجيع الشباب على الاستثمار داخل الواحات، تشكيل خلية أزمة لتشخيص الوضع واتخاذ تدابير للحد من الجفاف والحرائق وجبر ضرر الفلاحين المتضررين من الجفاف والحرائق، وإعادة إعمار الواحات المتضررة، إصدار قرار عاملي يعتبر إقليم زاكورة منطقة منكوبة وجافة.