“خديجة + أحمد = الحب الأبدي”، “عيش وماتحضيش”، “لا تبل هنا يا حمار” ، “ممنوع وضع الأزبال وشكرا”، “من وضع الزبل هنا غرامة 300 درهم” “ممنوع الوقوف هنا”، “بقعة للبيع هاتف****”.. عبارات كثيرة، سليمة أو بأخطاء إملائية يكتبها المغاربة في كل مكان، في الحيطان المكشوفة وفي طاولات المدارس والجامعات، في المراحيض العمومية والخاصة.
حتى بعد ظهور الفايسبوك ومختلف وسائل التواصل الإجتماعي التي تتيح النشر للجميع، فما تزال هذه الكتابات تملأ الحيطان سواء في الحواضر والقرى والدواوير المنسية.
تعج حيطان المنازل والمؤسسات في المغرب بكتابات كثيرة، كتابات الحب والهيام والشتم وتشويه السمعة وأحيانا نصائح وإرشادات بعدم التبول ووضع الأزبال. إلا أن ساكنة حي هامشي بالمحاميد نواحي مراكش استفاقوا على كتابة حائطية من نوع آخر. كتابة تحيل على جريمة قتل يمكن أن تكون واقعية، وقد تكون متخيلة، لكنه كما يقال “لا دخان بدون نار”، فلا كتابة لمعطيات دقيقة بدون خلفيات حقيقية.
فيما يشبه قصص الأفلام حيث التحقيقات المعقدة والسيناريوهات الكثيرة التي لا تفضي كلها إلى نتيجة، كتب مجهول على حائط أحمر هذه العبارات:” مع الحدث وراء العمالة جتة رونو 12. جريمة وفرار 1986 عامل وعمالة. 7:40 دقيقة مساءً. الشاهدE 555451″ ثم أضاف ست نجمات.
ليس من السهولة الوصول إلى الجاني المفترض في جريمة قتل مر عليها 25 سنة، تقادم ركنها المادي، وقد تكون سجلت ضد مجهول، لكن مجموعة من المواطنين أخذوا تلك الكتابة الحائطية مأخذ الجد، وحاكوا وفقها حكايات كثيرة بناء على افتراضات كثيرة، ومن بينها كون تلك الأرقام تتعلق ببطاقة وطنية ذلك أن الرمزE يحيل فعلا إلى مراكش في البطاقة الوطنية، فإذا كانت C تحيل إلى فاس، و AA يحيل إلي الرباط، فإنE وEE يحيل إلى البطائق الوطنية للتعريف بمراكش لكن ذلك يبقى مجرد تخمينات. لكن لا يمكن أن يكون الشاهد بكل هذا الخوف والصمت لمدة 25 سنة فيكتب رقم بطاقته الوطنية أمام العموم، لذلك فإن لتلك الأرقام الستة تفسيرا آخر لن يعرفه سوى المصالح الأمنية إن فتحت تحقيقا في الموضوع.
تُحيل الكتابة التي كُتبت في حائط اسمنتي بالمحاميد نواحي مراكش إلى جريمة مفترضة وقعت سنة 1986. وإن لم يذكر المدون تاريخ هذه الجريمة بالشهر واليوم، فقد ذكر توقيتها الذي هو السادسة و40 دقيقة مساءً. يتعلق الأمر بجريمة قتل دهسا بسيارة من نوع رونو 12، ثم فرار بعدها. قد يكون مدون هذه الكتابة بالطبشور (أو بقطعة جبص) الشاهد الوحيد الذي صمت مدة 25 سنة، قد يكون بسبب الخوف من الفاعل، أو بسبب صغر سنه، وكتب اعترافه من أجل أن يُفتح التحقيق وهو ما يزال خائفا أيضا مادام لم يقصد السلطات المختصة ليقدم شهادته بلا لف ولا دوران في جريمة تقادم ركنها المادي، وقد تنفع شهادته في جبر بعض الضرر المعنوي.
كتب الشاهد المفترض في هذه الجريمة المفترضة “عامل وعمالة” وفسره معلقون بأنه يقصد “عامل وعاملة” على افتراض أن هذه الجريمة راح ضحيتها شخصان بعد أن دهسهما سائق سيارة من نوع “ليردوز” كما تسمى عند عامة الشعب. التفسير بوجود ضحيتين بدل واحدة غير مقبول إلى حد ما، ذلك أن المدون المفترض كتب “جثة” في بداية كتابته الحائطية ولم يكتب جثتان أو ما يحيل إلى تعدد الضحايا. أي إن الأمر يتعلق بجثة واحدة. وكتب عامل وعمالة ليس إحالة بالضرورة إلى “عامل وعاملة”، فهل يقصد بـ”العامل” ذلك المنصب السامي المخزني وليس العامل بمعنى الأجير؟ خاصة وأن لفظ العمالة تكرر مرتان في هذه التدوينة الحائطية المثيرة للجدل.
تبقى كل هذه التفسيرات نسبية في انتظار خبرة المختصين من السلطات بمراكش لتفسير هذه الكتابات التي تداولها بعض مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي وكتبت عنها بعض الصفحات المحلية.